|
كيف يمكن قبول العلمانية فى العالم العربى ؟
حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 1888 - 2007 / 4 / 17 - 11:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يجهد البعض من المثقفين العرب -والمصريين خصوصا-انفسهم من اجل تدشين مفهوم العلمانية -والحكم المدنى كما يفهمونه هم -وكما سبق وان اشرنا فى موضع سابق فان العلمانية المطروحة علينا كشعوب عربية -مرفوضة بشكلها الحالى لاسباب جوهرية ملخصها ان العلمانية الحالية هى احدى اليات العولمة الرأسمالية المتوحشة--وايضا لاسباب شخصية تعود الى النماذج الرديئة التى يعكسها بعض العلمانيين للشخص العلمانى وتصرفاته ومواقفه السياسية-بل والثقافية واذا كانت العلمانية-بمفهومها العام -تعنى الفصل بين ماهو دينى وما هو مدنى -حيث ان الدين من الثوابت -والسياسة المدنية متغيرة دوما -وان مدلول ذلك المفهوم العلمانى هو احترام الاديان والمساواة-بين المتدينيين-بصرف النظر عن دياناتهم --واننا ادرى بشئون دنيانا-واذا كان من نتائج هذا المفهوم هو شيوع مبادىء المساواة والعدل -وكذلك اعتماد العلم والديموقراطية طريقا لدول المنطقة ومن بينها مصر -- فانا شخصيا مع العلمانية قلبا وقالبا - ولا اظن ان احدا فى العالم العربى يرفض اعتماد العلم طريقا للنمو والنهضة--ولا اظن انه من بين الملايين فى العالم العربى-بخلاف النظم الحاكمة -وبعض الجماعات غير المؤثرة-من يقبل بتشريعات تنص على تفرقة بأى شكل من الاشكال بين المواطنين العرب -خاصة فى مصر التى يحاول البعض تقديمها -على انها دولة شعبها متطرف متعصب همجى يرفض الاخر -ويحاول نسفه والتهامه -او نفيه على اقل تقدير- غير ان هناك فارق بين اتخاذ العلمانية منهجا-لتحقيق المساواة-بين المواطنين -دون تفرقة كما سبق ان بينا -وبين استخدام العلمانية بطريقة متطرفة-لنفى الاخر -بزعم تحقيق المساواة-بمعنى انه لا يجوز الغاء الهوية العربية والاسلامية-التى يؤمن بها غالبية المواطنين-من اجل تحقيق المساواة المزعومة-فالدولة ترعى الجميع -والجميع مواطنون لهم كل الحقوق-ولا تفرقة بينهم -اذن فالهوية والشعور القومى-هى احد الحقوق الجوهرية التى ينبغى الحفاظ عليها-مع كل الاحترام للاخر الرافض-لتلك الهوية-فالمسيحى المصرى يرفض الهوية الاسلامية- انه حر تماما-وليس لاحد الحق -فى ارغامه على القبول بتلك الهوية-كما ان له كل الحقوق التى تكفلها الدولة للاخر -ولا يجرؤ احد ان ينتقص اى من تلك الحقوق بزعم عدم انتمائه للهوية الجماعية للشعوب--كذلك الكردى الرافض للانتماء العربى-او الجنوب سودانى-الرافض للاسلام او العروبة-لهم كل الحق فى انتمائهم وهويتهم--ولهم كل الحق فى معيشتهم الكريمة وحريتهم السياسية كغيرهم من باقى ابناء الامة-لكن ان تفرض علينا مفاهيم-تؤدى الى تخلينا عن حضارتنا وتمايزنا كأغلبيات -فهذا هو التسلط وهذه هى الديكتاتورية-ان دساتير بعض الدول الاوربية الديموقراطية--مثل اليونان والدانمارك واسبانياوالسويد--تنص على وجود دين معين يخص اغلبية السكان--بل انهم يخصصون المذهب الدينى الغالب--كما يتم النص ايضا على وجوب الانتماء الدينى لمذهب الاغلبية فيمن يتولى الرئاسة-او الحكم فى تلك البلدان--كما ان هناك دول اخرى لا تنص دساتيرها على مذاهب او اديان-مثل المانيا-او ايطاليا -ولكنها تسمح باحزاب دينية---بل ان انجلترا معدومة الدستور-يوجد بها قانون يطلق عليه قانون التسوية-ينص على ضرورة ان يكون الملك او الملكة من رعايا الكنيسة-ويحظر على غير البروتوستانت-دخول مجلس اللوردات ؟ فهل احتفاظ كل تلك الدول بهويتها وانتمائها الثقافى والدينى منع تقدمها ؟وهل يعنى وجود تلك القوانين والنصوص اضطهاد الاخر فى تلك الدول ؟ ان تقديم العلمانية لابناء العالم العربى مرادفا لنفى الدين الاسلامى وحده--ومرادفا لحرية الرأسماليين -المتحالفين مع الغربيين والاميركان-ومرادفا فقط لتحقيق الحرية لبعض الاقليات فى العالم العربى--يسىء تماما الى الى مفهوم العلمانية- ان العلمانيةالمقبولة او التى يمكن قبولها فى العالم العربى ويمكن تفهمها من الشعوب والمثقفين العرب-وعلى رأسهم الشعب المصرى هى تلك العلمانية التى تحقق المساواة للجميع-وتحافظ على هوية الجميع- وتحقق تكافؤ الفرص للجميع اقتصاديا واجتماعيا-وتوفر الحياد العلمى وحرية الابحاث والابتكار -و ترعى الفن الهادف التقدمى الدافع الى تحقيق الرفاهية والرقى-والنبل-لا الفن الذى يدعوا الى حرية الرذيلة -والشذوذ ان العلمانيين لا يجب ان يظهروا بمظهر المعادى لقيم ومنطلقات وثوابت الامة-ولا يجب ان يتخلوا عن انتمائهم الوطنى او القومى -ولا يجب ان يقبلوا بان يكونوا احد ادوات الاستكبار العالمى ضدالمستضعفين فى الارض-فهذا فى رأيى ما ينسف العلمانية من جذورها-
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا-سوف تسقط العلمانية-بوجهها الغربى الراسمالى -حتما فى مص
...
-
نريد -احزابا اسلامية واحزابا شيوعية -فى مصر
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|