أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله المدني - حكاية المسجد الأحمر .. الباكستاني















المزيد.....

حكاية المسجد الأحمر .. الباكستاني


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1888 - 2007 / 4 / 17 - 11:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رغم أن اللون الأحمر ماركة مسجلة باسم الشيوعيين و الماركسيين و الماويين و من في حكمهم، فان ذلك لم يمنع أعداؤهم من الإسلاميين الباكستانيين من إطلاق "الأحمر" اسما على مسجدهم الكبير في وسط العاصمة إسلام آباد.

الأمر الأكثر غرابة أن هذا حدث في الثمانينات يوم كانت باكستان مجندة بقضها و قضيضها للوقوف في وجه ما وصف بالخطر "الأحمر" الروسي القادم عبر أفغانستان، و كان الجهاد ضد الحمر سياسة رسمية باكستانية لا تعلو عليها أية سياسات أخرى.

على المسجد الأحمر (لال مسجد) هذا الواقع بالقرب من المقر العام لجهاز المخابرات الباكستانية الذي تولى دعم و تدريب المجاهدين الأفغان و أنصارهم، كان يتردد كبار قادة البلاد و النخب السياسية ورموز المؤسستين العسكرية و الأمنية، بما فيهم الرئيس الأسبق الجنرال ضياء الحق الذي جمعته علاقات خاصة مع إمام المسجد في حينه مولانا عبدالله الذي اشتهر بخطبه النارية ضد الروس والأفغان الحمر و بتحريضه المسلمين على الجهاد ضدهم.

منذ تلك السنوات المبكرة عرف الباكستانيون هذا المسجد كمركز لتجمع الأصوليين و المتشددين من الداخل و الخارج، و تاليا كمؤسسة ضخمة تتبعها المعاهد الدينية المجانية و أماكن الإيواء والإعاشة للآلاف من الدارسين من أبناء القبائل، حيث كانت تجري عمليات غسل دماغ منظمة لتوفير الوقود البشري لحرب الجهاد الأفغاني.

و باغتيال إمامه مولانا عبدالله في التسعينات انتقلت إدارة المسجد و ملحقاته إلى ولديه "مولانا عبدالعزيز" و مولانا "عبدالرشيد غازي" اللذين واصلا عمل والدهما في إشاعة الأفكار المتطرفة وتهيئة الفتية و الفتيات لحروب الجهاد - رغم زوال الخطر الأحمر - تحت علم و بصر السلطات، بل راحا يتفاخران بعلاقتهما و اتصالاتهما برموز تنظيم القاعدة بما فيهم أسامة بن لادن. كان هذا بطبيعة الحال قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 ، أما بعدها فقد دأب الرجلان إيثارا للسلامة على نفي وجود أية علاقة لمسجدهم و مدارسهم الدينية بالقاعدة، لكنهما لم يتوقفا عن التحريض علنا على الجهاد ضد الأمريكيين مع توجيه انتقادات قاسية لنظام حكم الرئيس الجنرال برويز مشرف، بل الدعوة إلى اغتياله.

و بتكرر المحاولات الفاشلة لاغتيال مشرف، و ثبوت ارتباط احد الذين قاموا بتفجيرات مترو الأنفاق اللندنية في يوليو 2005 ( الشاب البريطاني من اصل باكستاني شاهزاد تنوير) بالمسجد الأحمر و مدارسه الدينية، صار المسجد وملحقاته هدفا للتضييق و الإغارة من وقت إلى آخر من قبل الأجهزة الأمنية، لا سيما بعد إعلان مشرف أن التحقيقات أشارت إلى أن منفذ الهجوم الانتحاري على فندق ماريوت في إسلام آباد في يناير من العام الجاري كان متواجدا بالقرب من المسجد في نفس يوم تنفيذ العملية.

غير أن عمليات الأجهزة الأمنية ضد المسجد ظلت تتسم بالسطحية، لا سيما و أنها جوبهت بمقاومة شرسة من طلبة و طالبات المعاهد الدينية الملحقة به، و تحديدا معهدي حفصة و فريدة الدينيين اللذين ظهر طالباتهما المبرقعات بالعصي و رشاشات الكلاشينكوف، الأمر الذي ساعد على تمادي مولانا عبدالعزيز (46 عاما) و أتباعه في تحدي الدولة و مؤسساتها.

و الحقيقة أن حكاية المسجد الأحمر تقدم مثالا جديدا على انه متى ما تهاونت السلطة في تطبيق القانون و النظام أو راهنت على ذلك من اجل تحقيق مكاسب سياسية خاصة، فان الوطن يصبح عرضة للتمزق و التفسخ، كي لا نقول الانهيار التام على حد وصف احد الصحفيين الباكستانيين ممن كتبوا مؤخرا ينعون إسلام آباد الجميلة التي كانت يوما ما واحة للسلام و التعايش و الأمن، فإذا بها اليوم على شفا الفوضى.

وبعبارة أخرى فان تراخي قبضة السلطة في تطبيق القانون و النظام لأي سبب هو مدعاة و حافز على خروج كل من هب و دب على الدولة و مؤسساتها و نظامها، على نحو ما فعله مولانا عبدالعزيز مؤخرا حينما أمهل الحكومة مدة شهر لتطبيق أحكام الشريعة كما يفهمها هو، و أعلن عن قيام ما يشبه الحكومة البديلة و المحاكم الشرعية الخاصة على النمط الطالباني داخل مسجده، و حذر من أن أية محاولة من قبل السلطات لإخضاعه سوف تواجه بعمليات انتحارية ضد منشآت الدولة و ورموزها، بل بدأ العمل فعلا في تطبيق أحكامه الشرعية الطالبانية بإصدار فتوى بمعاقبة وزيرة السياحة " نيلوفار بختيار" على خلفية مجرد ظهورها مع مظليين فرنسيين. هذه الأفعال والتهديدات التي تؤسس لظاهرة خطيرة غير مسبوقة في تاريخ هذه البلاد ذات القدرات النووية جاءت تتويجا لما قام به أتباع الرجل في الأشهر الأخيرة من عمليات تهديد و حرق لمحال بيع أشرطة الفيديو و أقراص الكومبيوتر المدمجة و صالونات الحلاقة الرجالية و محال الخياطة بدعوى تغريب الشباب و إفسادهم، و خطف للنساء بدعوى إدارتهن لأماكن البغاء أو عدم التزامهن بالتقاليد والملابس الإسلامية، وغير ذلك مما لقي استحسانه و دعمه معطوفا على إعلانه عن استعداده للزواج من المختطفات التائبات. هذا فضلا عن حملات أتباعه و طلبته وطالباته المبرمجة لإعاقة عمل الحكومة في استرادد أراضي الدولة التي سطت عليها الجماعات الأصولية لإنشاء المساجد العشوائية، و قيامهم باحتلال بعض المباني العامة كمكتبة الأطفال القريبة من مسجدهم الأحمر.

مثل هذه الجرأة في تحدي القانون و مؤسسات الدولة و نظامها، ما كان لها أن تظهر و تستمر لو أن الحكومات الباكستانية المتتالية منذ رحيل ضياء الحق تصرفت بحزم و حسم مع محاولات الجماعات الأصولية المتشددة لطلبنة المجتمع الباكستاني، و التي حذرنا منها في مقالات سابقة قديمة يوم قلنا أن خلق باكستان لحركة طالبان و دعمها من اجل استخدامها كمخلب لتحقيق طموحاتها الاستراتيجية في أفغانستان سينقلب عليها يوما ما.

الأمر المخجل هو أن قوى الإسلام السياسي الممثلة في البرلمان و على رأسها حزب " جماعت اسلامي" ذو التوجهات و الروابط المعروفة بتنظيم الإخوان المسلمين، بدلا من أن تستنكر أعمال تحدي النظام و القانون هذه مثلما فعلت الأحزاب السياسية الباكستانية الأخرى و مؤسسات المجتمع المدني و جماعات حقوق الإنسان المحلية، قادتها خصومتها مع نظام برويز مشرف وطموحاتها في إسقاطه إلى الصمت أو التحذير من استعمال القوة ضد إمام المسجد الأحمر وأتباعه. و مثل هذه المواقف لئن أكدت شيئا فإنما تؤكد للمرة الألف أن هذه القوى تضع مصالحها السياسية الخاصة فوق كل اعتبار، و إن كان الثمن خراب الوطن و تمزقه وسقوطه في أتون الفوضى و التخلف.






#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو باكستان علمانية على النمط التركي
- جدلية المفاضلة بين الملكية و الجمهورية في نيبال
- لكم ثقافتكم و لنا ثقافتنا
- الجنرال خاتون
- درس جديد من ماليزيا: لا للتجسس الاجتماعي
- ماذا يجري في بلوشستان الإيرانية؟
- ميلاد دولة نفطية جديدة!!
- أبو الفقراء لم يكافح الفقر فقط !
- غاندي في ذكراه : يا لها من ذكرى عطرة!
- تركمانستان بعد رحيل ديكتاتورها
- حينما يفسد عضو مصداقية منظومة بأكملها
- الأمم المتحدة ما بين أمينين عامين آسيويين
- لعله الموت الأخير للقذافي جانجلاني!
- عن القرصنة في مياه المحيط الهندي
- مشرف و نساء باكستان
- حوار مع القيادي الليبرالي البحريني د. عبدالله المدني
- رفقا بالبحرين الجميلة
- نحو شراكة خليجية – يابانية شاملة
- في فيتنام .. لا وقت لاجترار الماضي
- الخليج .. فيما لو حدث - تشيرنوبل- إيراني


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله المدني - حكاية المسجد الأحمر .. الباكستاني