|
تثوير علاقات الإنتاج في ظل المجتمع الإشتراكي
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 1887 - 2007 / 4 / 16 - 12:26
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
لقد اتهم الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي لينين بعدم العمل على تثوير علاقات الإنتاج في ظل الدولة السوفييتية و أن كل ما قام به لينين هو التأميم ، في الوقت الذي يعتبر فيه عبد الله الحريف إمكانية استغلال وسائل الإنتاج الحالية من أجل نشر الديمقراطية و التعدية و المنافسة بين الأحزاب الإشتراكية كحل لبناء المجتمع الإشتراكي ، هذا القول الذي لا يعدو أن يكون نتاج الديمقراطية البورجوازية الصغيرة التي لا تخدم إلا الديمقراطية البورجوازية في سيطرتها على وسائل الإنتاج و استغلال البروليتاريا ، الشيء الذي يتناقض و المفهوم الماركسي للثورة الذي لا يرى بناء المجتمع الإشتراكي إلا في سيطرة ديكتاتورية البروليتاريا على الدولة بعد إسقاط ديكتاتورية البورجوازية ، و لا يمكن الحديث عن استغلال وسائل الإنتاج لصالح البروليتاريا إلا في ظل الثورة الإشتراكية. لقد شكل الإستعمار و الحرب في الأطروحة اللينينية أمران ملازمان للرأسمالية الإمبريالية و يتجلى ذلك في اعتماد دراسة لينين لعصر الإمبريالية على هذين العنصرين ، و ذلك بغية تحديد ملامح تطور الرأسمالية خلال العقدين الأولين من القرن 20 و التي تشكل فيها سيطرة الرأسمال المالي على التجارة العالمية عنصرا أساسيا في الإقتصاد ، و ذلك انطلاقا من الدياليكتيك الماركسي الذي يحدد تطور المجتمعات انطلاق من العلاقة الجدلية بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج و التي يشكل فيها الإقتصاد الأساس المادي للتطور ، و يعبر لينين أن أساس الصراع بين الإمبرياليات ليس دبلوماسيا و لكنه يرتكز إلى التنافس الإقتصادي الذي أفضى إلى الإحتكارات الكبرى و استعمار الدول الفقيرة ، و بالتالي بروز الإحتكار الإقتصادي الذي يرتكز إلى تصدير الرساميل و تقسيم العمل عالميا و أن الحرب الإمبريالية ما هي إلا نتيجة هذا الصراع ، و هكذا اكتشف أن الإمبريالية ما هي إلا أعلى مراحل تطور الرأسمالية التي لا يمكن لها أن تحقق هذا الكم الهائل من وسائل الإنتاج إلا باضطهاد الشعوب الفقيرة من طرف الرأسمالية الإمبريالية ، و اعتبر أن تطور وسائل الإنتاج في الدول الإمبريالية أدى إلى اضطهاد الشعوب الأخرى و تعتبر السكك الحديدية من بين هذه الوسائل التي سخرتها الإمبرياليات لاضطهاد الشعوب خاصة في ذلك العصر. و يقول لينين في هذا الصدد :" يبدو مد السكك الحديدية أمرا بسيطا وطبيعيا وديموقراطيا وثقافيا وتمدنيا، وهو يبدو كذلك في عيون الأساتذة البرجوازيين الذين تدفع لهم الأجور لكيما يجملوا وجه العبودية الرأسمالية، وفي عيون البرجوازيين الصغار التافهين الضيقيي الأفق. أما في الواقع فإن الخيوط الرأسمالية التي تربط بألوف الشباك هذه المشاريع بالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج بوجه عام قد جعلت من مد السكك الحديدية أداة لاضطهاد مليار من الناس (أشباه المستعمرات إضافة إلى المستعمرات)، أي لاضطهاد أكثر من نصف سكان الأرض في البلدان التابعة، وعبيد الرأسمال الأجراء في البلدان «المتمدنة». من هنا نستنتج أن التطور الهائل لوسائل الإنتاج تسخرها الرأسمالية الإمبريالية لمزيد من الإحتكارات عن طريق تصدير الرساميل و جلب المواد الخام من البلدان الفقيرة ، و الذي نتج عنه سيطرت المال على التجارة العالمية التي تعتبر فيها السكك الحديدية " حاصل جميع الفروع الرئيسية في الصناعة الرأسمالية" كما يقول لينين ، نظرا للدور الذي تقدمه للرأسمالية الإمبريالية عبر تسهيل الإتصال بين جميع فروع الصناعة الرأسمالية و تطور التجارة العالمية و الحضارة البورجوازية ، هذه الوسيلة من وسائل الإنتاج التي تعتبر حاصل الرأسمالية الإحتكارية على المستوى العالمي و التي تعتمد علية الرأسمالية العالمية في بسط سيطرتها. يقول عبد الله الحريف :"بالنسبة للإمبريالية يجب تعميق التفكير فيها ، فلا زال هناك قطب واحد ، و لكن يجب البحث في تناقضات الإمبريالية ، فهل يمكن لنا التعويل على التناقضات بين الإمبرياليات ؟ " يريد الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي القول هنا بأن إمبريالية عصر لينين قد تم تجاوزها و أن الإمبريالية اليوم قد تطورت و لهذا يجب تطوير نظرتنا إليها من أجل وضع أسس جديدة لها ، هذا من الناحية النظرية صحيح و لكن هل عمق الرأسمالية الإمبريالية قد تغير ؟ و ما الذي تغيير بالضبط ؟ هل الشروط الموضوعية التي أفرزت الإمبريالية هي التي تغييرت ؟ و ما هي بالضبط هذه الشروط و أين و كيف يمكن البحث عنها ؟ و يجيب :" الإسهام اللينيني مهم و يجب تعميقه" و هذا الجواب في حد ذاته صحيح ، و لكن كيف يمكن تعميق نظرية لينين في الوقت الذي يحاول فيه عبد الله الحريف تجاوزها بإقحام النظرية البورجوازية في الماركسية ؟ هذا ما سنراه في ما بعد حول فهمه "للديمقراطية و التعددية الحزبية ". إن تطوير النظرية اللينينية لا يمكن أن يكون خارج المنطلقات الأساسية للماركسية اللينينية التي لا يمكن تجاوزها بالرجوع إلى الخلف و استنباط الفكر من المذهب البورجوازي ، هذا أول ما يمكن أن نعتبره قبل أية محاولة لتطوير الينينية و هو أولا الإعتراف بها و أخذها كمنطلقات أيديولوجية نقيض المنطلقات الرأسمالية الإمبريالية ، فما هي إذن الخصائص التي تميز الإمبريالية اليوم عن خصائص الإمبريالية في عصر لينين ؟ سؤال جوهري لا بد للجواب عليه الرجوع إلى المنطلقات التي انطلق منها لينين لتحديد الرأسمالية الإحتكارية و الرأسمال المالي ، و ذلك بتطبيق اليليكتيك الماركس باعتبار وسائل الإنتاج أساسية في تطوير الرأسمالية و التي لعبت فيها السكك الحديدية دورا هاما في بداية القرن 20 ، فما هي الوسيلة التي استعملتها الإمبريالية في مرحلة متقدمة ؟ و قبل أن نصل إلى دراسة الإمبريالية في عصرنا هذا لآبد من الوقوف عند ما قبل الحرب الإمبرالية الثانية التي تعتبر نتاج الأزمة الخانقة للإمبريالية العالمية و هي نتيجة الصراع بين الإمبرياليات حول إعادة تقسيم العمل ، فما هي وسيلة الإنتاج التي ميزت مرحلة الحرب الإمبريالية الثانية ؟ لا يمكن أن تكون غير التطور الهائل الذي عرفه الطيران ، و الذي يتجلى في قلب موازين القوى خلال الحرب الإمبريالية الثانية بسبب هذا الوسيلة المتطور و التي لعبت دورا هاما في سحق الإمبريالية اليابانية بعد هبروشيما و ناجازاكي ، و برز كذلك الأسطول البحري و بروز الإمبريالية الإمريكية قائدة الإمبرياليات و التي نراها اليوم ما زالت على قمة هذه الإمبرياليات العالمية. إن الدياليكتيك الماركسي الذي تعتبر الماركسية اللينينية جوهره الخاص يساعد على فهم العناصر الأساسية للتناقضات التي تحملها معها الرأسمالية الإمبريالية ، و لا يمكن الوقوف عند هذه التناقضات إلا بفهم جوهر الدياليكتيك الماركسي الذي يعطينا الأسس النظرية للمعرفة المادية لتطور الحركة الإجتماعية ، و التي وضعت قوانين التطور الإجتماعي هذه القوانين التي لا يمكن حذفها و تغييرا و التي تستمد وجودها في الحركة الإجتماعية و التي استخلصتها الماركسية ، و بلورتها الماركسية اللينينية في الواقع الموضوعي بواسطة المادية و التي لا يمكن أن يكذبها التاريخ ، و التي تعتبر أن تاريخ البشرية عبارة عن الصراع بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج ، و الأساس المادي للتطور هو الإقتصاد و دراستنا لتطور المجتمعات يؤكد ذلك من خلال ما شهدته البشرية بعد تطور الطرق التجارية ، فانتقال الطرق التجارية من الطرق البرية إلى الطرق البحرية ساهم في تطوير الرأسمال التجاري و لم يحدث ذلك إلا بعد تطور وسائل الإنتاج ، و لازمت الحرب هذا التطور فما إبادة الهنود الحمر و استعباد الأفارقة إلا نتيجة تطور الرأسمال التجاري الذي ساهم بشكل كبير على نهب خيرات الشعوب الفقيرة بفضل تطور وسائل الإنتاج ، إذن ملازمة الحرب و للإستعمار أمر ضروري لاضطهاد الشعوب الضعيفة من طرف الدولة القوية التي تتحكم في الإقتصاد العالمي ، و ما تطور الرأسمالية من التنافسية إلى الإحتكارية إلا نتيجة اضطهاد الدول الرأسمالية للشعوب الفقيرة هذا الإضطهاد الذي لازمته جدلية الحرب و الإستعمار ، و التي ترتكز إلى تطور وسائل الإنتاج التي تساهم على بسط السيطرة الإقتصادية و العسكرية و لا يمكن البحث عما يميز الإمبريالية اليوم إلا من خلال هذا التناقض الملازم للرأسمالية الإمبريالية. و يقول لينين في هذا الصدد :" إن الملكية الخاصة القائمة على عمل صغار أصحاب الأعمال، والمزاحمة الحرة، والديموقراطية – إن جميع هذه الشعارات التي يخدع بها الرأسماليون وصحافتهم العمال والفلاحين قد اندرجت بعيدا في طيات الماضي. لقد آلت الرأسمالية إلى نظام عالمي لاضطهاد الأكثرية الكبرى من سكان الأرض استعماريا وخنقها ماليا من قبل حفنة من البلدان «المتقدمة». ويجري اقتسام هذه «الغنيمة» بين ضاريين أو ثلاث ضوار أقوياء في النطاق العالمي، مسلحين من الرأس حتى أخمص القدمين (أمريكا وانجلترا واليابان) يجرون الأرض كلها إلى حربـهم من أجل اقتسام غنيمتـهم." إذن الحرب و الإستعمار ملازمان للرأسمالية الإمبريالية و لا يمكن لأي تطور هائل من وسائل الإنتاج أن تحقق الديمقراطية في ظل الرأسمالية الإمبريالية ، ذلك لأن الإمبريالية تستغل هذه الوسائل من أجل اضطهاد الشعوب هذا ما نراه اليوم في الحرب الإمبريالية الثالثة التي بدأت منذ بداية الألفية الثالثة و التي تقودها الإمبريالية الأمريكية ضد الشعوب الفقيرة ، و ما يميز الإمبريالية اليوم عن الإمبريالية في عصر لينين هو الشكل أما المضمون فهو قائم لا يتبدل و هو صفة الحرب الإستعمارية ، فإذا كانت الإمبريالية البريطانية قائدة الإمبريالية في عصر لينين فإن الإمبريالية اليوم قائدتها هي أمريكا منذ نهاية الحرب الإمبريالية الثانية ، أما من ناحية الشكل فإذا كانت السكك الحديدية هي وسيلة الإنتاج التي استعملتها الإمبريالية منذ سنوات 1890 و 1913 عبر العالم ، فإن وسيلة الإنتاج التي تعتمدها الإمبريالية اليوم في بسط سيطرتها الإقتصادية و العسكرية فهي الأسطولين الجوي و البحري ، أما الحديث عن الإعلاميات فما هي إلا آلية حديثة لخدمة وسيلة الإنتاج المعتمة في السيطرة الإمبريالية على الشعوب و هي الطيران و الحرية ، أما الإستفادة من الإعلاميات من طرف الشعوب الفقيرة في تطوير الديمقراطية فما هو إلا ضرب من الخيال الذي لا يغدو أن يكون تعبيرا عن أزمة الفكر و الواقع ، حيث أن المنطلق من الفكرة للوصول إلى الواقع ما هو إلى مسار الإتجاه المثالي للمعرفة البشرية التي لعبت دورا هاما في ركود الفكر البشري لعدة قرون خلت ، ذلك ما يتجلى في القول بأن الفتات التيكنولوجي الذي تجود به الإمبريالية على الشعوب الفقيرة باستطاعته إسقاط الإمبريالية و يناء المجتمعات البشرية . و قول عبد الله الحريف : "و التفكير في مسألة الديمقراطية لنواجه الأخطاء يجب نقل بالتعددية و التنافس في الإشتراكية . لماذا لا تتنافس أحزاب على خدمة مصالح الطبقة العاملة و عموم الكادحين ؟". هذا القول ما هو إلا ضرب من الخيال يتناقض و الدياليكتيك الماركسي الذي يدعي الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي أنه ينطلق منه للوصول إلى البناء الحزبي ، إن الديمقراطية الإشتراكية هي الحل أمام اضطهاد الشعوب الفقيرة من طرف الرأسمالية الإمبريالية هي الديمقراطية التي أرسى أسسها الدياليكتيك الماركسي ، انطلاقا من التناقض بين الطبقة العاملة و البورجوازية ، بين ديكتاتورية البروليتاريا و ديكتاتورية البورجوازية ، بين الدولة الرأسمالية و الدولة الإشتراكية ، أما القول ب"التنافس في الإشتراكية" ما هو إلا ضرب من الكلام لا أساس له في المعرفة الماركسية و التجربة الماركسية اللينينية بعد فشل الثورة الأولى في روسيا تقر ذلك ، حيث لا يمكن أن يتنافس الماركسيون حول المشروع الماركسي إلا إذا كان هناك مفهوم انتهازي للماركسية من طرف دون طرف آخر خدمة للبورجوازية ، أما عن مفهوم "التعددية" و " المنافسة" ما هي إلا نقل لمفاهيم البورجوازية على مستوى الإقتصاد إلى مستوى السياسة ، فتطور الرأسمالية التجارية أدى إلى الرأسمالية التنافسية التي كانت عماد تطور الرأسمالية إلى المرحلة الإحتكارية ، و التنافس الحر ما هو إلا وسيلة لتوفير الربح الرأسمالي الذي تسعى إلىه الرأسمالية و الذي نقلته البورجوازية إلى مستوى السياسة ، حيث تعدد البرامج البورجوازية من أجل التنافس لتنمية الرأسمالية فكيف يمكن أن يتم التنافس حول الإشتراكية حول البرامج الإشتراكية ؟ إن الإشراكية هدف وسيلته الأولى كما حددتها الماركسية هي ديكتاتورية البروريتاريا عبر الحزب البروليتاري الذي لا يمكن أن يكون إلا نقيض الأحزاب البورجوازية المتعددة طبعا و التي تصب في مصالح البورجوازية ، هذا الحزب الثوري الذي وضع لينين أسسه من خلال الممارسة العملية عبر تجربة طويلة مرت بثورتين هامتين في 1905 و 1917 ، و الذي عايش حربين أمبرياليتين الأولى في ظل قيادة لينين و الثانية في ظل قيادة ستالين . و قد استطاع لينين يناء الحزب البروليتاري الدي بواسطته حقق الثورة الإشتراكية التي فتحت الباب لوضع أسس بناء المجتمع الإشتراكي عكس ما يقوله عبد الحريف :"هل قدم لينين تصورا لتثوير علاقات الإنتاج بعد انتصارالإشتراكية ؟ أعتقد أن لينين لم يقم بالتثوير . ما حصل هو التأميم و تم الحفاظ على العمل المأجور." ما هي علاقات الإنتاج ؟ حسب المفهوم الماركسي ما هي إلا العلاقات التي تربط بين الناس أثناء الإنتاج أي مجموعة من القوانين التي يفرضها الإنتاج و التي تنظم عملية الإنتاج ، ففي الإنتاج هناك علاقة الإنسان بالطبيعة و علاقة الناس فيما بينهم و في عملية الإنتاج هناك القوى المنتجة التي تتكون من مجموع وسائل الإنتاج من آلات و أدوات و غيرها بالإضافة إلى الناس الذين يساهمون في الإنتاج ، إذن في عملية الإنتاج هناك العلاقة الجدلية بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج و الدياليكتيك الماركسي يقول أن القوى المنتجة أكثر حركة من علاقات الإنتاج ، بمعنى أن القوى المنتجة دائما تسبق علاقات الإنتاج في التطور و هي حينما تصل إلى مستوى معين يحدث فيه تغيير علاقات الإنتاج التي يجب أن تتلاءم و مستوى تطور القوى المنتجة ، فماذا حدث عند تحقيق الثورة الإشتراكية في روسيا ؟ لقد أسفرت الثورة الروسية في 1905 على تثوير علاقات الإنتاج من العلاقات الإقطاعية الإستبدادية القيصرية إلى بروز بناء الدولة البورجوازية ، إذن نظرا لتطور القوى المنتجة و التي ساهمت فيها الحركة البروليتارية بشكل كبير تغييرت علاقات الإنتاج من العلاقات الإقطاعية إلى علاقات رأسمالية ، و لكن غالبية الإنتاج ما زال يطغى عليه الإنتاج الفلاحي رغم وجود المصانع و المناجم و في ظل هذه الظروف تحققت الثورة الإشتراكية ، و المطروح على لينين هو إدارة الدولة الإشتراكية في ظل السلطة السوفييتية و هذه الإدارة ليست فقط إدارة سياسية كما يفهمها الديمقراطيون البورجوازيون بل بالأخص الإدارة الإقتصادية كأولوية ، ذلك ما فرضته الأسس التنظيمية للدولة السوفييتية التي عليها قيادة الإنتقال من المجتمع الرأسمالي إلى المجتمع الإشتراكي ، ذلك ما تطلبه النشاط السياسي المقرون بالنشاط الإقتصادي و كلنا نعرف أن أسس الإقتصاد بعد الثورة هي أسس رأسمالية لهذا فالمهام السياسية لابد لها أن تكون خاضعة للمهام الإقتصادية الجسيمة في ظل هذه الظروف . بعد نجاح الثورة البروليتارية و بناء السلطة السوفييتية أصبح مطروحا على ديكتاتورية البروليتارية الإدارة الإقتصادية للدولة و التي تتجلى في بناء علاقات انتاج إشتراكية و تدمير علاقات الإنتاج الرأسمالية الحالية ، دون أن ننسى ما خلفته الحرب الإمبريالية و الحرب الأهلية من مصاعب أمام السلطة السوفييتية و ما واكب ذلك من بعث القوى المنتجة و تركيز القيادة البروليتارية ، في ظل هذه الظروف نهج لينين مسارين أساسين في الإدارة الإقتصادية و هما : ـ الحساب و الرقابة على إنتاج و توزيع المنتجات ، بأوسع و أهم و أشمل أشكال هذا الحساب و هذه الرقابة. ـ زيادة إنتاجية العمل . و يقول لينين في هذا الشأن : "و هاتان المهمتان لا يمكن أن تقوم بهما أي جماعة كانت أو أي دولة كانت تنتقل إلى الإشتراكية ، إلا إذا كانت الرأسمالية قد خلفت بدرجة كافية المقدمات الأساسية لهذا ، الإقتصادية منها و الإجتماعية و الثقافية و السياسية . فبدون الإنتاج الآلي الكبير ، بدون شبكة متطورة إلى هذا الحد أو ذاك من السكك الحديدية و المواصلات البريدية و البرقية ، بدون شبكة متطور إلى هذا الحد أو ذاك من مؤسسات التعليم العام ، ـ لا يمكن بكل تأكيد ، لا تنفيذ المهمة الأولى و لا تنفيذ المهمة الأخرى ، بصورة دائبة منتظمة و على صعيد الشعب كله ". ماذا يعني ذلك ؟ لا يعني إلا أن البناء الإشتراكي لابد له من مقدمات رأسمالية الشيء الذي لا يتناقض مع الدياليكتيك الماركسي ، و هذه المقدمات ما هي إلا "عناصر ثقافة الرأسمالية الكبيرة" التي يعتبر فيها المثقفون عنصر هامم من هذه العناصر ، و هكذا يطرح على الدولة السوفييتية ضرورة الإستفادة من المثقفين غير الإشتراكيين التي خلفتهم الرأسمالية و بصمتهم ببصماتها لصالح الإشتراكية ، و لكن الدولة السوفييتية ستستند في إدارتها إلى طليعة البروليتارية التي ستجر وراءها جميع البروليتاريين و الفلاحين الفقراء ، إذن لا يمكن بناء المجتمع الإشتراكي من العدم دون أخذ ما خلفته الرأسمالية من عناصر يجب الإستفادة منها و من عناصر أفسدتها الرأسمالية و هي البورجوازية الصغيرة بوجه عام ، و هكذا وضع لينين مجموعة من المهام بالإضافة إلى المهام السابقة لإدارة الإقتصاد و هي : ـ إعطاء الفلاح المتوسط مهمة مساعدة الدولة السوفييتية في التبادل التجاري و محاصرة الملاكين العقاريين الكبار. ـ بالنسبة للتعاونيين الذين يملكون جهازا لأجل توزيع المنتجات على الصعيد الجماهيري يجب أخذ هذا الجهاز من طرف ديكتاتورية البروليتاريا. ـ إعطاء مهام معينة و محددة للمثقفين و مراقبتهم لتنفيذها . هكذا تم بناء الدولة السوفياتية من عناصر تركتها الرأسمالية و يقول لينين في هذا الصدد :" فنحن لا يسعنا أن نبني السلطة إذا لم نستخدم إرثا من الثقافة الرأسمالية كما هم عليه المثقفون . و في وسعنا الآن أن نعامل البورجوازية الصغيرة معاملة جار طيب لنا يخضع لرقابة صارمة من جانب سلطة الدولة . و هنا يتعين على البروليتاريا الواعية أن تفهم أن السيادة لا تعني أنه يترتب عليها أن تنفذ بنفسها جميع هذه المهام . و أن من يفكرون هكذا لا يفهمون شيئا عن بناء الإشتراكية و لم يتعلموا شيئا خلال سنة من الثورة و الديكتاتورية ... و ينبغي لنا أن ندرك أن ذلك البناء الذي سيقود إلى الإشتراكية لن تنتظم أحواله إلا في سياق هذا النضال ، و في جملة من الإتفاقات و تجارب الإتفاقات بين البروليتاريا و الديمقراطية البورجوازية الصغيرة ". أما قول عبد الله الحريف :" الآن أصبحت الشروط متوفرة لتحقيق الديمقراطية المباشرة نتيجة التطور التكنولوجي سواء على مستوى المحلي و على مستوى الأممي "، فهذا القول يتناقض تماما مع مجريات تطور الرأسمالية الإمبريالية التي تستعمل هذه الوسائل لقمع الشعوب و استعمارها ، فما لم تتحقق الثورة الإشتراكية لا يمكن أن نتحدث عن استغلال ما خلفته الرأسمالية من وسائل الإنتاج ، و التصور اللينيني للبناء الإشتراكي بعد الثورة و الذي صاغه انطلاقا من الممارسة العملية بعد إنجاز مهام الثورة ما زال صالحا إلى يوما هذا ، و أن الرأسمالية الإمبريالية اليوم و في ظل سقوط المنتظم الإشتراكي لا تختلف ظروفها عن ظروف عصر لينين إلا في التطور الكمي لوسائل الإنتاج ، فما نشاهده اليوم من سيطرة الإمبريالية الأمريكية ما هو إلا نتيجة غياب القطب الإشتراكي الذي سيلعب دورهاما في التوازن ، و ذلك بإيقاف زحف الإمبريالية و لن يتم ذلك في ظل الممارسة الديمقراطية الليبرالية التي ينادي بها الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي ، لذا فإن مهمة إنجاز الثورة الإشتراكية مهمة ملحة و أن بناء المجتمع الإشتراكي مرهون ببناء الحزب البروليتاري ، و الحركات الإجتماعية التي يشهدها العالم اليوم و التي بلغت أوجها في أمريكا اللاتيتية ما هي إلا مقدمات للثورة الإشتراكية إنطلاقا من الإضرابات الجماهيرية التي يجب أن تنتقل إلى مستوى الإضرابات السياسية و بالتالي الإنتفاضات الشعبية ، و لا يمكن أن تصل إلى مستوى تحقيق الثورات الإشتراكية إلا إذا توفرت البروليتاريا على حزبها و الذي تقوده طليعة البروليتاريا و ذلك من خلال ممارسة تاكتيك فن العلاقة الجدلية بين السرية و العلنية . تارودانت في : 15 أبريل 2007 امال الحسين
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي ينعت اللينينية بالتايلور
...
-
الماركسية اللينينية أعلى مراحل تطور الماركسية
-
حزب النهج الديمقراطي و الماخية الحديثة في بداية الألفية الثا
...
-
دحض الماخيين الجدد بحزب النهج الديمقراطي و بناء الحزب الثوري
-
الماركسية اللينينية جوهر الدياليكتيك الماركسي
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الخامس عشر
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الرابع عشر
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثالث عشر
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثاني عشر
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الحادي عشر
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء العاشر
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء التاسع
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثامن
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء السابع
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء السادس
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الخامس
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الرابع
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثالث
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثاني
-
الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الأول
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|