|
هل ياس المثقفون العراقيون من ا لعراق؟؟؟
علي بداي
الحوار المتمدن-العدد: 1887 - 2007 / 4 / 16 - 12:16
المحور:
حقوق الانسان
المثقف الذي اعنيه هنا هوليس المتخصص المبدع فقط بل ببساطة المتعلم، المطلع حيث ان الاطلاع قد يولد المعرفة وتلك قد تثير التساؤل وهذا بدوره يدفع للبحث عن الحقائق بين ركام المعلومات، والبحث عن الحقيقة والاسباب هو الفعل الاول على طريق اعداد الانسان المغير والمجدد . ومهما قيل وكتب عن تذبذب المثقف ،وتردده ،وعدم أهليته لقيادة التحولات فانني احتفظ لنفسي بحق اعتناق نظرية تناقض كل هذا الذي قيل وكتب، مادامت مجتمعاتنا، وهي تدلف للقرن الواحد والعشرين مازالت للان تؤمن بالعفاريت، والسعلوة والطنطل وتنام ليلها على امل ان تسقط معجزة ما مع اشعة شمس الصباح القادم لتبعث الرزق وتقلب الاسود ابيضا، ومادام اكثر من رئيس دولة وربما كل الملوك والامراء والسلاطين في بلدان بيداءنا العربية والاسلامية ،لايجرؤ على الخروج في مهمة خارج حدود دولته او ان يتخذ قرارا مهما ، دون ان يستشير العرافات وضاربات تخوت الرمل وقارئات الكف والمنجمين والسحرة ويتوهم ان من يرافقه في رحلته الميمونة خارج البلد، ويحرسه ويدافع عنه هم ليسوا طافم حمايته او الوزراء والنواب والمستشارين (الذين اصطحبهم خوفا من استغلالهم غيابه و انقلابهم عليه) بل ثلة من الملائكة المباركة التي استحضرت خصيصا لتجنيبه كل سوء. في هذه البلاد التي مازالت للان تعرف ابناءها حسب مواقفهم من معركة الجمل، وتقيم نشاطهم وفق موازين ناقة البسوس وخيول وائل وبكر وغطفان وذبيان ومن لف لفهم من سليلي عصور التخلف والبداوة والدم المتدفق ارضاءا لغرور القبيلة وطموحاتها وثاراتها، يتحمل المثقف مهمات لاتعوض في مجابهة التخلف الحضاري . المنطلق الاخر الذي يدفعني للتشبث بالمثقف والتعويل على دوره هو حقيقة تأريخية تذكر دوما دون ان تقود الى استنتاج صحيح يقيم المثقف، ويضع المثقفين في المكانة التي يستحقونها هذه الحقيقة التأريخية هي ان كل الحركات والاحزاب وقوى التغيير التي حاولت ان توقظ هذا المجتمع الغافي منذ العهد العثماني كانت ترتكز على هذه الفئة من المطلعين و كلما ازداد المجتمع تعقدا وتوغل مسافة ابعدفي طريق التحضر والعصر الصناعي ، كلما ازدادت امكانية خلق المزيد من المثقفين وكلما كبر الدور الذي يلعبونه وازداد اهميته. وفي العراق برزدور المثقف حين امتد السرطان البعثي في اوصال الجسد العراقي نهاية السبعينات من القرن الماضي، وهو حدث فريد من نوعه ،حيث ان غالبا ما تنحصر مشاكل الشعوب وازماتها في الحروب والمجاعات او الضوائق الاقتصادية التي تفرض على مواطنيها هجرة محدودة الامد لطلب الرزق، اما ماحدث في العراق فهو العكس تماما: في دولة غنية بموارد لاحصر لها ومشاريع تنمية وفرص عمل تتكاثر، راود النظام الحاكم المثقف عن نفسه: اما العيش الرغيد تحت مظلته وبوصايته وفي ظل نظام طاعة مطلقة له أو الرحيل. وقد اختارت جموع غفيرة من المثقفين من بينهم الكثير ممن لم يتم تعليمه بعد الرحيل الى المجهول.وبدت اعدادكبيرة منهم ملتفة حول الحزب الشيوعي العراقي حتى وان لم تتفق مع سياسته السابقة فقد كان هذا الحزب ( ولايزال) ابا روحيا للثقافة في العراق بل ان كل قنوات التقدم الاجتماعي كانت تتغذى من منبعه، فيما تتابع نزوح المثقفين الاخرين متصاعدا مع تزايد تصدعات النظام . وقد انخرط المثقف اليساري بالشروع بدأب بطرح مشروع تغييري كان كل مايربطه بالواقع هو طموح وارادة لاغير ، فبمواجهة دولة غنية بجيش واجهزة مخابرات تصل بقاع الارض كلها وحزب عنصري استبدادي دموي شرس يقبض على البلاد كلها بالاف من عتاة اللصوص وقطاع الطرق والقتلة المحترفين تشبث المثقف العراقي اليساري المتمرد على استبداد السلطة بأمل المقاومة التي قد تفضي بعد وقت غير معلوم، وتضحيات غير معلومة، الى تغيير الواقع العراقي ماالذي تغيرالان؟ ولماذا اختفى صوت المثقف المجلجل؟ ولماذا تخلى المثقف عن نتائج تضحياته الهائلة وثمرة وقوفة في مواجهة السلطة لاشباه اميين ومتخلفين يهددون بارجاع البلاد الى زمان معركة الجمل وربما اعادة الاعتبار لناقة البسوس؟
وما السر في ان يركن هذا الكائن صاحب المخاطرات الجريئة الى الهدوء؟ وكيف نفسراختفاء صاحب الاصرار على العيش الصعب ملاحقا طيلة ربع فرن، والذي لم يتعب من فضح ممارسات السلطة البائدة المشينة، من ساحة الصراع في العراق فيما الوطن الذي احب يتعرض لقضم فئران القاعدة والبعث ؟ ذات يوم في مستهل ثمانينات القرن الفائت،كان في ضيافتي فنان تشكيلي وصديق اخر وصدفة سمعنا خبرتوغل قوات اتاتورك في كردستان العراق، صباح اليوم التالي تحركت افواج من البشر باتجاه كل سفارات العالم الموجودة في دمشق لتسلم السفراء رسائل احتجاج وتعرضت السفارة التركية لضغط هائل من وفود الكتاب والصحفيين والتشكيلين والمثقفين عموما ادى فيما بعد لان تحسب تركيا حسابا للرأي العام العراقي والخطر الكامن خلف هذه المغامرات. مالذي حدث؟ هل فوجئ المثقف بتخلف المجتمع الذي اختارحسب الطائفة ؟ ام هل فوجئ بالديمقراطية التي لطالما حمل بها تكشف امامه واقع الشعب العراقي عاريا كعري سماء صيف بغداد، وترسم له الابعاد الحقيقية لهذا التخلف التي ربما لم بكن سابقا يعرفها؟ هل استعصت معادلة التحرير-الاحتلال عليه ؟ أما اذا انتقلنا الى الضفة الاخرى، ضفة الحاكمين وخططهم المعلنة لبناء عراق ديموقراطي فلنا ان نسأل: هل بامكان اية حكومة ان تستغني عن قوة الدفع التي يمنحها المثقفون المقاومون السابقون للدكتاتورية في عملها الرامي لتأسيس دولة ديموقراطية؟ ان امريكا اذا كذبت والجامعة العربية اذا اغمضت اعينها (وقد كانت كذلك دوما)، والامم المتحدة اذا لوحقت بفضائح فساد النفط مقابل الغذاء وتقوقعت على ذاتها ، واذا اختلف السباسيون في ترتيب اولوياتهم فوضعوا الوطن اخرا والاحزاب والطوائف اولا، فالمثقف العراقي جدير بحمل شرف قول الحقيقة وهو الذي سيجيب عن اسئلة مثل: كيف ولماذا تعجز اعظم دولة في العالم تستطيع تكنولوجياتها التقاط صور من المريخ واستنساخ الانسان عن ضبط حدود العراق ومنع تسلل الارهابيين؟ وهو، لانه مثقف ويجيد استخدام العمليات الاربع وجدول الضرب سيجيب عن سؤال صعب كما يبدو:سعر برميل النفط 50 دولار مضروبا بمليونين برميل هو الانتاج اليومي مضروبا ب360 يوم هي عدد ايام السنة مضروبا باربع هي سنوات الاحتلال- التحرير ومازال في العراق الاف التلاميذ يجلسون على الارض، والاف العوائل تتخذ من الخيام وبيوت الصفيح مساكنا والاف القطط السائبة تتخذ من المستشفيات بيوتا؟
هي دعوتنا جميعا لهذا المثقف الذي قذف لا الكبيرة بوجه صدام حسين و استبداده وجولاته الدونكيشوتية ، لكي يقذف بهذه اللا بوجه امريكا والطائفيين والمتخلفين والكذابين والذين حولوا الجسد العراقي والروح العراقية والتراث العراقي الى اهداف يتدربون على تفجيرها واحراقها ، سيقولها اذن لا مدوية ، وهي ما ينتظره ملايين المغلوب على امرهم بعد ان طرقوا ابواب الدنيا أجمعها بحثا عن حل.
#علي_بداي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطم ياشعبي الحبيب
-
قدم بقطار امريكي وغادر بذات القطار ومنحه المتخلفون مجدا لا ي
...
-
أمة عرب/أسلامية ...بلا قلب ولا ضمير
-
ديمقراطية الطائفيين التي ستحرق العراق
-
بعد تطاول المشهداني....باية لغة نتعامل مع الرجعيين؟
-
قاضينا ......راضي
-
جمهورية صدام الثالثة
-
يسألونك عن الانفال يابشرى الخليل
-
في اي عالم سيحيا صغارنا؟
-
المتأمرون على عروبة العراق وهويته الاسلامية
-
من اجل المرأة والثقافة والمستقبل في العراق
-
هذه التكنولوجيا.... التي فضحتنا
-
هل اتاكم حديث الانفال؟
-
هل يصلح الجعفري قائدا لسفينة العراقيين؟
-
نحو استراتيجية جديدة لانهاء الوجود الشيوعي في العراق
-
باسم العروبة ...اطلقوا سراح صدام
-
تناقضاتنا قادتنا لاحضان اميركا
-
سيصفقوا لصدام مقصوص الجناحين
-
قيامة الكاظم
-
لينطق اليسار بوضوح مع اميركا، والناس، والرجعيين
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|