أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - صالح مهدي العامري - مجتمع متطور ام اقتصاد متطور ؟















المزيد.....

مجتمع متطور ام اقتصاد متطور ؟


صالح مهدي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1886 - 2007 / 4 / 15 - 11:50
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


ان ظاهرة العولمة ادت الى ان يتحول العالم إلى قرية صغيرة كما يقال ويتردد في الكتب والصحافة ووسائل الإعلام بأنواعها المختلفة ما كان منها مكتوبا أم مقروءا أم مرئيا ، وأصبح بالإمكان التعرف بصورة أفضل على حياة الشعوب بتفاصيلها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية دون تجشم عناء السفر. والأهم من هذا كله هو أن هذه المعرفة ليست محصورة في نخبة معينة بل إنها متاحة لكل الناس تقريبا.
إن هذا الأمر يوفر مزايا كثيرة جدا لشعوب العالم دون استثناء ومن يستطيع أن يوظف هذه المعرفة في خدمة الاقتصاد يكسب خيرا كثيرا. إن الدول النامية يمكنها الاستفادة مجانا من تجارب دول أخرى ومن التكنولوجيا التي طورتها ومن طريقة معالجة الكثير من المشاكل الاقتصادية منها بالذات واختصار الزمن دون بذل الجهود الجبارة لابتكار حلول جديدة وقد قيل سابقا "لا تعد اختراع العجلة". إن النقطة الأساسية التي أريد تناولها في هذه المقالة هي أن اطلاع الناس في بلداننا على ما يحصل من تطور هائل في كثير من الدول, خصوصا في مجال البناء الاقتصادي جعلهم يتساءلون عن سر هذا التطور, وهل هو التكنولوجيا والأموال والمهارات الفنية فقط؟ إذا كان الأمر كذلك، فجزء كبير منها متوافر لدينا أو يمكن نقله أو اقتناؤه بوسائل عديدة. كثيرا ما نسمع الذين يسافرون إلى دول متقدمة يتحدثون بانبهار عن التطور الاقتصادي الهائل ولكن غالبا ما يقرنون ذلك بحديث عن السلوك الاجتماعي المتحضر. ربما لدينا كثير من المؤسسات الاقتصادية الناجحة ولكن أداءها لا يزال دون مستوى مثيلاتها العالمية, وأعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية هو المتعلق بالتخلف في السلوك الاجتماعي. إن المتأمل لحركية المجتمعات في الدول المزدهرة اقتصاديا يمكنه أن يشخص بعض المزايا التي تجعلها مختلفة عن كثير من المجتمعات الأخرى وأعتقد أن هذه الخصائص هي التي وطدت التطور الاقتصادي ودعمته حتى في أحلك وأصعب الظروف. إن أول وأهم ميزة في تلك المجتمعات هي احترام الوقت وحسن الاستفادة منه، فإنها تحرص على تربية الصغار على استخدام المفكرة في تنظيم الوقت، وتعليمهم أن الوقت هو رديف للمال وانه لا يباع ولا يستاجر ولا يشترى ولا يقترض.
وفي بلداننا توزع الكثير من الشركات في بداية كل عام مفكرات (أجندات) فخمة لموظفيها ولكن السؤال: كم من هؤلاء يستفيد منها بشكل صحيح ويستخدمها لتنظيم وقته؟
ثاني هذه الخصائص هي الصلة الوطيدة بين شركات الأعمال ومراكز البحث والجهات الأكاديمية فالكوادر الموجودة في الجامعات ومراكز البحث هي فرصة لشركات الأعمال في كثير من المجالات يمكن أن يستفاد منها لتطوير منتجات وحل مشاكل, خصوصا في مجال الصناعات الهندسية والدوائية. إن الدراسات العليا في الدول المتقدمة تعالج مشاكل واقعية في ميادين الأعمال المختلفة, والكثير من حملة الشهادات العليا عندنا أسهموا بشكل أو بآخر في حل مشكلة أو تطوير منتج في دولة متقدمة ثم تركوا أطروحاتهم لهم وعادوا بالشهادة بينما هم يواصلون استقبال آخرين ليكملوا المشاريع أو يحلوا مشاكل أخرى. يجب أن ننتبه إلى هذه الثروة الكامنة في الأقسام العلمية فإنه يمكن أن تنتج الكثير وقد تعالج مشاكل مستعصية نحن أحوج ما يكون إلى معالجتها. كذلك هناك سمة رائعة نستطيع تشخيصها وهي تطبيق المبادئ والقيم الدينية في ميدان العمل فالصدق والأمانة والإخلاص في العمل والحرص على عدم الإضرار بمكان العمل هي أمور أساسية للنجاح، إن بيئتنا أولى بهذه القيم وهي مهدها ولكن للأسف الشديد نجد أن هناك بونا شاسعا بين ما نمارس فعلا وبين القيم النظرية التي نحملها.
من جانب آخر، فإن تكنولوجيا المعلومات قد لعبت دورا مهما في إعادة تشكيل حياة المجتمعات المتقدمة فالاستفادة من هذه الطفرة الحضارية المهمة لديها بلغت الدرجة القصوى بفضل تعليم أبناء هذه المجتمعات كيفية استخدامها. إن تكنولوجيا المعلومات موجودة لدينا بشكل لا بأس به, وإن أهم وسائلها, أي الإنترنت, صار مشاعا وباتت الشرائح التي نستخدمها في بلداننا غير قليلة ولكن هل يعلم استخدام الإنترنت للفائدة العلمية والاقتصادية في جامعاتنا ومدارسنا؟ لا أعتقد ذلك.
إن الحل المحتمل لإساءة استخدام الإنترنت من قبل جيل الشباب يكمن أولا في تعليمهم بشكل منهجي ومنظم كيفية الاستفادة المجدية لهذه الوسيلة. من الخصائص الأخرى الفاعلة في تطوير الأعمال, التي نجدها في مجتمعات مزدهرة اقتصاديا, هي صفة تحمل المسؤولية وعدم البحث عن كبش الفداء, كذلك إعطاء تفسير موضوعي للإخفاق في مجالات معينة وعدم إلقاء المسؤولية على عاتق الآخرين. إن هذا الأمر يتطلب الشجاعة والصراحة وهما صفتان ضروريتان للنجاح. كثيرا ما يخطئ المديرون والمسؤولون ولكن دائما تكون هناك شماعة لتعليق الأخطاء وتفسيرات جاهزة ليست علمية وليست موضوعية. إن هذه السمة مرتبطة بأمر آخر مهم فأغلب هؤلاء الذين يرفضون تحمل المسؤولية ويفسرون الأمور بنظرية المؤامرة ربما يكونون قد وصلوا إلى مواقعهم دون مراعاة لمبدأ تكافؤ الفرص واختيار الأكثر تأهيلا وقدرة. وهذه صفة تحرص الدول المتقدمة على إدامتها وحضورها عند التعيين أو الترقية لكي تحفظ توازن الإدارات وتجعلها في الجانب الأمين . إن الدول النامية تتميز بوجود ظاهرة تسمى التوظيف الوجاهي أو السياسي, حيث تلعب الانتماءات السياسية والعشائرية وغيرها من المعايير غير الموضوعية دورا في رفد المؤسسات, خصوصا الحكومية منها بالكثير من الكوادر بغض النظر عن قدراتها ومهاراتها بل لولائها فقط وهذا يؤدي في كثير من الأحيان إلى صعوبة مساءلتها أو سهولة تملصها من المسؤولية عن أخطاء أو قرارات غير صائبة. إن شيوع العدالة الوظيفية حتى بين شركات الأعمال في القطاع الخاص أمر له مردود اجتماعي مهم في استقرار نفوس أفراد المجتمع وتوليد الشعور بوجود العدالة لديهم. إن اليابان على سبيل المثال قطعت شوطا كبيرا في معالجة مشكلة ملكية الشركات وإدارتها من قبل أفراد أو عائلات، فقد يؤسس أحد الرواد شركة يكتب لها النجاح ثم تستمر في الازدهار لتتحول إلى شركة عملاقة توظف عشرات الآلاف من العاملين وعند وفاة المؤسس ربما لا يكون هناك بين أولاده من هو متمتع بقدرات الوالد نفسها ويمكن أن يكون مديرا سيئا وقد يقضي على هذه الشركة. إن هذه المشكلة في الشركات العائلية تؤرق قطاعات أعمال كبيرة ونقرأ قصصا وأخبارا عن نزاعات بسبب الإرث تؤدي إلى تفتت أو انهيار أعمال كبيرة.
وأخيرا لدينا صفة الانفتاح واعتبار التغيير سنة من سنن الحياة, أي قبول ما هو جديد، حيث إن التغيير في حياة هذه المجتمعات المتطورة أمر عادي ومتوقع دائما في حين أنه يكلف الكثير في مجتمعات أخرى. إن تقبل التكنولوجيا المتطورة وما تحمله من تجاوز أحيانا على العادات والتقاليد أو الأساليب التنظيمية الجديدة في كثير من الإدارات يستغرق وقتا طويلا يمكن أن يترجم في شكل تكاليف إضافية.
خلاصة القول، إن ما تم استعراضه آنفا ليس كل الصفات بل هناك أمور أخرى. كذلك لا يعني هذا أن هذه الخصائص معدومة تماما في مجتمعات الدول النامية إنما هي أكثر وضوحا ويمكن تلمسها بسهولة أكبر في المجتمعات المتطورة. إن المجتمع هو وعاء الاقتصاد وإنما يعمل الناس وينتجون ويتنافسون بهدف تطوير المجتمع والإسهام في رفاهيته لذا فإن المجتمع الذي تسود فيه القيم المشار إليها هو أكثر قدرة على إنتاج اقتصاد مزدهر وقوي



#صالح_مهدي_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وزير الخارجية: التصعيد بالبحر الأحمر سبب ضررا بالغا للاقتصاد ...
- الشعب السويسري يرفض توسيع الطرق السريعة وزيادة حقوق أصحاب ال ...
- العراق: توقف إمدادات الغاز الإيراني وفقدان 5.5 غيغاوات من ال ...
- تبون يصدّق على أكبر موازنة في تاريخ الجزائر
- لماذا تحقق التجارة بين تركيا والدول العربية أرقاما قياسية؟
- أردوغان: نرغب في زيادة حجم التبادل التجاري مع روسيا
- قطر للطاقة تستحوذ على حصتي استكشاف جديدتين قبالة سواحل ناميب ...
- انتعاش صناعة الفخار في غزة لتعويض نقص الأواني جراء حرب إسرائ ...
- مصر.. ارتفاع أرصدة الذهب بالبنك المركزي
- مصر.. توجيهات من السيسي بشأن محطة الضبعة النووية


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - صالح مهدي العامري - مجتمع متطور ام اقتصاد متطور ؟