|
الغاء قا نون ألأجتثاث خطوة كبيرة للأمام
علي الأسدي
الحوار المتمدن-العدد: 1884 - 2007 / 4 / 13 - 11:24
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
انهيار النظام السياسي السابق بعد التاسع من نيسان 2003، أثار دهشة مواليه قبل أعداءه. حيث اختفت مؤسسة الجيش، بمافيها، الحرس الخاص والحرس الجمهوري وجيش القدس وفدائي صدام وقوى ألأمن بكافة تشكيلاتها، وكأن قرارآ قد صدر لها، من القائد ألعام للقوات المسلحة، بألأنسحاب من المعارك حقنآ للدماء، وحفاظآ على ارواح العسكريين في معركة غير متكافئة. ولم تتحرك جماهير شعبية عراقية، للتعبير عن أحتجاجها ضد الغزو ألأحنبي، في حين عبرت عن سخطها وأحتجاجها، جماهير غفيرة من مواطني الدول الغازية نفسها.
ان الكثير من المحللين السياسيين المتخصصين في شؤو ن الشرق ألأوسط ، قد عزى صمت المدافع والناس معآ، الى عزلة النظام عن مواطنيه،والى انهياركامل لمعنويات افراد القوات المسلحة، منذ أمد طويل قبل ألأستعدادات التي قادتها الولايات المتحدة لأحتلال العراق. فالقوات المسلحة في الواقع، كانت في حالة حرب دائمة، تارة، داخلية ضد المعارضة الشعبية وبخاصة ألأكراد، وتارة، خارجية مع دول الجواروفي المقدمة أيران، تلتها بفترة قصيرة حرب الخليج الثانية، على أثر أحتلال الكويت. وقبل أن تلتئم جراح القوات المسلحة، وأثناء ألأنسحاب من ألكويت و التراجع المهين من أراضيها، زج بالجيش من جديد، في أقسى حملة أبادة ضد أبناء وطنه، في معظم المحافظات العراقية، في الجنوب والوسط والشمال. ولم تتوقف حالة التأهب والجاهزية لخوض معارك داخلية او خارجية، يحدد جبهاتها ومواعيدها رأس النظام حينذاك. ان الدفاع عن الوطن ضد الغزو ألأجنبي، هو الهدف الذي كان على الجيش ألأستعداد له للذود عن ارضه عند الضرورة. والعراقيون يفخرون بأستعداد وقوة جيشهم ، لكن زج الجيش في معارك عبثية لا مبرر لها أنهك الجيش وشتت قواه، وعندما تطلب من الجيش خوض الحرب الدفاعية لصد المعتدين، أظهرعجزآ وجاهزية محبطة للأمال والتطلعات الوطنية. لقد كان الثمن، الذي توجب على رأس النظام ان يدفعه، نتيجة لكل ذلك باهضآ جدآ. ولم تكن عقوبة الموت هي ألأقصى لما ناله من عقوبات نتيجة لذلك، أنما العقوبة ألأشد، كانت ذلك الهروب الشنيع، من أرض المعارك، التي وعد الغزاة بها، وتلك الحفرة المهينة، التي أختارها، حصنآ للدفاع عن الوطن والشعب. لقد أنتهت تلك المرحلة الطويلة والشاقة من حياة العراقيين،وما اقترن بها من صنوف القسوة والظلم والتسلط . فتلك صفحة من التأريخ قد طويت، وعلينا ان نتطلع الى المستقبل بكل تفاؤل وثقة بالنفس. علينا ان نبدأ مرحلة جديدة في التعامل مع بعضنا البعض ومع ألآخرين. لنضع اللبنات ألأولى، لمرحلة تأريخية جديدة من العلاقات الأجتماعية والسياسية بين المواطنين أنفسهم وبينهم وبين مؤسسات الدولة. علاقات تؤمن بحق ألأنسان في الحياة والأبداع والتألق، علاقات تحترم الرأي والرأي ألأخر، كقاعدة معترف بها من قبل الجميع، ويصونها الجميع لمصلحة الجميع. ولننزع من فكرنا رغبة الثأرالكريهة، ان كان من لايزال يفكر بالثأر وألأنتقام، لماض ولى، وفي طريقه الى الأندثار. ليكن التسامح الوجه ألأخر للعدل, و حق الحياة غير قابل للمبادلة بالموت، وأن الموت حق، لكنه حق مطلق لمن منح الحياة. وبناء عليه، ينبغي الغاء التشريعات التي تجيز عقوبة القتل تحت اي مبرر او وازع، والغاء وظيفة الجلادين، التي استحدثتها الديكتاتوريات الحاكمة، لدعم سلطاتها المطلقة، ولأرهاب المعارضة الشعبية، من اجل تفردها بالحكم والثروة والنفوذ.
ان مبادئ الديمقراطية وحقوق ألأنسان أخذت مكانها في دستور العراق الجديد، وان تنفيذها على أرض الواقع يتطور مع الوقت. وأن ممارستها خلال السنوات الماضية في بلادنا، قد زاد الناس تعلقآ بمبادئها، وأصرارهم على الذود عنها، رغم ألأنفلات ألأمني، الذي يعرض حياتهم للمخاطر الجسيمة. وتصبح الديموقراطية من يوم ليوم، نظامآ للحياة، تتعلق بها جماهير الشعب وتدافع عنها، بحيث لم يعد التراجع عنها جائزآ سياسيآ أو مقبولآ أخلاقيآ.
وفي هذا المنعطف الهام من تأريخ العراق الجديد، حيث ودع شعبنا الىغير رجعة، نظام ألألغاء والتعالي والغلو، مطلوب منا، ان نثبت للعالم من جديد، عمق أرثنا الثقافي وألأخلاقي، وتطلعاتنا نحو عالم خال من العنف والكراهية والتمييز، ينصف المرأة ويقر بدون تحفظ حقوقها، التي كفلتها لها مبادئ الديمقراطية وحقوق ألأنسان، المقرة من قبل المنظمة الأممية وكل دساتير الدول المتقدمة.
. أن المناخ السياسي المشحون بالتوتر، واحتمالات ترديه الى ألأسوء، يتطلب البدء بخطوات أكثر جدية وحيوية لجعلها واقعآ ملموسآ. وحتى لا نتهم بالتعجل والتطير ، فان ألأمر يحتاج الى مساعدة كل القادرين على فعل أي شيئ للوصول اليها. لقد كان أعلان رئيس الوزراء، السيد نوري المالكي عن مشروع المصالحة الوطنية والعفو العام، عبر عن موقف حكيم حظي بتأييد العديد من القوى السياسية خارج وداخل المجلس النيابي، مما يدل على الرغبة في التعاون لوضع حد للهم العراقي والمعاناة التي تعصف بالمجتمع . ولأن الرأي العام العراقي بأكثريته متحمس للسير قدمآ باتجاه المصالحة الوطنية، فما المانع من أستثمار هذا المناخ ألأيجابي ،لحشد جهود كل القوى الخيرة في المجتمع، لتخفيف التوتر،بين مكوناته السياسية وألأثنية، من اجل دعم عملية البناء وألأعمار، لتحسين ظروف الجماهير المعاشية ألأقتصادية وألأجتماعية. ولأجل جعل المصالحة الوطنية واقعآ ملموسآ، لابد من أزالة الصعوبات التكتيكية، التي تعيق عملية تفعيل المصالحة الوطنية. ومن اهم تلك المعوقات ردود الفعل التي عبر عنها بعض أللاعبين غير ألأساسيين في الساحة السياسية،والتي تتمحور حول وقف العمل بقانون أجتثاث البعث. وهو موضوع لم يشبع نقاشآ في الفترة التي أعلن عنه فيها. لقد كان قانونآ أنفعاليآ و عقابيآ، غير شرعي او واقعي، وتعوز مشرعيه الحنكة السياسية. فقد وجه التهم جزافآ ضد مجهول، لم يحدد مكان سكناه أومسقط ر ٍأسه ولآ اسمه واسم والده او لقبه العائلي، مهنته أو وصورته، ميتآ كان أم حيآ، وألأهم من كل ذلك ما هي جريمته ؟ ولهذه الجوانب المعيبة في ما أطلق عليه( قانون أجتثاث البعث) لا يمكن ألا الطعن بشرعيته، خاصة وقد ثبت فساد، وفوضوية، وتعالي، وعبثية أدارة الحاكم بريمر، الذي لم يكن ألا سوء الطالع ، وراء تنصيبه حاكمآ على وادي الرافدين. ان الوضع الذي نشأ بعد صدور القانون ولفترة طويلة نسبيآ في ظل حكومة الوحدة الوطنية، لم يكن مساعدآ لمناقشة شفافة وعملية لمضمونه وأهدافه، وآليات العمل به، ونتائج ذلك على وحدة الشعب،و مصير قوى مهمة من طبقته المتوسطة، ذات المخزون العلمي والتقني والمعرفي والسياسي. وقد مرت فترة طويلة جدآ قبل أن تنضج فكرة مناقشة جادة وهادئة لمواده، التي أخذت طريقها للتنفيذ. وكما يقول المثل الفرنسي( أن يأتي متأخرآ أفضل من ألا يأتي أبدآ). ان الوقت قد حان ألأن لمراجعة أخطاء جسيمة أرتكبها رجل، لم يكن من أهدافه خدمة المصالح الوطنية لشعبنا، في تمتين مبادئ السلام ألأجتماعي، ونشر الحميمية والوئام بين أبناء الوطن العراقي. ان الحاكم بريمر السيئ الذكر، لم يكن يفكر ببناء جسور الثقة بين العراقيين، و لم يكن مهتمآ أساسآ، أن يترك وراءه، دولة راسخة الخطى، موحدة المصير، مزدهرة بشعبها وخيرات وطنها العريق. لقد زرع بذور الفتنة والشقاق، وهيأ لمشاعر الكراهية والثأر،قبل أن يغادر غير مأسوف على سجله، ليكون شاهدآ على ماتركه من زرع مسموم. ويظهر انه خطط لأجواء أراد لها أن تستمر الى ما لا نهاية لا سمح الله. وألأن فان فرصة ذهبية قد ظهرت لطوي صفحات حقبة بريمر وما قبل بريمر، وعلينا أقتناصها بما نستطيع من حسن النية والتسامح ،تجاه بعضنا البعض. ان كل أنسان يخطأ وألأنسان السوي هو الذي ينتفع من أخطاءه وأخطاء ألأخرين. قد يكون من الصعب على من أكتوى بلهيب النظام السابق، أن يمد يد المصالحة الى البعثثيين، الذين كثيرآ منهم، لم يكن لهم دور بما جرى للكثيرمن جور ومظلومية. وبما أن مسودة قانون المصالحة، لم تستثني من تلوثت أيديهم بجرائم ضد الشعب، من ملاحقة القضاء العراقي، فينبغي ان تعطى الفرصة لحكومة السيد المالكي، لتلعب دورها ألأيجابي ،لأعادة اللحمة الى شعبنا الصابر. وحبذا لو أخذنا بالدروس البالغة التي تتيحها لنا التجربة الجنوب أفريقية، في تعاملها، مع جرائم ومجرمي النظام العنصري، الذي خضع له مواطنيها، عبر اكثر من قرن من الزمان. وأعتقد ان شعبنا الذي يثبت في كل يوم ثقته بالنصر، على كل ما حيك ويحاك ضده من جرائم، ومقدرة على لجم المعادين لحياته وارضه، من بهائم وخنازير بثياب بشرية، أن يتخذ خطوات جريئة وشجاعة، لترميم بيته الداخلي حقنآ لدماء طاهرة تسفك، و من أجل اعادة البسمة الى اطفال يسعى وحوش القرن الواحد والعشرين ان يمنعوها عنهم.
#علي_الأسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة والتنمية
-
الجزء الرابع وألأخير... مشروع قانون النفط اختبار في وطنية ال
...
-
الجزء الثالث مشروع قانون النفط اختبار في وطنية المجلس النياب
...
-
مشروع قانون النفط اختبار في وطنية المجلس النيابي الجزء الثال
...
-
حقائق عن قانون النفط الجديد الجزءالثاني
-
حقائق عن قانون النفط الجديد الجزء الثاني
-
مشروع قانون النفط أختبار في وطنية المجلس النيابي؛؛1--3
-
لقد اخفقتم في تنفيذ وعدكم
-
الطائفية في العراق مسرحية بطلها مجرم وجمهورها احمق؛؛
-
حضرة الرئيس بوش المحترم، دع عنك تقرير بيكر -- هاملتون وخذ عب
...
-
نداء عاجل.. ياعقلاء الأمة لا تكونوا جسرآ للفتنة الطائفية؛؛
-
هل يعقل ان يؤسس لنظام طالبان عراقي؟؟
-
بطالة بسبب الوضع ألأقتصادي وبطالة بسبب التمييز والتهجير الطا
...
-
من اجل برنامج اقتصادي عاجل لأنعاش ألأقتصاد العراقي
المزيد.....
-
الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس
...
-
الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو
...
-
غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني
...
-
انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
-
خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
-
عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ
...
-
روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا
...
-
عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
-
مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات
...
-
السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية!
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|