|
تهميش المسيحيين في قوائم الجبهة لمصلحة من ؟
سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1884 - 2007 / 4 / 13 - 04:50
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
سمع وقرأ وعلم الشارع السوري أنه تم استدعاء أمناء الشعب ، وتم الطلب منهم اختيار اثنين من الذين حازوا على أفضل تقييم حزبي وتم السؤال على أدق الأمور فيما يختص بكل مرشح ؟؟!!!
ولم يتم ترشيح أي واحد من الذين تم تقييمهم من قبل أمناء الشعب ! .
لم يؤخذ بالتقييم الحزبي ؟
لم يؤخذ بالتقييم الأ مني ؟
لم يؤخذ بالتقييم الأخلاقي ؟
وبالتالي على أي تقييم تم اصدار قوائم الجبهة ؟
هذا على المستوى العام ، وماذا على المستوى الخاص ، وأقصد تهميش البعثيين المسيحيين !
كيف جرى تهميش البعثيين المسيحيين في قوائم الجبهة وغيرها من القطاعا ت والفعاليات ؟ ولمصلحة من يجري تفريغ البعث من علمانيته ؟
عندما تضطر الدولة الى تعيين اسم مسيحي ، من أجل الحفاظ على التوازن الطائفيى ، تتجه الى النساء ، لأنهم برأيها أقل فعالية وأكثر سمعاً وطاعةً .
البعثيون المسيحيون في مدينة دمشق والذين جرى تهميشهم وبشكل فاضح في قوائم الجبهة ، يُمثلون في الحقيقة الغائبة واجهة المسيحية مع السلطة . وعن مصلحة تهميشها - وهي التي تمثل أصل البعث وخطه العلماني القوي ، من قبل قوى تسعى من أجل افراغ البعث من منهجيته وخطه القومي والعروبي أولاً كما حصل في بغداد ، ونزع صفة العلمانية عنه ثانياً ، ومن ثم تهميشه شعبياً وحصره في أطر محددة وضيقة وتحت شعارات بعيدة عن واقعه وطروحاته كما حصل مع بعث العراق الذي أعطي صبغة دينية مذهبية. حيث سقط سقوطاً مدوياً بعد فقدانه لعلمانيته ودوره الحقيقي في تمثيل كل شرائح الشعب والوطن بغض النظر عن العدد والتعددية الأسمية التي لم يكن لها أية فعالية تذكر أمام الطرح المذهبي الضيق والمحدود - نتساءل اليوم ؟
في دمشق وريثة انطاكيا ، وعز المسيحية ، وطريق بولس الى نشر دين المحبة والانسانية واحترام الآخر . نرى العحب في قوائم الجبهة . من يُمثل مسيحيو دمشق ، دمشق والتي تضم ، مراكز يطريركية كبيرة . بطريركية الروم الأورثوذكس ، بطريركية السريان الأورثوذكس ، بطريركية الروم الكاثوليك ، اضافة الى اعداد كبيرة من الأبرشيات . وعندما نقول بطريركية ، نقصد أن نفوذها يمتد الى انطاكية وسائر المشرق . كل هؤلاء لا يستطيعون اقتراح مرشح واحد . ولا نعلم هل هم همشوا أنفسهم وحصروا مهامهم بالخطب الدينية والوطنية الرنانة ومحاولات التقارب ، ام أن هناك من همشهم وجعل دورهم ينحصر في المعايدات . و ما لاحظناه في العيد الأخير هو عزوف كبير من الشعب المسيحي عن زيارة ومعايدة رؤساءهم الروحيين ، والذين اقتصر زوارهم على أخوتهم من رجال الدين الأسلامي ، وأنسبائهم من رجال السلطة . بسبب عدم الاهتمام الكنسي بالدور السياسي والشعبي والاجتماعي متجاهلين الدور الذي طالبهم بلعبه المجمع الفاتيكاني الثاني.
من مثل دمشق كبعثيين مسيحيين، وريثة انطاكيا ، في قائمة الجبهة وبالتالي في مجلس الشعب السوري : قومي سوري وشيوعي . ولماذا لم تأخذ القيادات الروحية دورها ؟ وأين هم البعثيون المسيحيون الحقيقيون ؟. فهل تبخروا ولم يعد لهم وجود في هذا الحزب وهذا الوقت ومن أجل هذه المسؤولية؟!!!!..
وللتاريخ نقول : ان مصلحة النظام السياسي وقيادته في سوريا تتعارض كلياً مع هذه القوائم ومع خطه وخطابه. واذا عرفنا بأن تهميش الآخر مهما كان إطاره هو مصيبة تجر ورائها الويلات لأي نهج سياسي من أي نوع من الأنظمة ( تهميش الشيعة في لبنان أدى الى خراب لبنان والآتي أعظم) . فإننا نصرخ وبصوت عالِ : --هناك تهميش للبعثيين المسيحيين واضح في دمشق بالتحديد ولا نعرف وضعهم في القوائم الأخرى (نحن لا نتكلم عن طائفية لأننا بعيدون عنها كثيراً.. نحن نتكلم عن ظاهرة شاذة تخص التمثيل وكيفية أنتقاء الشرائح والتي كان لنا أمل كبير بأن تكون متوازنة وتتناسب مع طموحات كل أبناء الوطن). وهم كما قلنا عندما تضيق بهم مساحة الأختيار ، يتجهون الى ترشيح النساء .
بين أكثر من مليوني بعثي ، ألم نستطع ايجاد بعثي مسيحي في دمشق ، واتجهنا الى الشيوعيين والقوميين ؟ ..
هؤلاء الذين يعملون على تهميش المسيحيين اليوم في دمشق بطريقة أو بأخرىن من يخدمون؟!!!. لا شك في أنهم يُسرون من نتائج عملهم ، ولكنهم في يوم ما ، وعندما يعود كل فردِ الى ربعه ، وهم يفهمون ما يعني ربعه ، سيتلقون نتائج هذا التهميش وغياب الخيار العلماني عن البعث ، وجره الى مستنقع الأصولية البغيضة . وتفريغه من كل مقومات اللحمة الوطنية والعيش المشترك ، هذا في حال لم يكن الهدف الرئيسي من هذا التهميش هو تهجير المسيحيين في خطوة لا حقة ، ومن ثم جعلهم يمارسون السياسة في الدول التي يحلون بها مهجرين ليصبحوا فيما بعد نواباً ورؤساء جمهوريات في دول خارجية ، ومن ثم عند زيارتهم لبلدهم الأم سورية يتم استقبالهم أبطالاً من أصل سوري !!!...
ونسأل ونسأل ونسأل هل من قام بقصد أو بدون قصد بهذا الفعل التهميشي يعتبر نفسه وفياً للنظام ؟.. أم أنه يخدم بطريقة مباشرة أو غير مباشر أعداء الوطن والمتربصين به ونقصد بهم جماعة الأخوان المسلمين ومن لف لفهم ووالاهم بصريح العبارة .
وماذا لو انسحب مسيحيو دمشق وحوران من حزب البعث ، عوضاً عن تواجدهم كديكور يلزم لتزيين قائمة الجبهة ؟ وماذا يبقى من العلمانية وهذا الحزب بالأصل ؟ وكيف سيتغنى بعد ذلك بما ( نُطنطن) به صبح مساء عن التعددية في جبهتنا ؟ وعن العلمانية والديمقراطية والحرية .
قوة النظام هي في تلاحم كل مكوناته ومختلف شرائح أبنائه. ومقتل النظام في تفكك وتهميش مكوناته . وهذا التهميش الفاضح للبعثيين المسيحيين ، والذي لم نقبل بمثيله في لبنان ، سيؤدي في يوم ما الى فقدان مكون هام في الحياة السياسية السورية ،فالأمور لن تقف فقط عند التهميش ، بل ستتعداها حتماً الى الأنكفاء والأبتعاد عن الشأن السياسي وممارسة الانتخابات ومن ثم التفكير بالهجرة حيث يمكن أن يكون له شأن أخر حرم منه في وطنه ، فالبعثي المسيحي الذي لن يجد مكانه السياسي والاجتماعي في وطنه ، سيُفكر جدياً في الرحيل ، ولن ينتظر طرده من وطنه ، كما جرى طرده من قوائم الجبهة .
ونتساءل كمعارضة وطنية علمانية ليبرالية ، اذا كان هذا ما يحدث ضمن البيت الواحد ، والرفاق الذين ينتمون الى عقيدة ونهج واحد ، يحدث كل هذا التهميش ، فما هو مصير العلمانيين المعارضين في المستقبل ، وخاصة بأننا نعول كثيراً على اصدار قانون الأحزاب في فترة قريبة . والذي يجب أن يلحظ - بغض النظر عن تسميات الأحزاب وشعاراتها - بأن سوريا بلد تعددية وتعايش منذ الآزل ، وستبقى ، ويرفض أبنائها أي نوع من الاقصاء والتهميش مهما كان مصدره ، ولأي فئة أو شريحة منهم.
ويؤسفنا أن نكون من يوجه هذه الملاحظة ، والتي قد تكون ، لا بالأحرى غابت في خضم معمعة الأنتخابات ، سواء بقصد أو بغير قصد ، عن أصحاب القرار في سوريا . ونحن لا ندافع لا عن طائفة ولا عن حزب أو أي تمثيل كان ، انما ندافع عن مصلحة الوطن ومستقبله ، في أن يكون الجميع سواسية ومشاركون حقيقيون (غير متفرجون)
فهل يعلم سيادته الى أين وصلت الأمور ؟ وهذا سؤال محرج وقاسي . فهو غير ما ينشد ويسعى . وما يُخطط لهذا الوطن الذي حمل امانته ، وانطلق به ضمن رؤية حديثة علمانية فيها الكثير الكثير من احترام الآخر وبناء المواطن السوري العصري المنفتح والحضاري . بعيداً عن كل الانتماءات الضيقة والتبعية والانعزالية ، انتماءاً خالصاً للوطن .
------------------------------------------------------------------------------------------------------
السياسة، تبررها الهوية، وتوجهها الثقافة ويبلورها الخط ( الايديولوجيا) . وتالياً فان نوعية السياسة وجوهرها ومضمونها تتحدد في ضوء القول والقبول بوجود خط مسيحي وطني ، يؤمن بأن الوطن هو لجميع قاطنيه ، ويؤمن بالتعايش مع الآخر ومساعدته والوقوف بجانبه في الأزمات والضيقات . كما يؤمن أن حقه في أرضه يجب أن لا يُنازعه عليه أحد ، وحقه في خيرات بلده يجب أن لا يكون موضع مساومة من أحد ، كما يؤمن أن حقه في تبؤ المناصب التي تتناسب مع مؤهلاته وقدراته لا يجب ان يسلبه منه أحد . كما يؤمن أن رسالته الوطنية ، ودعمه المستمر للأستقرار الأمني والسياسي في وطنه ، من أولى واجباته .
دمشق ، في 11م04/2007
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وسأنتخب بوش؟؟
-
لقاء مع عالمة الفلك فوزية المبعجر حول انتخابات مجلس الشعب ال
...
-
تاريخ العرب--ويل ديورانت
-
وخرجنا شعانين--رسالتنا الى ميركل وبيلوسي
-
نظام حارج الزجاجة-- ومعارضة حرامية-- وشعب بائس
-
العقد الاجتماعي عبر فلاسفة الليبرالية
-
القمة انتهت فائزان وخاسران --ومتفرجون
-
نشيد الصباح :-سوريا يا حبيبتي أخذتِ مني كرامتي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
...
-
ماذا لو طلبتني المحكمة الدولية ؟
-
وبشر الذي علق في كذبة عين علق بالفضيحة ورفع الفلق
-
الاعلام العربي -سياسة تنجير الخوازيق
-
فلم لبناني طويل -13-3-2007
-
قراءة واقعية لسوريا سنة 2008
-
رد على رئيس مجلس الشعب السوري السابق
-
--أهمية المراجع --اقتران روح الانسان بروح الشيطان
-
انتخابات مجلس الشعب---ولا أحد يثمثل الشعب تصحيح
-
أين الشفافية يا مواقع وطنية سورية في رفض نشر هذا المقال--تحي
...
-
أخطر ما يواجه سوريا اليوم
-
خصخصة الفساد في سوريا---
-
سيدي صموئيل---حياتنا عبث
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|