|
الأطفال لا يرثون الخوف
لبنى الجادري
الحوار المتمدن-العدد: 1884 - 2007 / 4 / 13 - 11:42
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الخوف : هو اضطراب نفسي ادراكي، يصيب الفرد بحالة من الرعب وعدم الأستقرار النفسي حتى زوال الأسباب . يولد الطفل الصغير دون ادراك مسبق بالخوف .. فالخوف عامل سلوكي وليس عامل فسيولوجي أو وراثي ، فإذا ما وجد طفل في وسط النار لا يخاف النار بقدر خوفه من الحرارة . إن الأشخاص الذين يشرفون على تربية الطفل هم الذين يزودونه بصفة الخوف ، فأنعكاس سلوكهم الخائف يخيف الطفل . فإذا ما صرخت الأم عند رؤيتها للكلب ، صرخ الطفل بدوره لصراخ الأم ، واصبح لديه مثير شرطي ، فكلما رأى كلبا تولد لديه الخوف من الكلب ، وبالتالي خوفه من الحيوانات ، فالطفل يرث سلوك الكبار عن طريق التقليد والمحاكاة لما يقومون به . والخوف في مفهومنا ، نوعان .. الخوف الطبيعي المشروع ، كالخوف من الغرق أو الخوف من نتائج الأمتحان ، والخوف من المجهول . والخوف المرضي ( الفوبيا ) ، ونقصد به الخوف الغير مبرر من أشياء وأعمال واشخاص ، وهو ينمو بشكل طبيعي ثم يزداد تعمقا في اللاشعور ، ثم يستدعى حين يجابه في موقف معين . أعراض الخوف ! عندما يتعرض الفرد لموقف مخيف ، تظهر عليه علامات خارجية ، يعبر عنها بحركة العينين المضطربتين والتعرق الشديد وفرك اليدين والتلعثم في الكلام واصفرار الوجه ، وقد يحدث في حالات معينة التبول اللاأرادي . كيف نجابه مخاوفنا ؟ للخوف وسائل معينة ، من الممكن تقليل آثاره أو القضاء عليه ، حيث يتم تعريض الخائف الى المواقف التي تخيفه والتي لا تعرض حياته للخطر . فالطفل الذي يخاف الحيوانات الأليفة ، يمكن معالجة خوفه بالتحدث اليه أولا عن طبيعة هذه الحيوانات ، ثم عرض ( فلم ) يتناول كيفية عيشها ، وقد يقوم الوالدان بأقتناء أحدها مما يختاره الطفل ، وتدريجيا يزول الخوف الذي تولد لديه عن طريق الصدفة ، لتحل محله الملاطفة والمتعة في اللعب مع هذا الحيوان . فالطفل في سنوات حياته المبكرة ، يحتاج الى التشجيع والدعم المعنوي من قبل والديه ، كما يجب على الوالدين استغلال خاصية حب الأستكشاف لديه ، للتعرف على أنواع الحيوانات وأهميتها للأنسان وطريقة تكاثرها، فيزول خوفه من ناحية ويزداد معرفة حول طبيعة عيش هذه الحيوانات ، فتنشأ علاقات حميمة بينه وبين الحيوان الذي يختاره فيزول خوفه بإدراكه أن هذا الحيوان كائن ضعيف له خصائص ومميزات لا تستدعي الخوف منه ،بل الرأفة به واللعب معه . وقد يتخذ الخوف مسميات عديدة وقد يتحول الى مرض نفسي كالوسواس والريبة ، فالخوف من المرض / هو أحد انواع الخوف الذي يصيب شريحة كبيرة من الناس ، فنجد الشخص الذي يخاف من المرض يكثر من مراجعة الأطباء ، وكذلك قد يشعر بأعراض وهمية تثير في نفسه أوجاع حقيقية ، وقد تتحول هذه المخاوف من أوجاع نفسية الى أوجاع جسمية لها عوارض ملموسة ، كما قد نجد أشخاصا يأخذون الدواء من باب الحيطة والحذر من الأصابة بالأمراض ، ولا يخالطون الآخرين خوفا من العدوى ويكثروا من التعقيم . كذلك الخوف من الغرباء / وينشأ هذا الخوف لدى بعض الأفراد نتيجة لضعف هؤلاء في تكوين العلاقات الأجتماعية ، ويولد الخوف عند الأطفال تجاه الغرباء من قبل والديهم ، عندما يحذرونهم من الأقتراب من الغرباء لأن ذلك يعرضهم الى الخطف مثلا ، أو التعرض لأي نوع من أنواع الأذى ، وبالتالي ينشأ الطفل وقد سيطرت عليه فكرة قاسية تمنعه من التقارب وممارسة العلاقات الأجتماعية بكل ثقة مع الآخرين . الخوف من الأماكن العالية / ويكتسبه الفرد في أول تجربة له، فهي المقياس الأول الذي يزيد او يقلل من نسبة هذا الخوف ، فالحركة المفاجئة والأرتفاع الهائل وصوت الريح في ذلك العلو ، كلها مسببات تساعد على نمو هذا الخوف ، ويتحول تدريجيا الى رعب يعاني منه الأفراد لغياب التفسير الضروري ، ولضعف الثقة الممنوحة من الوالدين ، وقلة تعرض الطفل للمواقف المشابهة التي تسهم في تقليل الخوف والقضاء عليه ، إذ أن من اهم وسائل القضاء على الخوف ، هو التواجد في الموقف المخيف ( الى الحد الطبيعي) . إن الخوف ، يعد اضطرابا نفسيا واجتماعيا ، تكمن خطورته ، عندما يتفاقم هذا الخوف في غياب التوجيه والأرشاد والنصح المنطقي الذي يساعد الفرد على تقبل الحقائق حول الأشياء التي يخاف منها ، وتبني طريقة العلاج من هذا الخوف . أما إذا ترك الفرد لمخاوفه ، فقد ينشأ شخصا ضعيفا ، مهزوزا ، لا يستطيع اتخاذ القرارات المناسبة ، كذلك فهو يعتمد على الآخرين في دفعه نحو الأمام لأنجاز مهماته . ومن الجدير بالذكر ، ان هناك أنواع عدة من الخوف : الخوف من الوحدة / ويعاني منه الكثير من الأفراد ، ويرجع السبب فيه الى مراحل الطفولة ، حيث يترك الطفل لوحده لفترات طويلة ، يتعرض فيها لشتى المؤثرات التي لا تجد لها تفسيرا عنده ، فتتسلل الى شعوره وتسبب له الأضطراب والقلق ولا يزول الا بتواجد الكبار حوله ، فهم الذين يمدوه بالأمان والثقة التي يحتاجها في سنوات حياته المبكرة . الخوف من المجهول / وهي صفة أنسانية يكاد يشترك فيها معظم البشر ، فبالرغم من الأيمان بالقدر ، إلا أن أغلب الناس تخاف من المجهول وتضع الفرضيات التي تمدها بنوع من الأستقرار النفسي وتبث الأطمئنان في نفوسهم ، فالأنسان كائن فضولي يريد أن يعرف ماذا يخبيء له القدر بين أسماء الأيام التالية . كيف نقلل الخوف لدى أطفالنا ؟ 1- في مرحلة الطفولة ، يجب توفر الوالدين في أغلب خبرات الطفل ، بأعتبارهما المصدر الوحيد للأمان بالنسبة اليه . 2- فسح المجال أمام الطفل للأستكشاف والتجربة ، كي يشبع دافع الفضول لديه ، وبالتالي يتعرف على ما وراء الأشياء لتزول مخاوفه منها . 3- التقليل من قيمة الشيء الذي نخافه أمام الأطفال ، كي لا ينتقل الخوف اليهم تلقائيا 4- توفير المواقف المشابهة للمواقف التي يخافونها ( على أن لا تكون خطرة على حياتهم ) ، إذ تقل نسبة المخاوف بتواجدهم في نفس الحدث . 5- زيادة الثقة لدى الأطفال بأنفسهم وبقدرتهم على التغلب على مخاوفهم عن طريق الفهم والأدراك تجاه تلك المخاطر . 6- عدم استخدام اساليب التخويف لردع الأطفال ومنعهم من القيام ببعض الأمور التي لا يرغب بها الوالدان ، بل محاولة التحدث معهم حول مخاطر هذه الأمور ومنحهم الحق في التقرير ، فبالنهاية ، التجربة قد تصقل شخصياتهم في المستقبل وتردعهم أحيانا أخرى من التكرار .
#لبنى_الجادري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشخصية المنافقة ... شيطان اجتماعي متنقل
-
الحرمان ... عباءة الحزن السوداء
-
اللعب ... قناع الطفل المستعار
-
الإدراك ... عصا الارتكاز للفهم
-
الاضطراب في الكلام .. اضطراب في أساليب التنشئة الأسرية
-
تفكيرنا .. عمقنا وأسرارنا الخفية
-
لغتنا قارئة ُ فنجان ٍ لأفكارنا
-
التوافق الإجتماعي والتكيف الإجتماعي وجهان لعملتين مختلفتين
-
الغافل عن الشيء لا يدركه
-
تكوين المفاهيم عند الأطفال
-
شخصيات متعددات في أنسان واحد
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|