عبد الحسين الهنين
الحوار المتمدن-العدد: 1884 - 2007 / 4 / 13 - 11:46
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
يعتقد بعض علماء الاجتماع إن البدوا حينما تجدهم متناثرين في الصحراء على شكل تجمعات لخيام قليلة ليس لكونهم يبحثون عن الماء والكلأ وإنما لوجود غريزة التسلط عند احد ما في كل تجمع ولتوفر بعض الخصال التي تمكنه من أن يتسيد مجموعة صغيرة بينما هو يرى إن وجوده مع جماعته ضمن تجمع سكاني اكبر يجعله يفقد هذه الميزة وبالتالي يصبح فرد عادي أو ربما يصبح شيخا يتساوى مع مجموعة أخرى تحمل نفس الإمكانيات والمؤهلات ،، لذا ترى حرص هذا الفرد على الابتعاد بجماعته عن الجماعات الأخرى ليس حرصا عليهم وعلى مستقبلهم وإنما طمعا في الاستمرار في التسيد عليهم وإبعاد شبح ظهور شخصا آخر يزاحمه على الرياسة .
هذه المقدمة أردت أن أوضح من خلالها مشكلتنا كعراقيين مع مفهوم الرياسة الذي انتقل من الدكتاتورية إلى عصرنا الديمقراطي هذا ، وانتقال هذه العدوى إلى الأحزاب السياسية العراقية ، فعندما تقوم بمسح بسيط ترى إن عشرات من الأحزاب تشترك بنفس مواصفات الاسم مع تغير بكلمة واحدة تراها تنتشر على الخارطة السياسية العراقية مع وجود زعيم أوحد لكل حزب وقد يكون اغلبهم وريث لوالده في القيادة أو انه يمتلك مبلغا من المال يكفي لفتح مقر وجريدة ناطقة باسم هذا الحزب ولا يضر أن تصدر أسبوعيا أو شهريا ، وقد أبدعت الكثير من الأحزاب بوضع عبارة إلى جانب اسم الصحيفة يقول (صحيفة سياسية يومية تصدر مؤقتا كل سبت أو احد أو أي يوم آخر من الأسبوع) . ومن الطبيعي جدا إن تجد كلمة ديمقراطي في اغلب أسماء الأحزاب بينما لم يقدم أي حزب عراقي وبعد مرور أربع سنوات على العملية السياسية على إجراء انتخابات لقياداته ولم يجرأ أي حزب على المطالبة الجادة بسن قانون للأحزاب ولم يفكروا أيضا إن هذا التشرذم وكثرة الأسماء المتشابهة قد أسهمت بشكل كبير في تدهور الوضع السياسي في العراق بل أنهم (زعماء الأحزاب) استمروا في التشبث بزعاماتهم الواهنة واستساغوا مشيختهم التي تشبه شيوخ التسعينيات من القرن الماضي حينما صعب على الشيوخ اختيار راية لعشيرتهم المزعومة لكثرتها فراحوا يستعينون بأعلام الدول الأفريقية فكان من الطبيعي أن تجد علم بوركينا فاسوا يرفرف في الفرات الأوسط إلى جانب علم ساحل العاج بعدما نسبت إلى عشيرة مستحدثة حتى وصل الحال بالعراقيين بالتندر بالقول أنها (تشكيل جديد) تشبها بالفرق العسكرية أيام الحرب العراقية الإيرانية ، أو ليس أمناء الأحزاب الآن اقرب مايكونوا إلى زعامة الشيخ في الصحراء على مجموعة من الخيام لايتعدى عددها أصابع اليد الواحدة أو أنهم يشبهون إلى حد بعيد شيوخ التسعينيات الذين أسسوا عشائرهم المستحدثة طمعا في الإكراميات التي يغدق بها القائد الضرورة عليهم والمحسوبة على عدد المناسبات في السنة حيث كان هناك تصنيف للشيوخ أول وثاني .. الخ .
أن أي باحث لن يجد سببا منطقيا وعقلانيا لتتعدد الأحزاب بنفس الأسماء والبرامج الا لأمرين أولهما الأنانية وحب الرياسة وثانيهما أن هذه الأحزاب تستلم مبالغ من جهات مجهولة وعلى الأرجح جهات خارجية لها مصلحة في تهديم الدولة العراقية أو على الأقل تضمن بقاء الحكومات العراقية المتعاقبة ضعيفة نتيجة تكونها من ائتلافات مختلفة البرامج والنوايا والمرجعيات يجمعهم فقط هو اقتسامهم للامتيازات والرواتب الفلكية التي فاقت أغنى دول العالم (راتب عضو الكونكرس الأمريكي يعادل 13750 دولار).
في العالم المتقدم ديمقراطيا ترى عدد كبير من الشخصيات الكفء في الحزب الواحد وترى تفاوتا بسيطا في احتمالية تصدر احدهم قيادة ذلك الحزب ولا تجد بينهم من يرتعد قلقا لمستقبله السياسي بسبب وجود المنافسين الأشداء بينما تجد في أحزابنا التي ترفع شعار الوطن والوطنية تجد أن السيد الأمين العام يجاهد في سبيل إبعاد أية شخصية محترمة عن حزبه وهو يحاول بشتى الطرق أن يغلق الطرق أمام أية شخصية وطنية تتأثر بشعارات حزبه الرنانة ،، وهكذا يستمر مفهوم القائد الضرورة ولكن بنطاق ضيق ومغلق لايتعدى مقرا بمساحة مئة متر مربع وجريدة أسبوعية رديئة لايقرأها حتى أعضاء الحزب نفسه وتصلح في اغلب الأحيان لاستخدامات مسح زجاج السيارات , هكذا تستمر الإقطاعيات الحزبية والعائلية ويصبح اغلب المنضوين تحت لافتات أحزابنا حفنة من المنتفعين الذين ينفضون عن هذا الحزب أو ذاك حال حصولهم على مبتغاهم وطالما ما يكون المبتغى وظيفة مهمة أو بسيطة تعتمد درجة أهميتها على همة وطموح الشخص المتحين للفرص السانحة في زمن غابت به ابسط معايير التقييم والمهنية.
السؤال هو هل هذا ما كنا نتمناه في إقامة دولة عصرية ديمقراطية وهل الديمقراطية هي هكذا ،، أحزاب بشعارات واحدة وأسماء واحدة وبرامج واحدة لكنها بقيادات مختلفة أو قل لكل منها قائد في اغلب الأحيان هو وريث لعائلته في الحزب ،.... هل نستطيع إقامة نظام سياسي بهذه الطريقة المتخلفة ، إنني اعتقد إن الاستمرار على هذا النهج هو حرق للوطن والمواطن وتدمير كل الجهود وان المنتفعين في هذه الفترة القصيرة المتأزمة سيحترقون آجلا أم عاجلا بنار تدمير البلد وإنهم سيندمون لاحقا ،، لذا أجد من الضرورة الانتباه لهذا الأمر الخطير وعلى الشخصيات الوطنية التنبه لهذا الأمر ومحاولة اختصار الزمن والتسامي على المصالح الفئوية وزج كل الجهود في حزب واحد بقيادة زاخرة بالشخصيات المهمة والمؤثرة و لايهمهم وجود منافسين لهم داخل حزبهم بل يجدون إن ذلك هو تدعيم لأهدافهم ومفخرة لهم لما يضمه حزبهم من شخصيات كفوءة ونزيهة والى ذلك الحين نتأمل الكثير بعدما وجدنا إن الندم اخذ مأخذه في اغلب الشخصيات الوطنية بعدما جربوا اللعبة السياسية وهم مقسمين متشرذمين فكان حصادهم الإفلاس السياسي وخيبة الأمل بينما حصد الوطن (العراق) الخراب وضياع الأمن وفقدان الأمل بالمستقبل حيث إننا نستطيع القول وباطمئنان أن كل المشاريع الفردية والفئوية سوف تنتحر أمام المشروع الوطني الكبير الذي يؤمن المصلحة للجميع بما فيهم أصحاب المصالح الشخصية لكن من خلال الخير للوطن ،العراق بأجمعه ....
أود أن أقدم اعتذاري عن هذه المقدمة الجارحة لمشاعر البعض لكنني لا أعتذر عن المضمون، وعليه ارجوا أن تسمحوا لي بتقديم اقتراحا هو البدء بتشكيل لجان من مؤتمركم ببرنامج يؤدي إلى تشكيل حزب ديمقراطي أو (الحزب الديمقراطي) يتخذ من (الديمقراطية الليبرالية) منهجا له وادعوا متواضعا من خلالكم إلى :-
1-أن يتم دعوة جميع الشخصيات العراقية المؤمنة بهذا المفهوم وما أكثرهم في الداخل والخارج.
2- أن يتم دعوة جميع الأحزاب والتجمعات الديمقراطية الصغيرة والكبيرة للانضمام لهذا المشروع.
3- أن يتم المباشرة بتشكيل لجنة لكتابة البرنامج والنظام الداخلي.
4- تحديد إمكانية التمويل وكيفية الاستعانة بأصحاب المصلحة بنجاح المشروع الديمقراطي العراقي ومنها الدول الديمقراطية الصديقة والمنظمات الدولية الساعية لنشر الديمقراطية في العالم وخصوصا منطقة الشرق الأوسط.
سادتي الأعزاء :
ربما يجدني الكثير مستعجلا وربما متجاوزا (أدبيا) على الكثير من المفكرين والشخصيات المهمة التي يضمها مؤتمرك, أو أن البعض قد يضن أن هذا الطرح لايعدو كونه نوع من المراهقة السياسية ، لكن عذري هو حماسي وثقتي بصدق نوايا البعض لإنجاز هذا المشروع وعلمي أن أربع سنوات من الاجتماعات والمؤتمرات دون فائدة تذكر منها سوى اتهام القائمين عليها بأنهم يقيمون المؤتمرات من اجل حفنة من الدولارات بعد تصوير المدعوين ونقل الفيلم (سي دي) إلى الجهة الممولة... هذا هو الحال في الداخل فأرجوا أن تسمعوني جيدا لأننا قد اكتوينا بنار الحكم الديكتاتوري الشمولي بشقيه (ألصدامي) و(العصر الديمقراطي الجديد).
أتمنى لكم التوفيق والنجاح وللعراق التقدم والخير.
#عبد_الحسين_الهنين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟