|
الطلبة ورود في صدور العمال / بمناسبة ذكرى 14 نيسان 1948 الخالدة في العراق
خليل الجنابي
الحوار المتمدن-العدد: 1883 - 2007 / 4 / 12 - 11:54
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
" الطلبه وردود في صدور العمال " قالها الرفاق الاماجد" فهد- حازم- صارم " قبل أن يعتلوا اراجيح الابطال "اعواد المشانق" .. لذا فهم على اختلاف الوان الورود الزاهيه، فهم رائحتها العبقه الزكيه الطيبه التي تعطي للحياة معنى لحب الوطن والامل المشرق في الحياة الحره الكريمه. والطلبه شرائح مهمه دخلت التاريخ جنباً الى جنب مع شرائح المجتمع الاخرى وطبقاته دفاعاً عن مصالحها وحقوقها واهدافها… وبأعتبارهم الحلقه الأكثر انفتاحاً ووعياً كانت لهم حظوظاً وافره في برامج الأحزاب والمنظمات الجماهيريه المختلفه، وتوجهت اليهم الجماهير في ازماتها المعيشيه والاقتصاديه والاجتماعيه والسياسيه، وكانت في الصفوف الاماميه من المواجهات مع السلطات الملكيه واجهزتها الامنيه القمعيه. وحين اشتد عودها تداعت النخبه المتقدمه منها في 14 نيسان عام 1948 وفي ساحة السباع - بغداد - في انعقاد مؤتمرها الاول الذي عُرف " بمؤتمر السباع " واعلنت عن تأسيس" اتحاد الطلبه العام في العراق" الذي انظم لاحقاً الى اتحاد الطلبه العالمي، وثبتت البرنامج النقابي والوطني، والنضال من اجل مستقبل افضل ومن اجل الحريه والتفوق العلمي والادبي ومن اجل السلم وضد التمييز العرقي والعنصري.
لقد تواكب الآلاف على المؤتمر وحمتهم الجماهير الغفيره من العمال والكسبه من عرب واكراد وتركمان مسلمين ومسيحيين وصابئه ويزيديين. ومنذ ذلك الحين تأسست الفروع الطلابيه في الكليات والمعاهد والمدارس المهنيه والثانويه وفي مختلف انحاء العراق… ولم تخل النشاطات الطلابيه من رفع شعارات اتحاد الطلبه العام في الحفلات الخاصه والعامه وكذلك السفرات المدرسيه … وكانت حاضره في كل المناسبات الوطنيه والانتفاضات الشعبيه . كما أن المد الثوري الذي اجتاح العراق بعد العدوان الثلاثي الغاشم على الشقيقه مصر كان للطلبه دوراً فاعلاً في المظاهرات الصاخبه والاحتجاجات التي عمت العراق من أدناه الى أقصاه هاتفه ضد الاحلاف العسكريه ومندده بالعدوان الغاشم .. فما كان من الأجهزه الأمنيه والبوليسيه للنظام الملكي إلا الرد بقسوه على جماهير الانتفاضه من القوى الوطنيه المختلفه من عمال وفلاحين ومثقفين وكسبه ، وكان للطلبه حظاً وافراً من عشرات ومئات المعتقلين الذين زجوا في المواقف والسجون … إلا أن شوكتهم لم تلن وبالهم لم يهدأ واصرارهم على المضي قُدماً مع نشاطات باقي المنظمات الجماهيريه الأخرى في التصدي للقوى الأستعماريه الغاشمه وللأنظمه العميله التي كانت ساعيه في ضرب حركة التحرر الوطني في المنطقه وحرفها عن مسارها ، وتمزيق عرى التلاحم بينها وبين المعسكر الاشتراكي وفي المقدمه منه الاتحاد السوفيتي آنذاك .
وكما مر سابقاً فإن النشاطات الطلابيه للأعضاء المنظمين تحت راية "اتحاد الطلبه العام" وأصدقائهم كانت حاضرة في كل وقت وزمان … ففي ليلة 13-14-4-1958 انتشرت العديد من الفرق الطلابيه في مدينة "الموصل الحدباء" تخط وتكتب الشعارات واللافتات على بنايات المدارس والمؤسسات الحكوميه والشوارع العامه والازقه .. حيّت فيها الذكرى السنويه لتاسيس اتحاد الطلبه العام , وشعارات ضد الاحلاف العسكريه وحلف بغداد المقبور وضد الاستعمار.. ومن المفارقات أن يقع الاختيار على المجموعه التي كنت معها على المدرسه التي كنت ادرس فيها "المتوسطه الغربيه" …
فتسلقت الجدار الخارجي للمدرسه ليلاً مع الرفيق العزيز "محمد صالح محمد" وكانت عدتنا الفرشه والصبغ الأبيض والأحمر ، وملأنا جدران المدرسه الداخليه والخارجيه بشعارات اتحاد الطلبه والشعارات الوطنيه الأخرى وضد الاستعمار والملكيه العميله .
وفي صباح اليوم الباكر من 14 نيسان عمت الفرحه مئات الطلبه الذين شاهدوا هذه الشعارات وهي تملأ فناء المدرسه الواسع .. كان يوماً بهيجاً ومشحوناً بالتوتر… وفي نفس اليوم جاءت مجموعه من رجال الأمن الى المدرسه ، بعد أن صعقها الخبر في كل أطراف المدينه وبدأت التحقيق فيما إذا كانت عناصر من داخل المدرسه قد ساهمت في هذا النشاط "الهدام" .. إلا أن ادارة المدرسه لم تكن متعاونه معهم , رغم وجود ملاحظه من قبل احد المدرسين لاحظها على "البنطلون" الذي كنت ارتديه وهي بقعه صغيره من الصبغ الذي كُتبت به الشعارات على جدران المدرسه .. إلا انه لم يخبر إدارة المدرسه ولم يخبر أحداً بذلك .. ونبهني إلى الاسراع بالتخلص من "الدليل".. مما دفعني إلى قص مكان البقعه "بالموس" لحين وصولي إلى البيت "لترقيعه" .
وبعد ثورة 14 تموز 1958 ، أفتتح في بغداد مقراً لأتحاد الطلبه العام - المركز- وكذلك في باقي المدن العراقيه الأخرى ومنها مدينة الموصل .. حيث افتتح مقراً لأتحاد الطلبه العام - فرع الموصل - في شارع نينوى وفي الزاويه التي يلتقي فيها مع شارع النجفي - شارع المكتبات وفي الطابق الثاني .. وكان لكل مدرسه و ثانويه و متوسطه و معهد ممثلين في الفرع . وتنفس الطلبه الصُعداء بعد أن وجدوا لهم مكاناً يلتقون فيه ويتابعون نشاطاتهم العلمية والثقافية والمهنية وكان المقر يحتوي على مكتبه متواضعه من عشرات الكتب والصحف والمجلات الثقافيه والادبيه والعلميه المختلفه ، تبرع بها الطلبه أنفسهم وكذلك من أصدقائهم وذويهم . ونشطت الحركه الطلابيه وأصبحت لها في كل مدرسه ومؤسسه علميه نشره حائطيه يكتب فيها الطلبه مساهماتهم الثقافيه والأدبيه والعلميه . إن الالتفاف الواسع من قبل الجماهير على هذه المنظمات الطلابيه والشبابيه والمهنيه والتي انتشرت بين أوساط العمال والفلاحين وباقي المهن الاخرى من مهندسين وأطباء وفنانين ومحامين إلى جانب المنظمات النسائيه … إن هذا الالتفاف كان داعماً قوياً لثورة 14 تموز وقائدها الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم وصحبه الابرار .
إن هذا النشاط لم يرق بطبيعة الحال القوى الرجعيه وأذناب الاستعمار… فعملوا مابوسعهم لعرقلة هذه النشاطات بغية أضعاف الثوره والانقضاض عليها … فما كان من هذه الزمر إلا العمل وبشتى الوسائل لغلق هذه المنظمات … وماحدث في الموصل حدث في باقي المدن العراقيه الأخرى … فأخذت تتوافر على مقر "اتحاد الطلبه - فرع الموصل " عناصر غريبه كانت غايتها رصد الحركات الطلابيه ونشاطها ورموزها … وفي أحد الأيام زارنا شخص قدم الينا نفسه وهو "عبدالوهاب الغريري".. وقال انه يمثل مجموعه من الطلبه في بغداد … ودخل معنا في نقاشات وطرح آراء مملؤه بالحقد والشوفينيه والتعصب القومي .. وكان يرفض أن يسمع منا جملة "الشعب العراقي".. يُصحح ويقول " الشعب العربي في العراق " .. وحين إنبرى له الاخوه الأكراد والتركمان المتواجدين معنا .. عن الموقف من باقي القوميات الاخرى التي يزخر بها العراق كان يقول إن هذه اقوام سكنت العراق العربي وانصهرت في بوتقة الشعب العربي .. كما تحدث عن عدم شرعية اتحاد الطلبه العام ، لأن هناك منظمات طلابيه أخرى ، وكثير من الكلام الذي ينم عن الحقد والكراهيه لمنظمتنا الطلابيه . وفي اليوم التالي لزيارته داهم المقر رجال الشرطه والامن … وهم نفس رجال الامن القدامى من العهد الملكي الذين استمروا في الخدمه في العهد الجمهوري , واعتقلوا كل المتواجدين في المقر وكان عددنا يربو على الثلاثين طالباً ، وصادروا كل الكتب المتواجده في المكتبه واعتبروها جميعاً كتب " هدامه! " تدخل ضمن قائمة الكتب والنشريات الممنوعه وغير المرخصه في سجلات الأمن للعهد الملكي المباد والتي إستمرت تتعامل بها الأجهزه الأمنيه بعد ثورة 14 تموز … وفي السيارات التي كانت معهم نُقلنا الى التوقيف ، وأُغلق المقر بالشمع الأحمر ، ورُفعت من على الواجهه الأماميه يافطه " اتحاد الطلبه العام - فرع الموصل ".
لقد هزت هذه العمليه أبناء المدينه وسخطهم … وتوافد العشرات من أهالي وذوي الطلبه أمام المتصرفيه منددين باعتقال أبنائهم . وفي نفس اليوم وبعد ساعات عديده احضرونا أمام آمر حامية الموصل العقيد الركن " عبدالوهاب الشواف " … وقال مبتسماً بخبث " لم يكن هذا الاجراء إلا حفاظاً على الثوره !! . لأنه وردت إلينا أخبار وتقارير كثيره تؤكد بان المقر بؤره لنشاطات معاديه للثوره !! " … كما اننا لم نستلم من بغداد أي تصريح يسمح بافتتاح مثل هذه المقرات … وعليه يطلق سراحكم بكفاله ويغلق المقر إلى إشعار آخر .
وهكذا كان أعداء ثورة تموز يسعون بكل السبل والوسائل لأبعاد الطلبه والشباب وغيرهم من الالتفاف حولها … لأنهم يعلمون أنهم الدرع الحصين لها … وضرب هذه المنظمات يسهل ضرب الثوره وإسقاطها وهو ماتم لاحقاً .
#خليل_الجنابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدخول الى الجنة من خلال قتل طلاب المدارس والجامعات العراقية
...
-
قصص حقيقية في النصب والاحتيال عبر شبكة الانترنيت
-
بغداد ...ممنوعة من الصرف
-
مسمار أبو التسع إنجات
-
قصص حقيقية في النصب والاحتيال عبر شبكة الانترنيت / الحلقة ال
...
-
الذكرى الرابعة والاربعين لاستشهاد الرفيق نافع عبد الرحمن شخي
...
-
قصص حقيقية في النصب والاحتيال عبرالانترنيت 1 - 5
-
ليبقى إسم الحزب الشيوعي العراقي خفاقاً عالياً في المؤتمر الث
...
-
لغة ( القنادر ) أحلى اللغات !! و
-
!!أما آن ألأوان لإنصاف جنود وضباط صف وضباط الجيش العراقي الب
...
-
هذا دواكم .. وعند الله شفاكم !!ء
-
!!الحوار المتمدن .. والطيور المُغردة الجديدة
-
الصحفيان الغربيان يعلنان اسلامهما !! .. يا ..يعيش ..!!ء
-
!! قُل ْ .. ولا تقُلْ - .. قُلْ ..اُحبك يا عراق
-
شمر بالف خير .. بس عوزها الخام والطعام !!؟
-
لعبة الكراسي بين الصغار والكبار !! . مهداة الى اعضاء البرلما
...
-
هل نحن سياسيون حقا إ؟
-
بعض الأضواء على حركة الشهيد البطل حسن سريع ورفاقه الخالدين
المزيد.....
-
وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر
...
-
الهيئة العليا للتعداد العام للسكان تقرر تمديد ساعات العمل لل
...
-
واشنطن توسع عقوباتها ضد البنوك الروسية و العاملين في القطاع
...
-
وزارة المالية العراقية تُعلن.. جدول رواتب المتقاعدين الجديد
...
-
The WFTU statement on the recent development in the Ukraine
...
-
بيان اتحاد النقابات العالمي حول التطور الأخير في الحرب الأوك
...
-
مزارعون يغلقون ميناء في فرنسا احتجاجا على محادثات مع ميركوسو
...
-
“وزارة المالية العراقية”.. استعلام رواتب المتقاعدين شهر ديسم
...
-
السيد الحوثي: الامريكي منذ اليوم الاول بنى كيانه على الاجرام
...
-
السيد الحوثي: السجل الاجرامي الامريكي واسع جدا وليس لغيره مث
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|