|
الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني
إ.ر. عبد الحميد
الحوار المتمدن-العدد: 1902 - 2007 / 5 / 1 - 13:02
المحور:
ملف الاول من آيار -العلاقة المتبادلة مابين الاحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني
الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني لم يحدث أن تعامل أحد تعاملا سلبيا مع مجمل منظمات المجتمع المدني مثلما فعل حزب البعث في العراق,فقد كان يجهل تماما فن العمل بين الجماهير كما كان يجهل أوجه الفرق وأوجه التشابه بين ميدان العمل السياسي الحزبي وميدان العمل الجماهيري في منظمات المجتمع المدني كما أسلفنا لقد تم النظر إلى النقابات والمنظمات الأخرى على أنها ساحة لكسب عناصر جديدة للحزب السياسي فقط وبذلك تم سحق العمل في تلك المنظمات التي كان من الواجب رعايتها وفق مصالح الكتل والهيئات التي أسستها وانتمت إليها واهم ما كان يجب الحفاظ عليه هو الدفاع عن مصالح أعضائها ورعاية أهدافهم التي نصّت عليها بنود أنظمتها الداخلية ومناهجها . إن اكتساح منظمات العمل المدني من قبل الأحزاب والتنظيمات السياسية وخصوصا عندما تكون تلك الأحزاب في موقع السلطة الحاكمة فإن منظمات العمل المدني سرعان ما توجه على خلاف أهدافها التي أسست من أجلها, وبسرعة أيضا يمكن أن تصبح أداة قمع بيد الأحزاب السياسية ضد أعضاء المنظمات وضد مصالحهم التي أنشئت من أجلها. لم يعد آنذاك ممكنا أن تختار الهيئات العامة قياداتها المهنية أو التخصصية لأن كل شيء كان يتم تقريره من قبل القيادات الحزبية ويبلغ به أعضاء منظمات المجتمع المدني وهكذا وباستمرار إخضاع تلك المؤسسات لأوامر وقرارات الأحزاب الحاكمة أو المتسلطة, فقدت مؤسسات المجتمع المدني أهميتها وأصبحت وجها من وجوه السلطة أو الحزب الحاكم بل تحولت إلى أماكن لا يرتادها سوى وكلاء الأجهزة الأمنية للتلصص على المواطنين وبذلك فقدت بريقها بالنسبة للمواطن الذي لم يعد يفكر بالإنتماء لها أو ارتياد مقراتها,لقد حصل وأن رأينا مقرات نقابات ومنظمات ونقابات مهمة وكبيرة كان لها صولات وجولات في العهود الماضية أقول تحولت إلى أماكن فارغة إلاّ من فعاليت تختص بتأجير صالاتها للأعراس والحفلات الخاصّة ولغير أعضائها أو أماكن لتناول المشروبات الروحيّة والآن إلى .... إن العمل بين الجماهير يتميّز كما يعرف المختصون بمزايا تختلف تماما عن العمل الحزبي والسياسي إن الهم والإنشغال الأساسي في منظمات العمل المدني هو مصالح الأعضاء وفق نصوص مواثيقها كما أسلفنا ويمكن أن تكون هناك أهداف عامّة ولكن حذارِ ..حذارِ من تسخير المنظمات للعمل السياسي وحده أو أن نتملص من الأهداف المهنيّة أو الفئويّة وليس لحزب معين أن يسم أية منظمة بسمات حزبه فإن الأعضاء قد يختارون في فرصة أخرى كوادر وقيادات لهم ربما تنتسب لأحزاب أخرى وهنا يجدر بالحزب السياسي أن ينتفع من المنظمات المدنية محرارا لقياس شعبيته ولكن ليس له أن يملي على أفراد المنظمة قيادات هي بالأحرى صنائع تسعى لإرضاء قياداتها الحزبية على حساب امصالح أعضاء منظمات المجتمع المدني إننا الآن لا نجد في الوسط الجماهيري أي حماس يذكر لإحياء مثل تلك المنظمات فالمعلمون ينظرون لنقابتهم على أنها نقابة يقودها الحزب الفلاني أو أنهم لا يجدون لأمانيهم وطموحاتهم تجسيدا فيها وكذلك المهندسون والأطباء وكذلك الكتاب والأدباء والمحامون والفنانون وحتى المنظمات الخاصّة التي يؤسسها جماعة معيّنة كنادي أو مركز اجتماعي فإنهم سرعان ما يهربون من ناديهم بسبب احتلاله من قبل وكلاء الأجهزة الأمنية وسواهم إن هذا التخريب الذي استمر حتى اليوم أضرّ بأساليب العمل في منظمات المجتمع المدني كما أضر بالأحزاب السياسية وأجهزة الدوله..فبم عادت الأحزاب من وراء ذلك غير العزلة والنفرة التي بادلتها الجماهير بها وبماذا عادت أجهزة الدولة بغير الصورة المتنامية للرعب وعدم التفاعل مع أجهزةهاالتي أصبحت (بعبعا) ؟ إن تحويل أنشطة وميادين العمل للناس والمواطنين إلى فضاءات مفتوحة للعمل الأمني والإستخباري أشاع الرعب ونفّر الناس من ارتياد الأماكن الحزبية ومنظمات العمل المدني فضلا عن التفاعل السلبي مع أجهزة الدولة بل صدّقوني أن ارتياد العديد من المقاهي والمحلات العامة أصبح أمرا ينفر منه المواطنون إن الكادر الحزبي عندما يكون معنيا بالعمل بين الجماهير يجب عليه أن يتفاعل معهم ومن خلال مطامحهم وآمالهم وإن التواضع وحسن مخاطبة الأعضاء ومناقشتهم بشكل مطول و مستفيض يعود بالفائدة على العملين معا وفي كل الأحوال عليه أن يتفادى الدعوة المباشرة لحزبه أو اتجاهه السياسي في الوسط الجماهيري إلا بما لابد منه,إن الجدارة في قيادة أوساط من الفلاحين أو العمال أو المعلمين أهم من الجدارة في قيادة بضعة تنظيمات حزبيّة تعرف ما عليها وما لها وليس الكادر الذي يصلح لقيادة إحدى منظمات المجتمع المدني يعني بالضرورة جدارته بالعمل الحزبي والسياسي والعكس ليس صحيا أيضا كما لا يفوتنا أن نذكر أن تحويل العمل الجماهيري إلى عمل سياسي أو حزبي سوف لن يقود إلاّ إلى نسف العمل الديمقراطي وسحق الحريات العامة والتوجه إلى نظام دكتاتوري متخلف مرة أخرى . نقول إن تسلسل الإنتماء التصاعدي من العمل الجماهيري إلى العمل الحزبي ثم إلى العمل الإستخباري خطر على كل واحد منهم وسبيل مضمون لهدم كل واحد منهم فلكل ميدان سماته وتخصصاته وخصائصه وبالتالي كوادره وقادته أتمنى من كل قلبي أن يتم الإنتباه إلى ذلك فقد لمسنا لمس اليد نتائج الإخلال به الذي أدى إلى اختفاء العمل في منظمات العمل المدني بشكل جعل المجتمع يعاني من تعقيدات بالغة وظواهر مرضيّة يصعب علاجها.
#إ.ر._عبد_الحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
|