أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كاظم الواسطي - من أخلاق الاستبداد














المزيد.....

من أخلاق الاستبداد


كاظم الواسطي

الحوار المتمدن-العدد: 1882 - 2007 / 4 / 11 - 05:39
المحور: حقوق الانسان
    


لا زال البعض منا يتعامل مع المفاهيم , كالحرية , الأخلاق , العدالة , الضمير , كمفردات مجردة يتحدد حضورها في القول , وفي النصوص المكتوبة . فيكفي بالنسبة لهذا البعض أن يتحدثوا عن تلك المفاهيم أو يكتبوا عنها , حتى يكونوا أحراراً وأخلاقيين وعادلين بإمتياز .
ولن يكون هنالك ضير أو مشكلة في ممارسة دور الخانع والمنافق واللامبالي بحقوق الآخرين , مادام ذلك يضمن إستمرار الكسب الشخصي , والبقاء بعيداً عن الشبهات . وقد رسخت ثقافة الإستبداد هذا النمط من السلوك في مجتمعنا خلال عهود تسلط الدكتاتورية , حيث كانت لمؤسساتها " عيون " منتشرة في كل مكان موجهة للبحث عن المشتبه بهم , وحسبما يقتضيه المزاج الآني لرموز تلك المؤسسات , وأهواء أصحاب العيون التي لا تعرف معنى لبراءة التصرف , وعفوية السلوك .
لقد كانت العداونية قصداً ثابتاً في النظر للآخرين , وإعتبارهم أهدافاً دائمة لنوازع الإنتقام , يتوجب شل حركتهم وتحويلهم الى مخلوقات صماء , لا تعي ما يدور حولها ولا تبالي به .
وكان الكشف لأي من تلك الأهداف , وتسهيل عملية إصطيادها , يعني شهادة ولاء للقائمين بها تضمن لهم البقاء خارج دائرة الإتهام , والإحتفاظ بإمتيازات العيش دون خطر , بات يتربص بالجميع .
وفي تلك المدرسة اللا أخلاقية , وعلى تخومها الفاسدة , نشأ وترعرع كثر ممن عطلت ظلال تلك المؤسسات , ليس حركتهم فحسب , إنما نزعت فتيل إرادتهم , وجعلت الخوف المصدر الوحيد لعلاقتهم بالآخرين وبأنفسهم . فكان الإنحناء الدائم والتملق والنفاق سلوكاً يضمن لهم حسن الصورة ! في المجتمع , وشرط بقاء مضمون للعيش .
المشكلة الأخطر ليس في تأثر الناس البسطاء بتلك الطقوس الترويضية , لمحدودية خياراتهم وفهمهم لواقع الحياة الذي يجبرون على التكيف معه , ولكن فيمن كانوا محسوبين على الثقافة والسياسة والفكر , ولا تخلوا كتاباتهم وأحاديثهم من مفردات الحرية والتمرد والتجديد والأخلاق , وهم في واقع الأمر أكثر إنحناء وتملقاً ونفاقاً وخضوعاً لتلك الطقوس من أولئك الناس البسطاء المضللين من الطرفين , من تلك المؤسسات ومن هؤلاء المثقفين أنفسهم , الذين طالما كانوا يضعون لمسات من الرقة والجمال على أشياء تتفسخ , وباتت روائحها تزكم أنوف الناس في كل مكان .
إن الأكثر إلفاتاً للنظر السوم , هو أن البعض من اشباح تلك الثقافة مازالوا يتعاملون , بنفس الأخلاقية المراوغة وفساد الضمير , مع المعطيات الجديدة على أرض الواقع متخذين من إستعدادهم اللامشروط لعمل أي شيءٍ يشبع أنانيتهم ويطمئن مخاوفهم الأزلية جسوراً يعبرون عليها الى هذه الجهة أو تلك وحسبما هي عليه من قوة وحماية ضامنة لهم .
المهم هو أن يكونوا ظلالاً للأقوى حتى وإن كان ذلك على مستوى العلاقة بين الأشخاص . واليوم يجد أشباح المثقفين هؤلاء مناخاً خصباً في بعض وسائل الإعلام الرخيصة التي تدس سمومها في فسحة الحرية المتاحة للعمل الإعلامي , ليلعبوا على الحبال المشدودة بين اطراف المتنازعة بخطابات مدفوعة الثمن مقدماً . وليس مهماً بالنسبة لهم , في غياب الضمير , أن يصرحوا في فضائية معينة ما يناقضه في واحدة أخرى , مادام بإمكان الأطراف المختلفة , عند الضرورة , أن تتنصل عن أي تصريح لمثل هؤلاء بحجة " رأي شخصي " .
وهم يعرفون أن ما يصرح به لا ينتفض لتكذيبه , فهو نفسه مصنوع من كذبة عابرة تبحث لنفسها عن موقع , اياً كان شكله ونوعه , في ذاكرة الآخرين لمعادلة زوالها الحتمي .
إن اللا مبالاة بالجانب الأخلاقي للرأي , وما تستدعيه الكلمة من مسؤولية أخلاقية , خصوصاً عندما تعنى بالشأن العام , يسهم في إرباك مسارات المجتمع ويلحق الضرر بمسيرته .
وإن المثقف أو السياسي المنزوع الضمير أكثر خطراً على مستقبل المجتمع من الإرهابي , المعروفة دوافع ومخاطر أفعاله المباشرة من قبل هذا المجتمع , وهما من ينابيعه التي ينبغي العمل على تجفيفها وتلك مسؤولية كبرى للمثقفين والمفكرين والساسة الذين يختارون , بشجاعة , أن يكونوا ضمائر حية لمجتمعهم وعصرهم .



#كاظم_الواسطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم الديمقراطية وعزلة النخب
- عن -الظاهرة العراقية-: تجليات الأضداد المتواطئة
- مع ارنستو ساباتوفي حواره بين الحرف والدم /الرادار النفسي للإ ...
- أي مذاق لبلاد العدم /مع ( الوجه المسروق) للإفغانيةلطيفة
- من ينتزع رمانة الياقوت من غصنها الذهبي/قراءة في رواية (كان ه ...
- الشاعر فوزي كريم في عودته إلى قبوالأسرار على دجلة
- حكاية الطفولة الباحثة عن لغة القلب -قراءة في رواية الأمير ال ...
- الشاعر شيركو بيكه س : وطن واحد لايكفي لرقصته الكونية
- عندما يكون الموت مقدّرا في ذاكرة اللغة/قراءة في رواية( الاره ...
- متى يصل مغني القيثارة إلى مسرحه؟.
- ثقافة الإعلامي العربي: بين واقع الصورة وسلطة الفكرة
- إشكاليات المثقف النخبوي


المزيد.....




- ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ ...
- أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال ...
- الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق ...
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال ...
- البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن ...
- اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
- البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا ...
- جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا ...
- عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س ...
- حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كاظم الواسطي - من أخلاق الاستبداد