ماغي خوري
الحوار المتمدن-العدد: 1882 - 2007 / 4 / 11 - 11:22
المحور:
الغاء عقوبة الاعدام
تعددت أساليب الاعدام على مر العصور والأزمان ، وأخذت أشكالا وأساليب متنوعة ، فعقوبة الإعدام رافقت الإنسان منذ الأزل ولا زالت حتى يومنا هذا ، ونستطيع القول أن بعض الأديان فرضت تلك العقوبة على كل من يخرج عن القانون سواء كان ( لصا ، زانيا ، سارقا او قاتلا) ، ففي اليهودية مثلا كان يطبق عقاب الصلب على السارق أو اللص ، وعقاب الرجم حتى الموت للزناة ... هكذا وإستمرت عقوبة الإعدام حتى مجيء السيد المسيح الذي لم يكن موافقا على مبدأ الإعدام من أساسه سواء كان رجما أو قتلا أو غيره ، فالسيد المسيح هو الذي قال لليهود عندما أرادوا رجم المرأة الخاطئة ( الزانية ) والمعروفة بماريا المجدلية ( من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر ) فالمسيحية لم تفرض عقوبة إعدام على أي إنسان مهما كانت فعلته عظيمة ، فالله هو الذي يحاسب الانسان ، وقبل الاسلام في الجاهلية ذكر في صحيح البخاري حديث رقم 3636 حدثنا نعيم بن حماد حدثنا هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون قال ثم رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم (صحيح البخاري) ج 3 ص 1397، كيف تم وضع عقوبة الإعدام على الحيوانات في الجاهلية وجميعنا يعرف أن الحيوانات لا تخضع للقانون البشري ولا يوجد عليها حد !؟ ، ثم جاء الاسلام فعاد وفرض عقوبة الرجم للزاني والزانية ، ومن خلال الأحاديث الصحيحة وكتب السيرة النبوية نجد أن محمد مارس عقوبة الاعدام شقا ( وليس شنقا) على فاطمة بنت ربيعة بن بدر بن عمرو الفزارية والمعروفة " بأم قرفة " وكانت إمرأة من أعز العرب بين قومها حيث أرسل في السنة السادسة للهجرة زيد بن حارثة في سرية فقتلها قتلا عنيفا، فقد ربط برجليها حبلا، ثم ربطه بين بعيرين حتى شقها شقا ، وكانت عجوزا كبيرة وحمل رأسها إلى المدينة ونصب فيها ليعلم قتلها ، راجع تراجم الاعلام باب من وفيات سنة 6 . وأيضا راجع السيرة النبوية لابن هشام .. باب غزوة زيد بن حارثة بني فزارة ومصاب أم قرفة.
أما عن أساليب الإعدام التي تداولتها المحاكم على مرالعصور هناك الاعدام رجما – صلبا – شقا – شنقا – الاعدام بواسطة الخازوق والذي مورس في أيام الدولة العثمانية وكان المستبد جمال باشا السفاح يتلذذ بفرض عقوبة الاعدام بالخازوق وكان يراقب ويشرف على العقوبة بذاته وهو متلذذا لذلك المشهد المؤلم الذي يمر به المحكوم عليه ، وهو أن يُقْعَد المذنب على الخازوق حتى يخترقه الى بطنه ويبقى لينزف حتى الموت ، وأيضا هنالك حكم الاعدام بالمقصلة وهو قطع الرأس عن الجسد بواسطة تلك الآلة الحادة (الجيلوتين) والتي خضعت لتلك العقوبة الملكة ماري أنطوانيت ملكة فرنسا زوجة الملك لويس السادس عشر والتي هي أصغر أبناء الملكة تيريزا ملكة النمسا، تزوجت الملكة ماري أنطوانيت من الملك لويس السادس عشر وهي في الرابع عشر من عمرها وكان هو في الخامسة عشرة من عمره ، فقد أعدمت أنطوانيت في 16 أكتوبر 1793م, بعد أن اقتيدت بعربة مكشوفة دارت بها في شوارع باريس حيث رماها الغوغائيين بالأوساخ وكل ما يقع تحت يدهم, فقصوا شعرها الطويل ثم وضعوا رأسها الصغير في المكان المخصص في المقصلة (الجيلوتين) وهوت السكين الحادة فأطاحت برأسها في السلة الجانبية.
هكذا وبقيت عقوبات الاعدام تتزايد وتأخذ أشكالا مختلفة أكثر فأكثر ، حتى شاع إستخدام الإبر السامة وحقنها بواسطة الوريد والتي إستخدمت وتم تداولها في الولايات المتحدة الأمريكية وعرفت تلك الطريقة " بالموت الرحيم" ، فقد تم الحكم عام 2006على أنجل دياز في الولايات المتحدة بالاعدام بواسطة تلك الابرة ، حيث قال الدكتور جوناثان غرونر المعيد في كلية الطب في جامعة ولاية أوهايو متحدثا عن إعدام أنجل دياز قائلا، ظل أنجل دياز يُحتضر لمدة 34 دقيقة عقب إعطائه الحقنة القاتلة عند إعدامه في فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر/كانون الأول 2006. وبحسب الأنباء كان يتحرك ويتلوى من الألم ويحاول الكلام لفترة تزيد على 20 دقيقة من تلك المدة، إذ إن الإبر لم تنجح في إدخال الخليط المميت من المواد الكيماوية في مجرى دمه، وعوضاً عن ذلك اخترقت مسافة أطول داخل الأنسجة الطرية المحيطة، وذكر أحد الشهود أنه أُصيب بحروق كيماوية في ذراعيه، وتعين إعطاؤه حقنة ثانية لإتمام تنفيذ عقوبة الإعدام، ودفعت عملية الإعدام الخرقاء ولاية فلوريدا إلى تجميد استخدام جميع الحقن القاتلة وهي بانتظار إجراء تحقيق في تلك الإجراءات ، وبالمثل تنظر الولايات المتحدة الأمريكية في بروتوكولات إعطاء الحقنة القاتلة أن هذه الطريقة "الإنسانية" ظاهرياً لتنفيذ عقوبة الإعدام ليست أقل قسوة أو عذاباً من أية طريقة أخرى ، وقد بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذ حكم الإعدام بالحقنة القاتلة قبل حوالي 30 سنة ، وطبقتها للمرة الأولى في العام 1982ومنذ ذلك الحين قُتل زهاء 900 سجين بهذه الطريقة ، وحلت كلياً محل الطرق البديلة – الكرسي الكهربائي والشنق والغاز والإعدام رمياً بالرصاص، وبعد مضي ما يقرب من 20 عاماً على بدء العمل بها في القانون الأمريكي، اعتُمدت الحقنة القاتلة في الصين وغواتيمالا وتايوان وتايلاند والفلبين. وتُجري دول أخرى - كالهند وبابوا غينيا الجديدة وفيتنام مناقشات حالياً حول الأخذ بها.
أما في الدول العربية فالوضع ليس أ فضل بل أخذ حكم الاعدام يتزايد شيئا فشيئا ، وخاصة في السنوات الماضية بسبب الأحداث والأوضاع التي باتت تهدد عالمنا العربي ، ولعل أكثر الطرق استخداما في الدول العربية هو الاعدام رميا بالرصاص حتى الموت والاعدام شنقا ، وقلما ينجو مذنب من ذلك الحكم ، وقد رأى جميعنا حكم الاعدام شنقا على الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين وكيف نفذ بحقه ذلك الحكم بطريقة همجية ووحشية خالية من الاخلاق وبعيدة كل البعد عن القيم الانسانية ، فمن منطلق إنساني وأخلاقي نرى أن ملف عقوبة الاعدام يجب أن يفتح من جديد وتدرس بنوده بشكل صحيح وبدقة أكثر وتكون خاضعة للأخلاقيات الإنسانية ، لربما لن يلغى ذلك الحكم ولن يزول ولكن نأمل أن يعاد النظر في بعض بنوده وتأخذ بعين الاعتبار، مع التحفظ على بعض البنود الخاصة بالارهابيين وقاطعي الرؤوس والذين ينشرون الرعب والفوضى ويهددون أمن بلادنا ، ولكن يا ترى لو ألغي حكم الإعدام نهائيا دون التحفظ على أي بند هل سنكون آمنين ونعيش بسلام ، فلو جاهدنا لحماية المحكوم عليهم بالإعدام أمثال الإرهابيين وتم إلغاء عقوبة الإعدام عنهم هل سيكفوا جهادهم ضدنا وتسلم أعناقنا من أيديهم وبطشهم !!؟؟ نأمل أن يلغى ذلك الحكم ولكن قبل ذلك يجب أن يتم القضاء على كل أنواع التحدي والارهاب والقتل والعنف لكي نعيش بأمان وسلام ....
#ماغي_خوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟