أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - شاكر الناصري - في الذكرى الاولى للاءات كمال سبتي الاربع















المزيد.....

في الذكرى الاولى للاءات كمال سبتي الاربع


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 1880 - 2007 / 4 / 9 - 14:58
المحور: سيرة ذاتية
    


كثيرة هي اللحظات المفجعة في حياة الانسان، لكن لحظات تلقي أي منا لخبر موت صديق عزيز تشكل صدمة كبيرة وتترك أثرها لوقت ليس بالقصير. هذا ما حدث لي كما حدث لكل من عرفوا كمال سبتي وعايشوه. ها نحن نكتب عنه الان بمناسبة ذكرى موته المفجع . نكتب عنه لاننا مازلنا تحت تأثيرهذه الصدمة الكبيرة. مات كمال تاركا وراءه الكثير من الاسئلة المتعلقة بحياته وموته، والكثير من الابداع الشعري والتنظيري في الحداثة الشعرية مثلما ترك الكثير من الاسى لدى أصدقائه ومحبيه.
من المؤلم أن تصادف ذكرى موت كمال سبتي مع ذكرى أحتلال العراق الذي وجد فيه كمال كارثة كبيرة ولم يتوانى عن طرح هواجسه ومخاوفه من هذا الزلزال الذي جعل العراق ،مجتمع وبشر وتراث وثقافة وأدب نهب لريح عاتية ومدمرة وأن كل الاحلام التي يسعى الكثير من كتبة ومنظري الاحتلال الذين وجد فيهم كمال اقلاما أجيرة لتسويغ بشاعات الاحتلال وتجميلها عبر الباسها أطر الديمقراطية والحداثة ونهاية المد الشمولي وقرب تحقق دولة الرفاه والعدالة المخادعة، ما هي الا أحلام لاتستطيع الثبات والرسوخ ولايمكنها ان تشيع الاستقرار والهدوء في مجتمع مضطرب وتحول الى مستنقع للدماء وبشاعات القتل اليومي.
في السنة الماضية وفي الذكرى الثالثة لاحتلال العراق وسقوط بغداد أطلق كمال سبتي لاءاته الاربعة بوجه أحتلال غاشم وبوجه ارهاب يحصد أرواح الابرياء باسم المقاومة وبوجه كتبة الاحتلال وعقودهم المخزية وبوجه سياسة المساومات واللعب بمصائر العراقيين. لاءاته تلك كانت الاخيرة وها نحن نستذكرها هنا لعلها تكون حافزا لان نقول جميعا لا ضد تدمير العراق وأسقاط أرثه وتاريخه وتشويه بنيته الاجتماعية، لابوجه دعاة الظلام الطائفي والمبشرون بدولة دينية مقيتتة ومستبدة ولاءات كبيرة بوجه من يريد ان يجعل من العراق شبح دولة ماضية.
أعتاد كمال على الاتصال بي فور ارساله أية مادة او نتاج جديد له قصيدة او مقالة نقدية او مقالة سياسية....الخ لغرض النشر في موقعنا الحوار المتمدن لكي يتأكد من وصولها الا أنه كان يعاود الاتصال بي بشكل قلق ومرتبك ما ان يكتشف خطأ ما في كتابته أو أن حرفا ناقصا يشوه بناء جمله او همزة لم تكن بموضعها. في تلك الليلة اي ليلة 8 -9 نيسان 2006 كان أتصاله الاخير معي وكان كل شيء بصوته مختلف تماما، حزين جدا وبنبرة ثقيلة ، أذ أختفت ممازحاته او... خايب شكو ..شنو...وكانت المرة الاولى التي يقول ...هلو شاكر..شلونك بدون اضافات أذ اعتاد وفي كل اتصال ان يكرر كل أسمائي التي عرفها...ها ..هلو فهد...شاكر..سامي..فأقول له ثمة أسماء لاتعرفها فيقول ...لابشرفك ..شني هاي...لحظتها قلت له مابك كمال، هل انت بخير ؟ قال لاشيء لكنها هذه آخر مرة أنشر فيها مقالا لي من خلال الانترنيت...قلت لماذا قال وكان صوته يوحي بآسى كبير ومدمر...تعبت من وضع العراق وأخاف على ما بقى...أريد التفرغ لشعري وكتبي...ثم قال انه يريد أجراء تصحيح في مادة منشورة وكانت القسم الثالث من آخر المدن المقدسة والمنشور في الحوار المتمدن قبل يوم واحد اي يوم 8 نيسان وقال سأرسل لك المادة الان لوضعها بدل السابقة وأفترقنا من لحضتها وقد ارسل لي مادته التي يريد تبديلها مع رسالة قصيرة . اطلعت على المادة التي يريد تغييرها لكني لم اكتشف السبب الا بوجود همزة ناقصة ولكني لم أجري التغيير الذي طلبه كمال وبقيت مادته في الحوار المتمدن كما هي ولاأظن ان احدا سيكتشفها الا من كان بدقة كمال وحرصه على سلامة لغته وحروفه...وبقيت محتفظا برسالته حتى هذه اللحظة...
لم أجري ما طلبت مني يا كمال حتى الان ، بل أردت ان ابقي كل شيء على حاله حتى يفهم أدعياء الشعر والثقافة والحداثة مدى دقتك وأخلاصك لجهدك الابداعي. موتك كان مدويا فيما الفرات يحدق في الوجوه بحثا عن حكيم قادته خطاه الى جرف مليء بالاسرار واحاديث الصداقة وحميمية الكتب والافكار وتناقضاتها... موتك كان مدويا على حد وصف أحد أصدقاءك .. وحدتك وغربتك الموحشة كانت رهيبة... رحلتك اليومية من البيت الى تل النبيذ... مرضك والاطباء الذي أخطأوا كثيرا بجراحاتهم حتى خيروك بين الموت البطيء وبين ان تفقد النطق والسمع أن اجريت عملية جراحية تزيل الالم الذي لم يفارقك وحرمك من أشياء كثيرة....فأخترت الموت لكنه كان اسرع مما توقعوه ...كلها وقائع لسيرة حياتك التي نتداولها حتى الان. وأنا أكتب عنك الان أستذكر اول لقاء بيننا في الناصرية وفي بيت الصديق الذي أعدمه نظام البعث القذر حاكم محمد عداي بعد سنوات من ذلك اللقاء. قال لي حاكم هذا كمال سبتي الشاعر الذي تريد التعرف عليه. كنتم تريدون الخروج سريعا من البيت لكننا انا وصديق آخر كان معي أعترضنا لاننا لم نشرب شيئا مثلكم فقال حاكم لحظتها .. (لاتخافوا أكو بطل عرك بس استعجلوا)...
الصديق الذي كان معي قال ...(انت ما عليك بس افتح البطل )...لم تمر سوى دقائق كنا خلالها نتحدث عن أكاديمة الفنون الجميلة التي كنت أنت طالبا فيها آنذاك ونتحدث عن مجموعتك الاخيرة (ظل شيء ما) حتى أنقضضنا صديقي وانا على اكثر من نصف (بطل العرك) ..
(ولكم شجاي تسون)..
كانت هذه جملتك المستغربة لانجازنا..قال لك حاكم لحظتها ..
(لاتخاف عليهم ذولة أساتذه ).... تكررت لقاءاتنا بعدها حتى ابلغتني أنك قد فصلت من الاكاديمية وأنك ستساق الى الجيش قلت لك حينها كلنا شركاء ..قلت لي( شلون )..
قلت لك المعدل الذي حققته لايدخلني كلية او معهد ..فقلت انت حلو ستدخل معهد مركز تدريب الناصرية ..ستأكلنا الحرب...سافرت أنت الى بغداد ولم نلتق عدة اشهر. كانوا قد البسونا الخاكي جميعا وكان كل شيء يوحي بالموت والعوق وزئير الطائرات.. التقينا مرة آخرى كان اللقاء صادما ومرعبا.. ففي فجر يوم قارس البرد كما هي أيام الموصل خلال الشتاء، التقيتك وكلانا كان مرعوبا مما حوله..كنا جميعا نقف بطوابير امام مشاجب الاسلحة في مدرسة ضباط صف المشاة في الموصل لأستلام أسلحة التدريب .. كان ذلك في الشهر الاول او الثاني من عام 1985 ...(ها كمال شتسوي... وجهك كان متعبا وكأنك لم تنم منذ ليال طوال...شاكر انت شتسوي هنا..شجابك لهذا المكان ولك هذا دمار مو جيش .. هذا مو مكان مال بشر.)...
قلت لك لاتخف فأنا قادر على تحمل قسوة هذا المكان ولكن ماذا عنك انت... اخبرتني انك كنت في بغداد وان احدهم سيعمل على نقلك الى جريدة القادسية كمصحح وفعلا تم نقلك ولم تكمل دورة مدرسة ضباط صف المشاة ولم تتخرج كنائب عريف...التقينا مرارا بعدها بصحبة أصدقاء كثر وأنقطعت فجأة حتى جاءني رياض شقيقك وصديقي الحميم بخبر هروبك من العراق...أنقطعنا وغادرني بعدها رياض والكثير من الاصدقاء الى صحراء رفحاء في السعودية وبقيت وحدي مع من يكرر ذكرياتكم واحاديثكم وصخبنا...او من يكن قادرا ان يطوف معي شوارع متربة في مدينة كانت لنا جميعا مأوى حنون. أكتشفت وجودك في هولندا بعد وصولي الى الدانمارك فكتبت لك رسالة اطلب فيها رقم تلفون رياض ...اجبتني برسالة وأتصالات تلفونية لم تنقطع الى لحظة موتك.
كثيرة فجائعنا ياكمال..كثيرة فجائعنا بكم أيها الاصدقاء ..يامن ترحلون نحو الموت دون حساب لنا...لكننا نستذكركم في كل حين وكأنكم لم تفارقونا أبدا.



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفاق الانهيار...على شرف الذكرى الرابعة لأحتلال العراق
- شذى حسون... الق وأمنيات
- الى عبد الرزاق سكر ,,,,حين تجاهلوك فقد تجاهلوا كيف يكون الاب ...
- كركوك ....بحثا في الحلول العصية
- حوار التقريب ...حوار الكراهية
- عادل عبد المهدي وقرار الاحتلال الاحمق
- هزائم التيار القومي العروبي ما بين عواء الذيب وردح البكري
- عن الأعدام وصدام حسين وذاكرتي
- معنا رغم الغياب
- العراق ...من- نعال أبو تحسين- الى - قندرة المشهداني ....
- حين يستاء (ابو الغيط) من محاكمة صدام حسين
- الصمت هو ما يريدونه منك ياوجيهة ..إإإ
- رسالة شديدة الوضوح في رفض الفدرالية الطائفية
- حروب المرجعية
- الحادي عشر من أيلول... الذاكرة الاليمة
- عن الشيوعية وبوش وبن لادن
- ياسيد مسعود..(31 آب 1996 ) يوم أسود أيضاً
- الاعترافات الخطرة لقادة الحروب
- قانا 2 عار ..الأنسانية
- عن الحرب والدمار والالهام الالهي


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - شاكر الناصري - في الذكرى الاولى للاءات كمال سبتي الاربع