البحرنة هاجس المجتمع

فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 568 - 2003 / 8 / 19 - 02:37
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 - البحرين

 

الجهود التي تبذلها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للحد من ظاهرة البطالة: الأزمة المستفحلة في مجتمعنا منذ زمن طويل تعني الشيء الكثير وخاصة ما جاء في مبادراتها الأخيرة الرامية إلى توظيف ما يقارب 5000 عاطل عن العمل.

فإذا كان حق العمل هو حق اجتماعي مشروع لأنه ينتج القيم المادية ويوفر للإنسان المعيشة الكريمة والثقة في المستقبل .. فإن هذا الحق الذي يعد من حقوق الإنسان الطبيعية يكون ناقصاً إذا لم يكن مكفولاً كفالة سليمة ليس بالنص القانوني الذي يجيز للمواطن حق العمل فحسب وإنما بالضمانات الاجتماعية والاقتصادية التي تدعم هذا الحق وتؤكده وتحميه من الناحية الفعلية.

وإذا كانت جذور مشكلة البطالة متداخلة ومتشعبة تتقاطع عند مصالح المستفيدين من وراء هذه الظاهرة .. فإن الحد منها لا يحتاج إلى معجزة وإنما إلى دعم غير عادي من الجهات الرسمية وإلى آليات لم تصبح نافذة إذا كانت معالجتها جزئية بمعنى أن إرادة القانون ينبغي لها أن تطال كل ما هو مخالف للتشريعات العمالية دون اعتبارات أخرى.

وليس خافياً على أحد أننا ونحن نعيش الحياة الديمقراطية التي لا تكتسب دلالتها إلا بالشفافية فإن المساءلة القانونية كوسيلة من وسائل حل المشكلة لابد أن تأخذ دورها في الدفاع عن المصالح العامة بغية الحفاظ على استقرار المجتمع وتوجهاته الوطنية.

وفي تصورنا أن نجاح مشروعنا الخاص بالبحرنة لابد من حمايته من العابثين به ومن أصحاب النفوذ الذين يعدون أنفسهم فوق هذه المساءلة أو ربما فوق القرار السياسي الذي بطبيعة الحال لا يعرف الاستثناءات.

كما لابد من سياسة واضحة تضع أطر التعاون مع القطاع الخاص الذي لا يختلف اثنان حول مصالحه الاقتصادية والتجارية وكذلك حول دوره في التنمية بوصفه محوراً أساسياً من محاورها رغم تحايل البعض على النظم القانونية الخاصة بالعمالة كما هو الحال بالنسبة للفساد الناتج عن التجارة الرائجة من خلال المتاجرة بتأشيرات العمل السبب وراء العمالة الوافدة السائبة: التجارة التي أصبح لها سوقاً تحكمها وأحكام وأعراف تتحكم فيها!!

وإضافة إلى ذلك التحايل الذي أصبح صفة ملازمة لهذه الفئة حيث كانت الرشاوى والاتاوات والتزوير والمغالطات في توفير المعلومات الصحيحة عن حجم العمالة المحلية والوافدة خصائص تميزها عن غيرها.

وبالرغم من أهمية التدريب المشروع الرائد الذي قطعت وزارة العمل شوطاً فيه يشهد لها إنجازاته في تخريج الدفعات من الكوادر في مختلف المجالات تقريباً فإن أهمية هذا المشروع لم تكتمل إذا ما تم دمج هؤلاء الخريجين في سوق العمل وهذا لا يمكن أن يتحقق دون تدخل رسمي لضمان توظيفهم في وظائف تتفق ونوع تدريبهم .. وإلا لماذا هذه البرامج التدريبية دون استراتيجية واضحة تتعلق بالتوظيف؟ علماً بأن ثمة قطاعات مصرفية وخدماتية كثيرة لا تزال بالإمكان تستوعب بعض العاطلين والمتدربين معاً.

واستناداً إلى مشروع البحرنة بات من الضروري النظر في موضوع الخصخصة على نحو واقعي ولاسيما بعد أن رفعت الحكومة القيود عن بعض القطاعات الحكومية التي أعلنت مؤخراً عن تحفظات تفيد خفض نسبة العمالة المحلية .. لذلك فإن إخضاع القطاعات المخصخصة للإجراءات الإدارية والرقابية والمحاسبية إجراء لحماية المواطن وسنداً له ضد التسريح الذي ربما يهدده نتيجة الخصخصة طالما أن الدولة بعيدة عن الرقابة!!

لذا فالبحرنة تحتاج إلى خطوات عملية ملموسة وإلى سياسة عمالية واضحة تشترك فيها أطراف الإنتاج وكذلك تحتاج إلى قرارات ملزمة بعيدة عن الاستثناءات وهذا ما نأمله.

 

#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات