|
في سقوط النظام الصدامي واحتلال الوطن العراقي1 -2
جاسم العايف
الحوار المتمدن-العدد: 1880 - 2007 / 4 / 9 - 11:01
المحور:
ملف / الكتاب الشهري - في الذكرى الرابعة للغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري , العراق إلى أين؟
تصادف هذه الأيام الذكرى الرابعة لاجتياح الوطن العراقي تحت مسمى (تحريره) من نظام دموي شرس عدواني مارس شتى أنواع الحروب والانتهاكات تجاه شعبه ودول الجوار وأجهز احترام الكيانات العربية المعترف بها دوليا ليجعل العالم على وفق حساباته الغبية في أتون أزمة عالمية عندما اجتاح الكويت بعد حرب خاسرة مع إيران سيظل الشعبان العراقي والإيراني تحت ضغوطها الاجتماعية -الاقتصادية لعقود. نظام ساهمت الولايات الأمريكية ذاتها والمعسكر الغربي والشرقي حينه في منحه أسباب القوة وعسكرته زمن الحرب الباردة وبعدها..تلك العسكرة التي تحولت إلى عبء على العراق وشعبه والمنطقة وحولت ثروات العراق والشعوب المجاورة له لتكديس الأسلحة حتى الـ(خردة منها) . لقد كان اجتياح العراق من قبل القوات الأمريكية -البريطانية وحلفائهما بعد عجز الإدارة الأمريكية عن إستحصال قرار دولي لخطوتها تلك فتقدمت لتدشن مفهومها عمليا في القطبية الأحادية والنظام العالمي الجديد على وفق تصورات وخطط اليمين الأمريكي ،المتصهين، المحافظ الجديد. لتبدأ حرباً لازالت تتأجج وبوحشية بشكل يومي حتى اللحظة ودخل العراق اثر ذلك عبر سياسة الاحتلال ، ومشاريعه المضمرة، في أحلك مرحلة من تأريخ شعبه بعد حصار وحشي ،استطاع النظام أن يتجاوز ذلك الحصار ليرهن الشعب العراقي تحت ظله . مارس النظام الصدامي بعد تلمس هزيمته الفعلية التاريخية في انتفاضة آذار عام 1991 كل أدوات التخلف والقهر والإذلال ليعيد الشعب العراقي إلى عصور الجهل المطلق الذي قاد إلى تقهقر الوعي الاجتماعي وانحطاطه .. وأدى الحصار والنظام الصدامي وتشبثه في السلطة وممارستها ببشاعة وتشف بالعراقيين إلى مقتل قرابة المليون ونصف منهم بينهم أكثر من نصف مليون طفل نتيجة الامراض والفقر وسوء التغذية..وساهمت الأمم المتحدة في قراراتها التعويضية ، ودفع فواتير مشكوك بصحتها من أموال عائديتها تؤول إلى العراقيين ، بتحول العراقيين شحاذي معونات ، وبات اعرق شعب في التأريخ الانساني وشواخصه الحضارية دالة على ذلك ، بمستوى أفقر شعوب المعمورة ، مع أن أرضهم وخيراتهم تضعهم بين اغنى البلدان..لقد وضع قرار الحرب الأمريكي الشعب العراقي في دراما تاريخية هائلة وأزمة ضمير لم ولن تمر بها الشعوب حيث وبسب سياسة النظام القهرية وتراكمات الكبت والقمع والإذلال والقسوة والإيذاء الذي مارسه النظام البعثي -الصدامي ، تخلى الشعب العراقي عن مشاركة النظام للـ( دفاع عن وطنه) مؤقتا ليس حبا بالـ(غزو) أو(ترحيبا به) كما يتصور البعض خارج العراق ، بل خلاصا من نظام دمر الإحساس والثوابت (الوطنية العراقية) وتم بسياسة منظمة وممارسات متواصلة تجاهل واحتقار ونبذ عادات وتقاليد وخصوصية الشعب العراقي وتعميم وتكريس الخطاب (العفلقي-الصدامي) و تلفيقاته السلطوية وتطبيقاته، الفعلية، التي ادت الى (غربة وتغريب) العراقي في بلده واحساسه المتزايد بالـ(المهانة اليومية) وتوارثها طيلة عقود الحكم المنهار.. فلا حقوق للعراقي سوى التجنيد الإجباري وخدمة الاحتياط بلا نهاية، ووضعه في دائرة الشكوك الدائمة واخضاع العائلة العراقية للـ(جرودات) الأمنية بشتى انواعها ، تلك الـ(جرودات)التي صيرت العراقي ((حيوان للأعتراف)) على ذاته وماضيه وأسرته وآقاربه ومعارفه ، والموت قهرا في الأقبية السرية او في ساحات الحروب التافهة أو تحت طائلة الجوع زمن الحصار المدمر. كان النظام الصدامي يعي جيدا عداوة العراقيين له فعمد قبل الغزو بأسابيع لأقامة السواتر الترابية ومراصد المدفعية في (البصرة)- نموذجا خبرته بنفسي- وتطويق مناطقها الشعبية ، حي الحسين-الحيانية- والجمهورية و5ميل..وغيرها، بالخفارات الحزبية ليلا ونهارا و بتلك السواتر ووضعها تحت مطرقة مدفعيته.. تلك المناطق التي منها وفيها بدأ ربيع العراقيين-المغدور- في انتفاضة 2 آذار 1991. وتصرف النظام الصدامي في الحرب الاخيرة على ان معركته الفعلية مع العراقيين وليس مع الغزاة متحاشيا تكرار ما حصل في آذار1991 .. بعد ان تم طيلة عقود سلطته القامعة اختزال المجتمع العراقي المتعدد المتنوع بالـ(حزب) الواحد وبالـ(قائد) وبقي صدام حسين حتى لحظاته الاخيرة يقرن سلطته بالـسيف ،جسد ذلك في (قوس النصر)وسط بغداد، لكون السطة لديه "أقتطاع واغتصاب لحياة الرعايا" كما انها في مفهومه العملي وممارساته اليومية لها ليست إلا " حق الأستيلاء على الأشياء " فهل يمكن فصل موقف العراقيين تجاهه عما سبقه من ظروف؟..عندما مارس العراقيون حقهم في التخلى وبشماتة وقصد عنه ونظامه..تاركينه لقدره الذي لا فكاك منه. أدت السياسة الأمريكية في العراق بعد احتلاله لأقصاء الكفاءات العراقية وفاز عندها عبدة المنافع الشخصية ومستغلو التخلف والجهل. قادت قرارات الاحتلال الخاطئة التي اعقبت سقوط النظام إلى حصاد مرٍّ لم يخطر ببال العراقيين ..وأصبح العراق وشعبه تحت المجهر بفعل عملية عسكرية أعقب نجاحها السريع المدهش للعالم وللإدارة الأمريكية ذاتها خطوات تبعث على الألم والدهشة والحيرة ..حيث فتح بلدنا لكل من هبّ ودبّ وتركت بنيته التحتية المخربة اساسا عرضة للسرقة والسلب والنهب ولتدخل من قبل بعض دول الجوار،الفعلي منه او بـ(النيابة)، وأعقب تلك الكارثة الوطنية العظمى قرارات غير صائبة لازال العراقيون يدفعون أثمانها من دمائهم وقوتهم وحياتهم و مستقبلهم وسلامة بلدهم وربما شكله الجغرافي وتكونه التأريخي ، وكان يمكن تفاديها او في الأقل تحاشي الأخطاء القاتلة تلك بوسائل أخر أكثر فعالية وشرعية وإنسانية وعدالة . وتحول المجتمع العراقي إلى ساحة قتل وإجرام وصراع بين قوى إقليمية محيطة بالعراق محولينه إلى مجال رحب لتصفية الحسابات مع الولايات المتحدة الأمريكية وفتحت الابواب العراقية للتصارع بين أجهزة المخابرات والمنظومات السرية لدول لا شأن لها بشعب العراق ، وتم (جذب) قوى الإرهاب العالمي لساحة الشعب العراقي وتحولت هذه الساحة لـ(حرب ) بين حلفاء الأمس -أعداء اليوم- واقتلعت (الدولة الوطنية العراقية) ،والتي هي أقدم دولة وطنية عربيا في العصر الحديث، من جذورها وتم بعثرة والأستحواذ حتى على إرشيفها الخاص، والذي يعود لبداية تشكلها او قبله، وما فيه من وثائق وطنية تاريخية عائديتها الفعلية للشعب العراقي، ونتيجة لسياسة الاحتلال انهار الأمن وتفشت الميليشيات الطائفية والعصابات والمافيات الخاصة وتم اختلاس وتبديد مليارات الدولارات،مع انهيار شامل في قيم المجتمع العراقي و نشوب (الحروب الطائفية المحدودة المصغرة) وتحول ما بقي من البنية الاجتماعية المدنية المتحضرة إلى (طائفية- قبلية). لقد عمل ساسة الاحتلال وأعوانه والمتدخلين في الشأن العراقي من دول الجوار على تجسيد الطائفية والمحاصصة في بلورة سياسة(الواقع العراقي في تصورهم ) وعمل الاحتلال على تكريسه من خلال ( مجلس الحكم) الذي أورث الشعب العراقي سياسيا واجتماعيا (مصاعب ومصائب) لا يمكن تخطيها بسهولة .
#جاسم_العايف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجماليات المسرحية.. بين التاريخ والآركيولوجيا
-
الزاوية والمنظور:.. اتهام النقد .. دفاع القص
-
المستشارون العراقيون
-
ماذا بعد الخطة الامنية الجديدة..؟؟
-
الصمت والاهمال..*1-2
-
الصمت والاهمال2-2
-
الصمت والاهمال*1-2
-
توثيقية المكان والاستذكار
-
المعضلة العراقية نتائج..توقعات
-
جليل القيسي ايتسع..(زورق واحد)..؟
-
رواية (عندما خرجت من الحلم) ..اراء واصداء
-
المخرج السينمائي كاظم الصبر..: ماعرفته السينما العراقية من ا
...
-
مقهى هاتف الملغى..سنوات لاتنسى
-
الشاعرة العراقية ليلى لعيبي في..: ليل ومحطات وسفر
-
عالم -غائب طعمة فرمان- الروائي
-
كيف حدث ذلك..؟
-
في رحيل المسرحي الرائد..عزيز الكعبي
-
المشهد الثقافي في البصرة
-
أضواء 14 تموز 1958
-
هكذا اذن... !!
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
|