إن الرؤية الاستراتيجية لانقاذ العراق واجراء تغيير ديمقراطي شامل في البلاد تكمنفي حلّ مشكلة الحكم. فهذه المشكلة تمثل محور واساس المحنة العميقة التي يعانيها الشعب العراقي بجميع فئاته وطوائفه. ولعلّ بلوغ هذا الهدف الكبير، يضمن اعادة ارساء القيم والمثل الوطنية الديمقراطية للسلوك الإجتماعي العام تمهيداً لبناء مقوّمات الحياة الطبيعية ومستلزماتها، ويوفر مناخاً ملائماً لتطبيع العلاقات الإقليمية والدولية للبلاد ووضع حدّ للأطماع الأجنبية. وفي هذا السياق، يتعيّـن صياغـة وتنفيذ برنامج عملي يستهدف
أولاً:
تأليف حكومة شعبية مسؤولة من شخصيات وطنية نزيهة تحت اشراف مجلس رئاسه مكون من ثمان شخصيات مستقله ومعروفة بالالتزام بمصالح الشعب ووحدة البلاد، على ان تعمل هذه الحكومة خلال الفترة انتقالية لاتجاوز السنتان على تحقيق التحوّل السلمي للسلطة وتكون مهماتها الاساسيه هي:
• اطلاق الحريات العامة للمواطنين والهيئات كافة وضمان حقهم في تكوين الأحزاب والجمعيات والنقابات واصدار الصحف والنشاط السياسي الحرّ.
• دعوة جميع العراقيين في الخارج للعودة الى العراق، للمساهمة في عملية اعادة بناء الوطن، وتعويض من لحقتهم أضرار بسبب قرارات التهجير القسري
• تصفية القمع السياسي وآثاره ، واجتتـات جذوره، ومعالجة اسبابه وإلغاء القوانين الاستثنائية، والسياسات المدمّرة، والأوضاع التعسفيّـة ، ووقف جميع إجراءات الإضطهاد والتمييز العرقي والطائفي
• وضع الترتيبات اللازمة لبناء هيكل حكم ديمقراطي منتخب من الشعب، على اساس من الاحترام لحقوق الانسان وسيادة القانون
• الاعلان عن تطبيع العلاقات مع جميع الدول الشقيقة، ودول الجوار والتخلي عن سياسات التدخل في شؤونها الداخلية، ونبذ المغامرات الحربية والتمسك بالإحترام المتبادل والسيادة لكل الأطراف المعنية
• الإعلان عن إحترام العراق للمعاهدات والمواثيق الدولية واستعدادها للوفاء بالتزاماتها وحق المصلحة الوطنية الحقة
• العمل السريع لاستعادة العراق لسيادته والتعاون مع المجتمع الدولي لااعاده الامن وسيطرة الدوله على الاوضاع
• تأسيس محكمة عراقيه لمحاسبه قيادات النظام السابق
• تأسيس هيئة المصالحه و العفو العراقيه على غرار ماتم .في جنوب افريقيا
ثانيـاً:
تتولى هيئة شعبية مكونه من ثمانيه وثلاثون شخصية قانونيه بمعدل شخصيتان من كل محافظة عراقيه وضع الدستور الدائم والقوانين الأساسية المرتبطة به. وحالما يتمّ وضع مسودّة الدستور، تطرح على استفتاء عام للتصويت عليه، بما يضمن التعبير الصادر عن إرادة الشعب بكامل حريته. على ان يتضمَّـن الدستور الدائم مجموعة من المبادىء والضوابط الأساسية التي تجسّد الخيار الديمقراطي ، وتضمن تحقيقه من خلال نظام دستوري برلماني تعدّدي وتداولي. ومن بين تلك المبادىء :
• تأكيد احترام حقوق الانسان بما في ذلك حقوق المرأة والطفل، كما أقرّتها المواثيق الصادرة عن الأمم المتحدة ولاسيما الشرعة الدولية لحقوق الانسان والمساواة امام القانون، وتحقيق الفرص المتكافئة والعدالة الاجتماعية للمواطنين، وتوفير الحريات لهم وضمان فرص العيش الكريم بغض النظر عن الجنس واللون والعنصر والطائفة والطبقة
• تأكيد مبدأ سيادة الشعب على كامل ترابه، وحقه في تقرير مصيره وضمان استقلال ارادته الحرة، كونها المصدر الوحيد لشرعيّـة الحكم.
• كفالة حق المشاركة في ادارة الشؤون العامة للمواطنين بجميع فئات وهيئاتهم وانتماءاتهم السياسية، والحق في انتخابات نزيهة دوريّاً بالإقتراع العام، والتصويت السرّي، وتضمن التعبير عن ارادة الناخبين.
• التشديد على الوحدة الوطنية شعباً وتراباً ومجتمعاً.
• تأكيد مبدأ سيادة القانون، واستقلال القضاء، وقيام المؤسسات ، ومن ضمنها المحاكم المختصة المستقلة، ضماناً لدولة القانون والمؤسسات.
• كفالة الحقوق الأساسية والحريات العامة، وضمان حرية التعبير عن المصالح والرؤى الاجتماعية، واحترام التعددية الفكرية والسياسية والتنظيمية.
• ممارسة الشعب ، من خلال هيئاته الدستورية المنتخبة وممثليه الحقيقيين، الرقابة الديمقراطية على أعمال الحكومة، والنظر في شكاوى المواطنين، من إساءة تطبيق القوانين والتلاعب في تفسيرها.
• واستلهام مبادىء الاسلام ومثله العليا في صياغة التشريعات والمناهج، مع احترام الديانات السماوية وضمان حرية ممارسة العبادات.
• النص على تحريم التمييز والممارسة الطائفية والعنصرية، ومعاقبة من يمارسها، ومن يسوّغها ويشجع عليها والتشديد على معالجة اسبابها جذرياً.
• ترسيخ قيام مجتمع مدني يُعـزّز مظاهر الوعي الديمقراطي في المجتمع، واقامة المؤسسات الأهلية ، التي يتم في اطارها تشاور وتداول المواطنين في مختلف القضايا المتعلقة بالمجتمع.
• القوميتان العربية والكردية هما الشريكتان الرئيستان المتآخيتــان في هذا الوطن، الى جانب الأقليات القومية الأخرى، ويمارس الجميع حقوقهم في اطار وحدة الوطن وترابه والمصلحة المشتركة وتوضع الصيغة الدستورية الملائمة لذلك.
• ترسيخ المواطنة العراقية المتكافئة بين أبناء الشعب باعتماد مفهوم سليم للديمقراطية، على أساس الانتماء للوطن والتمسك بالرابطة الوطنية والمجتمعية ومصلحة البلاد العامة.
• الثروة الوطنية ( من ماء وارض ونفط ومعادن) هي ملك الشعب، وهو المسؤول عن حسن استغلالها واستثمارها والتصرف بريعهـا.
• الإلتزام بمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث( التشريعية والتنفيذية والقضائية) مع ضمان استقلالية القضاء واحترام أحكامه.
• تشكيل محكمة دستورية عليا النظر في دستورية القوانين وتفسيرها.
• ضمان نزع الصفة الحزبية عن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وتأكيد واجبها الأساسي في الدفاع عن الوطن ضد الأخطار الخارجية وحماية أمن المواطنين وتطبيق القوانين وأحكام القضاء
ثالثــاً:
في الميدان الاقتصادي، ينبغي صياغة برنامج للإنقاذ والإنماء. تتركز مضامينه وأهدافه على تحرير البلاد من الآثار الإقتصادية للحروب والحصار الدولي من ناحية وخلق الأسس لإعادة الحياة والإنماء المطرد للإقتصاد العراقي، من ناحية ثانية.
وتتلخـص السمات العامة لهذا البرنامج بعدد من المنطلقات والتدابيـر منها:
• تركيز الجهود على تعبئة وتطوير الموارد المالية، باعتبارها الاداة الضرورية للإنفاق على المشاريع الإنمائية وتحسين الحالة المعيشية، وتمويل الاستيراد واعادة التوازن لميزان المدفوعات، ومعالجة الأعباء المالية الخارجية
• تطوير الصناعة النفطية كمورد مالي مهم وتنمية موارد أخرى، بهدف زيادة الدخل القومي وتنويع الهيكل الاقتصادي، وتحقيق التوازن بين قطاعاته.
• ارساء السياسة الإقتصادية على أساس من التوازن المطلوب بين آليات السوق والتدخل الحكومي وفقاً للمعايير الإقتصادية الناجعة وبالأخصّ معيار الكلفة العائد وتأمين كفاءة الإداء الإقتصادي.
• تطوير الخدمات العامة للدولة وتوسيعها بهدف تحسين الحياة والأحوال المعيشية للسكان ولا سيما الفئات الفقيرة وذات الدخل المحدود.
• تطبيع وتطوير العلاقات الإقتصادية الخارجية على اساس من المنافع المتبادلة وتشجيع الاستثمارات العربية والأجنبية في العراق، وفقاً لحاجات وأهداف التنمية الوطنية واصدار القوانين المناسبة لذلك.
• السعي لإلغاء تعويضات الحرب نظراً لعدم مسؤولية الشعب العراقي عن احتلال الكويت ولكونه ضحية اساسية من ضحايا هذه الحرب المدمّرة. فضلاً عن ان هذه الخطوة من شأنها ان توطد الثقة بين دول المنطقة وتعيد الأمن والاستقرار الى ربوعها.
إن بلوغ هذه المهمّات يستدعي مستوى عالياً من العمل والمسؤولية والواقعية من جانب الأوساط والفئات السياسية العراقية والحرص على إبـراز صوت الشعب العراقي، والتعبير عن ارادته الحرّة الحرة والمستقلة في المحافل العربية والدولية وضمان مشاركة ممثلي الرأي العام العراقي، في أية مساع ومحاولات تتعلق بمستقبل العراق ومصالح شعبه. كما انه يتطلب، من جهة أخرى، تضامناً جاداً من جانب الحكومات والقوى الوطنية العربية الشقيقة والأوساط الدولية الحريصة على أمن العراق ووحدته، ودوره الإيجابي المنتظر في بناء الأمن والسلم في المنطقة بصورة شاملة وعادلة.