كان من المعروف سابقا أن الحروب تقوم من أجل الكرامة حين كان الإنسان تثور لمجرد مساس كرامته. إلا أنه مع الهيمنة الصهيوامبيالية تغير مفهوم الكرامة, إذ أضحى في غالب الأحيان مرهونا بالسماح به من طرف القوة المهيمنة على العالم. علما أن الكرامة قيمة لا يستطيع أن يعيش دونها الإنسان, فلم تعد الصراعات تقم اليوم بسبب المس بالكرامة لأنها طالما مست –لاسيما على امتداد الوطن العربي- و لا من حرك ساكنا. كما أنه لم يعد التواجد العسكري الأجنبي على أرض الوطن العربي هدرا للكرامة كما كان في السابق, و لم يعد التدخل في سياسات الدول من قبل الدول الكبرى يعتبر شيئا يمس بالسيادة و بالتالي الكرامة كما كان ذلك سابقا.
فكرامة الدول الكبرى اليوم تتمثل في قوتها الاقتصادية, و بالتالي في شركاتها الكبرى و مجرد قفل الأبواب أمامها من طرف الغير لهذا الاعتبار أو ذاك تعتبره مسا بكرامتها و قد يقعد و يقام لهذا السبب رغم أن نفس هذه الدول الكبرى قد تدوس على سيادة بلدان و تحتل أراضيها و يعتبر ذلك مسا بالكرامة(كرامة الغير طبعا).
لذلك, بعد الحرب على العراق, من المنتظر أن تشتعل حروبا جديدة بحكم هذا التدني الذي أضحى يعرفه مفهوم الكرامة في عالم اليوم.
في حين أن الكرامة بمفهومها الصحيح تعتبر سلاحا, و لعل ما يقع اليوم بالعراق غني عن التذكير. بدافع الدفاع عن الكرامة قبلت "النملة" مجابهة"الديناصور" مهما كانت النتائج. و سلاح الكرامة هو ما يفقده حاليا العالم العربي, و هو لم يفتقدها كقيمة فحسب و إنما افتقدها كمادة تضعه على خريطة العالم.
و الآن و الحالة هاته, المطلوب هو ربط مفهوم الكرامة بالقوة المادية لأن الحرية و العزة و الكرامة لا يمكن الدفاع عنها في عالم اليوم إلا عبر التكتل الاقتصادي و حشد الطاقات من أجل تنمية المجتمعات العربية, لأنه هو الطريق الوحيد الذي سلكته مختلف الدول – حتى الكبرى منها- لتأكيد كرامتها و عزتها.
فهل للعرب اختيار آخر؟؟