|
جماليات المكان في نص -مكابدات زهرة اليقطين
عامر عبد زيد
الحوار المتمدن-العدد: 1880 - 2007 / 4 / 9 - 03:03
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
المكان ينقسم المكان إلى مكان خاص هو الحيز الذي يشغله الجسم والمكان المشترك وهو الحيز الذي تشغله جملة أجسام ويتصف المكان بأنه متجانس ومتصل وغير محدود ويتصف المكان من الوجهة الرياضية بأنة ذو ثلاثة إبعاد وان الإشكال الهندسية ذات طلائع ثابتة (1) .ويصف ((كانت )المكان بوصفه مفهوم (بواسطة الحس الخارجي (وهو احد خصائص ذهننا)نتصور الموضوعات بوصفها خارج عنا وبوصفها جميعا في مكان (2) انه يكثف الوجود في حدود تتسم بالحماية وكما يسميه "ثروة الوجود المتخيل"هذه المنطقة التي تفتح على تاريخ سحيق ترتبط فيها الخيال بالذاكرة ،كل منها يعمق الأخر حين نستدعي هذه الذكريات فإننا نضيف إلى مخزون ذكرياتنا من الأحلام إن الإنسان يعلم غريزيا أن المكان المرتبط بوحدته مكان خلاق يحدث هذا حتى حين تختفي هذه ألاماكن من الحاضر، الواقع إننا هنا إمام وحدة الصورة مع الذاكرة في ذلك التأليف الوظيفي بين الخيال والذاكرة. (3) عنوان الديوان (مكابدات زهرة اليقطين) ، يتكون من ثلاث كلمات ، (المكابدات)توحي بحالة الترقب و الانتظار،والمعانات بوصفها تكابد تعاني من نقص ما أو حرمان يضفي على كيانها المتخيل ألمعانا الوجودية التي أخذا صوره بايلوجيه بدلالتها ألمباشره مع احتفاضها بالدلالة العميقة و كلمة (زهره) توحي بالحضور و والحياة التي ممكن أن تعانيها الزهر التي تأخذ بعدا ترميزنا عبر رجوعها إلى ذالك العمق الدلالي للزهرة بوصفها رمز إلى الخصب، أما كلمة (اليقطين) فهي قد تدل على واحده من النباتات التي جاء بها الباحث من اجل بعد استعاري وتلك المشابهة البايلوجيه بين الأنثى البشرية والزهرة من حيث عملية الإخصاب حيث التشابه الظاهري بين العمليتين حث لهذه الزهرة وقت من اجل الإخصاب هو ما قبل الفجر إلى جانب التشابه بين الفعلين ، لكن بتعميق النظر و الحس ،فن الشاعر استعار هذه الزهرة من اجل بناء عالمه التخيلي في تخليق جواً من المشاركة الإنسانية والوجدانية بين المتلقي والشاعر في المعزل في محنته الأبدية , في فراغ غير مؤسس من الناحية المكانية , فلا حوادث تجري لكي يضمها ذلك المكان ,يحاول الرجوع إلى الماضي متجاوزا الحاضر الذي بلا تاريخ لأنه , بلا حوادث وشهود , كما ولا فعل ولا بطولات ,لهذا نراه يعود إلى عالمه المستعاد تخليا ، والذي يصف حاله. أغمض عيني وافتح نافذة القلب أومئ للأحلام المحبوسة أن تبتدر الماء ص10 بذلك يكون الشاعر الشيخ علي ( اثر) ممتاز، حينما كان يقرأ صفحات الطبيعة باعتبارها (الواقعة الطبيعية / الذاكرة)، صفحة من كتاب كبير يشكل كتابا بصفحات لا نهاية لها، يمتزج فيها العالم في ألصوره الشعرية نموذجا للطبيعة في تشكلها الجمالي وتشكلها الوثائقي معا في وحدة شديدة الترابط والتنوع.عزلة ، تذكر و انتظار قصائد الديوان قائمة على يتيمتين : العزلة و الانتظار ، و هما ليسا منفصلين لأن كل عزلة هي انتظار و كل انتظار هو عزلة ، فتلك العزلة حتى لا تبدو فراغا فالشاعر يمارس فيها لعبة التذكر و استعادة ما مضى في غنائه. في مبتدأ الليلة في قيعاني الخرساء تشتعل الأحزان أحزان تمتد بعيداً ميراث احمله قهراً أسرار أبي الخرساء وأمي وغناء بنات القرية ص19 هي في الحقيقة محاولة تذكر واستعادة الآخر ، مما يحول تلك العزلة إلى انتظار ، انتظار الآخر الذي يحاول استعادته من جديد عبر المكان المتخيل المحبوب عبر الربط بين الذاكرة والتذكر اللذين تعودنا أن نربط بينهما وأن نعلقهما بنمط واحد للزمان هو نمط الماضي في أماكن الحقول ،النهر،البساتين، المقهى النهار/ العتمة ،السمر، والخوف ،والمجهول /الشرطي هذه ألاماكن المألوفة في الريف يحاول من خلال الصور أن يعرض البراءة والحياة والمضاد لها الموت والحقد الممسوخ الحراس المسعورين بعيونهم التي ترمي حقدا،رغم هذه الصور تبقى هناك مساحه للغزل والتخيل. في أحداق القلب تلف عباءتها السوداء من أعلى رأس الحب حتى أخمص دقات القلب يشتعل الحب فتغدوا كتلة ضوءص31
الإيقاع السرد والذاكرة: ثمة إيقاع يكس توتر وانفعال كان قد استثمراهما الشاعر في رسم أبعاد الإيقاع لما يورده من توصيفات كان لها قدر كبير من التعبير والتصوير والتأثير المعتمد على الوصف السردي لإحداث والانفعالات والمعالم الطبيعية (لان هذه القابلات الثنائية هي التي تساعدنا على إدراك التخلخل النفسي والتوتر العاطفي لمخزون التفاعل الحيوي للمشاعره الإنسانية وإحساس بالتجربة الشعرية)(4) إذ نلمس هذا الإيقاع السردي(انه إيقاع ينبع من ذات الفرد وهو يسترسل بوصف أو الحديث تبعاً لرغباته الخاصة)(5) ،وهذا واضح في فعالية السرد داخل قصيدة هلال الشيخ علي يروى: عن ماء النهر البني الممتد إلى النخيل أن امرأة فاجأها العشق لدى زهرة يقطين برية ويروى: عن نجم الصبح البلوري ان الزهرة كانت عند مصب النهر تخلع أردية الليل وتنتظر الفجر البلوري كي ترسم في مبسمه صورتها ص42 أن الشاعر هنا يقوم يحاول استعادة حلم الشباب المتواري في الماضي ألا أن الرغبة تدفعه إلى استعادته جماليا حيث نلمس ذلك البعد العاطفي اتجاه الأخر الذي يعطيه استعارات طبيعية عبر الإيقاع السردي وكمل يقول هيدجر عن الذاكرة:في البدء لم يكن لفظ ذاكرة ليعني القدرة على إحياء الذكرى واسترجاع الماضي«. إن ذلك اللفظ يحيل »إلى النفس بكاملها كاستيعاب باطني دائم لكل ما يخاطب الإحساس بكامله. الذاكرة في أصلها هي الحضرة بالقرب من ... هي أن نظل مشدودين إلى.. لا إلى الماضي وحده، وإنما إلى الحاضر، وكل ما سيأتي. إن ما مضى وما هو حاضر وما سيأتي، كل هذا يلتقي في وحدة الحضرة التي تتخذ كل مرة، طابعا خاصا.«في هاته الحضرة إذن لا يجثم علينا الماضي بكل ثقله، وإنما ينفجر اندفاع نحو المستقبل، أو لنقل إننا لا نحيي الماضي هنا إلا لنبتعد عنه. الحضرة إذن ليست حضورا وامتلاء وإحياء ووصلا واتصالا، وإنما هي كذلك، وربما أساسا، غياب وابتعاد وانفصال.ليست الذكرى فحسب مناسبة استرجاع وربط للصلة، وإنما هي كذلك مناسبة انفصال وتجديد للانفصال، إنها ليست مناسبة إحياء، وكل ما يضج بالحياة. في إشارة ذكية لمعنى الوجود، ، تغوص بعيدا عن الهم الحياتي المعاش، بل تخلق عالمها الميتافيزيقي وتسرح فيه. وماذا بعد مذكنا ... وكان الخطو كنت أسير هذي الدروب والمسرى ص3 في الليل الخرافي الذي مازلت تقطع فيه مذ كان المسير الصعب ص6 في هذه الإشارات المختزلة، يتوجب علينا أن نفتش عن معنى، فالطبيعة وحيواتها هي "مكابدات زهرة اليقطين "، لكنه هل يشكل وحدة مكانية فاضلة، تتعايش فيها الكل في مخيلة الشاعر الذي يحاول اسطرة الواقع عبر تداعيات مفعمة بالرغبة بمواصلة الوجد والتمسك بأهداب الحياة باتجاه المستقبل عبر فض الاشتباك مع الماضي، وما حدث هناك كان له اثر اليوم. وهذا واضح هنا لدى الشاعر الذي يحاول اسطرة البعد الواقعي للمكان عبر منحه طابعها أسطوريا يذكرنا بأساطير الخصب والنهر انكي حيث "دلمو" المكان المتخيل في ملتقى النهار ويروى: عن طين الأرض ان الماء رآها عارية فصفا حتى أصبح مرآة ص43 فان المكان هنا هو انعكاس لذات وبعدها العاطفي وثر هذا على المكان في الوقت الذي يظهر في المكان بمعناه العلمي –العقلي متجانس متصل يصف مرسيا الياد(المكان الأسطوري) بعدم التجانس والانقطاع تظهر معالم الإيقاع السردي مع مراعاة البعد ألتضادي بين ماهو داخل المربع وبين ماهو خارجه حيث هناك تضاد بين الاثنان يمنح بنية الإيقاع دور بارز؛ إلى جانب مراعاة الشاعر إلى الإيقاع البياض عبر هندسة الأبيات الشعرية (يمكن أن نلاحظ تداخل العلاقة بين بنية المكان والزمن في البيت الشعري ،فهو عندما ينتهي ببياض قد ينتهي بوقفة عروضية وقد لاينتني،كما أن طول البيت وقصره ليسا موحدين في جميع الأبيات )(6) لقد ساهم هذا الإيقاع داخل بنية المكان؛ فبدأت بالظهور في المشهد الخلفي لصوره مدنا كانت غارقة في بالخصب والطيبة قبل ذاك، فظهرت معالمها الآن، وهو ما فرض علاقات جديدة بين موجودات القصيدة، علاقات ذات طابع نفسي وشكلي معا فبدأت الصور المتخيلة تأخذ طابع المكان المؤسس وفق ذات الأسس التي تحكم المشهدية المتخيلة تحاول تأثيث الواقع الذي يحاول الشاعر أن يتناول من خلال تلك المشهدية الشعرية الغنائية. وفي الحقل متسع للغناء زفي الحقل تترك كل النساء.. .. العباءات يسفرن هذه سنة الحقل إذ تتفتح فيه الزهور تتفتح فيه النساء وتبدأ أغنية العاشقين ص64 وكأنما يحاول أن يحتفظ ببقايا نقاء الماضي المستعاد تخيليا بعيدا عن انثيالات الواقعتتصف الصور الشعرية لدى الشاعر هلال الشيخ علي بكونها مؤهلة للتمرد ضد فكرة وجود وبشكل يجعل وجود ذلك المشهد الريفي اختياراً اعتباطياً مكتظ بنزوع قوي للتوسع في اتجاهاتها الأربعة فقد تمتد أرضيته المرصوفة غالباً بالأزهار والفجر والحقول والأنهار ومواسم الخصب للأزهار والحصاد الممتد عميقا في أفعال البشر وأشكالهم ملامح وملابس وطقوس يوميه تتسم بالبراءة المفقود وجود ذلك الإطار الذي يكبح امتداداته بل أن الشاعر لا يكتفي بل انه يعرج على حدث مهم يبدو وكأنه هو الحدث الذي عكر ذالك الهدوء انه الحدث السياسي العنيف إلي أحدث ما حدث؟
1. عمانوئيل كانت ، نقد العقل المحض ، مركز الإنماء القومي ، ترجمة : موسى وهيبة ، بيروت ، (د0.ت) ، ص 60 – 61 . 2. باشلار ، جماليات المكان ، ص 69. 3. المرجع السابق،ص43-44-45 . 4. محمد صابر عبيد ،البنية أدلالية والبنية الإيقاعية،منشورات اتحاد الكتاب العرب ،دمشق،2001،ص14. 5. المرجع نفسه،ص42. 6. المرجع السابق،ص48. 7. هلال الشيخ علي،مكابدات زهرة اليقطين،الغسق،بابل،2002.
#عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المتخيل السياسي في العراق القديم
-
الخطاب السياسي وراغامات الوعي
-
المثقف ورهان الاختلاف
-
الجذور الحضارية لمدينة الكوفة
-
رابطة المواطنه
-
مقاربة نقدية في السرد الروائي
-
الأعلام والعولمة
-
مهيمنات السلطة وإثرها في تشكيل الوعي الغربي
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|