بيروت- الجنوب
26/ 28/ 2003
نظم مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب بمناسبة 26 حزيران المؤتمر العالمي لمناهضة التعذيب في بيروت وصيدا/ الجنوب. المركز اطلق برنامج المؤتمر في مؤتمر صحافي عقده في مقر نقابة الصحافة اللبنانية بتاريخ 17/ 6/ 2003-
افتتح المؤتمر اعماله في بيت الامم المتحدة بتاريخ 26/ 6/ 2003 بمشاركة مؤسسات عربية ودولية.بداية قدم الفنان اللبناني حسن بزي لوحة 26 حزيران الفنية هدية للامم المتحدة بالمناسبة. وفي الكلمات التي القيت في حفل الافتتاح، دعا الامين العام للمركز محمد صفا الى تنظيم مؤتمر عالمي للدفاع عن حقوق الانسان، لمواجهة الحملة العالمية التي اتخذت من الحادي عشر من ايلول ذريعة لضرب حركة حقوق الانسان، وطالب الحكومات التي لم توقع على اتفاقية مناهضة التعذيب في ستين دولة، بينها خمس دول عربية الى التوقيع على الاتفاقية، و النضال من اجل اقرار معاهدة عربية لمناهضة التعذيب. وأعلن المسؤول الاعلامي الاقليمي للامم المتحدة نجيب فريجي في كلمة باسم الامين العام للامم المتحدة، ان الامم المتحدة نفذت في السنوات الاخيرة، ما يقارب المئتي مشروع في مختلف انحاء العالم للتأهيل والدعم النفسي والصحي والاجتماعي لضحايا التعذيب، استفاد منه ما يقارب المئة الف ضحية.وقال المفوض السامي لحقوق الانسان والممثل الاقليمي للدول العربية د. امين مدني ان الامم المتحدة انشأت صندوقا خاصا لتقديم العون والعلاج واعادة التاهيل لضحايا التعذيب في جميع انحاء العالم، لافتا الى ان القوانين الجنائية في كل الدول تجرّم التعذيب وتفرض عليها العقوبات المناسبة ما عدا اسرائيل التي تبيح لاجهزة امنها ممارسة التعذيب البدني على الفلسطينيين.
وتحدث عضو المجلس الوطني الفلسطيني فتحي ابو العردات نيابة عن وزير شؤون الاسرى الفلسطينيين داعيا المؤسسات الدولية والحكومات الى رفع الصوت عاليا للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين. واكد المستشار السياسي لبعثة المفوضية الاوروبية فرانسيسكو اكوستا ان مناهضة التعذيب من اولويات الاتحاد الاوروبي، وهو يرفع كل عام تقريرا رسميا عن موقعه امام لجنة حقوق الانسان في جنيف وامام الجمعية العمومية للامم المتحدة، وشدد على الحاجة الى تطبيق معاهدة مناهضة التعذيب.
واعلنت رئيسة المركز العالمي لتأهيل ضحايا التعذيب IRCT الدكتورة ماريا بينيو كالي انها حاولت كعضو في فريق المركز العالمي لتأهيل ضحايا التعذيب الدخول الى الاراضي الفلسطينية المحتلة العام الفائت في مهة طارئة لتقديم الدعم الصحي والاجتماعي للاجئين الفلسطينيين، والاسرى المحررين، الا ان جهاز الامن الاسرائيلي حظرّ دخولها لدى وصولها الى مطار بن غوريون قائلا: ان ثمة حربا دائرة ومنظمتكم غير مرحب بها.ورأى مدير المعهد العربي لحقوق الانسان السيد عبد الباسط بن حسن ان الانتهاكات التي ارتكبت باسم الحرب ضد الارهاب مست بعضا من مبادىء القانون الدولي والقانون المدني الانساني، مشيرا الى اسرى الحرب في غوانتاناموا والعراق الذي تعرضوا لامتهان ابسط مقومات الكرامة الانسانية. واعتبر الامين العام لشبكة امان للتأهيل عبدالله منصور انه آن الاوان لاعلان تحالف مضاد من اجل الحرية والسلام ضد الحرب والتعذيب وفضح المرتكبين مهما كانت اوضاعهم السياسية.
وفي كلمة المدير الاقليمي لمنظمة العفو الدولية احمد كرعود، لفت فيها الى استمرار ورورد تقارير عن التعذيب والمعاملة السيئة في اكثر من 150 بلدا، مبديا خشية من ان هذه البلدان لا تتخذذ اجراءات جدية لاستئصال كل اشكال التعذيب وثمة دولة وحيدة في العالم تشرّع التعذيب هي اسرائيل.
وقدمت والدة الاسير اللبناني انور ياسين شهادة عن معاناتها في ظل اعتقال ابنها اعلنت فيها انها تتعذب منذ ستة عشر عاما وتصلها رسالة من انور كل خمسة او ستة اشهر، وممنوع عليها زيارته وسألت عمن يحاكم اسرائيل التي تقتل وتحاكم الجميع.
وفي الجلسة الاولى للمؤتمر حول التعذيب وعملية التأهيل عرض الدكتور عبدالله منصور لمبادىء شبكة آمان في اعادة تأهيل ضحايا العنف، تلته استاذة علم النفس في الجامعة اللبنانية الدكتورة منى فياض بمداخلة عن التعذيب واثره على المعتقلين، وحالات من معتقل الخيام ، خلصت فيها الى ان المعتقل الذي تعرض للتعذيب الجسدي او النفسي قد يعاني قروحا تطاول هويته، مما يجعله عرضة للاصابة على مستوى احترام الذات وقبولها.
وعرض رئيس مركز علاج ضحايا التعذيب واستشاري العلاج النفسي في البحرين الدكتور حميد احمد عبدالله تجربة البحرين في تأهيل ضحايا التعذيب والتي ما زالت في بداياتها، تلاه الدكتور احمد عياش رئيس وحدة التأهيل النفسي في مركز الخيام بقراءة تحليلية وتاريخية وعلمية للتعذيب، معددا ابعاد التعذيب ودوائره المتعددة. وقدم الدكتور شوقي المولى من المجموعات اللبنانية لمنظمة العفو الدولية مداخلة عن تجارة التعذيب-، وعضو اللجنة الادارية للجمعية المغربية لحقوق الانسان الدكتور احمد مولاي الدريدي تحدث عن تجربة الجمعية وعملية التعذيب في المعتقلات المغربية، مشددا على عدم الافلات من العقاب.وقدمت الاستاذة رويدا الحاج باسم المعهد العربي لحقوق الانسان عرضا مصورا لكتاب الناجون من التعذيب الذي اصدره المركز الدولي للتأهيل وترجمه المعهد العربي.
وتلا الاسير الفلسطيني المحرر مهنا كساب شهادة اقدم اسير فلسطيني وعربي في السجون الاسرائيلية الاسير احمد جبارة الذي امضى 27 عاما في السجون الاسرائيلية . وشاهد المؤتمرون فيلما وثائقيا عن التعذيب من اعداد منظمة العفو الدولية، وتلقى المؤتمر رسالتين الاولى من السجين اللبناني جورج ابراهيم عبدالله ناشد فيها التدخل لدى كل المراجع المعنية من اجل حمل السلطات الفرنسية على تطبيق القوانين الفرنسية والافراج عنه، والثانية في لجنة دعم الاسرى والمعتقلين في الجولان السوري المحتل تطالب بالضغط على اسرائيل للافراج عن المعتقلين،اعقبه نقاش مفتوح قدمت فيه مداخلات وتوصيات، ومن بينها شهادة الاسير المحررمن معتقل الخيام عباس عبدالله الذي عرض وضعه الصحي والتعذيب الذي عانى منه.
صيدا
المحطة الثانية للمؤتمر كانت في صيدا بالتعاون مع تجمع المؤسسات الاهلية حيث افتتحت رئيسة المركز العالمي لتأهيل ضحايا التعذيب IRCT الدكتورة ماريا بينيو كالي معرض صور "معا ضد التعذيب" معربة عن تأثرها بما شاهدته وخاصة برسومات الاطفال، والقت طفلتان من مدرسة حسن حمد غندور في المعرض كلمتين دعتا فيهما الى احترام الطفولة ومناهضة العنف والتعذيب.
وبتاريخ 27/6/2003 واصل المؤتمر اعماله في قاعة بلدية صيدا، فعقدت جلسة قبل الظهر عن "تنظيم" الحملات العالمية لمناهضة التعذيب وآليات الحماية والتعويض، وتخللها عرض فيلم من اعداد اللجنة الدولية للصليب الاحمر عنوانه"اصوات ما بعد الحرب"
وتضمنت الجلسة شهادات لاسرى محررين وعائلات مفقودين من بينهم السجين السياسي السابق من البحرين محمد رضا ابراهيم معراج واسير لبناني محرر من معتقل الخيام موسى حمدان، وشقيقه الاسير المفقود جمال حبال السيدة زينة حبال، وكانت مداخلة للمستشار القانوني في قسم مكافحة مجرمي الحرب ضد الانسانية في كندا السيد دون ماكدوغال عن " التعذيب في قانون كندا الجنائي" وعضو اللجنة الادارية في الجمعية المغربية لحقوق الانسان الدكتور احمد د الدريدي عن" الحق في الحياة والسلامة الشخصية ومنع التعذيب" واستاذ حقوق الانسان في الجامعة اللبنانية د. حسن جوني عن" مناهضة التعذيب في ضوء القانون الدولي الانساني" والمدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية زياد عبد الصمد عن الاتفاقيات الدولية وآليات الحماية، ورئيسة مركز" ريستارت" سوزان جبور التي عرضت لاهداف المركز، ومداخلة للمجموعةاللبنانية في منظمة العفو الدولية في صيدا شرحت خطة منظمة العفو الدولية في مناهضة التعذيب.
وبعد الظهر، نفذ المشاركون في المؤتمر اعتصاما امام النصب التذكاري لضحايا الاحتلال الاسرائيلي في ساحة الشهداء في صيدا، تضامنا مع المعتقلين اللبنانيين والفلسطينيين والعرب في السجون الاسرائيلية.
تحدث في الاعتصام رئيس رابطة الاسرى الفلسطينيين مهنا كساب والدكتورة حميد عبدالله باسم المؤتمر العالمي لمناهضة التعذيب، والقى عضو المجلس الوطني الفلسطيني فتحي ابو العردات كلمة عرض فيها لمعاناة المعتقلين الفلسطينيين، تلته رئيسة المركز العالمي ماريا بينيو كالي بكلمة اثارت فيها العنف والمعاملة غير الانسانية الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني معبرة عن اعتزازها بوجودها في ساحة الشهداء في صيدا تضامنا مع ضحايا التعذيب.ووجه الامين العام لمركز الخيام محمد صفا تحية الى المعتقلين في السجون الاسرائيلية والمعتقلين العرب في السجون العربية وكافة سجناء الرأي والضمير في العالم.
وفي المساء نظم حوار مفتوح في مقر الجمعية اللبنانية لحقوق الانسان حول التعذيب وعملية التأهيل مع هيئات المجتمع المدني في لبنان، حيث ثم التاكيد على ترابط عملية التأهيل مع مناهضة التعذيب، وضرورة ان يرتفع صوت الجمعيات اللبنانية والعربية اكثر في كشف ما يجري في السجون، و تنظيم دورات تدريبية وتأهيلية.
وفي ثالث أيام المؤتمر 28/ 6/ 2003 قام اعضاء المؤتمر بجولة جنوبية، فزاروا معتقلات الجنوب السابقة التي استخدمتها قوات الاحتلال الاسرائيلي لتعذيب المواطنين، وشملت الزيارات معتقل انصار، تل نحاس، معتقل الخيام، فاستمعوا لشهادات اسرى سابقين، كما زاروا بعد الظهر مدينة بنت جبيل واجتمعوا برئيس بلديتها فياض شرارة الذي عرض " ظروف المنطقة التي عاشت 25 عاما في ظل الاحتلال، وابدت رئيسة المركز العالمي لتأهيل ضحايا التعذيب تاثرها لما سمعته وشاهدته من مناظر تدل على مدى وحشية اساليب العنف التي مورست في حق المعتقلين وخصوصا انها كانت اسيرة لمدة سنة في احد سجون اليونان،ودعت في كلمتها الى رفع الاصوات عاليا ضد كل من يمارسون التعذيب في العالم.
ومساء انتقل المشاركون الى بلدة كفرحمام لافتتاح بيت الاسير اللبناني (حاصبيا) فاقيم احتفال شعبي حاشد في ساحة البلدة حضره ابناء البلدة والمنطقة وفعالياتها السياسية والاجتماعية.
في مستهل الاحتفال دعا نائب رئيس مركز الخيام حسيب عبد الحميد الى احتضان هذا المشروع التاريخي لبلدة كفرحمام والجنوب.
ثم القى الاسير المحرر عفيف حمود كلمة باسم الاسرى المحررين، فعرض فيها للوضع الصعب للاسرى المحررين ومعاناتهم وغياب الاهتمام الرسمي باوضاعهم.
ثم القت الدكتورة ماريا بينيو كالي كلمة قالت فيها: لقد تأثرت كثيرا بزيارتي الى الجنوب والى هذه المنطقة بالذات. لا استطيع التعبير عما يخالجني من شعور، ولم اكن مستعدة لتحمل ما شاهدته في معتقل الخيام وفي بعض مراكز التعذيب الاسرائيلية السابقة، ولقد جلت قبل 5 اعوام مراكز عديدة في بلدان العالم وزرت افرادا، ولكن هذه المرة الاولى اواجه فيها حالة كهذه او في قرية واحدة كفرحمام، ولقد عشت تجربة باتت كبيرة معكم وهي تجربة باتت منبرا للحرية والديمقراطية وللقوة المناهضة للتعذيب، واود ان اشكركم كثيرا على هذا الحفل واشعر باعظم لحظات حياتي.
وتحدث الامين العام لمركز الخيام محمد صفا قائلا: الخطوة الاولى كانت في كفرشوبا، والثانية في كفرحمام. نفتتح بيتا نقيضا للمعتقل، بيتا لكل المواطنين من الاطفال والرجال والشباب والنساء، يعيد الثقة لهم، ويكون شاهدا على ما عاناه ابناء الجنوب، وليتحول صرحا صحيا واجتماعيا وثقافيا.
ثم دعا صفا كل من الدكتورة ماريا والدكتور احمد الدريدي، والدكتور حميد عبدالله، والسيد محمد معراج وقلدهم وسام الاسير اللبناني كونهم اسرى سابقين، وتحية لهم في 26 حزيران اليوم العالمي لمناهضة التعذيب.
بعد ذلك قص صفا ورئيسة IRCT الشريط التقليدي لافتتاح بيت الاسير وتفقدا مع الحضور محتوياته.
واختتم الاحتفال بحفل فني حاشد احياه الفنان وسام حماده وفرقته، فغنى الجميع ورقصوا فرحا بافتتاح بيت الاسير وهتفوا جميعا " معا ضد التعذيب". وبتاريخ 2/ 7/ 2003 عقد مؤتمر صحافي في مقر مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب في بيروت، بحضور المدير الاقليمي لمنظمة العفو الدولية احمد كرعود وامين سر الجمعية اللبنانية لحقوق الانسان نعمه جمعة وعضو الهيئة الادارية للجمعية المغربية لحقوق الانسان الدكتور احمد الدريدي وعدد من الأسرى المحررين، حيث اعلنت توصيات المؤتمرالعالمي لمناهضة التعذيب.
في مستهل المؤتمر شكر الامين العام لمركز الخيام محمد صفا الهيئات التي شاركت في المؤتمر والذي شكل كسرا للصمت الذي تمارسه الانظمة والحكومات، ودفعا لعملية تأهيل ضحايا التعذيب، داعيا الى توليد مجموعات ضغط عربية وعالمية لمناهضة التعذيب، ومعتبرا ان المؤتمر كان محطة نوعية تجسد بافتتاح بيت الاسير اللبناني كخطوة عملية، واقرار خطة عربية لمناهضة التعذيب، معلنا عقد الاجتماع المقبل لشبكة امان للتأهيل في تشرين المقبل في لبنان.
ثم تلا الدكتور احمد الدريدي عضو الهيئة القيادية للجمعية المغربية لحقوق الانسان توصيات المؤتمرالتي تمحورت حول الدعوة الى معاهدة عربية لمناهضة التعذيب، وايجاد مركز انذار عربي للوقوف في وجه ممارسة التعذيب، وسن قوانين تنظيمية للسجون، واعتماد برامج تدريبية للموظفين، وتطوير عملية الدعم والتاهيل لضحايا التعذيب والافراج عن المعتقلين في السجون الاسرائيلية والعربية ومحاربة ظاهرة الافلات من العقاب وانشاء شبكات عربية قوية وفاعلة.
بيروت في 5/7/ 2003