أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشا أرنست - نظرة في واقع مجروح














المزيد.....

نظرة في واقع مجروح


رشا أرنست
(Rasha Ernest)


الحوار المتمدن-العدد: 1875 - 2007 / 4 / 4 - 11:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أثناء عودتي الأسبوع الماضي من القاهرة إلى أسيوط و بالتحديد مدينة ابوتيج . و فور نزولي من القطار و انتباهي على سلم المحطة ،لاحظت تجمع أكثر من عشرون شاباً و سيارة احدث موديل سوداء منتظرين جميعهم شخص من الواضح انه شخص مهم ، تصادف وجوده معي بنفس القطار . ظننت للوهلة الأولى انه قد يكون رئيس مجلس المدينة عائد من القاهرة و لكني تراجعت عن ظني ، فما دخل الشباب برئيس مجلس المدينة . ثم قلت ربما استطاع توظيفهم و أتوا يقدمون له الشكر و العرفان و لم ينتظروا حتى يستريح من عناء السفر ، و لكني استبعدت الفكرة لأن هذا الاحتمال ممكن حدوثه فقط بخيالي الطيب . و عدتُ و فكرت انه قد يكون احد رجال الأعمال الكبار و بانتظاره احد أصدقائه من البلد مع شباب العائلة ، و لكن للأسف كل تخميناتي كانت بعيدة عن الحقيقة . لحظات لم أرهق نفسي فيها أكثر من هذا في التخمين و عُرف الشخص المهم . فما لم يخطر ببالي هو الاحتمال الصحيح . فقد كان احد الأساقفة المبجلين بالكنيسة . و هذا الحشد كان بانتظاره . ستقولون و ما الغريب فيما تسردي ؟ أساذجة أنا لهذه الدرجة حتى استغرب انتظار هذا الكم الهائل للشباب لأحد أساقفتهم في زمن أصبح فيه رجال الدين هم الله الأرضي يقررون من سيدخل السماء و مَن لا ، أو إذا كنا أطهار أو لا ؟
ما شاهدته أمام محطة القطار شيء عادي جداً فأغلب رجال الدين يُعدوا من المُرفهين ببلادنا . فهم الذين يركبون احدث السيارات و يأكلون افخر الأطعمة و يلبسون الملابس ذات الأقمشة المستوردة و يعيشون بمساحات تكفي لسكن الآلاف من المشردين في ساحات الإيواء . أعزائي .. لم أتعجب من حشد الشباب المنتظر سيادته أو من سيارته التي تمتد أربعة أمتار لكنى أتعجب المسافة التي سيقطعها بسيارته ، فمسافة بيت الأسقف بجوار الكنيسة لا تتعدى خمسون متراً عن بوابة محطة السكة الحديد . يا لسخرية الزمن تجعل مَن جعلهم الله خداماً للبشر ، هم مَن يُخدمون من عشرات الناس . ماذا كان سيحدث لو انتظره شخص واحد و مشى الأسقف العظيم بين الناس ؟ بدل من عاصفة الصحراء هذه . أليس بشراً مثل باقي البشر ؟

ربما يكون الموقف لا يستحق التوقف أو الكتابة عنه لكن هذا واقع نعيشه يومياً بأماكن العبادة ، عندما نـُشاهد هؤلاء الرجال الذين هم وكلاء الله يعيشون بطرق لا تليق بهم و برسالتهم . ليس فقط من ناحية المظهر و الرفاهية إنما أيضاً من مبدأ القيم و المبادئ التي يعظون بها . ففي وقت التعديلات الدستورية و هذه الضجة التي كانت لشهور لم نسمع رأي واحد واضح من رجال الدين الذين دعوا الشعب للتصويت بنعم . نعم دون أن يقولوا لهم لماذا نعم ، نعم دون تفكير و دون جدوى أيضاً . الأعلام و الأحزاب ما بين معارضة و قابلة للتعديلات الدستورية و رجال الدين في غيبوبة تامة ، لا يعرفون سوى أن علينا أن نقول نعم و دون أي سؤال . عندما سألت احدهم إذا كان قد قرأ التعديلات و بنودها أو لا ؟ أجابني : بالطبع لا ، مش مهم التعديلات المهم نقول نعم .
بالماضي كان رجل الدين لسان حال الشعب ، هو الذي يفهم ما يحدث بالمجتمع من أحداث و سياسات لأنه المتعلم و المثقف في البلد . ينقل كل الأحداث للناس و يشرحها لهم و يحثهم على حب الوطن و الدفاع عنه و المطالبة بحقوقهم بجانب دوره الأساسي كرجل دين داخل دور العبادة . كان المثل و القدوة بنظر كل فئات الشعب . كان الأب و المعلم و المُصلح الاجتماعي . الآن ليس لديه الوقت لهذا ، و علينا أن نشكر الله أن لديه وقت للصلاة في دور العبادة .

حقيقة كل ما تجزر بتكويني الثقافي و الديني و كل ما اكتسبته عبر سنوات عمري الماضية لا تجد لها مكاناً في هذا العصر . ما تعلمته بصغري أن علينا أن نساعد و نشعر بعضنا البعض ، أو أننا لا نسبب العثراتُ للآخرين ، أو إننا كلنا متساويين أمام الله ، و أن هناك آخر يُشاركني الحياة ، أضحت شعارات بنظر عالم نعيش فيه اقل أن تذكر .
لنضع أنفسنا أمام الواقع ، و سأفكر بفكر رجل أو امرأة من البسطاء في مجتمعنا و ما أكثرهم ، كيف اصدق رجل دين و هو لا يعمل ما يقول و يوصيني به ؟ كيف اسلم بعدالة السماء إذا فـُقدت عدالة الأرض من حولي ؟ كيف يُحرم الشباب العادي من متعة الحياة ، و بذات الوقت يتمتع بها مَن كرسوا حياتهم لله ؟ ..... ليس غريب الآن أن نسبة الشباب الذي يفكر أن يُصبح من رجال الدين في مصر مرتفعة عن كل الدول العربية و الأوروبية بنسبة كبيرة . و السبب واضح .
رجل الدين المميز بزيه و وقاره و مكانته في عقول و قلوب الناس ، لم يبقى له شيء يميزه عن رجال السياسة أو رجال الأعمال الذين يلعبون كل اليوم للمكسب . ربما مازال يرتدي الملابس المميزة لكن محتواها هو الواقع الأليم الذي نراه و نعرفه و نود لو نبتعد عنه .
لا تلوموا مَن يسرقون حتى يأكلوا ، لا تلوموا مَن يقتلون حتى يعيشوا ، لا تلوموا مَن يصرخون فقد قاسوا مرتين مرة عندما حرمتهم الحياة من نِعمها و ضغطت عليهم من كل ناحية و مرة عندما فقدوا الثقة أمام هؤلاء .

كلماتي هذه ليست لوم أو إدانة لرجال الدين و لكن ربما تكون نظرة في ملف أمور مسكوت عنها . أمور تصرخ داخل الناس و تنهش بأفكارهم و عقائدهم و هم صامتون . خائفون من أنهم لو تحدثوا يرتكبون ذنوب لا تـُغفر . فمازال شعبنا يُصدق باللعنات . و مازال يخشى و يرهب لعنة رجال الدين .
فهل يفيق رجال الدين و يعودوا من جديد ينتبهوا لرسالتهم الحقيقية ؟
http://racha-arnest.blogspot.com








#رشا_أرنست (هاشتاغ)       Rasha_Ernest#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى ........
- أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية و هاوية التكفير
- أحبُكَ و أنتظر
- همس الليل
- أفكَاري
- النظري و العملي لاحتياجات ذوو الاحتياجات الخاصة
- أرفض
- شهداء لبنان يصرخون لا تستسلموا يا أبناء الأرز
- شباب يطلب فرصة
- عائداً إليكِ
- الاعدام رفض لرحمة الله
- أحببت
- العشرة الطيبة
- موعد
- عيناه
- المشهد الأخير من حياة رئيس
- لستُ فتاة عادية
- مشوار الصداقة
- إذا وجدت
- رفيق


المزيد.....




- عكرمة صبري: الأقصى يُستباح من اليهود المتطرفين
- -لست واهمًا.. ما أقوله يحدث-: رئيس الوزراء السابق إيهود أولم ...
- عاجل | مصادر للجزيرة: بدء اقتحامات مستوطنين للمسجد الأقصى في ...
- عطلة لأبناء المكون المسيحي بمناسبة عيد القيامة
- القوى الوطنية والإسلامية في القطاع: أهل غزة يمثلون طليعة الج ...
- قراءة في خطاب قائد الثورة الإسلامية حول المفاوضات النووية
- جماعة الإخوان المسلمين في الأردن تصدر بيانا حول الأحداث الأخ ...
- الأردن يعلن إحباط مخطط -للمساس بالأمن وإثارة الفوضى- وأصابع ...
- ممثل حماس في إيران: يجب إعلان الجهاد العام بالدول الإسلامية ...
- نحو ألفي مستوطن يستبيحون الأقصى وبن غفير يقتحم المسجد الإبرا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشا أرنست - نظرة في واقع مجروح