هي محنة العراق التي غطت كل سماء العراق ، المحنة التي أكلت أكبادنا وفتت قلوبنا وشلت ضمائرنا وأنتهكت شرفنا .
هي غفلة الزمان أيتها الحرة ، حين تسلطت الثعالب والأفاعي تنفث فحيحها لتخيفنا ، وأنت ورفيقاتك تتوسدين تراب السجون وتهمتك العراق الذي يحل في أرواحنا .
هي غفلة الزمن العاهر حين يصير المخانيث قادة للعراق وتصبح الرجال تحت التراب لانعرف أماكن قبورهم .
أيتها الموجوعة حد العظم ، يامن يسري صوتك في شرايين روحي ويغسلني بدموعي حين تتحدثين عن العراق ، كل العراق من الهور حتى الجبل .
تتحدثين عن الأكفان التي برقعنا بها بقايا الجثث ، هل يحق لنا أن نلثم بقايا العظام ؟
هل نتلمس ظفائر الصغيراتبعد أن نزيح التراب ؟ هل نرفع ماتبقى من سوائل ألتصقت بالتراب عن أجساد الشباب ؟
التراب العراقي الذي يعانقنا في أجواء الصيف وفي الشوارع المتربة والطرق الريفية التي لم تصلها الكهرباء ، التراب العراقي المعجون بالماء والتبن لسقف بيوتنا ، والتراب العراقي الذي يملأ أفواهنا ويلف أجسادنا ، والتراب العراقي الذي نتمناه مبللا بدمع عيون أمهاتنا المتبرقعات بالأسود منذ الأزل .
أي حزن يلف أرواحنا وأي فجيعة هشمت فرحنا وأي عزاء يليق بموتانا ؟
أيتها الحرة الطاهرة يامن تشرفت عيونك لتكون شاهداً على العصر الصدامي العاهر الذي أكل كل ماهو شريف وخير ومبدع في هذا الوطن الجميل ، أحكي لأخوتك المتطلعين الى كلماتك كل مشاهداتك في الزمن الصعب واللحظة الهمجية ، حين ترين الثعالب والأفاعي تتحدث بلهجة غير لهجة أهلنا وقيم غير قيم أهلنا وأخلاق غير أخلاق عراقنا ويقينا أنهم من تراب غير هذا التراب المقدس .
الحرقة التي تترسب داخل روحك هي حرقة كل عراقي ممتليء بحب الهور والجبل والصحراء العراقية والنخلة والمآذن والقباب الذهبية ، الحرقة التي تترسب داخل روحك وتفيض أحياناً ، أتلمسها في النفثات العطرة التي تقوليها بلغة العراقية الأصيلة المؤمنة الطاهرة الصامدة حين تتصلين بالعزيز الدكتور هشام الديوان في برنامجه الناجح .
أيتها الراية العراقية هل تستطيعين أن تكتبي مشاهداتك الأمينة لما لاقته أخياتنا وبناتنا وأمهاتنا من شذاذ الأفاق ومعدومي الخلق والضمير والشرف ؟ وفاقد الشيء لايعطيه .
نحن بحاجة لكلماتك العراقية العبقة كشاهد لزمن همجي لم تعد حتى الكلمات أن تستوعب ماحصل فيه وكنت أنت شاهداً من شهودة .
أكتبي دون تردد بأية لهجة تريدين وبأية صيغة تريدين فأنت النخلة العراقية التي نعتز بها ونتطلع اليها بفخر .
سيدتي أيمان أفتخر بأنتمائي اليك .