|
تفعيل الخط النضالي الجماهيري مهمة استراتيجية لليسار الجذري بالمغرب
عبد العزيز السلامي
الحوار المتمدن-العدد: 1874 - 2007 / 4 / 3 - 11:36
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
تكشف النظرية الماركسية أن المجتمع الرأسمالي هو مجتمع مولّد دائم للأزمات، وهو كمجتمع طبقي يستمد استمراريته من الأزمات التي يولدها في تشديد الاستثمار الطبقي واضطهاد أمة لأمة ونهب خيرات الشعوب ونتاج عملها. وتتداخل ازمات المجتمع الرأسمالي وتتشابك مراحلها مع نمو الرأسمال والتوسع الرأسمالي، وتعمق الفرز الطبقي وتفــاقـم الصراعات الاجتماعية، الى جانب الصراع بين التكتلات الاحتكارية الرأسمالية على النطاق العالمي، وصولا" الى حل التناقضات الملازمة للرأسمالية عن طريق تدمير القوى المنتجة وتدمير مجتمعات بكاملها، لبدء دورات جديدة من النمو الرأسمالي تعيد انتاج الأزمات، على مستوى أكثر تدميرا" ووحشية.
يحاول المدافعون عن الرأسمالية في السنوات الأخيرة إظهار أن وحدانية سيطرتها تحل التناقضات الاجتماعية باعتبار ان هذه الوحدانية هي "نهاية التاريخ". بينما تكتشف الشعوب بسرعة ان هذه "النهاية" في ظل "العولمة" و"النظام العالمي الجديد" بقيادة "القطب الاميركي الأوحد"، هو في حقيقته انفلات للرأسمالية المتوحشة من كافة الضوابط التي استطاعت الطبقة العاملة وقوى السلام والديمقراطية والتحرر الوطني في العالم، وبكثير من التضحيات، أن تلجم بها وحشية الامبريالية و"الطغمة المالية" العالمية ونزعاتها الفاشية.
ويتأكد بالتجربة ان الوعي المقاوم والتغييري لدى الجماهير ليس معطى سلفا"، وهو يحتاج الى تجدد دائم في المواجهة مع التضليل الذي تمارسه الأجهزة الايديولوجية الخاضعة للطغمة المالية وللاحتكارات المتحكمة بمنجزات العلم والتكنولوجيا ووسائل التوجيه والتربية والاعلام والابداع الثقافي. ان بذور الوعي السياسي الديمقراطي الثوري موجودة في ثقافة الشعوب والجماهير الشعبية، كتراث باق من تجارب وخبرات ثورية سابقة تتجلى كتعلق بقيم المساواة والعدالة الاجتماعية والاخاء والحرية… لكن هذه البذور تظل كنوع من الحنين الى فردوس مفقود، في موقف انتظاري سلبي تغذيه ايديولوجية الطغمة المالية، الى أن تتفتح مع التجارب الجديدة للنضال الديمقراطي وبالتفاعل مع الطلائع التي تحمل الوعي الثوري الحديث المستند الى النظرية العلمية للصراع الطبقي والتطور الاجتماعي، وتعبيراتها الأكثر تقدما" : الاشتراكية العلمية.
من هنا تنبع أهمية الشعار الأساسي الذي رفعه برنامج حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي منذ مؤتمره الرابع، الشعار مواصلة النصال من اجل ديمقراطية شمولية من الشعب والى الشعب" كمهمة لجبهة وطنية وطنية للنضال طالب بها الحزب مند لجنته المركزية في ابريل 1989الى جانب أوسع الفئات الاجتماعية المتضررة من سيطرة الطغمة المالية، في النضال الديمقراطي، دفاعا" عن حقوق كافة هذه الفئات من خلال منظماتها الجماهيرية المستقلة.
تعريف المنظمات الجماهيرية ودورها :
* المنظمات الجماهيرية هي أشكال من التنظيم الجماهير الواسع، من أجل تحقيق مطالب أو أهداف اجتماعية (منظمات الشباب، حقوق المرأة، حقوق الطفل…)، أو مهنية (نقابات)، أو فئوية محددة (معلمين، فلاحين، نوادي وروابط وجمعيات بيئية، الخ…)، أو لجان شعبية ذات أهداف مؤقتة تنتهي بتحقيقها وتلبية مطالبها مثل لجان دعم المقاومة الوطنية، الخ…
* تختلف أشكال تنظيم هذه المنظمات حسب القطاع أو الفئة الاجتماعية وطبيعة مهامها وأهدافها. وهي يمكن أن تتخذ صفة محلية أو تشمل الصعيد الوطني، بل يمكن أن تكون امتدادا" لحركات عالمية تجمعها أهداف مشتركة.
* ان الأساس الموضوعي لقيام المنظمات الجماهيرية في المجتمع الرأسمالي، وطنيا" وعلى النطاق العالمي، هو ضرورة توحيد الجماهير في مواجهة سيطرة رأس المال على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية، أقتصاديا" واجتماعيا" وثقافيا"، وصولا" الى اشراك أوسع الجماهير في التغيير الديمقراطي. ويختلف دور المنظمات الجماهيرية عن دور الأحزاب السياسية بالبرنامج. بينما يقدم الحزب برنامجا" للتغيير الشامل على الصعيد الوطني يتحقق من خلال العمل للوصول الى الحكم والسلطة السياسية، يقتصر برنامج المنظمة الجماهيرية على مطالب فئوية تعمل لتحقيقها بالتحرك الديمقراطي والضغط على السلطة السياسية القائمة، لتعبر بمرحلة متقدمة عن شكل من أشكال السلطة البديلة، التي تتبنى مطالب القوى الخاضعة للاستغلال وتعبر عن مصالحها الطبقية.وبذلك تتحقق العلاقة ما بينها وبين حزب الطبقة العاملة من حيث حملها وتطويرها، في الوقت عينه، لبرنامجه.
* ان التقاء تحركات مختلف المنظمات الجماهيرية في النضال الديمقراطي العام هو أحد أهداف الأحزاب السياسية الديمقراطية، من خلال انخراط الحزبيين في المنظمات الجماهيرية، والتفاني في العمل على تنفيذ أهدافها مع الحرص على استقلالية المنظمة الجماهيرية والتزام العمل بداخلها حسب القواعد الديمقراطية، والامتناع بالتالي عن ممارسة الوصاية عليها. ان الحزبي العامل في المنظمة الديمقراطية الجماهيرية يستطيع أن يمارس دورا" قياديا" في هذه المنظمة من خلال تحوله الى قدوة في التزام الديمقراطية واكتساب الثقة في التفاني في العمل. آخذا" بعين الاعتبار ان المنظمة الجماهيرية يمكن أن تضم أكثرية غير حزبية، كما يمكن أن تضم أعضاء ينتمون الى أحزاب مختلفة تتقاطع اهدافها مع أهداف المنظمات الجماهيرية. وبالتالي يكون من الضروري العمل على صيانة وحدة المنظمة الجماهيرية من خلال الالتزام باستقلاليتها ونظامها الداخلي والعمل الديمقراطي فيها.
* يسعى ممثلو الطغمة المالية وسلطتها الى السيطرة على تحرك المنظمات الجماهيرية تحت شعار "عدم التدخل بالسياسة"، وذلك لمحاولة شل تحركها أو تحويلها الى أدوات طيعة بيد السلطة القائمة بما يتعارض مع مصالح وحاجات الفئات الاجتماعية التي يفترض بالمنظمات الجماهيرية أن تمثلها. وتحاول هذه الأوساط استبعاد اعضاء الأحزاب الديمقراطية الثورية من العمل في المنظمات الجماهيرية، باللجوء الى القمع وصولا" حتى الى تصفية المنظمات الجماهيرية نفسها.
ويتجلى التأثير الايديولوجي لمثل هذه المحاولات في محاولة ايديولوجيي الطغمة المالية نفي الصراع الطبقي في المجتمع، وحتى نفي وجود الطبقات، بالكلام على "المجتمع المدني" الذي ليس له أي هوية طبقية. لكن سرعان ما يتبين ان "المجتمع المدني،" في النظام الرأسمالي العالمي هو المجتمع الرأسمالي نفسه، لأن الأساس المادي للمجتمع، أي علاقات الانتاج، هي علاقات انتاج رأسمالية تقوم على استثمار الأنسان للأنسان واستغلال واضطهاد الشعوب لصالح الرأسمال.
ان استبدال شعار "النضال الديمقراطي العام" بشعار الدفاع عن "المجتمع المدني" هو محاولة رجعية، من جانب ممثلي الطغمة المالية، لاستبعاد قوى التغيير الديمقراطي الحقيقي، وممثليه الأكثر كفاحية، عن نشاط المنظمات الجماهيرية،لابقاء هذه المنظمات من جهة، والاحزاب السياسية من جهة أخرى، تحت السقف الايديولوجي والسياسي الذي تحدده قوى الرأسمالية. بل وتعمل هذه القوى على إثارة التعارض بين المنظمات الجماهيرية والأحزاب بهدف تصفية الحياة السياسية الديمقراطية بشكل عام. ومن الأهمية بالتالي، أن يعمل الحزبيون الديمقراطيون على افشال هذه التوجهات بتأكيد الطبيعة الطبقية لـ "المجتمع المدني" الذي تزايد الحديث عنه مع أفكار "العولمة" و"النظام العالمي الجديد"، إلى جانب تأكيد الطابع الديمقراطي للدفاع عن "المجتمع المدني" في مواجهة تسلط السياسات غير "المدنية"، الطائفية مثلاً.
* ان مواجهة هذه السياسات تتطلب أن يؤخذ بعين الأعتبار التفاوت في مستويات الوعي الاجتماعي والسياسي ومستوى تطور الثقافة لدى مختلف الفئات الاجتماعية المستغلة، والعمل معها في منظماتها الجماهيرية لحل القضايا المباشرة والمرحلية للفئات الشعبية المختلفة، من خلال برنامج مطلبي محدد يسهم في تحسين ظروف حياة هذه الفئات ويخفف أعباء خضوعها للاستغلال الطبقي اليومي والمستمر، كما يسهم، من خلال تراكم الخبرات في النضال الملموس، برفع مستوى وعيها وكفاحيتها وضرورة ارتباطها بالنضال الديمقراطي العام * ويكتسب هذا التوجه الديمقراطي في مجتمعات كالمغرب(حيث تسود الانقسامات العرقية /الامازيغية والرجعية /الضلاميين… التي يعمل النظام على تعميقها وتغذيتها) في التقليل من الأثر السلبي للانقسامات المفتعلة أو ذات الجذور الرجعية. وهنا يكتسب النضال في صفوف المنظمات الجماهيرية أهمية خاصة بالنسبة للطبقات الشعبية والفئات المهنية الخاضعة للاستثمار، سواء في المنظمات النقابية أو المنظمات الجماهيرية الاخرى التي تضم القوى العاملة من النساء والشباب الذين يدخلون سوق العمل لأول مرة وسط انتشار البطالة، من أجل توحيد هذه الفئات والارتقاء بها الى الاسهام في الصراع الطبقي على مستوى النضال الديمقراطي العام. فالطبيعة المطلبية الفئوية للمنظمة الجماهيرية لا تلغي دورها في النضال السياسي الوطني والديمقراطي. ولهذا تسعى قوى الرجعية عامة الى شل نشاط وتأثير المنظمات الجماهيرية.
أساليب عمل المنظمات الجماهيرية :
* اساليب التوجه والتعبئة والتحرك في نشاط المنظمات الجماهيرية، تتعلق بطبيعة المهام المطروحة، ومستوى القبول والاستعداد النضالي لدى الجمهور الموجهة اليه، والظرف السياسي العام.
* اساليب التعبئة الجماهيرية على اختلافها تهدف الى اشراك اكبر عدد ممكن من الطبقة أو الفئة الموجهة اليها، وبالتالي فهي تتميز بالتنوع والغنى والمرونة والانفتاح والعلنية والمنحى السلمي بشكل عام، وتفسح مجالا" كبيرا" للمبادرات المختلفة.
* ان طبيعة برنامج المنظمة الجماهيرية، وطبيعة الوسط الجماهيري الذي تتوجه اليه، وطبيعة أساليب النضال المعتمدة، تتطلب أطارا" تنظيميا" مرنا" وديمقراطيا"، ينسجم مع نوعية اعضاء المنظمة الجماهيرية، الذين يمكن أن يكونوا متعددي الميول السياسية والانتماءات الايديولوجية.
* الديمقراطية الواسعة داخل المنظمة الجماهيرية، لا تلغي مبدأ المركزية في القيادة والتوجه.
* انطلاقا" من طبيعة المنظمة الجماهيرية، وطبيعة مهامها، تبقى درجة المركزية والانضباط داخلها ادنى مما هو مفترض مبدئيا" في المنظمات السياسية وخاصة التنظيمات اليسارية.
علاقة الحزب بالمنظمات الجماهيرية
* يجب ان يسعى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي من خلال المشاركة في المنظمات الجماهيرية أو من خلال قيادتها، الى أن تأخذ هذه المنظمات نهجا" سليما" مقبولا" من الجماهير، مستندا" الى رؤية موجبات العملية الثورية الاساسية الجارية، آخذين بعين الأعتبار مستوى هذه المنظمات والجماهير التي تتوجه اليها.
* من موقع المشاركة في نشاط المنظمات الجماهيرية، يسعى الشيوعيون لتقوية نفوذهم من خلال التفاني في النضال ومن خلال تقديم البرامج والمبادرات التي تنسجم مع مصالح الفئات الاجتماعية التي تتوجه اليها هذه المنظمات. وكدالك ان يسعى من اجل الاستفادة من دورهم داخل المنظمات الجماهيرية لتقوية حزبهم وضم العناصر الطليعية من هذه المنظمات، ولكن مع الحرص الدائم على أن يتم ذلك في خارج الاطر التنظيمية الخاصة بها.
* في الظروف الجديدة تصبح المهمة الرئيسية للرفيقات والرفاق داخل المنظمات الجماهيرية النضال لتكييف عملها وفق متطلبات هذه الظروف والمهام التي تطرحها وتطوير برامجها بما يتوافق مع المهمات المركزية ومع تغير أشكال النضال ومع تطور مستوى العملية الثورية والوعي السياسي عامة.
* الهدف العملي اليومي في اطار هذا التوجه يبقى السعي الدائم لزيادة جماهيرية هذه المنظمات وسلوك سياسة تحالفات مرنة مع التيارات والاتجاهات المختلفة بين الجماهير.
#عبد_العزيز_السلامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار مع الرفيق احمد بن جلون الكاتب العام لحزب الطليعة الديمق
...
-
في العلمانية...
-
تراجع المشاركة السياسية للشباب...الوسط الجامعي نموذجا
-
عزوف الشباب ....وهرولة جمعية 2007دابا-
-
في التحولات الراهنة مهام اليسار بين الثورة والإصلاح
-
الوطن العربي والحاجة الى الديمقراطية
-
منسق الشبيبة الطليعية بالصحراء المغربية في تصريح لجريدة الاف
...
-
حماس- -وفتح- ...اي تكتيك لتجاوز الازمة
-
حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ومسارات العمل الوحدوي
المزيد.....
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|