أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد شهاب - الإبداع .. تعيش إنت !!














المزيد.....


الإبداع .. تعيش إنت !!


أحمد شهاب
باحث كويتي في شؤون التنمية السياسية .

(Ahmad Shehab)


الحوار المتمدن-العدد: 565 - 2003 / 8 / 16 - 01:39
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


    أدعي أن الدين في جوهره هو " فن صياغة الحياة " وأبني هذا الإدعاء على جملة من الحقائق أهمها أن الدعوة الإسلامية التي بشر بها خاتم الأنبياء قلبت منظومة الحياة السائدة ، وطرقت أبوابا لم تكن مطروقة سابقا ، وحفزت الأفراد على إتخاذ مواقعهم في الساحة بجدارة . كما تضمنت مجموعة هائلة من مفاهيم حضارية خلخلت من المفاهيم التي كانت السائدة ، وأحدثت دويا هائلا في الجزيرة العربية بداية والعالم تاليا ، والمطلع على النصوص الدينية يُلاحظ هذا المقدار من الإهتمام بتواصل عملية التغيير ، والتحرك نحو الأفضل .

 

    إن كان ما قلناه صحيحا فهو يشير بصورة واضحة إلى الخلل الكبير الذي اعترى منظومة المفاهيم في مجتمعاتنا الإسلامية ، من ركون إلى التقليد ومحاربة رياح التجديد ومقاومة حركة التطوير ، فالسلطة تعتقد أن التطوير سيكون على حسابها ، إذ ربما يستدعي إزاحة السلطة التقليدية كمقتضى من مقتضيات التطور ، والقوى الإجتماعية والسياسية في بداية انطلاقتها تتبنى مفاهيم التغيير مقابل السلطة ، وتُشجع كل المساعي الباعثة على التغيير ثُم لا تلبث بعد سنوات أن تتجمد في أطر تقليدية ، وتقاوم محاولات التجديد ، وتقلل من قيمة الإختلاف ، وتُعلي من قيمة التوافق  بالرأي ولو باستخدام القوة أو عبر استبعاد المختلفين وبمبررات " وحدوية " أو " شرعية " أو " حركية " .

 

    فمجتمعاتنا لاتزال بعيدة عن تقاليد إحترام " التفكير المختلف " رغم انه أساس نمو الذهنية الإبداعية ، فثمة رغبة جامحة تتلبس الجميع في تسيير حركة المجتمع على رتم واحد ، بالصورة التي يكرر فيها أحدنا الآخر ، في التفكير  وأسلوب الحركة ، وطريقة الحزن والفرح .

 

    يكفي مثلا أن تتجرأ كصاحب رأي على عرض فكرة جديدة وغير متفق عليها ، حتى تتناولك السهام من كل حدب وجهة ، فرأي واحد مختلف كفيل بأن يفقدك الكثير من العلاقات الأخوية والإحترام المفترض بين أهل العلم ، ربما من باب " تأديبك " !! وهو ما يدفع بالفرد إلى تلمس المزاج الإجتماعي العام قبل أن يدلي بدلوه في أي موضوع محل إثارة وحوار ، وربما يضطر لاحقا للحديث بأكثر من لسان حسب مناخ اللقاء .

 

    هذا المناخ الذي يجعل من " الإبداع " في مجتمعاتنا  .. " تعيش إنت " !! ويبني مجموعة من المتماثلين الذين ليست لهم قيمة فعلية " كمجموع " في السلم الحضاري ، إن " صياغة الحياة "  مسألة جوهرية في المجتمعات الإنسانية بصورة عامة والإسلامية بصورة خاصة ، ورغم ذلك فإن طريق " الإبداع " و " التَّميز " لا يزال يحتوي على نتوءات عقلية وذهنية ، فمنذ النشوء وحتى النهاية يدور الفرد في مجتمعاتنا بدائرة تدلل على أننا انتصرنا للتقليد السلبي ومنهجية التبعية .

 

    المجتمعات الغربية ( على سبيل المثال ) حسمت الأمر مبكرا لصالح إكتشاف ورعاية الموهوبين والموهوبات ، وقبل أيام عرضت قناة فضائية برنامجا تم الحديث خلاله عن عروض تنافسية عالية المستوى قدمتها كل من الولايات المتحدة و كندا لطفل لبناني الأصل - كندي الجنسية -  يبلغ الخامسة من العمر ، للتكفل برعاية موهبته الفذة ، وهذا الطفل نبغ مبكرا ، وتحدث ثلاث لغات أساسية ، الفرنسية والإنجليزية والعربية ، وأتقن الرياضيات ، وبرع في إستخدام الأطلس ، ويردد أسماء الله الحسنى كاملة في أقل من 90 ثانية ، وبينما قدمت كندا عرضا بإستمرار احتضانه وتوفير كافة سبل إستمرار واستثمار نبوغه ، عرضت الولايات المتحدة على الطفل منحه الجنسية الأمريكية و استقباله في إحدى مدارس الموهوبين التي سارعت بتقديم عروضها المغرية ، وعرضت على أهله إقامة دائمة وفرص لحياة أفضل .

 

    صحيح أن الإبداع عمل ذاتي بالدرجة الأولى ، ولكنه أيضا إجتماعي بدرجة كبيرة ، وضمن الترتيب العام يمكن تقديم الدور الإجتماعي على الفردي على إعتبار أن المناخ العام هو الحاضن الأساسي للمبدع ، فالأسرة تلعب بالإضافة إلى المدرسة والمجتمع بكل قواه وفعالياته دورا أساسيا في خلق ملكة الإبداع عند الفرد ، والخطوة الأولى في هذا الإتجاه هو تحديد مواهب الطفل منذ بدايات نشوءه الأولى ، وميوله ، وملكاته المختلفة ، والعمل على دعمها وتطويرها ودفع الطفل إلى الأمام بما يؤهله للإبداع والتفكير بطريقة جذابة ومبتكره .

   

 * كاتب كويتي

[email protected]

 



#أحمد_شهاب (هاشتاغ)       Ahmad_Shehab#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق وبناء الدولة الحديثة
- ليست الليبرالية نموذجا
- ثقافة الموجات الفكرية
- دعوة للحفاظ على الوطن
- تأملات في زمن صعب
- العنف يبني مجده بالعنف.
- أمريكا وتخلفنا السياسي والاجتماعي
- لماذا فشل مشروع السلام الاجتماعي؟
- هل يحقق المجلس طموح العراقيين ؟
- نحو وطن ديمقراطي
- نحو برلمان حضاري
- المرأة وحقوقها السياسية
- هوامش نقدية على واقعنا السياسي ( 2-4
- غياب الديموقراطية لا يجعل الناس مجانين بل يجعلهم يفقدون عقله ...
- هل بدأ حديث التغيير في الخليج ؟


المزيد.....




- ليس الإكثار فقط.. مخاطر صحية قد تنتج عن خفض استهلاك الملح بش ...
- التبرع بالدم يقدم فائدة غير متوقعة لصحتك وحياتك
- دراسة تكشف العلاقة بين مشاهدة التلفزيون وأمراض القلب
- مفاوضون أمريكيون في موسكو وترامب يأمل بموافقة بوتين على وقف ...
- مصادر دبلوماسية للجزيرة: مجلس الأمن يقر مشروع بيان يندد بالع ...
- شرخ في جدار الغرب.. الطلاق بين الولايات المتحدة وأوروبا
- جنود على الخطوط الأمامية في أوكرانيا يصفون محادثات السلام مع ...
- زاخاروفا: تصريحات بودولياك حول موقف روسيا في الاتفاق مع الول ...
- حريق بطائرة تابعة لأميركان إيرلاينز بمطار دنفر
- انقسام في مجموعة السبع حول البيان الختامي


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد شهاب - الإبداع .. تعيش إنت !!