سعد محمد رحيم
الحوار المتمدن-العدد: 1872 - 2007 / 4 / 1 - 10:39
المحور:
المجتمع المدني
لا شيء يُسبب القلق لمستخدمي الحواسيب مثل الفيروسات، والتي تعني في عُرفهم برامج مضادة توضع بقصد إلحاق الضرر بأساسيات البرمجيات وقطاع تحميل نظام التشغيل وغيرها، ناهيك عن تدمير المعلومات المحفوظة في الملفات، وأحياناً قد تُفضي إلى تعطيل أجزاء آلية من الحاسوب. وهذه الفيروسات هي من صنع البشر، وبعض هؤلاء هم من الهواة العابثين أو من القراصنة واللصوص، أو من محترفي شركات الحواسيب والبرمجيات المتنافسين فيما بينهم. وفي علم البايولوجيا تُعرف الفيروسات بأنها دقائق غاية في الصغر لا تُرى بالعين المجردة وتمثل حلقة وصل بين الكائنات الحية والكائنات غير الحية.. ويتكون الفيروس من مادة نووية محاطة بطبقة واقية من البروتين وتتعيش متطفلة على مضيفها ( الإنسان، الحيوان، النبات )، وهي تنمو وتتكاثر داخل الخلايا الحية للكائنات الأخرى وتفقد هذه القدرة خارجها، ومن الأمراض التي تسببها للإنسان الأنفلونزا والحصبة وشلل الأطفال والإيدز.
أما في المحيط الاجتماعي فثمة أشخاص يؤدون دور الفيروس، وقد يوجد مثل هذا الفيروس البشري في نسيج عائلة ما ( ابناً لها ) فيلحق الأذى بها، يُربك نظامها وسلامها، ويهدد سمعتها بين العائلات الأخرى. أو قد يكون من بين مجموعة أصدقاء يحوّلهم بطرق خبيثة، ومن غير أن يفطنوا، إلى أنداد وأعداء بعضهم لبعض، فتنفرط صداقتهم وتتشتت. لكن أخطر مفاعيل هذا الفيروس تتجلى حين يكون متسللاً داخل منظومة اجتماعية أو سياسية ( عشيرة، جماعة دينية، حزب، دائرة حكومية، مؤسسة حساسة في الدولة، الخ ) فيفعل فعله بدأب مشيعاً الفوضى والخراب في بنيتها العميقة. ومن هنا يكون الضرر واسعاً وعميقاً والمعالجة في غاية الصعوبة. وحين نتلفت حولنا باستطاعتنا أن نشير إلى فيروسات تعيش بين ظهرانينا وفي محيطنا. ومن يمعن النظر سيكتشف تشابهات كثيرة في الوظيفة والأداء بين الفيروسات المرضية والكومبيوترية والبشرية. وإذا كانت الفيروسات البيولوجية والكومبيوترية تمتلك القدرة على التكاثر والاختباء لفترات زمنية قبل أن تستيقظ وتنشط مع ظهور ظروف ملائمة فإن الفيروسات البشرية تتكاثر أيضاً، وهذه المرة بالعدوى حين تحوّل آخرين إلى أشباه لها، وتستطيع الاختباء ريثما تجد الفرصة للتحرك. واعتقد أن واحدة من الضمانات الأساسية لنجاح واستمرار أية مجموعة أو منظومة أو فئة أو مؤسسة في المجتمع وفي عالم السياسة هي في تفعيل مضادات تتنبه للفيروسات البشرية وتشخصها وتحددها وتقاومها وتعالجها وتطهر نفسها منها، وإلاّ...
#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟