الدول المدينة: هي الدولة التي يكون ميزان مدفوعاتها مديناً، أي أن مجموع مقبوضاتها يقل عن مجموع مدفوعاتها.
لا تشمل الدول العربية المدينة سبع دول منتجة للنفط وهي }السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر والعراق وليبيا{، لأن المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لا تعتبرها دولاً مدينة من منظور الوضع الصافي للمديونية إذ إن الصعوبات المالية التي تمر بها هذه الدول مجرد صعوبات مؤقتة ترتبط بالتدفقات النقدية أكثر منها صعوبات جذرية في هياكلها الاقتصادية، كما أن هذه الدول تفضل الاقتراض المحلي نظرا لتوفر السيولة المحلية، ولكونه أقل حساسية من الاقتراض الخارج
من خلال دراسة لمؤشر نسبة الدين العام الخارجي القائم في الدول العربية إلى الناتج المحلي الإجمالي لها في عامي 1995 و 2000، يمكن تقسيم هذه الدول إلى ثلاث مجموعات هي:
المجموعة الدين الخارجي )مليون دولار( نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي (%) خدمة الدين العام الخارجي
)مليون دولار( نسبة خدمة الدين العام إلى صادرات السلع والخدمات (%)
الفترة الزمنية 1995 2000 1995 2000 1995 2000 1995 2000
المجموعة الأولى:
1.عمان
2.مصر
3.لبنان
4.الجزائر
5.المغرب 91515 78907 57.4 36.1 10038 9655 21.7 15.5
المجموعة الثانية:
1.تونس
2.جيبوتي
3.اليمن
4.الأردن 23704 23656 77.0 64.2 2171 2617 14.6 15.5
المجموعة الثالثة:
1.سوريا
2.السودان
3.الصومال
4.موريتانيا 41241 38710 151.5 118.8 273 1436 3.7 15.6
المجموع الكلي 159139 143828 73.3 49.9 12482 13759 18.1 15.6
يتضح أن أداء هذه المجموعات الثلاث يشهد تحسنا في بعض مؤشرات عبء المديونية فيها، كما يلاحظ وجود تباين في بعض هذه المؤشرات في عامي 1995 و2000، وهنا أهم هذه الملاحظات:
• فبالنسبة لحجم الديون الخارجية يلاحظ أنه شهد انخفاضاً متفاوتاً في المجموعات الثلاث بنحو 12.608 مليار دولار و48 مليونا و2.531 مليار دولار على التوالي.
• وسجلت نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي انخفاضا في المجموعات الثلاث بمقدار 21.3% و 12.8% و 32.7% على التوالي، كما انخفضت خدمة الدين في المجموعة الأولى بنحو 383 مليون دولار، وزادت في المجموعتين الثانية والثالثة بنحو 446 مليون دولار و1.163 مليار دولار على التوالي.
• وسجلت نسبة خدمة الدين العام الخارجي إلى إجمالي صادرات السلع والخدمات في المجموعة الأولى انخفاضا بمقدار 6.2%، وارتفعت هذه النسبة في المجموعتين الثانية والثالثة بمقدار 0.9% و11.9% على التوالي.
كما سجلت خدمة الدين العام }بما تشمله من سداد أقساط الديون الخارجية والفوائد التي تترتب عليها{ في الدول العربية المقترضة عام 2000 نحو 13.7 مليار دولار محققا ارتفاعا مقارنة بعام 1995 بمقدار 1.2 مليار دولار وبنسبة 10.2%. ففي الأردن على سبيل المثال انخفضت خدمة الدين بمقدار 169 مليون دولار، وفي مصر بمقدار 397 مليون دولار، وفي المغرب بمقدار 1.228 مليار دولار، وموريتانيا بمقدار مليوني دولار، في حين زادت هذه الخدمة في بقية الدول العربية المقترضة وبلغت ذروتها في سوريا بمقدار 975 مليون دولار.
نسبة الدين الخارجي إلى إجمالي صادرات السلع والخدمات في عامي 1995 و2000:
الدولة نسبة خدمة الدين إلى إجمالي
صادرات السلع والخدمات (%) مقدار التغير في النسبة
بين عامي 1995 و2000
الفترة الزمنية 1995 2000
الأردن 14.4 15.0 0.6+
تونس 19.6 21.6 2.0+
الجزائر 32.6 24.7 7.9-
جيبوتي 7.6 7.5 0.1-
السودان 2.5 11.4 8.9+
سوريا 2.5 16.3 13.8+
الصومال 0.0 28.7 0.0
عمان 7.2 2.7 4.5-
لبنان 11.7 19.1 7.4+
مصر 13.7 8.6 5.1-
المغرب 30.0 23.1 6.9-
موريتانيا 20.0 23.0 3.0+
اليمن 2.8 5.3 2.5+
المجموع الكي 18.1 15.6 2.5-
ووفقا للجدول نلاحظ التالي:
• ارتفعت هذه النسبة في الأردن بمقدار 0.6%، وفي تونس بمقدار 2.0%، وفي السودان بمقدار 8.9%، وفي سوريا بمقدار 13.8%، وفي لبنان بمقدار 7.4%، وفي موريتانيا بمقدار 3.0%، وفي اليمن بمقدار 2.5%.
• انخفضت هذه النسبة في باقي الدول العربية المقترضة.
• وبلغت ذروتها في الجزائر بمقدار 7.9%.
مما سبق يلاحظ أن إجمالي حجم الدين العام الخارجي بالنسبة للدول العربية المقترضة ككل انخفض في نهاية عام 2000 بنحو 15.5 مليار دولار مقارنة بعام 1995. وتزامن هذا الانخفاض مع ارتفاع قيمة إجمالي الناتج المحلي وإجمالي صادرات السلع والخدمات في الدول العربية ومنها الدول المقترضة، ويرجع ذلك إلى العوامل الآتية:
• برامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي التي اتبعتها هذه الدول وكان لها الأثر الإيجابي في استقرارها الاقتصادي الذي حفز جانب العرض من السلع والخدمات وساعد على ارتفاع قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة فيها.
• ارتفاع أسعار النفط العالمية وكميات تصديره من هذه الدول.
• ارتفاع قيمة الدولار الذي تسعر به المبادلات النفطية مقابل العملات الدولية الأخرى.
• أثرت هذه العوامل إيجابيا في مؤشرات قياس عبء المديونية الأخرى -فيما عدا مؤشر خدمة الدين- إذ انخفضت نسبة الدين العام الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بنحو 23.4% في عام 2000 مقارنة بعام 1995، كما انخفضت نسبة الدين إلى إجمالي صادرات السلع والخدمات بمقدار 2.5% في عام 2000 مقارنة بعام 1995.
• لم يكن هناك اختلاف في المنظور الفردي عن المنظور الكلي للدول العربية المقترضة، فتأثرت الدول العربية بالعوامل التي سبقت الإشارة إليها، فارتفع إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في معظم الدول العربية المقترضة في حين انخفض في المغرب وموريتانيا.
• ارتفعت القيمة الإجمالية للصادرات العربية ومنها صادرات الدول المقترضة التي يسهم قطاع النفط بنسب مؤثرة في ناتجها المحلي الإجمالي، فتوضح البيانات أن الصادرات السلعية في الدول العربية المقترضة المصدرة للنفط ارتفعت في الجزائر بحوالي 76% وفي اليمن بحوالي 65.2% وفي سوريا بحوالي 35.2% وفي مصر بحوالي 34.8%، وبلغت ذروتها في السودان بحوالي 132% بسبب بدئه في تصدير النفط في عام 1999 والذي تزايد في عام 2000، فحقق الميزان التجاري للسودان فائضا وصف بأنه الأول من نوعه منذ أكثر من عقدين، وذلك رغم تراجع الصادرات غير النفطية فيه بسبب الحظر الذي كان مفروضا على صادراته من الثروة الحيوانية في عدد من الأسواق المجاورة.
• اتسم في المقابل أداء الصادرات السلعية في الأردن ولبنان بالنمو المحدود، كما حدث تراجع في القيمة الإجمالية بالدولار لصادرات تونس والمغرب رغم أن قيمة هذه الصادرات بالدينار التونسي والدرهم المغربي ارتفعت بنسبة 15% و7% على التوالي في عام 2000، ويرجع ذلك إلى تأثر صادرات البلدين بانخفاض اليورو مقابل الدولار إذ يتجه جزء كبير منها إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، وبالنسبة لموريتانيا وجيبوتي فقد تواصل فيهما ارتفاع قيمة الصادرات في عام 2000 في ظل جهودهما الإصلاحية.
• انخفض حجم الديون الخارجية في ثماني دول عربية مقترضة بنحو 22.5 مليار دولار تقريبا، في حين ارتفع حجم هذه الديون في خمس دول عربية مقترضة بنحو 6.5 مليارات دولار تقريبا.
• تحسنت مؤشرات قياس عبء المديونية في العدد الأكبر من الدول العربية فيما عدا مؤشر خدمة الدين العام الذي شهد ارتفاعا في غالبية هذه الدول، فقد استطاعت الأردن ومصر والمغرب وموريتانيا فقط خفض خدمة ديونها العامة، في حين ارتفعت هذه الخدمة في باقي الدول العربية المقترضة، ويرجع ذلك إلى أن أعباء الديون الخارجية لهذه الدول ارتفعت بنسب تفوق نسبة الزيادة في القيمة الإجمالية لصادراتها.
يمكن القول إن تصنيف الدول العربية المقترضة إلى مجموعات وفقا لمؤشر نسبة الدين العام الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي أظهر التباين بين هذه الدول من حيث حجم وطبيعة مشكلة المديونية ومستويات النمو الاقتصادي بها، لذا فإن مشكلة الدين العام الخارجي التي تعاني منها هذه الدول لا تتطلب اتخاذ سياسات ذات صبغة واحدة، بل يجب اتخاذ سياسات تتناسب مع طبيعة المشكلة في كل دولة عربية على حدة.
وفي ظل اللبيرالية الجديدة، المستندة إلى إلغاء الحدود الجمركية بين الدول. كيف سيكون واقع الاقتصاديات العربية؟ وهل ستكون إعادة الجدولة عن طريق نوادي كنادي باريس الحل، أو ربما يكون الحل في العمل على خلق استقرار تشريعي ودعم البنية التحتية وتحسين السياسات المالية لإيجاد مناخ صحي للاستثمار يشجع رؤوس الأموال العربية المهاجرة -والتي تقدر بما يتراوح بين 800 و2400 مليار دولار- على العودة إلى أوطانها حتى ولو كانت عودة جزئية.
المصادر:
- التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2001.
- البنك الدولي، التمويل العالمي للتنمية، المجلد الثاني، جدول الدول لعام 2001.
[email protected]