|
حديث العرافين..!؟
جهاد نصره
الحوار المتمدن-العدد: 1871 - 2007 / 3 / 31 - 11:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يعد هناك كما يظهر للعامة فرق كبير بين تهويمات فقهاء الأديان المختلفة، وتنظيرات بعض الأيديولوجيين و السياسيين إن كانوا في الأحزاب العقائدية التي شاخت أو لفظها الواقع أو انعدمت كل المؤشرات على الجدوى من استمرارها.! أو الحداثويين من ليبراليين وعلمانيين فرادى والذين سيبقون إلى أمد طويل مجرد حالات نخبوية معزولة عن النسيج الاجتماعي.! العامة من الناس أصبحوا على بينة من هذا المشهد الذي يبرزه بوضوح وعلى الملأ إعلام متنوع وواسع والذي يقدم في هذه الأيام الكالحة رهطاً من أولئك المنظِّرين وهم يقدحون فتيل أذهانهم ليتحفوا القراء والمشاهدين بما لذَّ وطاب عن بداية الاندحار للنموذج المدني الأمريكي تحديداً ( الإمبريالي عند بعضهم ) كمقدمة للهزيمة التي سيلقاها التمدن الغربي عموماً على أيدي أنظمة الشعوب المستضعفة التي تتكل على الله وحده سبحانه.! وفي الوقت نفسه لا يكف نفر من العلمانيين والليبراليين الاستنساخيين و ذوو الدماء الحارة الذين يبدون وكأنهم في ميدان قتال المعركة فيه على وشك الحسم.! لا يكفون عن الإطناب في مديح هذا النموذج العلماني المدني وتقديمه كحالة في منتهى الكمال حيث لا يلفتهم ما يعتريه من نقائص وعيوب وعورات وبخاصة على المستوى القيمي أقصد الانخلاع القيمي الذي وصل إلى حدود خيانة القيم الإنسانية وهو أوضح ما يكون في السياسات الخارجية لمعظم الدول المدنية التي وضعت قضيا حقوق الإنسان في سلال المصالح وحدها..! هذا من جهة ومن جهة ثانية لا يتوقفون عند المشهد الاجتماعي كأن يلحظوا الأبعاد الإنسانية التي تحفِّز الملايين على الزحف لتقديم العزاء في رجل مات منذ ألف عام ( كربلاء ) أو الزحف للدوران في مكة أيام الحج كما كان يفعل الوثنيون قبل مجيء محمد ( صلعم )،وهم في ذلك ومن دون أدنى شك يراكمون أشكال الممانعة التي تبديها المجتمعات الإسلامية و التي تتجلى في عدم تمدد ثقافة العلمنة والديموقراطية والانحسار المستمر في الاستقطابات المجتمعية على هذا المسار والمعبر عنه حتى اليوم بضمور آمال التغيير المنشود.!
وهكذا، كلما تعثرت العولمة هنا أو هناك بفعل بعض أشكال المواجهة الحاصلة أو بفعل ميكانزمات الزحف العولمي ذاته، يستعيد المختنقون المحليون أنفاسهم ويسارعوا إلى معاودة ضخ تنظيراتهم وشعاراتهم من ذات المنظورغيرعابئين أو متجاهلين وجود الآليات الديموقراطية التي تسيِّر البلدان المدنية الحديثة والتي لها فضيلة المراجعات النقدية المستمرة و تصحيح الأخطاء والعثرات التي تظهر إن على مستوى برامج سياسات الداخل أو على صعيد سياساتها الخارجية الآيلة لخدمة مصالحها أولاً وأخراً وهو الأمر الذي أتاح لها تقدماً مطرداً بالرغم من الأزمات الحاصلة بين الفينة والأخرى.! وكأنهم بذلك يعلنون عن الإيمان بأن القطار يمكن أن يعود فيمشي نحو الخلف لكن، وبالرغم من كل ما يمكن قوله حول هذا المشهد التنظيري الإشكالي فإن الخيارات في عصرنا هذا تقلصت إلى طريقين لا ثالث لهما اللهم: فإما أن ترتقي الحالات السلطوية السائدة إلى مرتبة الدولة المدنية بغض النظر عن شكلها وبالتالي تتوفر امكانات حقيقية للتعايش مع مفردات الحداثة بكل عناوينها وتفاصيلها، أو أن تبقى تلهث خلف قطار الحضارة معتاشةً على ريعية الأديان كما هو حال معظم الدول التي تنص في دساتيرها على كونها دولاً إسلامية .! وحين يكون الأمر متعلقاً بالمجتمعات التي يطغى عليها دينُ بعينه أو عرقُ غالب فإن مثل هذه الدولة المدنية المنشودة لا بد أن تأخذ شكل الدولة الحيادية لأن حياد الدولة وحده الذي يكفل لها إمكانية مستمرة لنجاح تنظيم شؤون التناقضات والتنابذات المجتمعية المتراكمة عبر التاريخ وتحت أية عنواين كانت.! ومفهوم الدولة الحيادية هنا يعني الدولة التي لا تنحاز لدين أو مذهب أو عرق معين فقد بينت المفارقات والممارسات الحاصلة في بعض الدول المدنية وبالرغم من فصل الدين عن الدولة والنص على ذلك في الدستور أن هناك مقداراً من الانحياز لدين الأغلبية أو لعرق الأغلبية يمارسه الحكام والإدارات الحاكمة الأمر الذي يراكم ممكنات انبعاث الصراعات الداخلية بأشكال متعددة من جهة ويصبغ السياسات الخارجية بطابع ديني أو عنصري من جهة ثانية.! إن وجود مثل هذه الحالات يتطلب النص دستورياً على مبدأ حيادية منظومة الدولة إلى جانب مبدأ فصل الدين عنها وهذا غير متوفر حتى في دساتير وممارسات الدول الغربية التي تبدي حكوماتها انحيازات واضحة ومعلنة إلى جانب دين معين أو عرق معين.! وهذا الأمر واضح للعيان في السياسات الخارجية لهذه الدول وفي مواقفها من بعض قضايا الشعوب العادلة ( القضية الفلسطينية نموذجاً )..!؟ وفي كل الأحوال لا يكمن حكم القيمة في مضامين الدساتير فحسب بل فيما تنتجه من معايير أخلاقية كونية تنتظم وفقها الممارسات المنظورة ( وهو ما لم يحصل في عالم اليوم ) وهنا يكون مربط الفرس.!
#جهاد_نصره (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
براءة اختراع سورية..!؟
-
محكومون بالأمل..!؟
-
انتخابات دايت..!؟
-
العبودية المقدسة..!؟
-
موقع الحوار المتمدن.. وتسونامي الإعلام..!؟
-
العقل عورة الرجل العربي..!؟
-
خر.. بر* الشيخ أبو درع.. والديموقراطية التلفيقية..!؟
-
الرسول ( صلعم ) يتمشى في القاهرة..!؟
-
حين يقلق الأوباش..!؟
-
الشرف لمرة واحدة..!؟
-
العميانيون الجدد..!؟
-
النصر الإلهي..!؟
-
الرأي العام بين الجاذبية والمصداقية..!؟
-
الليبرالية بين جاذبية المصطلح وإشكالية المضمون..!؟
-
العلم والعمل والتغيير المستحيل..!؟
-
تفكيك الانتصار..!؟
-
هرقل العرب.. والتسول الدولي..!؟
-
حول التساؤلات المشروعة.. وغير المشروعة..!؟
-
إذن: ننام على عسل..!؟
-
فرسان ( الشنق ) الأوسط الجديد..!؟
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|