|
ملاحظات على مشروع قانون المصالحة والمساءلة
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1869 - 2007 / 3 / 29 - 11:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جاء قانون اجتثاث البعث منفعلا وبعيدا عن الموضوعية ، ولم يعالج القضية العراقية والواقع العراقي بحكمة القانون الذي يسعى الى ترتيب الحقوق ومعاقبة الجناة وملاحقة المطلوبين ، بل خلط العديد من القضايا التي بدأت تطفو على السطح وصار تعديلها وتقويمها ضروريا ، حتى باتت جميع القوى السياسية تطالب بتعديل القانون أو تدقيقه مرة أخرى ، وبالرغم من التعديلات والأجراءات التي مورست والتي تخللتها أخطاء كثيرة وناء تحت نصوصها أبرياء أكثر وظلمت العديد من العراقيين ، الا إن القانون بقي بحاجة الى تدقيق يتناسب مع الوضع العراقي ومع الواقع العراقي الذي تدركه القوى السياسية العراقية . وتم طرح مشروع قانون المصالحة و المسائلة كبديل لقانون أجتثاث البعث ، وبغية مناقشة الفكرة العامة وبعض النصوص والأقتراحات التي اوردها المشروع ، نطرح وجهة نظرنا في ما يخص فقرة المسائلة : 1- الفقرة الأولى من مشروع القانون التي تحيل على التقاعد كل من كان بدرجة عضو قيادة فرع فما فوق دون أي اعتبار أن كانت له خدمة في الدولة العراقية أم لا ، وبذلك سيتم منح مكرمة لاعضاء الفروع في الحزب البائد بأحالتهم على التقاعد والحصول على الحقوق التقاعدية ومساواتهم بمن خدم الدولة العراقية وأحيل لأي سبب أخر على التقاعد دون وجه حق ، وبذلك يحقق لهم مركزا قانونيا ، يفترض إن يلحق الأقتراح عبارة أن كانت له خدمة قانونية مجزية ، لأن مجرد كونه كان عضوا لقيادة الفرع لايعطيه حقا على الخزينة العراقية ، وأن يتم احالة من لم تكن له خدمة مجزية وبلغ السن القانوني الى قانون الرعاية الأجتماعية أن لم يكن له عمل أوليس بمقدوره العمل . 2- في الفقرة 3 يفترض إن ارتكاب الجرائم في الأجهزة الأمنية يتم من قبل حاملي الدرجات الرتب العليا من عقيد أمن فما فوق كما يقول المشروع ، بينما يقول المنطق العملي في العراق عكس ذلك ، فمن كان يمارس التعذيب والقتل وأيذاء العراقيين لم يكن بالضرورة من ذوي الرتب العليا ، والنص في المشروع يغطي على الجرائم المرتكبة من العناصر الدنيا في الأجهزة الأمنية ، كما إن الفقرة المذكورة تتناقض مع مبدأ مسائلة مرتكب الجريمة ايا كانت رتبته أو مركزه الأمني . 3- أن استثناء العاملين في جهازي المخابرات والاستخبارات العسكرية لعدم ارتباط طبيعة عملهم بحياة المواطنين العادية كما يقول المشروع فيه تجني على الواقع ، أذ إن جهازي المخابرات والأستخبارات تحولتا من اجهزة امنية وطنية الى اجهزة قمعية مارست عملها في ايذاء العراقيين وقتلهم ، وأن استثنائهم لايجد له مبرر ، لأن جميع الأجهزة الأمنية كانت تمارس دورها المرعب في قتل العراقيين وتعذيبهم وملاحقتهم ، وعمليات اغتيال السياسيين العراقيين خارج العراق كانت تتم من قبل جهاز المخابرات . 4- الغاء جميع الحقوق التي ترتبت لهذه المجموعات والتي قررتها الأنظمة والتعليمات والأوامر الصادرة في الزمن الصدامي البائد ، حيث إن مجرد الغاء الأنواط والأوسمة لايلغي الحقوق والمكاسب التي ترتبت لهذه المجموعات بسبب ما تم ارتكابه بحق العراقيين ، ولذا يتم الأقتراح بأصدار قانون يلغي تلك الحقوق . 5- ورد في فقرات المشروع انه لا يصرف الراتب التقاعدي او المنحة لكل من كان منتميا "للبعث المنحل" وقت سقوط النظام وقام بتقديم طلب اللجوء السياسي خارج الوطن ، ومن المعروف إن دوائر التقاعد هي التي تصرف الراتب التقاعدي اما شخصيا لصاحب العلاقة أو لوكيله بناء على توكيل خاص ، ولن يتسنى لها إن تفرز من كان خارج العراق متجنسا أو مقيما أو لاجئا ، وعليه فأن الأقتراح إن تقوم دائرة التقاعد بايقاف الراتب التقاعدي بناء على اشعار من وزارة المالية ، ومن الطريف إن نذكر إن وزارة المالية قررت ايقاف صرف الرواتب التقاعدية للمعارضين لنظام صدام الذين كانوا خارج العراق وعدم استحقاقهم رواتب تلك الفترة عقابا لهم بينما كان المشمولين بقانون الاجتثاث يستلمون تلك الرواتب وتلك مفارقة جديرة بالاهتمام حيث توقفت رواتب جميع المتقاعدين المعارضين ممن ليس لهم سوى الله في هذا الزمن الجديد ، مما يوجب الحق والعدالة والمنطق إن يتم صرف الأستحقاقات المالية لجميع من يثبت أن نظام صدام كان قد حرمهم وأوقف صرفها ، ولجميع من كان معارضا للنظام الصدامي البائد . 6- في الفقرة 8 من المشروع تسقط كافة الأستثناءات والحقوق ويفصل من الخدمة بتهمة الاخلال بالشرف كل من استفاد من هذا القانون وثبت لاحقا تقديم معلومات كاذبة او عودته غلى احدى التشكيلات المحظورة , أو تقديم العون لها ، ويطالب قضائيا بتسديد ما إستحصله من حقوق وأموال، ويمكن اختزال النص بمعاقبة من يثبت انه اعطى معلومات كاذبة بأجراءات قانونية وفق عقوبة مقررة مع استرداد ما استحصل عليه بناء على تلك المعلومات الكاذبة ، حيث أن مسألة الخلال بالشرف كلمة لها معاني عريضة وبعيدة عن التحديد والتوصيف القانوني المطلوب .
فقرة المسامحة : 1- أن تشكيل هيئة عليا لتحصين الذاكرة والسعي لتحصين الأجيال القادمة من السقوط مرة اخرى في براثن الطغيان والاضطهاد ولبث روح التعايش والمصالحة والسلم الاهلي والعدالة والمساواة والمواطنة بين العراقيين يتناقض مع نشر قائمة بأسماء البعثيين طبقا لاجراءات الاجتثاث المقرة في هذا القانون ، بحيث تجمع قائمة بأسماء جميع الافراد الذين خضعوا لهذه الاجراءات موضحة درجة كل فرد وتاريخ صدور امر اجتثاث البعث ذات الصلة. ويتم الاحتفاظ بهذه القائمة في ارشيف حزب البعث المنحل ، لأن المساهمة في تطوير البرامج الاجتماعية والتثقيفية التي تؤكد على التعددية السياسية والتسامح والمساواة يتعارض مع وجود تلك الأسماء منشورة ومثبتة لايتم تغييرها أو رفعها بالرغم من كل أجراءات روح التعايش والمصالحة والسلم الاهلي والعدالة والمساواة والمواطنة بين العراقيين بالضد من أسس بناء مصالحة وطنية حقيقية لطي صفحة الماضي البغيض ، ولتشييد عراق منفتح على كل العراقيين العاقدين العزم لبناء عراق حر ديمقراطي بعيد عن الطائفية والعنصرية والأستبداد والتمييز والأقصاء والتهميش كما تقول المقدمة . 2- أن طي صفحة الماضي لايتم بأبقاء تلك الأسماء منقوشة في سجلات معلنة في المدن العراقية ، وتتعارض مع منهج المساواة في الحقوق والواجبات التي يؤكدها الدستور ، وتتعارض ايضا مع منهج التسامح وتشييد العراق الجديد القائم على الديمقراطية والسعي لاقامة الدولة المدنية التي تلم جميع ابناء العراق دون تمييز ، ومادامت المنهجية تعاقب المتهم الذي تثبت ادانته ومادامت المسائلة قائمة وتلاحق كل من يتم اتهامه لمحاسبته وفقا للمعايير القانونية ، فعلى أي قاعدة يستند الأقتراح في ابقاء تلك الأسماء تنشر بين فترة وأخرى ، والتي تجعل من شريحة معينة غير مشمولة بفقرة المسائلة القانونية ولكنها متهمة على الدوام بانتماءها الى حزب منحل ، حيث تبقى تلك الأسماء تلاحق الأبناء وربما الأحفاد دون جريرة وتتعارض مع مبدأ إن لاتزر وازرة وزر اخرى . 3- أن فقرة المسامحة يجب إن تستوعب معنى التسامح ، وجاء في لسان العرب في الحديث: يقول الله عز وجل: أَسْمِحُوا لعبدي كإِسماحه إِلى عبادي؛ الإِسماح: لغة في السَّماحِ؛يقال: سَمَحَ وأَسْمَحَ إذا جاد وأَعطى عن كَرَمٍ وسَخاءٍ؛ وقيل: إِنما يقال في السَّخاء سَمَح، وأَما أَسْمَح فإِنما يقال في المتابعة والانقياد؛ ويقال: أَسْمَحَتْ نَفْسُه إذا انقادت، والصحيح الأَول؛ وسَمَح لي فلان أَي أَعطاني؛ وسَمَح لي بذلك يَسْمَحُ سَماحة. وأَسْمَح وسامَحَ: وافَقَني على المطلوب .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة الى السيد وزير الداخلية العراقي
-
جريمة حلبجة من منظور قانوني
-
رسالة الى القاضي عارف الشاهين - رئيس المحكمة الجنائية العراق
...
-
في ذكراك السنوية .. علي كريم سعيد لم نزل نفتقدك
-
معاناة المثقف العراقي خارج الوطن
-
القضاء الأردني يصدر قراره العادل ضد الأرهاب
-
فتاوى التحريض والأرهاب
-
متى تدرك تركيا إن الإمبراطورية العثمانية انتهت ؟
-
حوار الطرشان في مؤتمر التقريب بين المذاهب
-
متى تحل المحبة بين العراقيين ؟
-
فريق الدفاع الذي ساهم بدفع صدام للأعدام
-
برزان وأموال العراق
-
المفارقات في إعدام صدام
-
ملامح من سيرة الطاغية
-
إنقضاء الدعوى الجزائية
-
تداعيات تنفيذ حكم الإعدام بصدام
-
آخر كلمات العام 2006 .. أول كلمات العام 2007
-
السيد المسيح بعيد ميلاده يحل في العراق
-
رداً على السيد محمد مهدي الرضا
-
!!الحزب الشيوعي العراقي .. العميل
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|