أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد السلام أديب - تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار تعيد للدار البيضاء أمجادها النضالية















المزيد.....

تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار تعيد للدار البيضاء أمجادها النضالية


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 1868 - 2007 / 3 / 28 - 11:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


كانت مدينة الدار البيضاء صبيحة يوم الأحد 25 مارس 2007 محاصرة بمختلف أنواع قوات التدخل السريع القمعية، وكلما تم الاقتراب من ساحة النصر إلا وازدادت أعداد الحواجز الحديدية والبوليسية. لقد كان الحدث هو قرار منع غير مشروع لمسيرة تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار التي كانت تتوافد منذ مساء السبت على المدينة، صادر عن والي الدار البيضاء. فهذا القرار غير الشرعي لم يصدر في الأجل القانوني وهو 48 ساعة قبل المسيرة الشعبية التي من المفترض أن تنطلق على الساعة العاشرة صباحا يوم الأحد. كما لم يكن القرار معللا، بل أعلن كأي خبر تافه على القناة الثانية.
في اجتماع لجنة متابعة تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار اتخذ قرار مواصلة التعبئة لإنجاح المسيرة وعدم الاهتمام بقرار المنع بل وعدم تسلمه ما دامت التنسيقيات تعتبره غير شرعي. فتم الاتصال عبر مختلف الوسائل لامتصاص أثر الإعلان عن منع المسيرة والتأكيد للمناضلات والمناضلين في مختلف الأقاليم أن المسيرة ستتم في موعدها المحدد. لكن التشويش على تنظيم المسيرة ظل مستمرا حتى من داخل لجنة متابعة تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار، فالقلق ضل يسيطر على البعض وفضل البعض إلغاء المسيرة وتخوف البعض الآخر من نزول الإسلاميين بكثافة لتحويل أهداف التنسيقيات إلى حملة اسلاموية، لذلك حدثت تجاوزات. فلجنة المتابعة لم تحترم قاعدة الإجماع بين أعضائها حول قرار واضح قبل إصداره، فتم إصدار قرار التنديد بمنع المسيرة رغم عدم الموافقة عليه من طرف أحد أعضائها، بل تم إصدار هذا القرار بأسلوب أحدث البلبلة لدى العديد من مناضلات ومناضلي التنسيقيات القادمين من المدن البعيدة.
كما لم يحترم الجميع القرارات المعتمدة في الاجتماع التحضيري الذي تم مع تنسيقية الدار البيضاء مساء يوم السبت، فلم يحدث تجمع أولي أمام مقر الكنفدرالية الديموقراطية للشغل ثم الانتقال إلى ساحة النصر مكان انطلاق المسيرة، بل انقسم المناضلات والمناضلون الوافدون من مختلف التنسيقيات إلى قسمين، البعض أمام مقر الكنفدرالية الديموقراطية للشغل والبعض الآخر في شارع للا الياقوت. وقد بدت الحيرة واضحة في عيون الجميع، فحتى أعضاء لجنة المتابعة لم يحدث بينهم اتفاق حول تدبير الوضع، خصوصا وأن بعض الأمور كانت تدار من طرف تنسيقية الدار البيضاء والتي لم تنظم نفسها بما فيه الكفاية. فشعارات المسيرة المتفق عليها لم تنسخ واللافتات لم يتم إحضارها بالكامل، وقد دل ذلك على أن قرار المنع غير الشرعي والتشويش على المسيرة قد أحدثا آثارهما السلبية وأفقدا المنظمين رباطة جأشهم.
ستتحسن الأمور حينما قرر مناضلات ومناضلي التنسيقيات الذين تجمعوا أمام مقر النقابة الالتحاق بشارع للا الياقوت فحدثت مسيرة جماعية بدأت ترفع شعاراتها شيئا فشيئا لكي تصبح مدوية فيسمعها المجتمعون في شارع للا الياقوت فيرفعون بدورهم نفس الشعارات. وقد كانت لحظة مؤثرة حينما التقت المجموعتين بأعلامها الحمراء، لون الطبقة العاملة ورمز العامل والفلاح المطرقة والمنجل، وصاح الجميع بشعارات من قبيل "جماهير ثوري ثوري على النظام الديكتاتوري" وسالو زروال سالوا رحال الثورة ماشي محال" و"على نهجك نهجك يا سعيدة نسير لنفك قيد الوطن الأسير" لقد سرت هذه الشعارات كالدماء في عروق المحتجين وبدأ التوافد على المكان لكي يصل العدد إلى حوالي ألفي مناضلة ومناضل من مختلف مكونات التنسيقيات المناهضة لارتفاع الأسعار: الحزب الاشتراكي الموحد، حزب الطليعة الديموقراطي الإشتراكي النهج الديموقراطي، التروتسكيين البرنامج المرحلي، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أطاك المغرب، الجمعية الوطنية لحملة الشهادات في المغرب، مواطنات ومواطنين من مختلف الأعمار ... إلخ.
منذ انتفاضة يونيو 1981 تم إخضاع مدينة الدار البيضاء المناضلة للعديد من التدابير الأمنية التي قلصت من حركيتها النضالية، كما تراجع دور النقابات في هذه المدينة وأصبحت الطبقة العاملة التي تملأ الكاريانات وبؤر الفقر المهمشة كسيدي مومن ودوار السكويلة وحي طوما مقصوصة الأجنحة. وقد أدى الاختناق الحاصل جراء الفوارق الطبقية الساحقة إلى اتساع البيئة الصالحة لانتشار الفكر الظلامي والحركات المتطرفة في جو تسود فيه الأمية والفقر والتهميش. فكان تنظيم مسيرة الدار البيضاء من طرف تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار وسيلة لخلخلة البركة الآسنة في هذه المدينة المناضلة، وتفجير الغضب الشعبي الراكد ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية الطبقية، المملاة من طرف الإمبريالية والمنتهجة منذ خروج الاستعمار.
فمطالب التنسيقيات تتماهى مع مطالب الطبقات المسحوقة وفي مقدمتها مطالب الطبقة العاملة، وتتمثل أساسا في التراجع الفوري عن الزيادات في الأسعار ورفع الأجور وخاصة حده الأدنى وتفعيل السلم المتحرك والمطالبة بإيقاف الخوصصة والتراجع عنها، وتشغيل المعطلين من حملة الشهادات وحملة السواعد، وإعادة الاعتبار للمرافق العمومية وتجريم نهب المال العام....
وقد ردد المتجمهرون في شارع للا الياقوت كافة الشعارات التي تترجم مطالب التنسيقيات، كما نددوا بالتهافت على الانتخابات العقيمة في غياب الأفق الديموقراطي والتي لا تنتج سوى الاستغلال والمزيد من التفقير. تم حاول هذا التجمع الواسع التقدم بحوالي 300 متر مقتربين من الحاجز الأمني الذي تراجع شيئا ما عن مكانه الأصلي. وفي هذه الأثناء كانت المشادات الكلامية بين أعضاء لجنة المتابعة حول ما العمل، حيث انقسموا إلى فريقين، بعضهم يدعوا إلى إلقاء كلمة تنديدية وتفريق التجمع والبعض الآخر يفضل الاستمرار في التقدم وتنفيذ المسيرة ولو باختراق الحاجز الأمني. ولم يحصل اتفاق واضح مرة أخرى على الخطوة التي تم تنفيذها وهي إعطاء الكلمة للرفيق عبد السلام الشاوش للتنديد بمنع المسيرة وترك الأمر بيد المناضلين لاتخاذ ما يرونه مناسبا.
انقسمت المسيرة إلى مجموعات متمايزة تردد كل منها الشعارات التي تناسبها وازدادت حيرة البعض بينما غادر البعض الآخر وتم تقديم التصريحات الصحافية على عواهنها وبمجموعة من الإنزلاقات. بعد ذلك تم التشاور مرة أخرى بين جزء من لجنة المتابعة لكي يأخذ الرفيق الشاوش الكلمة مرة أخرى للإعلان عن أن الوقفة يجب أن تنتهي بعد 15 دقيقة. لكن بعض المجموعات التي ضلت تردد شعاراتها لم تستجب لقرار انهاء الوقفة، ومن بين المجموعات التي استمرت في ترديد الشعارات شبيبة النهج الديموقراطي التي لم تنهي وقفتها إلا بعد أن ألقى منسقها الرفيق عمر باعزيز كلمة ختامية. بينما توجهت مجموعة أخرى من البرنامج المرحلي إلى قلب المدينة القديمة لتنظيم وقفة احتجاجية هناك للتنديد بغلاء الأسعار.
دامت المسيرة المحاصرة من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الثانية عشرة زوالا، ولم ينظم إليها كل الوافدين نظرا لأن قوات القمع كانت تغلق جميع المنافذ. كما كانت هناك مجموعة من إسلاميي العدل والإحسان تقف في مكان آخر من ساحة النصر محاصرة بدورها وتردد شعاراتها الدينية المعهودة. وقد ظل السؤال يخيم على الجميع حول سر إرسال العدل والإحسان لمريديه نحو مسيرة تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار؟، وهل كانوا سيحضرونها كمواطنين عاديين أم كطرف سياسي يحاول أن يفرض وجوده عليها؟.
إن الجماهير الشعبية المكتوية بنار الغلاء في جميع الأقاليم والمدن والتي لا تستطيع المشاركة في المسيرة نظرا لهشاشة وضعها المالي، تتطلع إلى افراز لجان شعبية محلية تقاوم غلاء المعيشة وتدهور الخدمات العمومية وتنتقد السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تمارسها الطبقة الحاكمة والتي تزيد من الفوارق الطبقية. لذا فإن التحدي الصعب يوجد بين أيدي التنسيقيات المحلية لافراز هذه اللجان مع الابتعاد عن الخلافات السياسية الضيقة ما دام البعد الجماهيري النضالي هو غاية كافة اليساريين، وتجنب السقوط في الابتزاز والانتخابوية والانتهازية.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خوصصة -كوماناف- تتم بدون استشارة شعبية
- الاقتصاد المغربي ليس وطنيا شعبيا لأنه لا يوفر العيش الكريم ل ...
- وضعية الاقتصاد المغربي في الظرفية الراهنة
- الإصلاح الجبائي مجرد حلقة من حلقات السياسات الاقتصادية المنت ...
- تنسيقيات الدفاع عن الطبقات المسحوقة
- سياسة الميزانية والهجوم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
- سنة الإجهاز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بامتياز
- الاحتجاجات على ارتفاع الأسعار تعم جميع مناطق المغرب في ذكرى ...
- ارتفاع الأسعار والسياسات الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب
- رهانات اقتصادية مخزنية فاشلة وانتفاضات جماهيرية عارمة عبر ال ...
- الطبقات المسحوقة تنتفظ على الاستغلال والتفقير
- أية مصداقية للإنتخابات الجماعية في المغرب؟
- ملتقى الرباط الوطني لتنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار
- موقفنا
- تحسين القدرة الشرائية للمواطنين يتطلب مراجعة شاملة للسياسة ا ...
- خلفيات حركة مناهضة ارتفاع الأسعار في المغرب
- الحرب الأمريكية الصهيونية على لبنان ودروس المقاومة
- احتجاجا على تسليع خدمات مياه الشرب والانارة
- مأزق أنظمة التقاعد في المغرب
- احتجاجا على ارتفاع الأسعار


المزيد.....




- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
- عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط ...
- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد السلام أديب - تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار تعيد للدار البيضاء أمجادها النضالية