|
صبرا يا مثقفينا
علاء مشذوب عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1866 - 2007 / 3 / 26 - 11:20
المحور:
الصحافة والاعلام
إن الثقافة هي وعي وسلوك يمثل ضمير الأمة من ناحية التعبير عن آلامها ومعاناتها مثلما يمثل نبضها وتطور بنيتها الفكرية في تفاعلها مع التطورات الثقافية للمتجاورات الجغرافية ضمن المرحلة الزما نية لعقارب الثقافة التي لا تتوقف وهي (أي الثقافة) دائماً تجد البديل لديمومة حركتها فقد ازدهرت الثقافة الإستنساخية في ظرف يصعب على الإنسان المثقف إيجاد لقمة العيش من أجل الاستمرار .مثلما تجد البديل الآن من خلال الملاقحات والتزاوجات لإنتاج هويات فرعية مكونة بمجموعها الهوية الوطنية المتكاملة بعد إنصهارها في بوتقة واحدة لتمثل العراق . لكن الثقافة العراقية يمكن تشبيهها بشجرة كبيرة تحمل ثماراً. بعض من هذه الثمار تنضج في وقت مبكر فتسقط مبكراً ؟ وبعضها يتأخر في هضم النضج الحقيقي للمرحلة العمرية فيتحول إلى شذوذ لايمكن القياس عليه أو يتحول إلى حالة هرمية لايمكن الاستفادة منها كمنتج يقدم خدمة وفائدة للمجتمع ؟ أما الذي ينضج في الوقت المناسب والطبيعي فهذا هو المنتج الثقافي الذي يقرأ الوضع العام للمجتمع ويكوٌن رؤيا تصويبية تدفع بعجلة الحياة الصحيحة نحو الأمام ضمن الركب الثقافي العربي والعالمي . ويمكن تقسيم الثقافة إلى قسمين (ثقافة حرفية )متأتية من إنتاجية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التربية والمراكز الدينية بمختلف الاختصاصات الإنسانية والعلمية وهي بذلك تنتج مثقف مختص في مجال اختصاصه سواء كان مثقف قانون أو مثقف هندسة وطب وتربية وأدب ولغة ودين ...الخ وهؤلاء في أغلبهم يتخذون منها وسيلة للعيش مثل باقي الحرف المهنية التي يكتسبها النجار والحداد والعطار والبقال ومثلها يكتسبها صاحب المكتب الشرعي لعقد القرآن وكتب الوصايا وغيرها من الأمور الشرعية. أما القسم الثاني فهو الثقافة العامة المتأتية من ضمير الشخص الذي يحمل هموم الأمة الثقافية والذي يحاول أن يجد إجابات لتساؤلات تتولد في داخله يحاول الإجابة عليها .كذلك فهو يحاول أن يجد الحلول الثقافية لمشاكل المجتمع كون الثقافة هي المرتسم البياني لنمو ووعي المجتمع وتطوره وهي المختبر العلمي الذي يفرز ما تم زرعه ومن ثم فحصه من خلال الخطط التي تتبناها الدولة سواء على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي أو على مستوى التوعية . مثلما يحاول أن يقرأ التاريخ والجغرافية ويحاول إعادة صياغته بالطريقة الصحيحة والتي تخدم المجتمع وتدفعه باتجاه احترام تاريخه وتراثه وشخصياته فهو يحاول أن يقرأ المستقبل ويتتبعه من أجل اللحاق بالركب الثقافي المتطور والذي يساعد على النهوض بالواقع الثقافي لبلده وبين الثقافتين ( الحرفية والعامة ) يقف المهتمون بالحالة الثقافية وتقيمها موقف الجلاد في جلد ألذات والآخر بل وعدم الاعتراف به ؟ فهم يتمادون في ذلك وكأنهم يقولون بأن هناك خراب أصاب الحالة الثقافية والموقف الثقافي ويجب إصلاحه وهذا معناه إن قبل هذا الخراب كانت هناك حالة أعمار وتطور خلفها النظام المقبور وتخرب بعد زواله أو أن هناك حالة استقرار موجودة وتعكر صفوها ومن ثم أصابها حالة من النكوص والحقيقة إنه لا يوجد حالة استقرار أو أعمار قبل سقوط النظام المقبور بقدر ما كان هناك جسد ممدد كان يموت كل يوم جزء منه حتى بدا متحنطاً لا ينبض بالحياة وأصبح مومياء نعيش على أطلاله ونجتر ماضيه من الأدباء والمثقفين والعلماء الذي أنتجتهم الحركة اللبرالية الثقافية أبان فترة الأربعينيات والخمسينيات والستينيات ثم توقفت... إن ما نعيشه اليوم هو حالــــــة مخاض وولادة لحالة ثقافية متنوعة يحاول بعض المثقفين أن يخط اسمه عليها ليقول أنا صاحب الفضل في نموها وتوجيهها وهو في الواقع طغيان للأنا ونمو لذاتيته على حساب الثقافة والموضوعية المتواخاة من كل مثقف في النظر للحياة الثقافية كوليد صغير متنوع يحاول أن يشق طريقه نحو الثقافات المجاورة ليكون كيان مستقل يمثل الحالة الوطنية الثقافية النابضة بالحياة والمتجددة لاستقبال كل ماهو حضاري منبعث من أرحام المفكرين والمثقفين والذين ينظرون للحياة بنفسْ متجدد تواق للاستمرارية وليس الركود على الماضي وأمجاده وإبطالهُ . كما يحاول مثقفين آخرين من أن يجعلوا مجرى الثقافة يصب كله في نهر واحد ليصبح صوت معبر عن حالة رفض لمشروع معين أو قبول لآخر ؟ لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل لأن الشمولية في أي مجال أصبحت مرفوضة من بسطاء المجتمع فكيف بنخبهم. فلندع القطار يسير ولتموج الحركة الثقافية في محيطها ثم تفرز الصالح من الطالح إذ لايمكن للطالح أن ينمو لينتج ثمر صالح وهو عند ذاك يظهر بلباسه الأسود بين ذوي الثياب البيضاء ليكون منبوذ ويعيش بين أدران الظلام. وهذا لا يعني أن نهمل أن نهمل النقد الثقافي للحركة الثقافية في البلد بقدر ما نكون إيجابيين في النظر لهذه الحركة ونبحث عن البراعم الصالحة ونرعاها ونحترم كبار مثقفينا ونزيد هم تقدير واحترام وخير مثال هو تراكض كل الأقدام الخيرة في استنكار الحادث الدموي للكتب التي ذبحت في شارع المتنبي والذي هو بيت لكل مثقفي العراق وعكسها هو الاختلاف في تعليق قطعة قماش لنعي أحد البعثيين المثقفين على جدار هذه النقابة أو ذلك الإتحاد ... فطوبى لكل مثقف يحمل حرف وكلمة ليبني ثقافة وأمل في هذه الأمة وسحقاً لكل من يحاول أن يفجر بالقنابل بيوت الثقافة أو يهجو منتج ثقافي لمجرد إنه يختلف عن أيديولوجيتهُ ؟ - التجمع الثقافي من اجل الديمقراطية- كربلاء
#علاء_مشذوب_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|