سلمان محمد شناوة
الحوار المتمدن-العدد: 1865 - 2007 / 3 / 25 - 11:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قرأت لرائد قاسم مقال بنفس العنوان بجريدة الراصد ارجو ان يرجع له من يريد ان يستزيد ,
بعد الانتباه لهذا المقال كان لدي نفس الافكار تقريبا , الا اني اتساءل هل يمكن ان يوجد دين بلا رجال دين ام سياسة بلا رجال سياسة , ام اقتصاد بلا رجال اقتصاد , ام فن بلا رجال فن , ام تعليم بلا رجال تعليم , ام اصلاح بلا رجال أصلاح . ...
من البديهي القول انه لا يقوم علم ايأً كان هذا العلم أو صناعة ايأً كانت هذه الصناعة بدون رجال , فالرجال هم رسل هذا العلم أو هذه الصناعة أو هذه المهنة للكافة من البشرية ...
إذن لا يقوم دين بدون رجال دين , ولكننا نحتاج إلى الإصلاح وكل شي في الدنيا يحتاج إلى إصلاح , لان بقاء الحال من المحال . كل شي يحتاج إلى إصلاح من ضمن ذلك الدين ورجال الدين , والمتعارف عليه إن جمود الحال يؤدي إلى فساد الحال , والمنطقي كذلك إن تجمع السلطات كلها في يد واحدة يؤدي إلى مفسدة مطلقة , فلا وجود أبدا للدين الواحد ولا المذهب الواحد ولا العلم الواحد , فإذا في لحظة معينة تركزت كل السلطات سواء دينية أو مذهبية أو علمية في جهة واحدة سيؤدي بطبيعة الحال إلى الجمود والجمود يؤدي إلى الفساد والفساد يؤدي إلي الاستبداد , والاستبداد يؤدي للظلم , وهكذا ....
من فضل الدول الحديثة وكمية الأفكار والأتجهات الحديثة في القرن العشرين علينا من شيوعية واشتراكية ورأسمالية ودينية واستبداد وديمقراطية , وهذا الصراع الرهيب الذي حدث في القرن العشرين , إنني إنا ألان واللف مثلي نقرا ونكتب ونفكر ونبحث بالرأي والرأي الأخر ,, إننا ألان ننتقد المؤسسات القائمة سواء كانت دينية أو سياسية أو اجتماعية ,الفضل في ذلك يعود إلى كمية التعليم المشتركة بين كل طوائف الشعب من مختلف الأطياف ((( هذا التعليم والذي يسمي بالابتدائي والمتوسط والثانوي )) بحيث يمكن الإنسان معرفة القراءة والكتابة والحساب ثم أصول بسيطة بالمنطق بحيث يعرف كيف يفكر , ثم بعد ذلك التعليم الجامعي الذي انتشر في بلادنا العربية والعالم الثالث وكان العالم المتقدم سباق لهذا التعليم في بلدانهم .
في إحدى المرات سألت جماعة من الأصدقاء هل العالم الأوربي الحديث أكثر ثقافة أم نحن أكثر ثقافة , فكان الجواب بطبيعة الحال إن الأوربيين أو الأمريكان أكثر ثقافة من مجتمعاتنا العربية , تساءلت عن السبب , إلا نقول نحن إن لدينا دين هو أخر الأديان ولنا شريعة هي اشرف الشرائع , وأننا امة كانت خير امة أخرجت للناس , وأننا ,, وأننا ,, إذن لماذا شعب مثل الشعب الاسباني يوجد به من الكتب التي تصدر كل عام أكثر من الوطن العربي باجمعه ؟! لماذا يوجد في امة مثل امة الأمريكية نظام ديمقراطي يعلم البشرية كلها كيف يكون الرأي والرأي الأخر ؟! لماذا الاستبداد والظلم والطغيان في بلادنا العربية والإسلامية أكثر من أي دولة أخري ؟! لماذا أصبحنا مصدرينا للإرهاب في العالم بينما العالم الأخر يسمى ألان الحر ونحن نسمى بلاد الطغيان ؟
بطبيعة الحال الثقافة هناك أفضل بكثير من بلادنا والحرية أفضل والديمقراطية أفضل والعلوم الحديثة أفضل لأنهم طبقوا مبدأ التعليم الإلزامي قبل فترة طويلة بحيث أصبح كل فئات الشعب متعلما , نحن طبقنا هذا المبدأ متأخرين , ولولا المد الاشتراكي والشيوعي والميل إلى الدولة القطرية هذا الاتجاه الذي ساد في القرن العشرين , وللأسف للأسف الشديد إن المؤسسة الدينية كانت ضد مبدأ التعليم الإلزامي , وضد مبدأ انتشار التعليم فهم لا ضد مبدأ انتشار العلم إنما ضد مبدأ انتشار التعليم (( حني يبقى التعليم محصورا بفئة معينة من الرجال )) وكذلك نوعية التعليم يجب إن يبقي حصرا فقط على المؤسسة الدينية ) ويبقي حق التعليم والتفسير وإصدار الفتوى محصورا بهذه المؤسسة , وانأ لا استثني من هذا الكلام المؤسسة الدينية الشيعية أو السنية فكلتا المؤسستين قائمة على فكرة التسلط .
لقد حاول الكثيرون بمحاولات إصلاح لهذه المؤسسات (( فمحمد عبده )) ومحاولته لإصلاح التعليم الأزهري وطه حسين ومحاولته كذلك لإصلاح التعليم في مؤسسة الأزهر جوبه من الكثيرون بالوقوف في هذه المحاولات , ولولا إلزامية التعليم ومجانية التعليم في مصر في ذاك الوقت ما رأينا ألان الكثير الكثير من المثقفين في المجتمع المصري الذين يقودون هذا المجتمع إلى ما فيه خير هذا المجتمع .
وكذلك وضعنا في العراق أو سوريا أو اى من الدول العربية لولا إلزامية التعليم ومجانية التعليم كذلك ماراينا الكثير الكثير من المثقفين في مجتمعاتنا على اختلافها يقودون مسيرات الإصلاح والتحول في المجتمع من وضع إلى وضع , ولو بقى الحال على مستويات التعليم في ظل دولة الخلافة العثمانية أو في ظل المؤسسة الدينية في النجف أو قم أو مصر وجامع الأزهر لبقينا لغاية اليوم اكبر طموحاتنا إن نصل بأولادنا بسلك التعليم إلى الكتاتيب , ولا زال الكثير من متعلمي العصور القديمة يحنون إلى حلقات الكتاتيب , وينسون الدور الكبير الذي قامت به الجامعات في كل الدول العربية في قيادة المجتمعات إلى عصر التطور والعلم الحديث , فكليات الهندسة خرجت طوابير طويلة من المهندسين الذين قاموا بتغير الشكل ألبنياني لكل البلاد وكليات الطب قامت بتخريج الكثير من رجال الطب , وكذلك قامت كليات العلوم والاقتصاد والقانون , بحيث وجد بيننا من هم يعتبرون أئمة في كل هذه المجالات العلمية .
إذن نحن في حالة إصلاح والإصلاح يأتي من القاعدة والقاعدة تحتاج إلى كثير من الجهد والتعب بحيث نصل بالأنسان إلى قدر معين من التعليم والوعي ليعرف مافي صالحه , فالمجتمع المتعلم خير من المجتمع الجاهل والمجتمع الواعي خير من المجتمع المغيب أرادته .
مت نصل إلى مجتمع يكون فيه دين بدون رجال دين , نصل إلى ذلك المجتمع في وقت ارتفعنا بالمستوى التعليم بطبقات المجتمع إلى درجة التعليم , تفتخر كل بلا الأرض اليوم بأنها استطاعت محو الأمية من شعوبها , بينما نجد إن مجتمعنا العربي نسبة الأمية لازالت مرتفعة جدا , وفي وقت كان العراق من الدول التي كرمت من لجان الدولية بالقضاء على الأمية وذاك كان سنة 1979 , اليوم وبعد أكثر من عقدين من الزمان نسبة الأمية في المجتمع العراقي من اعلي نسب الأمية في الوطن العربي , إذن نحن في تراجع عن عام 1979 , ونحن اليوم نعتمد في معظم قرارات القيادة للمجتمع على خريجي فترة السبعينات من القرن السابق , واليوم لا نستطيع القول بان الكتل المثقفة في المجتمع العراقي قادرة على تحمل مسئوليتها في قيادة شعب , المشكلة إن لدينا ألاف المتعلمين ولكن لدينا في نفس الوقت ألاف غير المثقفين , المشكلة كذلك إن التعليم المطروح في هذه الأيام هو التعليم الموجه سواء من الطوائف أو الأحزاب , لايوجد فيها مكان للأخر .
بداية قلنا نحن نحتاج إلى التعليم المشترك بين كل الأطياف بحيث لايفرق بين مذهب أو دين أو طائفة أو جماعة أو حزب ذاك التعليم الذي يعتبر منطقة وسطى بين كل أطياف المجتمع العراقي أو العربي .
نحن لا نحتاج في وطننا إلى رجال دين متسلطون كذلك لا نحتاج إلى رجال سياسة أو رجال تعليم أو رجال اقتصاد أو رجال فن متسلطون يتبعون مؤسسة واحدة تكون متسلطة على كل فئات المجتمع , ولنا في تجربة العراق تحت ظل القيادة الشمولية لحزب البعث , الحزب الواحد والقائد الواحد والأسلوب الواحد في المجتمع خير مثال , فلقد أوصلنا هذا المثال إلى أرصفة العالم ودول الجوار وأصبح الشعب العراقي ما بين مهجر ومشرد ولأجي أو متسول على أبواب الدول الأخرى .
نحن بحاجة إلى تفعيل القاسم المشترك بين الإنسانية , فالإنسانية هي الإنسانية لدى المسيحيون هي الإنسانية لدى الشيعة أو السنة أو الصابئة أو إتباع حزب اليمين أو أحزاب اليسار , هي نفس الإنسانية لدى المعسكر الاشتراكي أو العلماني أو الإسلامي أو الرأسمالي .
نحتاج إلى المشتركات , قد يكون هذه الأفكار تنبع من حلم , ولمَ لا فكل مشاريع الإصلاح كانت في الأساس أحلاما , وكل الأفكار حتى النبؤات الكبرى كانت أحلاما , ولكنها كانت أحلام تتحقق , لان الإنسان يحققها بإرادته الحرة الكريمة .
رجال الدين يجب إن يشملهم الإصلاح مثل باقي عناصر الدولة لان الأفكار التي صبغوا عليها هالة التقديس , هي أفكار إنسانية , وليست أفكار ربانية , وطرق التدريس يجب إن تدخل في برامج الإصلاح حطي نستطيع إن نصل إلى مصاف الدول الكبرى , لقد سبقتنا تلك الدول ليس لأن دينها أفضل من ديننا بل لأنها أنشأت وسائل تسير بها البلاد هذه الوسائل قابلة للتغير حسب ما تحتاجه الدول من تطور , فالديمقراطية مؤسسة متغيرة مرنه تتغير حسب حاجات البلد تتطور وتحتاج إلى مجتمع مثقف متعلم واعي , بعكس مؤسساتنا الاستبدادية سواء كانت حاكمة أو دينية لا تقبل الطرف المتعلم المثقف الواعي , دائما تعمل على بقاء الإنسان في حالة جهل بحيث يبقي دائما بحاجة إليها مثل مؤسساتنا الحاكمة المستبدة التي تبقى الإنسان في حالة عدم وعي حتى يبقى دوما بحاجة لهذه المؤسسة الحاكمة .
وأخيرا أتمني إن نصل في مجتمعاتنا إلى درجة الدين بدون رجال دين لا ن كل المجتمع له القدرة على الفهم ويكون المجتمع متعلما يستطيع إن يدرك ما يحتاجه , وأتمنى إن يصل إلى درجة من الوعي بحيث إن يحكم نفسه بأسلوب ديمقراطي مبني على مؤسسات الدولة , فالكل يتبعون وطناً واحدا , والكل تحت قانون واحد ,,,
والإصلاح يجب إن يشمل كل المؤسسات سوى كانت حاكمة أو دينية والتخلص من كل الموروث المقدس والذي سماكان أبدا مقدسا ولكننا جعلناه مقدساً ونطلق هذا النعمة التي أهداها لنا رب السماء والمسمى العقل من كل قيود الماضي والحاضر ونخلصه كل من قيود التقديس والتدنيس بحيث يستطيع إن يمارس دوره الطبيعي في حياة الأمم , للأسف الشديد جعلتنا مؤسساتنا المختلفة نمشي بدون عقل وبدون فهم أو أدراك بل صورة مشوهه لإنسان يعتمد كل الاعتماد على ما تمنحه لنا بصورة امتنان فاعلم لديهم مختزل والدين لديهم مختزل والسياسة لديهم مختزل ونشأ عبر القرون والأزمان اتفاق غير مكتوب تتعاون هذه السلطات فيما بينها وان كان الظاهر هو التصادم ,لكن كان تصادم في مجالات واتفاق في مجالات بحيث لا يطغى إحدى هذه المؤسسات على امتيازات المؤسسة الأخرى , فنشأ لها حتى قوانينها الاقتصادية الخاصة .
#سلمان_محمد_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟