|
العراق بعد اربع سنوات :الكارثة مستمرة
فضيلة يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1864 - 2007 / 3 / 24 - 13:03
المحور:
ملف / الكتاب الشهري - في الذكرى الرابعة للغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري , العراق إلى أين؟
عندما تقرأ هذه المقالة يكون قد مضى أربع سنوات على انقضاض إدارة بوش على العراق فيما سمّي ( الصدمة والترويع ) بادئة في تدمير واضح لهذا البلد وما زال التدمير مستمراً ،إنّها لحظة هامّة لإعادة تقييم عملية تحرير العراق. وأقدّم ملخصّاً لما صنعته حرب واحتلال جورج بوش للعراق : لا يوجد في العالم مكان فيه أزمة لاجئين كما في العراق اليوم وتبعاً لمنظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "1" فإن هناك 2 مليون عراقي قد تركوا العراق ويتبعثرون في الأردن ،سوريا ،تركيا،إيران،لندن وباريس ( وتقريباً لم يأت احد منهم إلى الولايات المتحدة التي لم تفعل شيئاً لحل أزمة اللاجئين التي خلقتها) ،ويقدّر بأن هناك 1.9 مليون عراقي مهجرون داخل العراق تم إجلائهم عن منازلهم وأحيائهم نتيجة الاحتلال والحرب الأهلية الوحشية التي انطلقت شرارتها. إجمع هذه الأرقام وستجد أن 16% من الشعب العراقي اقتلعوا من جذورهم وإذا اضفت المهجرين إلى القتلى سيرتفع الرقم بما يوازي واحد من كل خمسة عراقيين ( تمّ قتله أو تهجيره). دع ذلك جانباً هذه اللحظة . لا تصل الأغذية الأساسية والضروريات للمدنيين العراقيين التي كان حتى الطاغية صدام حسين يتدبر نفسه ويوفرها للعراقيين .شكراً للشعارات الفارغة عن التحرير حيث قام الاحتلال بتدمير الاقتصاد العراقي المهزوز اصلاً ،قطع الإعانات التي شجّعها البنك الدولي وتدمير صناعة النفط جعلت اسعار الخضار ، البيض ،الشاي،غاز الطبخ والتدفئة ، بنزين السيارات والكهرباء في السماء "2". البطالة تقدّر بين 50-70% ، وكمؤشر على كل هذا يمكن النظر إلى تقرير الأمم المتحدة واليونيسيف عن سوء التغذية عند الاطفال "3". ولا تتعجب : إن مستوى توفير الماء الصالح للشرب والكهرباء بقي تحت مستوى ما قبل الاحتلال والذي كان مأساوياً نتيجة عقد من الحصار الشامل والقصف المتقطع الذي كانت تتعرض له العراق بعد حرب الخليج الأولى وكذلك الحرب مع ايران. وفي كارثة مستمرة فإن مئات الآلاف من العراقيين قد قتلوا وكانت الأشهر القليلة الماضية أكثر دموية ففي تشرين أول 2006 قتل أكثر من 600 عراقي مدني معظمهم في بغداد رغم أن الولايات المتحدة أرسلت في آب 2006 آلاف القوات الإضافية في العملية الاولى لإعادة الاستقرار للمدينة .وهذه الأرقام ( وعادة تكون اقل من الواقع) هي ضعف المعدّل في 2005 . هناك أمور أخرى تضاعفت في السنوات الأخيرة وسأسمي أمرين : عدد الهجومات على الجنود الأمريكيين وعدد القتلى والجرحى منهم . لاحظ محقق الأمم المتحدة مانفرد نوك أن عمليات التعذيب و انتهاكات حقوق الإنسان في العراق خرجت عن السيطرة.ويعتبر الكثير من العراقيين أن الوضع أسوا بكثير من فترة حكم صدام حسين .أن دماغك يتخدّر عندما تنظر للكارثة في العراق. لكن هناك طريقة أخرى لوضع ما حدث في العراق في إطاره ،في عقول الناس في الولايات المتحدة يوجد عدد كبير من القتلى في نفس الفترة فمنذ عام 2003 قتل 200 ألف انسان في عمليات إبادة جماعية في دارفور في السودان وتحوّل 2 مليون إلى لاجئين، كيف ستعرف هذا؟ إذا كنت تسكن في نيويورك فإنك لن تركب مترو الأنفاق ولا ترى شعار حافظوا على دارفور ،400 ألف قتلوا في دارفور إلا بصعوبة ،تخصص جريدة النيويورك تايمز صفحة كاملة وبانتظام لوصف الإبادة الجماعية في دارفور وتدعو الى التدخل هناك وتطالب بفعل عسكري منتظم دون موافقة السياسيين او الموظفين المدنيين . وقدّرت المجلة الطبية البريطانية The Lancet في دراسة اجرتها ( من باب لباب) عدد القتلى في العراق ب 665 ألف قتيل بين آذار 2003 وحزيران 2006 ( الحد الأدنى الذي تمّ تقديره 392 ألف والحد الأعلى 943 ألف قتيل) لكنك تستطيع السفر من شاطىء لشاطىء عبر الولايات المتحدة دون رؤية هذه الأرقام ودون لوحة إعلانات أو جريدة تكتب عن ذلك .ولن تسمع من يتحدّث في ( صباح الخير أمريكا ) عن الإبادة الجماعية في العراق.لماذا نفكّر ونساءل عن قتلى دارفور ولا نفكّر بالقتلى العراقيين ؟ هل هناك ضحايا ثمينة وضحايا أقّل قيمة "4"؟ ولمعرفة الفروقات انظر لموقف الولايات المتحدة من القتل في العراق والقتل في دارفور ،تعتبر الولايات المتحدة السودان دولة شرّيرة ووضعت على قائمة الدول الداعمة للإرهاب لدورها في الهجوم على المدمّرة الأمريكية ( كول) عام 2000 .وكما أشار محمود مامداني في ( London Review of Books) فقد تمّ تحويل العنف في السودان من مسلم – مسلم إلى إبادة جماعية يقوم بها العرب ويلجا إلى هذا النقاش من يحاولون تغيير الموضوع عند طرح ما فعلته وما تفعله الولايات المتحدة في العراق الذي من المفترض أنها قامت بتحريره وذلك لإبعاد شبح محاسبة الولايات المتحدة على عمليات القتل التي تمّت وتتم في العراق .ومن المناسب هنا أن نتحدّث عن اشتراك الولايات المتحدة في عمليات التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان في العراق لكنها نتيجة ( الإهمال ) ولا تُعتبر جرائم ،نحن نخذل الناس في دارفور بعدم تدخلنا العسكري هناك أما اعتدينا على هذا البلد وحدث الدمار هذه قصة أخرى .إن النظرة لدارفور تخدم فكرة أن الولايات المتحدة أكثر من امبراطورية وليست اقل من ذلك. ومن الجدير بالذكر هنا أن العنف في العراق والذي تتحمل مسؤوليته الولايات المتحدة هو اقل الأمور التي تتم عليها المساءلة في البلاد.إذا تحدّث أحد عن الإثم الذي تم ارتكابه في العراق عن الاجتياح والاحتلال يتحدثون عن عجز الإدارة الأمريكية او عن تفاؤل جورج بوش بجلب الديمقراطية للعالم العربي والاسلامي وهم الذين لا يوجد عندهم تراث ديمقراطي ومن مجتمع مريض ويتعاملون بوحشية مع بعضهم البعض في حروب أهلية والآن ترون طبيعتهم الحقيقية. هناك توافق بين معظم السياسيين أنّه يمكن لوم العراقيين على المشاكل التي يواجهونها الآن ،السيناتور باراك اوباما انتقد في كلمة له في شيكاغو إدارة الرئيس بوش قائلاً : لا مزيد من التدليل للحكومة العراقية وأضاف نحن لا يمكن لنا ان نتحمل هذا البلد إلى الأبد "5"،ريتشارد بيرل أحد المحافظين الجدد ومن مهندسي الحرب على العراق قال إنه يستهجن فساد العراقيين "6"، السيناتور هيلاري كلينتون التي سترشح نفسها للرئاسة عام 2008 تساءلت : كم يجب علينا أن نضحّي من أجل العراقيين "7"؟ وكأن العراقيين قد طلبوا منا احتلال بلادهم وتحويل حياتهم إلى جحيم والآن خذلونا. الكارثة التي أحدثتها الولايات المتحدة في العراق تزداد سوء يوماً بعد يوم وآثارها لن تنتهي . متى تنتهي ؟وكيف تبقى محصورة في العراق ؟ سوف يعتمد هذا على سرعتنا في الضغط على حكومتنا للإنسحاب من العراق وعلى ردود أفعالنا عندما تحاول بلادنا الاعتداء على بلد آخر ومهاجمته لحماية العالم من أسلحة الدمار الشامل أو نشر الديمقراطية أو ( تدخّل لأسباب إنسانية ). وعلينا ان نفكر كيف ستكون الأرقام المرعبة في آذار القادم في الذكرى الخامسة للحرب والآذار السادس والذي يليه ، كارثة العراق ضعها على لوحة في راسك إن لم تجد مكاناً آخر. 1-http://www.refugeesinternational.org/content/article/detail/9679/ 2-http://uruknet.info/?p=m26150= 3-http://www.washingtonpost.com/ac2/wp-dyn/A809-2004Nov20?language=printer 4- http://www.chomsky.info/onchomsky/199607--.htm 5-http://obama.senate.gov/speech/061120-a_way_forward_in_iraq/index.html 6-http://www.vanityfair.com/politics/features/2006/12/neocons200612 7-http://www.vanityfair.com/politics/features/2006/12/neocons200612 Anthony Amove-Tomdispatch مترجم
#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
راشيل كوري شهيدة رفح
-
الانتحار :الطريقة الوحيدة للخروج من العراق
-
النفط لمن؟
-
لعبة المونوبولي بالأموال العراقية
-
نفاق الولايات المتحدة حول حقوق الإنسان
-
احتجاز العمال الآسيويين للعمل في السفارة الأمريكية في بغداد
-
الأبارتهايد يشبه هذا –إهانات صغيرة على حاجز اسرائيلي 1
-
الأبارتهايد يشبه هذا –إهانات صغيرة على حاجز إسرائيلي 2
-
ضحايا الجدار
-
لونا العراق : اغتصبت ولم تظهر على الفضائيات
-
العراق : عملية إعادة البناء بالتجربة والخطأ
-
أشباح أبو غريب
-
اليورانيوم المنضّب ( القاتل الخبيث يواصل القتل )
-
النساء في الهند :أمّهات للبيع- امّهات للحظات
-
غزة :حلقات الجحيم
-
العراق : أطفال الحرب
-
النساء في أفغانستان - لا توجد مساواة
-
ألأطفال العراقيون ذوي الاحتياجات الخاصة يفتقدون الدعم
-
اللاجئون العراقيون المنسيون
-
إعادة بناء أفغانستان 2
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
|