محمد دلومي
الحوار المتمدن-العدد: 1864 - 2007 / 3 / 24 - 13:00
المحور:
الصحافة والاعلام
حاولت جهد المستطاع أن أتفرد بموضوع معين وكلما تمعنت الواقع العربي بكل تداعياته , أجدني مشتتا بين كل مشكلة ومشكلة فمن أين ابدأ وأين أجد رأس الخيط في كومة خيوط عربية ليس لها آخر من أول …؟
من موريتانيا هذه الدولة التي لا يعرف عنها العرب سوى أنها دولة تطل على المحيط وربما أغلبنا لا يعرف حتى إن كانت دولة عربية أم حبشية أم جنس آخر التي ضربت للعرب المستعربة والبائدة مثالا راقيا في الأداء الديمقراطي و السلوك حضاري رغم فقرها وقلة مواردها في الوقت الذي لازال السلوك الحضاري مجرد كلام للاستهلاك في أوطاننا العربية والغريب في الأمر أن نواكشوط دخلت الديمقراطية من باب " إلى الأمام سر " وإلى الخلف در " أي من باب العسكر بعد انقلاب عسكري لضرب الحليم فينا أخماسا على أسداس ويتعجب للوضع المقلوب والمفاهيم التي جعلت العرب يشذون على قواعد الواقع بكل تغيراته , أن تدخل الديمقراطية من انقلاب عسكري شيء نادر الحدوث أو بالأحرى مستحيل الحدوث وأن يتنازل عسكري عربي بعدما وصل إلى الحكم عن طريق انقلاب فاسحا المجال للخصوم في سباق ديمقراطي تحسده فيه حتى أمريكا التي لازال الشك يراودها في انتخابات "الغور بوش" فالأمر كله فيه نظر ..والحق يقال أن موريتانيا بجنرالها "محمد ولد فال" أعطت درسا رائعا في الوفاء بالعهد الذي قطعه الرئيس العسكري لشعبه حينما أعلن أنه لن يستمر في الحكم لأكثر من عامين وأنه سيسلم الحكم للسياسيين بعد انتخابات نزيهة , ليحطم شعار الديمقراطية قطرة , قطرة أو ديمقراطية التقسيط ومقولة أن الديمقراطية تتطلب وقتا طويلا لبسطها على الواقع التي دأب عليها حكامنا الميامين لأن الشعب حسبهم لم ينضج بعد وكي نكون في الصورة نحن لن ننضج على الإطلاق في نظرهم إلى أن يتكفل ملك الموت بأخذهم ليفسح المجال لأبن الرئيس أو الأمير لتعود دورة الحياة والموت إلى نقطة الصفر ..
وإلى المملكة المغربية والجمهورية الديمقراطية الشعبية الجزائرية ( لا أعرف عن أي ديمقراطية وعن أي شعب يتحدثون هنا ) نحط الرحال لنتفرج على مملكة وجمهورية تقفان على طرفي نقيض في كل شيء رغم أنهما يجمعهما كل شيء من اللغة والعادات والتقاليد والدين حتى لا تكاد تفرق بين مغربي وجزائري لكن حسابات الساسة جعلت كل واحد يشعر بالغربة عن الآخر ففي الوقت الذي تزداد الدول التي تجمعهم بعض الروابط البسيطة ارتباطا وتعاونا تتنافر كِلا الدولتين مثل مغناطيس موجب وسالب كلما اقترب واحد من الأخر ابتعد الآخر وكلما اقترب الآخر ابتعد الثاني , والضحية دوما شعوب المنطقة ’ وفي تحدِِِ ورفع قمة التحدي إلى السقف هاهي دول الإتحاد المغرب العربي تعلن الوحدة ليس على المستوى الاقتصادي ولا السياسي ولا التعاون بمختلف أشكاله لكن بإخراج نسخة ستار أكاديمي للمغرب العربي تحت شعار لا شرقية لا غربية بل مغاربية لتتحد هذه الدول وتنافس بعضها على هز البطن فمن قال أن هز البطن لا يوحد الأمم ..؟ كأن الشباب في المنطقة لا ينقصه إلا ستار أكاديمي كي يشعر بالكمال , والحقيقة أن الشمس كل يوم تشرق على شباب المغرب الأقصى والجزائر وهم جثث هامدة على شواطئ إيطاليا الجنوبية واسبانيا بعدما لفظهم بحر (الموت) المتوسط وهم يحاولون الوصول إلى الضفة الأخرى هربا من البؤس واليأس وبحثا عن كرامة فقدوها في أوطان صارت مجرد معتقلات كبيرة , لكن الأسياد لا يعبئون للأمر فيكفي أن لا وقت لهم وهم يعدون مليارات من دولارات النفط التي طغت على كل شيء ويصنعون مشاريع من أوهام وأرقام لنجاح داخل علب من سراب وإنتاج مناصب عمل ليس في المصانع لكن في ستار أكاديمي مغاربي .. وانتخابات نيابية في الجزائر يتصارع فيها أصحاب أكياس المال والأميين ورعاة الماعز والبقر لتكرس نظرية داروين الحيوانية البقاء للأقوى وتصبح مقياسا بشريا انتخابيا يحق للنائب الجزائري أن يباهي به الأمم , لتختفي الكفاءة وتتحول النذالة والخسة إلى معيار جيد ومن المستوى العالي للوصول إلى البرلمان .. بعدما صار هذا البرلمان الذي كانت له حرمته وقدسيته في عهد الحزب الواحد مجرد نزوة من نزوات أهل المال من المنتفعين من المال العام واللصوص والأميين ..
ومن بين هذه (الشقلبة) والوضع الذي يبكي الأعداء والأصدقاء على حد السواء يخرج علينا سيادة العقيدة ليفرض على العرب الوافدين إلى جماهيريته الفاضلة تأشيرة دخول مهما كانت أسباب الزيارة هكذا ليحرم العرب من جنة عدن العقيد , مع العلم أن الغرب والأمريكان مستثنون من هذا الإجراء فقد غفر لهم العقيد ما تأخر وتقدم من ذنبهم ويحق لهم دخول جماهيرية الجنان دون صكوك غفران
بعد هذا الإجراء العملي سيتكرم علينا سيادته ويخطب في الأمة العربية خطب الوحدة العربية والتضامن العربي لنشذ نحن العرب بأمور ما سبقنا إليها انس ولا جان ولا أمة خلت وانقضت , كل الدول تبني مستقبلها على التكتلات لأنه عصر التكتلات فمن التكتل الأوربي إلى التكتل الإفريقي إلى تكتل نمور أسيا في وحدة اقتصادية . ووحدنا مثل الليل الذي يسابق النهار والنهار الذي يسابق الليل , ولا أحد منهما لحق بالآخر أو التقى في نقطة معينة , وحدنا نصنع الحدث بهروبنا من العصر ومن أنفسنا ونتقلص إلى دويلات تكاد تكون مجهريه .أما جار العقيد في مصر المحروسة فلا يكفي حالة الطوارئ القائمة منذ اعتلائه عرش مصر منذ عقود واختراعه لفزاعة الإرهاب هاهو اليوم بعدما ملك لمصر تحت مسمى رئيس الجمهورية , وبما أن كل الدول العربية صارت ملك مشاع وخاص للحاكم وأسرته والأقربون والحاشية فلا ضير أن تكرس مصر المحروسة وأم الدنيا التضييق على الحريات وخنق المواطن حد الانتحار بابتكارها بدعة تغير مواد دستورية تخول الأمن تفتيش بيت الغلابة في أي وقت وفي أي ساعة ودون اللجوء الى الهيئات القضائية والعجيب في الأمر أن الآمر الناهي والحاكم بأمره يستدعي الناخب المصري لأجل التصويت على قوانين تنزع عنه هدومه وتعريه وتهريه وتجعله يرفع يديه للبوليس حتى وهو في بيته في حضن زوجه وأم عياله , ومع هذا يؤكد لنا أزلام الأنظمة وأبواق الشر الإعلامية أن أنظمتنا ديمقراطية , "أي والله"
تونس الخضراء ديمقراطية رغم أنها تمنع الحجاب الشرعي الذي فرضه الله من علياء سمائه بقوة القانون , ورغم أن تونس الخضراء تقر بالتعددية , مثلها مثل الجزائر و مصر وجمهوريات الموز لها أحزاب وبرلمان وصحافة حرة أنا لا أقول شيء من عندي لكن الصحافة في الجزائر وفي المغرب وفي تونس ومصر وفي كل دولة عربية تباهي أنها أكثر ديمقراطية من الصحافة العربية , لكن لا تجرأ أي صحيفة من صحف العار على أن تقول كفى أو كلمة "لا " لأن حرف اللام يؤدي إلى أبو زعبل وسركاجي والحراش وسجون أخرى مجهولة في الصحاري والقفار العربية لأنها تقع خارج الزمن .. وحدنا نصنع المهازل بجدارة ليضحك العالم بأسره على صنيعنا ولكننا نناطح الصخر وأسوار من فولاذ لنقنع العالم أننا أكثر حضارة وأكثر ديمقراطية وأكثر حرية , ولكن واقع الحال ووجهنا الذي نراه في مرآة الأمم يقول أننا أكبر أضحوكة عرفها العالم ( على الأقل صرنا ننفع لشيء نسلي العالم بمآسينا )
وفي فلسطين الجريحة يتقاتل الإخوة من أجل من سيحكم من .. وبعد كر وفر ودماء تسيل من الجسد الواحد وأرواح سقطت وديار هدمت ومصالح أوقفت وعوائل يتمت ونساء رملت يتفق الإخوة الأعداء ليس لأجل فلسطين ولا لأجل الشعب ولكن لأجل اقتسام مناصب وتوزيع مكاسب , ليعين الرئيس محمود عباس الشهداء بمرسوم رئاسي ويعتبر أن كل من سقط ضحية للتطاحن الداخلي شهيد , والكل يعرف حديث المصطفى عليه لصلاة والسلام (إذا التقى المسلمان بسيفهما ............) لكن لا ضير في أن نعين ننصب الشهداء بمرسوم رئاسي مثلما نعين السفراء ونقتسم المناصب والحقائب الوزارية كل شيء بمرسوم حتى الشهادة .
ولن ألوم أحدا هنا إذا وصفني بالجنون لأننا أمام هذه الأوضاع إذا لم تصبنا لوثة في عقولنا فهذا يعني أننا لسنا أسوياء بمعنى أننا إذا تقبلنا الوضع العربي بكل تداعياته فهذا يعني أننا مصابين بشيء خطير في عقولنا وإذا كان الأمر فوق طاقة استيعابنا العقلي فهذا يعني إننا دخلنا مرحلة الجنون , ربما يستدعي الوضع العربي دراسة معمقة للأخصائيين والنفسانيين .
ومن الجانب الآخر تقف سوريا بحزم في تدعيمها لحزب الله لأجل تحرير (الجولان) عفوا جنوب لبنان ولكن تقف عاجزة عن استنساخ حزب الله آخر في الجولان ربما خوفا من أن يبتلع هذا الحزب النظام يوم ما وتتكرر أسطورة (فرانكنشتاين) حينما قضى على صانعه مع حزب البعث ونظام البعث كله وكدأب الإعلام العربي لازالت الصحافة السورية على خطى الصحافة الحمراء البائدة وشعار المطرقة والمنجل , وعلى بعد خطوة من سوريا صار عراق الحضارة والتاريخ مجرد دويلات وقبائل جعلت من نهر دجلة والفرات يسيل دما , وبعد وعود بوش قبل أربع سنوات بأن يجعل العراق دولة ديمقراطية ودولة حرية تكون نموذجا يقتد به في الشرق الأوسط هاهو العراق يعود في عهد بوش العظيم إلى عصور ما قبل التاريخ ليصبح المواطن العراقي البسيط الذي أخطأه الموت أمس ولا يعرف ما سيكون عليه حاله اليوم أما غدا فليس له اعتبار عنده يشعل نار موقده بضرب الحجر بالحجر وبتروله يتسرب من بين يديه وخلفه , تحت الرعاية السامية لحكام العراق الجدد وليصفق أهل الحكم في العراق اليوم على قانون النفط الذي سنته أمريكا والذي اعتبره الخبراء وأهل القانون أنه أكبر سرقة في التاريخ فاقت بشاعته بشاعة السرقة التي قام بها الأسبان لأطنان ذهب الهنود الحمر .
أما اليمن السعيد لا أعرف لمَ لازالت صفة السعادة ملتصقة به رغم أحزان الشعب الفقير الذي ولدت فيه أجيال وماتت ولازال عبد الله الصالح في اليمن حاكما ولم يتغير شكله منذ أصبح رئيسا لليمن الضاحك الباكي , ربما لأن الحكم هو أكسير الحياة لتزيده أزمة الحوثيين وخروجهم على السلطة ورفعهم السلاح في وجه كل متحرك وساكن في اليمن مسحة حزن أخرى كلفت الشعب اليمني أكثر من 600 مليون دولار تستنزف من عرق ودم الشعب اليمني الحزين .
ماذا نكتب .. وعن ماذا نحكي ..؟
عن تقدم نحو الخلف .. أم تخلف يمضي بنا نحوالأمام ..؟
وكل الأوضاع العربية أضحت مثل سلطة المايونيز في عبوتها الجديدة (بالشقلوب)..
وفي دولة اسمها قناة الجزيرة أو دولة قطر لم أعد أعرف صراحة أو حتى افرق بين القناة والدولة أو بالأحرى من يملك من ..؟
قناة الجزيرة تملك قطر . أم قطر تملك قناة الجزيرة ..التي احتلها أصحاب اللحى المهذبة من الإخوان
هذه القناة التي ترفع شعار الصدق والمصداقية ,, وتصلك الأخبار ساخنة حيثما تكون والرأي و الرأي الآخر تهاجم بضراوة وباحترافية قل نظيرها وتكشف للعالم الحقائق بالأرقام وتميط اللثام على صفقة اليمامة لتضع المشاهد في قلب الحدث , ولكنها وهي التي تخلق قلب الحدث لم تكشف يوما عن يمامات قطر وعصافيرها الملونة ومختلف الطيور الداجنة واللاحمة وذات مخلب وناب , ولا اعرف كيف يخونها السبق الصحفي وهو يحدث في عقر عشها حينما تستقبل رجل السلام "شمعون بيريس" ولا تشير الى الأمر لا في عناوين نشراتها ولا حتى في ذيل الأخبار ..
ويبقى عزاؤنا كشعوب عربية في المغنية ذات الأصول العربية التي ستغني من قلب دبي لكل العرب ولعيون العرب ستغني بالعربي ’ ولا اعرف إن كان عربي مصري أم عربي شامي أم عربي خليجي أم عربي مغربي أم عربي فصيح ولكنها ستغني في كل الأحوال بالعربي نكاية في الظلم المسلط علينا وسترقص شرقي وسترقصنا كلنا على وحدة ونص ونعلنها للدنيا على جرائدنا الصفراء التي لا تعبأ بأخبار الفقراء لكنها ستملأ صفحاتها بمواضيع الشقراء ( ياااااا عالم شاكيرا عندنا )
لنصبح عبوة عربية بالشقلوب تصلح لسلطة مايونازية توضع على مائدة كل من ينتظر دوره في أخذ قطعة من أرضنا ممزوجة بمايونيز العلبة بالشقلوب مثل والوضع
العربي بالشقلوب .
#محمد_دلومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟