أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامي البدري - مؤسسات المجتمع المدني وبناء العملية الديمقراطية















المزيد.....

مؤسسات المجتمع المدني وبناء العملية الديمقراطية


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 1864 - 2007 / 3 / 24 - 10:20
المحور: المجتمع المدني
    


يعرف (غرايم جل) في كتابه (ديناميات السيرورة الديمقراطية والمجتمع المدني ) المجتمع المدني بـ (المجتمع الذي يضم جماعات حرة مستقلة يلتقي أفرادها حول آراء وضروب انشطة ويعملون من اجل تأكيد مصالحهم والدفاع عنها ؛بما في ذلك ضد السلطة ). وعليه فان مؤسسات المجتمع المدني هي مؤسسات تنظيمية حرة ومستقلة يقوم نشاطها على اساس العمل التطوعي الاختياري غير المربح (ماديا) والمستقل عن سيطرة الحكومة والمراقب لادائها .وتعد نقابات العمال والمنظمات المهنية من بين ابرز مؤسسات المجتمع المدني واهمها تمثيلا ،وذلك لارتباطها بمنظومة العملية الاقتصادية والانتاجية للبلد من ناحية ،والوجه العام للعملية السياسية للحكومة ،باعتبارها ـ الحكومة ـ الراسم والمنفذ الرئيس للسياسات الاقتصادية من ناحية ثانية . ولعل في تجربة دور النقابات العمالية ،في دول اوربا الصناعية ،انصع الامثلة على انتقال هذه الدول من عصور الاقطاع واستغلال ارباب العمل واستبداد الانظمة السياسية الى عصر الدولة الديمقراطية وحقوق الانسان والضمان الاجتماعي وتحسين ظروف العمل ورسم سقف الاجور وتحديد ساعات العمل بما يؤمن المستوى المعيشي اللائق بالحياة الانسانية ،وبما يصون كرامة العامل ويدفع عنه غائلة الحاجة والاستغلال والابتزاز. وعليه فان نقابات العمال وباعتبارها اول اشكال مؤسسات المجتمع المدني ،كانت قد مثلت اول سبل ومنافذ مراقبة اداء الحكومات وكبح جماح الساسة والوقوف بوجه التسلط السياسي والانتقال بالمجتمعات الى الحياة المدنية التي تحكمها الدساتير وشرعات حقوق الانسان .وعلى هذا فقد كانت اولى خطوات الجنرال (مكارثي)،الذي تولى عملية بناء المجتمع المدني في اليابان (عقب هزيمتها في الحرب العالمية الثانية واحتلالها من قبل الولايات المتحدة الامريكية ) والانتقال بها الى عهد الديمقراطية ،هي تشجيع العمال وذوي المهن من اليابانيين على تأسيس النقابات العمالية والمظمات المهنية المستقلة وغير المرتبطة بمؤسسات الدولة ،وحتى قبل اتخاذ قرار تحويل مصانع الانتاج الحربي الى الانتاج المدني او التفكير بسن دستور يقيد سلطات الامبراطور ويرسم شكل الحكومة المدنية . وهذا ما كان يجب ان تفعله الولايات المتحدة الامريكية في العراق عقب غزوه والاطاحة بنظامه السياسي السابق (استنادا الى الشعارات الدعائية التي رفعتها كمبرارت لعلية غزوه واحتلاله) وخاصة بعد عقود تعطيل المجتمع المدني ـ كبنى ومؤسسات وممارسة ـ من قبل قبل ذلك النظام ،وبعد ان كان قد اتى على كامل مظاهر ومقومات المجتمع المدني ومؤسساته ، التي أفنى الشعب العراقي نصف قرن من عمر كفاحه في العهد الملكي وعهدي الجمهورية الاولى والثانية في بناءها وارساءها ،كبنى وثقافة وممارسة ..، ذلك النظام الذي كان قد حول النقابات والمنظمات المهنية الى خلايا حزبية ،حصر مهام اعضاءها في مراقبة العمال وكتابة التقارير السياسية عنهم ،قبل ان يأتي على بقية هياكلها الخاوية بقراره الارتجالي بتحويل العمال الى موظفين والغاء هياكل النقابات وغلاقها نهائيا. وعلى عكس المثال الياباني ،وعلى الضد من كل ادعاءات امريكا الزائفة ،في انها انما جاءت الى العراق من اجل دمقرطته واعادته الى حياة المجتمع المدني ،نرى انها ،ومنذ ايام الاحتلال الاولى ،قد سعت الى الوقوف بوجه تشكيل أي نقابة حرة ومستقلة ،سواء عن طريق حل ما تبقى من الهياكل القديمة بقرارات الحاكم الامريكي السابق للعراق (بول بريمر)او بقرارات مجلس الحكم السابق ،او عن طريق اطلاق يد الاحزاب والاشخاص الذين جاءوا مع قوات الاحتلال ،في عملية تشكيل هياكل نقابية صورية تابعة لها وتأتمر باوامرها .ففي الوقت الذي كان فيه مجلس الحكم السابق قد اصدر القرار رقم (3) في 7/1/2004والقاضي بحل مجالس ادارات النقابات العمالية والمظمات المهنية السابقة وتشكيل مجالس جديدة منتخبة وفق القواعد والتقاليد الديمقراطية ،نرى ان مدير الدائرة القانونية في وزارة الصناعة والمعادن (الوزارة الحاضنة لاكبر واهم المؤسسات الصناعية والانتاجية في القطاع العام ،والتي يزيد عدد العمال فيها على ثلاثة ملايين عامل)يلغي نتائج تلك الانتخابات بنقاباتها وهياكلها بعد خمسة اشهر فقط من تاريخ قرار تشكيلها ،وعلى اثر تظاهرة لعمال شركة الزوراء العامة طالبوا فيها باقالة بعض مدراء الاقسام بحجة (بحسب نص القرار) سرقة ارزاق المنتسبين واموال الدولة ؛والذي عمم اثره ليشمل كافة مجالس نقابات شركات الوزارة ،بحجة ان (ليس هنالك درجات عمالية في ملاك الشركات العامة ،حيث تم تحويل العمال الى موظفين ). كتاب الدائرة القانونية المرقم د .ق/2011في 7/6/2004 . اذن ،فالولايات المتحدة الامريكية ـ كقوة احتلال في العراق ـ ليس فقط لم تسع لارساء قواعد المجتمع المدني الديمقراطي في العراق وحسب ،وانما سعت الى قبر الجهد الشعبي المستقل الذي نهض بهذا الاتجاه خلال شهور الاحتلال الاولى ،سواء بتدخلها المباشر ،عن طريق محاربتها لمجالس النقابات المستقلة ،من خلال مداهماتها لمقراتها واعتقالها لاعضاءها ،او عن طريق ادواتها الحكومية ،كما في مثال وزارة الصناعة والمعادن آنف الذكر ،او عن طريق هيمنة احزاب السلطة وفرضها لاعضاء يمثلونها على مجالس ادارات النقابات ،وتحويلها الى اقطاعيات خاصة او منافذ حزبية ،من اجل التحكم بسياساتها ووجهات قراراتها والاستئثار بتخصيصاتها المالية الممنوحة من قبل ادارة الاحتلال ،كثمن لتغاضيها عن واجباتها تجاه اعضاءها او لسكوتها عن انتهاكات حقوقهم من قبل اجهزة الدولة (ادارات الشركات العامة التي تحولت الى اقطاعيات للاحزاب التي تسيطر على مجالس اداراتها).من هنا يمكن ان نخلص الى نتيجة مفادها ان المجتمع المدني والبناء الديمقراطي لايأتي عن طريق الادعاء او القرار الفوقي ،وانما عن طريق اشاعته كثقافة والتثقيف بها والتشجيع ـ عن طريق توفير الوسائل والادوات ـ على تأسيس رموزه المؤسساتية ،كضرورات تفرضها الحاجة ،دون التدخل لاي رمز سلطوي (حكومي)في عملية تشكيل البنية التنظيمية او الفكرية او تحديد اتجاه عملها او فرض هوية سياسية عليها ؛لان النقابات وباقي مؤسسات المجتمع المدني انما تشكل لـ (تأكيد مصالح اعضاءها والدفاع عنها)والتي لاتتحقق الا عن طريق مراقبة اداء الحكومة والوقوف بوجه أي انتهاك (شخصي او تشريعي) ومحاسبتها عليه ..او (ضد
السلطة)،بحسب غرايم جل .. وهذه هي روح المجتمع المدني ككفاح مني منظم ،وكجهد مؤسسي يكرس للحياة الديمقراطية التي يتحول فيها رجال الحكومة نت حكام سياسين الى موظفين مدنيين مهمتهم السهر على حماية النظام وتنفيذ القوانين التي تصون حقوق افراد المجتمع وتكفل لهم الحرية والعيش الكريم .



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منظمة مجاهدي خلق في معادلة التوازن الامريكي – الايراني
- هل نحن على اعتاب حرب باردة جديدة؟
- في سبيل بناء مجتمع مدني
- على حافة الراس
- لبنان في ميزان الهيمنة الاقليمي
- ايران و استراتيجية بوش الجديدة
- ايران وحلم الضيعة العراقية
- مكافآت الصبيان
- لعبة حظ على طاولة الطعام
- حرب العراق الاهلية .. الوجه والقفا
- حصيلة العراق من النظام الجمهوري
- عبث في قطار آخر الليل
- عواصمنا العربية وبعبع الثقافة
- كفانا نمارس السياسة حربا
- غباء اليمين المزمن
- احزابنا السياسية ومسؤولية بناء المجتمع
- اشكاليات الرواية العراقية
- فرائض ضلالاتي
- من قتل جلوريا بيتي ......؟
- استراتيجية الشرق الاوسط الجديد واعادة رسم جغرافية المكان


المزيد.....




- بيان مشترك بشأن حالة الأمن الغذائي وخطر المجاعة في السودان
- العنصرية سلاح خفي ينهش أرواح الأتراك والعرب
- اعتقال متهم سرق دراجة نارية بداخلها 9 آلاف دولار في بغداد
- أول عربي يشغل منصب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ...
- تداعيات حملة الاعتقالات الحوثية على العمل الإغاثي في اليمن
- -نائب ترامب- يدعو لطرد -الكثير- من المهاجرين غير الشرعيين
- بعد أحداث نهائي كوبا أمريكا.. اعتقال رئيس الاتحاد الكولومبي ...
- بيان مشترك بين الإمارات ودول أخرى حول خطر المجاعة في السودان ...
- اعتقال رئيس الاتحاد الكولومبي لكرة القدم وابنه بعد نهائي كوب ...
- شهادات مروعة عن تعذيب أسرى غزة في سجون إسرائيل


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامي البدري - مؤسسات المجتمع المدني وبناء العملية الديمقراطية