أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - عبدالوهاب حميد رشيد - الضحايا الصامتون: أطفال العراق.. إلى أين؟















المزيد.....

الضحايا الصامتون: أطفال العراق.. إلى أين؟


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 1865 - 2007 / 3 / 25 - 11:49
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


مصطفى كريم- الصف الرابع- يعيش حالياً مع أسرته في معسكر حقير squalid camp شرق بغداد بعد مقتل أقرباء لهم والهروب من منزلهم.
تمتلئ عينا الشاب الصغير دموعاً وهو يتذكر الأحداث التي دفعته الخروج من منطقة سكناه. "قتلوا والدي وعمي أمام عينيّ،" قال ذلك وانخرط في البكاء دون أن يستطيع الاستمرار في سرد تفاصيل الجريمة.. إن مُصابه أليم لا يُحتمل!
مثل هذه القصة أصبحت اعتيادية في عراق اليوم بعد أربع سنوات من الغزو/ الاحتلال الأمريكي. يقول مسئولو الصحة: شدّة الصعوبات اليومية، القصف والتفجيرات، إطلاق نار مستمر، قتل أفراد العائلات والعنف الطائفي.. تُحمّل أطفال العراق ثمناً باهظاً مستمراً.
لم يَعُدْ مئات آلاف الأطفال يذهبون إلى مدارسهم. أُجبر الباقون النزوح مع عائلاتهم خارج الوطن. أما من بقي، فهم عرضة للخوف والقتل.. إن الآثار النفسية للحرب يتحملها الضعفاء.. الأطفال..
"أطفالنا أسرى العنف... أغلبهم يُعانون صدمات نفسية،" قالها الدكتور سعيد الهاشمي- أستاذ طب النفس في الجامعة المستنصرية ببغداد. وأضاف: النزوح الضخم للناس من ديارهم، قتل أعضاء العائلات، التواجد الثابت للقوات المسلحة، المليشيات وفرق الموت.. لها آثار طويلة الأمد على الأطفال، بخاصة هؤلاء داخل بغداد وأطرافها المعروفة بشدة العنف المستمر والمتصاعد. "أنا اُسمّيهم: الضحايا الصامتون.. أطفالنا العراقيون ضحايا صامتون،" حسب قوله لـ CNN.
* الأطفال يواجهون الاضطراب في سلوكهم نتيجة صدمات ضاغطة
من المستحيل تقريباً دراسة آثار الحرب والعنف بدقة على هؤلاء الأطفال أو عدد من تأثروا بها. لكن تقريراً صدر عن المنظمة الخيرية لحماية الأطفال بشأن الأطفال في مناطق العنف، قدّرت أن 818 ألف طفل عراقي أعمارهم بحدود 6-11 سنة هم خارج المدرسة. وهذا يعني أن واحداً من كل خمسة أطفال من هذه المجموعة (25%) محرومون من التعليم.
"الصراع العنيف يُمزق الحياة الاعتيادية، يُجبر ملايين العائلات النزوح من ديارهم، يَفصل الأطفال عن عائلاتهم ويحد من قدرة المدارس على مواصلة سيرها." وأضاف التقرير "كل يوم، ينهض هؤلاء الأطفال وهم يواجهون حياة تتصف بشدة الصعوبات والعمل، والنظرة الكئيبة للمستقبل."
منذ يناير/ ك2 لغاية مارس/ آذار العام الماضي، ساهمت منظمة الصحة العالمية مع أطباء نفسانيين عراقيين في سلسلة دراسات بشأن الصحة العقلية mental health للأطفال في مدن بغداد، الموصل ودهوك. كشفت إحدى الدراسات التي تمت على مدرسة ابتدائية في بغداد أن حوالي نصف ألـ 600 تلميذ محل الفحص يُعانون من صدمات كبيرة منذ بداية الحرب. واحد من كل عشرة يُعانون من اضطراب عقلي ناجم عن صدمات ضاغطة، حسب الدراسة.
دراسات أخرى وجدت أن الأطفال الأكبر سناً في الموصل يُعانون بشكل أسوأ: 30% من الأطفال محل المسح الميداني وعددهم 1090 أظهروا علامات اضطراب عقلي ناجم عن صدمات ضاغطة. تقريباً كل هؤلاء يُعانون من أعراض مرضية عقلية وأن 92% منهم لم يحصلوا على أي علاج، حسب الدراسة.
يضاف إلى ذلك، أن الأطباء ليسوا مُحصَّنين ضد مخاطر هذا العنف. هرب أو قُتل 50% من الأطباء النفسانيين العراقيين منذ بداية الحرب، وحسب الدكتورة نظيمة الغزير- ممثلة منظمة الصحة العالمية في العراق "هذا شيء يقلق كثيراً في الواقع."
* معاناة الفتيات من نوبة مرضية seizure بسبب الحرب
خلقت الهجمات المستمرة محيطاً من الخوف، علاوة على العجز المهني في العراق. غالبية المنظمات الإنسانية لم يَعُدْ لها حضور في البلاد بعد أن أُجبرت على تركها بسبب العنف وغياب الأمن. وكانت منظمة حماية الأطفال البريطانية- التي عملت في العراق على مدى خمسة عشر عاماً- من بين المجموعات الكبرى للمنظمات التي غادرت وأقفلت مكتبها في العراق منذ وقت مبكر من هذا الشهر.
أخذت الهياكل الأساسية الصحية تترنح أمام الضحايا المصابين بأمراض نفسية نتيجة وحشية الحرب. وتواجه كثرة مفرطة من المراجعين المرضى تجعل من الصعب التعامل معها على نحو مناسب. يُضاف إلى ذلك، أن الكثير من أفضل وألمع أطباء العراق قُتلوا أو هربوا من البلاد.
وهذا ما ترك مهمة الرعاية النفسية للأطفال إلى فريق صغير من الأطباء المحليين، مثل الدكتور هاشمي، إذ يقوم بتدريب أطباء أطفال ومعلمين ممن لهم ارتباط بالأطفال ليتعرفوا على علامات مِحَنهم ومشاكلهم العقلية.
الدكتور علي حسين- طبيب عام general practitioner- يحاول تقديم المساعدة. "جاءت طفلة صغيرة إلى مكتبي. كانت تصرخ طوال الوقت، حسب قوله. "قالت والدتها: إنهم اعتادوا سماع القصف والتفجيرات يومياً. لكن الطفلة بدأت مؤخراً، فقط، تشعر بالرعب. أصبحت غير قادرة على تحمل المزيد."
مثل هذه الأعراض بادية بوضوح على فتاة شابة في عيادة الدكتور حيدر محسن- زهرة (ثماني سنوات)- فتاة يظهر عليها الهدوء.. لكن والدتها أخبرت الدكتور محسن أن هذا السلوك الهادئ للطفلة يختفي حالما تسمع تفجيرات القنابل في المنطقة. تُعاني الفتاة من نوبات مرضية seizures مع سماعها التفجيرات. في حين تُعاني مريضة أخرى- ختام (13 عاماً)- من رد فعل مختلف عند سماعها التفجيرات: إنها تُهاجم أُمّها.
"أصبح أطفالنا عنيفين جداً، عدوانيين جداً، يتكلمون ببذاءة ويتصرفون بسلوكية سيئة. ونحن نرى أن هذه الأعراض هي حصيلة تداعيات الحرب،" حسب عبدالمحسن.
* إجبار فتاة النوم إلى جانب جثة هامدة
يقول محسن أنه يسمع قصصاً مشابهة يومياً. واحدة من مرضاه: زمان- (16 عاماً)- اختطفت خارج مدرستها في المنصور بضواحي بغداد. احتجزتْ على مدى تسعة أيام في غرفة بدون شبابيك مع 20 فتاة أُخريات. عندما لم تدفع إحدى العائلات الفدية لإطلاق سراح ابنتها، اغتصب المختطفون الفتاة ثم قتلوها. تقول زمان أنها تعرضت للضرب وأُجبرت على النوم إلى جانب الفتاة المقتولة. تقول عائلة زمان أنها دفعت 20 ألف دولار فدية لإطلاق سراحها. تُعاني ابنة ألـ 16 عاماً حالياً من كآبة عميقة. تنهض من نومها في منتصف الليل وهي تصرخ وتبكي. كوابيسها شديدة الوطأة إلى حد أنها خائفة من أن تنام.
تستعطف والدتها الدكتور محسن لمساعدة ابنتها.. "حسناً.. حسناً.. فقط اهدئي،" يجيبها الطبيب. ولكن بعيداً عنها، إنه واثق من أن هذا الجيل مفقود lost generation. "إنهم يعيشون مأساة حقيقية. يُعانون مشاكل نفسية كثيرة،" حسب قوله. ويضيف "ما نستطيع أن نفعله لأطفالنا هؤلاء هو مجرد محاولة مساعدتهم بأشياء بسيطة حسب إمكانياتنا. وعليه، أرى أن أطفالنا يواجهون مشاكل ضخمة." وأخيراً يجيب على السؤال التالي:
ماذا يعني هذا كله لجيل الشباب العراقي؟.. "لا أعلم ماذا سيكون مستقبلهم!"




#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلة بناء سفارة تُناسب إمبراطورية: الإمبريالية الأمريكية!
- وأخيراً كُشِفَ النقاب عن الهدف
- دمعة عراقية.. لم يعد بعد الآن.. السكوت من ذهب!
- ثلث سكان العراق يُعانون من سوء التغذية1
- أزمة اللاجئين العراقيين
- انتزاع نفط العراق1
- تهديدات بالموت أو الهجرة: قصة مأساوية
- مجرد معارضة الحرب.. غير كاف بعد الآن
- اضطراب حياة النساء في العراق: خيار سلفادور
- أطفال العراق بين كوابيس القذائف وهلع الاختطاف
- هذا العراق.. بناه بوش!
- منافع نموذج الديمقراطية الأمريكية!!
- مع تصاعد الفقر يلجأ فقراء عراقيون لاستخراج الألغام لبيعها!!
- الإجراءات الأردنية الجديدة -حكم إعدام- بحق العراقيين اللاجئي ...
- البريطانيون قادمون.. البريطانيون هاربون!
- العراق: حقائق بشأن المشردين واللاجئين
- أطفال العراق بعد الغزو
- العراق في ظل الفوضى
- اغتصاب النساء مَحلّ مكافأة.. فقط في العراق!
- انتهاك حرمة نساء العراق


المزيد.....




- الأونروا: حدة الاشتباكات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية ته ...
- فلسطينيون ينتقدون طريقة الإغاثة عبر الإنزال جوا في غزة: -مسا ...
- الأونروا: عمليات -النهب- تعرقل إيصال المساعدات في غزة
- حماس: مزاعم الاحتلال استخدام -الأونروا- لأغراض عسكرية كذب مف ...
- اعتقال واستجواب 80 فلسطينياً في الضفة الغربية
- للمرة الثالثة على التوالي.. الاحتلال يمدد اعتقال الزميلة رشا ...
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة بالضفة واشتباكات في طوباس
- نتنياهو يتراجع عن مقترح الصفقة الإسرائيلي.. عائلات الأسرى: ف ...
- -القدس- ترصد عذابات النازحين في غزة وأسماء العائلات التي مُس ...
- معظمها في رام الله.. الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة في الض ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - عبدالوهاب حميد رشيد - الضحايا الصامتون: أطفال العراق.. إلى أين؟