أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي كاظم الخفاجي - المنطلقات الارهابية في الاسلام وهم ام حقيقة















المزيد.....

المنطلقات الارهابية في الاسلام وهم ام حقيقة


علي كاظم الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 1864 - 2007 / 3 / 24 - 12:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دأبت الكثير من الدراسات على اجترار الاطروحة القائلة بان الدين عموماً والاسلام بشكل خاص له الدور الواسع في تفعيل الارهاب وامداده بالمادة الفكرية المقتضية لاستمراريته وديموميته وامتداده اجتماعياً بما يحويه الدين من مقولات تُعطي ـ من وجهة نظرهم ـ المسوغ الفكري والعاطفي والتأريخي لممارسة الارهاب ضد "الآخر" ، ولو تتبعنا منطلقات واسس هذا الاتهام لوجدنا عين المقولات الغربية التي تخندق خلفها اغلب من ساهم في بناء وتجذير هذا الاتهام محاولةً منهم لصيرورته بديهة معرفية يتجاوز وباصرار الوقفة التقويمية والتجاذبات الفكرية.

والذي يعنينا الان لدفع هذه المقولة استحضار العوائق المعرفية المؤسسة لهذه الاشكالية ، التي تبدو كمقاربة اولية امراً مقبولاً ، ونتيجة حتمية لدراسة موضوعية ، بَيدَ ان الذي يتمحص للمراقب خطل هذه التصورات وضبابيتها لاستنادها الى استقراء ناقص لمفردات دينية ، وكسل تنظيري افضى بالباحث الى الاعتماد على "الآخر" في منهجه البحثي واطروحاته الفكرية كما سيتضح.

لو تاملنا الخارطة الفكرية الذي حاول الخطاب الغربي ، والمتأثرون به ، رسمها في اللوحة الثقافية للعالم الاسلامي لوقفنا على عدة منطلقات فكرية ساهمت في التأصيل النظرية للمداخل التأسيسية لهذه الاطروحة ، بحسن نية عند الاعم الاغلب من العلمانيين العرب ، مع استثناء قلة قليلة من الذين شكلوا جيشاً آيديولوجياً للدفاع عن مفاصل الحضارة الغربية بخيرها وشرها ، الذين انبهروا بالحضارة الغربية وما انتجته على الصعيد التقني من تقدم – رغم المبالغة الاعلامية في مقدار هذا التقدم-
ويمكن تلخيص تلك المنطلقات بما يلي:

1. غياب المنهج
( يتأسس الموقف من الدين على المنهج الذي يمارسه علم الاجتماع وهو منهج خاص يعتمد على قراءة تاريخ الدين ودوره ، فهو يقرأ الدين كما هو في الواقع المعاش والمعاصر ، وكما سجلت لنا كتب التأريخ دوره وحركته في المجتمعات ، والاعصار المنصرمة ، فهذه القراءة تضع نصب عينيها ما هو قائم ومتحقق بالفعل من الفكر والممارسة الدينية كارضية لاصدار الاحكام ، ولذلك فهي لا تخرج عن الواقع سواء أكان واقعاً معاصراً ام واقعاً تأريخياً سجلت لنا الكتب والحفريات معالمه. فالدين هو المعتقدات والطقوس التي مارسها البشر خلال الاحقاب الماضية وفي الوقت الحاضر )"1"

تبعاً لهذا المنهج فان الضوء سيتركز على بعض التيارات التي حكمت العالم الاسلامي خلال الحقب التأريخية وتطبيقاتها التعسفية ضد الشعوب المحكومة تكون النتيجة ـ مع وجود الاحكام القبلية والتعامل الانفعالي مع الظاهرة الدينية ـ تعميم الممارسات العدوانية لهذه التيارات على جميع التيارات الاخرى ، وبالتالي اعتبار التعاليم الدينية هي المسؤول الاول عنها ، مع ان هذه التيارات لا تعكس الوجه الحقيقي للدين لكونها تبنت الحالة الدينية لا عن قناعة حقيقية بل للقفز عن طريقه- اتساقاً مع الواقع الديني والاجتماعي العام - للوصول الى مواقع السلطة والاستمرار فيها. ولو اردنا محاكمة الاديان من خلال حملتها لامكننا القول ان المسيحية اكبر مصدر للارهاب فـ( مليوني صيني مسيحي سنوياً يتحولون لمتطرفين )"2". فهل يرضى الغرب بهذه النتيجة؟.
كذلك لو تأملنا التجربة القومية في الحكم لرأينا انها انتجت واقعاً دموياً ودكتاتورية ارهابية وايديولوجية عدوانية في مختلف الامكنة والازمنة التي شهدت مداً قومياً ، فهل يمكن للباحث المنصف ان يحاكم المسيحية والقومية كنظرية بما مارسه معتنقيها من انحرافات عملية.

وفي هذا الاطار التحليلي نرى ان من المدهش حقاً اقحاماً قسرياً لنسقٍ معرفي في البنية الثقافية العلمانية ، يشيد بتسامحية الاسلام ورفضه للارهاب بكافة تمظهراته التدميرية ، ولكنه من جانب آخر يعتبر ذلك مبرراً كافياً للفصل بين الدين والدولة لوجود تناقضاً منطقياً بين الاثنين فلا يمكن قيام حكومة الا مع اقترانها بالارهاب والعنف والتدمير، وفي هذا السياق يقال ان الدولة ( جهاز سلطوي وقمعي ، ولا يمكن ان يكون للاسلام دولة قمعية وهو دين الرحمة والهداية والخلق الرفيع... فهنالك اذن عدم توافق مبدئي بين الدين والدولة على مر الزمان )"3"
وبالتالي فلا يتمكن الاسلام بما يملك من مباديء انسانية من تأسيس دولة حديثة الا اذا تخلى عن مبادئه. ومن الطرافة ان يوحي هذا الربط بين الدولة والتسلط ، على ارهابية الاتجاه العلماني فهو قد استطاع الوصول الى السلطة والاستمرار فيها سنين طوال في الكثير من الاقطار العربية وغير العربية فهو لم يصل – بحسب هذا المنطق - الا لكونه ذو نزعة ارهابية.
والملاحظ هنا تمسك كلا المسلكان برفض الدولة القائمة على اساس ديني والاختلاف بينهما فقط في مادة الاستدلال ، فالاول يرفضها بدعوى ان الاسلام ذو نزعة ارهابية ، والاخر يرفضها لتسامحية الاسلام وانسانية!!!.

والحق ان لكل علم "ان ادرجنا الدين تحت مقولة العلم" منهجه الخاص به والذي ياخذ بعين الاعتبار خصوصيته وطابعه الفكري والواقع الجغرافي والحضاري والثقافي فكل ذلك له الدور الفعال في بلورة الاصول الخاصة والعامة للمنهج المفترض ، والذي يبدو ان سبب اختياره لا يخلو من ردة الفعل لما قام به رجال الدين المسيح من تحدٍ للواقع العلمي آنذاك ومحاولة تعميم قسري لنمط حياتي وفكري عدواني وفرضه على المشهد الثقافي الغربي مما ادى الى النفور العام من المسيحية.
فالمنهج الحق الذي ينبغي اعتماده في تقييم الدين/ الاسلام هو الذي يتكأ على عنصرين اولهما: النصوص القرآنية الواضحة وهو ما يسمى قرآنياً "بالمحكمات" وثانيهما: الفهم البشري الاجتهادي في الحدود والضوابط المتعارف عليها.
فان كان الفرد قادراً على قراءة النص الديني بما يمتلك من مؤهلات تمنحه القدرة على التأسيس والتفسير وادراك العلاقة بين النص بما يحمله من خلفيات لغوية ودينية وعرفية وغيرها من ادوات التحليل والاستنتاج التي تحكم المعاني الثاوية فيه ، وبين الواقع بوصفه هدفاً غائيا ً لتلك النصوص الدينية ، فان كان كذلك فبها ، وان لم يمتلك الفرد النصاب المطلوب من تلك الادوات فعليه ان يرجع في تشخيصاته الدينية الى علماء الدين ( وعندما تتحرك المسألة في اطار علماء الدين فهي في الحقيقة تلبي حاجة في الدين والمجتمع وتكون على مستوى بقية الاختصاصات الضرورية والمشروعة في الحياة فلماذا نذعن لحاجة بقية الاختصاصات والمعارف الى اهل الاختصاص وننكر ذلك على الدين؟ ثم لماذا نتفهم حاجة المجتمع لاهل الاختصاص في كل شيء ونتعنت عن تفهم حاجته لعالم الدين؟)"4"

2. المعتقدات الفرعية والطرح الانفرادي
ان دراسة المعتقدات الفرعية بعيداً عن اطرها وسياقاتها الفكرية والابعاد القسري لها عن بيئتها الثقافية الملائمة لها وتحليلها انفرادياً ، افضى الى جملة من النتائج المتشضية ولدت - فيما ولدت – افتراضات موهومة ساهمت في اضفاء الطابع العدواني على المقولات الدينية ، فمن غير المنطقي ان نأخذ المفردات الدينية ونعمل على تفكيكها فكرياً بمعزل عن منظومتها المفاهيمية ومن ثم نخلص الى تعميمات نؤسس عليها محاكمات لمجمل الفكر الاسلامي ، مع ان هذه المفردات لا تشكل بمفردها او مع غيرها اقصاءاً اوتهميشاً.
فمن المفردات التي يُستشهد بها على عدوانية الفكر الاسلامي بعض المفردات المتعلقة بمسألة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وموضوع الاستشهاد ، وما يرتبط به من امتيازات أخروية ، كذلك بعض المفردات العقائدية كمفردة النواصب ، فهذه المفردات لا تحتوي على ايما مسوغ لرفض "الآخر" مادياً او فكرياً او اجتماعياً ، نعم البعض منها يستبطن رفضاً عقائدياً لا يتحول بالضرورة الى فعلاً عنفياً خارجياً ، فعلى الباحث ان يفرق بين ايحاءات المفردة الدينية ودلالاتها كجزء من مركب ديني متكامل وبين الاستغلال السلبي لها من قبل الفاعل العنفي وتوظيفها ارهابياً وتصييرها مادة عدوانية ، علما ان هذا الاستغلال غير مقتصر على المفردة الدينية بل شَمِلَ جميع الثقافات الانسانية الاخرى ، مع هذا فلا يخرجها ذلك عن كونها مفردة ايجابية – ان كانت كذلك فعلاً – ضمن مركبها الخاص بها حيث تحمل في داخلها الطيف الفكري الذي خرجت منه ، مثال على ذلك المفردات التي استعملها "بوش" في حربه ضد "الارهاب" كما يزعم ، كـ"محور الشر" التي تفوق في عدوانيتها ان اردنا تحليلها بانفراد ، المفاهيم الفرعية التي أُخذت كنقطة ضعف للتشهير بالثقافة الاسلامية باعتبارها ثقافة عنفية وعدوانية مصدرة للارهاب.
ومما ساعد على التضخيم العنفي للمفردات الدينية - والتي تبدو للوهلة الاولى كذلك - التعاطي الاعلامي المنحاز الذي يملك قدرة هائلة على تقويض واعادة تشكيل الوعي الجمعي لقطاعات واسعة من الجماهير العربية بوصفها جماهير مستهلكة اعلامياً ، تتعامل مع المعلومة الاعلامية تعاملها مع الوجبات السريعة.

3. الخلط بين المصطلحات
ومن جملة ما دفع بعض الباحثين الى القول بان المقررات الفكرية الاسلامية مواد عدوانية وارهابية هو ما حصل من تداخل مفهومي بين معاني ودلالات ثلاثة من المفردات المستعملة بحثياً في هذا المجال ، وهي العنف والعدوان والتدمير ، بما حال دون ادراك المائز بينها وبالتالي اعتبارها مرادفات لمفهوم الارهاب ، وهذا نتيجة طبيعية للضبابية المعرفية التي تعاملت بها امريكا والعالم الغربي مع المفاهيم التي تحوي ايحاءات ارهابية ظاهراً ، فقد عمد الخطاب الغربي في تمظهراته الثقافية الى فضفضتها مما حال دون الوقوف على تعريفات محددة وواضحة المعالم بهدف تقنينها بلحاظ التوجهات الغربية وسياستها الخارجية ، وتبعهم على ذلك بعض مثقفي العالم الاسلامي.
فـ(كل المجتمعات تعرف العنف وتمارسه باساليب مختلفة فهناك مثلاً عنف الرجال ضد النساء ، او الكبار ضد الصغار الا ان هذا العنف لا يتحول الى عدوان فله مؤسساته الاجتماعية التي تنظمه وتحدده وتمنع تحويله الى عدوان ، اما بالنسبة الى العدوان فنجد انه ينتشر بنسبة اقل في المجتمعات البشرية ، فالعدوان يكون متوجهاً الى الآخر الذي ينتمي غالباً الى جماعة مختلفة .
والعدوان نوعان:
عدوان دفاعي ، ويقصد به المقاومة التي تصدر عن جماعة لصد ودحر احتلال تفرضه عليها جماعة أخرى.
وعدوان هجومي ، ويقصد به مبادرة جماعة الى الهجوم على جماعة أخرى لاحتلال ارضها او سلب ممتلكاتها والسيطرة عليها.
اما التدمير فهو اشد انواع العدوان الهجومي تطرفاً ، وهو لا يوجد الا في نسبة قليلة نسبياً من المجتمعات والشخصيات البشرية ، وفي نمط العدوان التدميري يكون هدف الجماعة هو قتل الآخر...)"5"
هذا الخلط هو الذي دفع بعضهم الى القول ( ان قضية الارهاب تستند الى منطلقات دينية يشترك فيها السنة والشيعة فان الشيعة على ما يبدو تمكنوا من تجاوز جزء من مؤثرات هذه المنطلقات خصوصاً بعد العنف الذي ذهبوا ضحيته ، ولكن مازال حزب الله وايران يدافعون عن العمليات الانتحارية في فلسطين... ويتضمن كتاب دليل المجاهد الذي كتبه آية الله الحائري في الثمانينات فتاوى لا تبشر بخير)"6" ولكن اما كان الاحرى بهذا القائل ان ينتقد النزعة التدميرية الاسرائيلية وآثارها في فلسطين ولبنان بدلاً ان يتجه بنقده الى من يدافعون عن ارضهم واعراضهم.
ثم لماذا لا ينتقد السبب الذي دفع السيد الحائري لاصدار هكذا فتاوى ، فهي لم تأتِ من فراغ اكيداً.

4. فقدان المائز بين الدين وعالم الدين
في البداية ينبغي علينا ان نفرق بين مصطلحين : رجل الدين وعالم الدين ، فليس لدينا رجال دين بما يوحيه هذا المصطلح من قيمومية خاصة لاحتكار المرجعية التفسيرية الدينية المطلقة ، نعم لدينا علماء دين يمارسون تفسير النص الديني بما يمتلكونه من ادوات تنظيرية ومنهجية.
ان الغاء المائز بين الاثنين ، جعل البعض يعتمد على التأويلات الشخصية كمصدر رئيسي ووحيد لفهم الدين بدون الرجوع الى المصادر الاصلية والحقيقية التي تشكل بمجموعها المعيار الاساس لقبول او عدم قبول تلك التأويلات ، وبعبارة أخرى ان الحاكمية تكون للنصوص الدينية على التأويل البشري ، فلا يمكن للنص ان يخضع في تفسيره خضوعاً تاماً الى القراءات البشرية لاختلاف طبيعة كل منهما ، حيث لا يمكن للمحدود الذي لا يمتلك العصمة ان يحيط بالمطلق الديني.
فالاعتماد على التأويلات اعطى الآخر الذريعة لتوجيه الاتهامات المعدة سلفاً ، لما في تلك التأويلات من انحرافات فطرية عن النسق الانساني وقسوة ثقافية مع محاولة فرضها باساليب وحشية وعدوانية على الفرد والمجتمع ، كانعكاس طبيعي للابنية الفكرية التي يتبناها اصحاب التأويلات ذات الصبغة التدميرية التي لا تعترف بالآخر بتاتاً ، مما ساعد على توليد قطيعةً معرفيةً بين النخب العلمانية وبين الرؤية الكونية الدينية والايديولوجية المصاحبة لها ، مؤسساً بذلك لعداءٍ فكري تأريخي مستحكمٍ بينهما.
ومما ينبغي ان يعرف هنا بان المرتكزات الاساسية التي اختزنت في داخلها بواعث العدوان والرغبة في ابتسار الفكر الآخر انما تنم عن محيط ثقافي مشوة انتج تلك الرؤية الشاذة ، ولم تكن نتاج دراسة شمولية واعية للدين ووظيفته الاجتماعية وفقاً لمنهجٍ متوازنٍ يقوم على اساس الفطرة الانسانية السليمة التي تجمع بين الجسد والروح ، بين التراث والمعاصرة ، بين الزمني والديني.
ان اعتماد التأويل كمرجعية ، اعطى انطباعاً لدى التيار العلماني ، بالبشرية المطلقة للدين فهماً وتأسيساً ، مما شكل محاوراً لدراسات احتضنت دعوات عديدة لصياغة دين جديد بمرتكزات جديدة تتناسب مع العصرنة من خلال المساهمة في حلحلة ( اشكالية الدين والدنيوي انطلاقاً من ظروف العراق الحالية مساهمةً تفرض اعادة النظر استناداً الى معايير معاصرة في ثلاث قضايا:
1- ولاية الفقيه عبر تحويلها الى فكرة ولاية قانون الدولة الديمقراطي والمجتمع المدني.
2- تحويل فكرة المرجعية الى اجتهاد اجتماعي وسياسي يهدف الى اشراك المجتمع في بناء الدولة الديمقراطية.

3- تحويل عقيدة الامام المنتظرالى نظرية البحث عن بدائل المستقبل الواقعي والعقلائي )"7".
ان هذه المطالبات اتكأت على توهم ان المقولات الدينية لا تعبر الا عن افكار نابعة من ذهنية بشرية ، وهذا يعكس جهلاً بواقع الاجتهاد الديني وآلياته ومدياته وأدواته الفكرية وحدوده البشرية فالجدلية بين الاثنين تأخذ مساراً محدداً رسمه الدين/ السماوي سلفاً ولا يمكن للفهم البشري/ الارضي ان يتخطاه ،على ان المسألة لم تقف عند هذا ، بل قد تجاوزت المطالبة حداً جعل البعض يدعو الى ( اعادة النظر بالاصول الاسلامية ، فالاسلام أُصّلت اصوله بطريقة لا تسمح لنا بانتاج احكام خارجة عن هذه الاصول ، يعني اننا لا نستطيع ان ننتج حكماً فقهياً خارجاً مخالفاً للقرآن على سبيل المثال؟ الاصول الاسلامية – ليست الله ولا الرسول ولا القرآن – تجيب بـ( لا ) وعليه نقول ماذا لو أُصلت الاصول بشكل آخر ، بحيث يخرج علينا عالم اسلامي ويقول بامكان انتاج مثل هذه الاحكام )"8".
هذا الدمج بين الاثنين – التأويل والنص - هو الذي اوجد – كما اسلفنا – كمحصلة نهائية المشكل الديني الوهمي الذي دفع بالبعض الى تبني دعوات اقصاء الدين واعطاء دوراً هامشياً في المجتمع وحصره ضمن دائرة ضيقة.

اخيراً لابد من القول ان تمسك الفاعل العنفي بالمفاهيم الدينية لا يعكس دائماً ايمانه بتلك المفاهيم ، بل هو في كثير من الاحيان محاولة لشرعنة سلوكياته التي تختفي وراءها سيل من المصالح والرغبات غير المشروعة ، بعد ان ادرك ان الشعور الديني هو المحرك الرئيسي في ساحة الصراع ، وهذا ما ادركته الحكومات العربية ايضا ً ، فاصبحت تلون خطاباتها التعبوية بمظاهر دينية ، لا بدافع ديني لانها لا تؤمن به بتاتاً ، بل لغايات استلابية ، واهداف قومية ، مكرسة بذلك حالة التمايز العرقي والديني والمذهبي ، بين الشعب الواحد ، والدين الواحد.

الهوامش
1. الموقف من الدين ودوره في أزمة الحضارة: عبد الله الفريجي، مجلة النبأ، العدد 63، السنة 7 تشرين الثاني / 2001 م،ص62.
2. العنف في العراق بين التاريخ الممتد والصحوة الطارئة، حلقة نقاشية، مجلة مدارك، العدد3، سنة2009 ص14.
3. مراجعات مع برهان غليون، قاسم شعيب، مجلة الوعي المعاصر،العدد الثاني، السنة الاولى، ربيع200م، ص117.
4. العلمانيون والدولة الاسلامية، خالد توفيق، مجلة قضايا اسلامية، مؤسسة الرسول الاعظم، العدد السادس، سنة 1998، ص313.
5. تشريح النزعة التدميرية، عرض امير القندور، مجلة العربي،وزارة الاعلام في دولة الكويت،العدد570، مايو2009م ص189.
6. احياء الموت قراءة نقدية في كتاب سيد القمني" اهل الدين والديمقراطية " عمار الكعبي، مجلة مدارك، العدد3، سنة2009، ص215.
7. عرض كتاب " العراق ومعاصرة المستقبل، شعاب احمد الفضلي، مجلة مدارك، العدد3، سنة2009، ص229.
8. العنف في العراق بين التاريخ الممتد والصحوة الطارئة، حلقة نقاشية، مجلة مدارك، العدد3، سنة2009، ص25.



#علي_كاظم_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي كاظم الخفاجي - المنطلقات الارهابية في الاسلام وهم ام حقيقة