جريس الهامس
الحوار المتمدن-العدد: 1864 - 2007 / 3 / 24 - 13:03
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
يتضح التفسير الحي لحركة التطور الديالكتيكية المستمرة في دراسة المادية التاريخية :
فمجتمع الرق هو نفي لمجتمع المشاعية الإبتدائية , والعهد الإقطاعي نفي لنظام الرق أي : نفي النفي والنظام الرأسمالي نفي للنظام الإقطاعي , والإشتراكية الحقيقية ستحل حتماّ محل النظام الرأسمالي وتنفيه.. مهما توسع الرأسمال وتكيف على التمركز في قطب واحد عابر للقارات كما رأينا سابقاّ , و تمكن من حل الجزء الأكبر من أزماته والصراع الطبقي في البلدان الصناعية الكبرى , وتأجيلها على أشلاء شعوب العالم الثالث وثرواته المنهوبة , .. وهكذا يواصل المجتمع البشري في تطور مستمر وحركة مستمرة نتيجة الصراع الطبقي , والتناقضات الحادة بين القديم والجديد من وسائل الإنتاج والعلوم والصراع الدائم بين ملكية وسائل الإنتاج وتطورها المذهل وبين علاقات الإنتاج ونضال ووعي الطبقة العاملة ..وهذا ماشرحه ماركس بشكل جلي بقوله : ( إن العلاقاتالإجتماعية مرتبطة ارتباطاّ وثيقاّ بالقوى المنتجة وعندما يحصل الناس على قوى منتجة جديدة يغيرون أسلوبهم في الإنتاج وبتغييرهم طرق اكتساب معيشتهم يغيرون كل علاقاتهم الإجتماعية . فطاحونة الهواء تعطيك مجتمع الحاكم الإقطاعي والطاحونة البخارية تعطيك المجتمع الرأسمالي الصناعي .. وهكذا - شقاء الفلسفة – رداّ على كتاب ( فلسفة الشقاء ) لبرودون الإشتراكي الطوباوي الفوضوي الفرنسي )
صاغ ماوتسي تونغ كل هذه المبادئ بأسلوب مبسط تفهمه أوسع الجماهير وأوضحها بقانون == وحدة الأضداد وإنقسام الواحد إلى إثنين ولكل شيْ طبيعتان : سلبية وإيجابية ويعتبر ذلك قمة الماركسية لحل التناقضات في المجتمع الرأسمالي و وفي المجتمع الإشتراكي أو الإنتقالي نحوها بقيادة الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء ... وطرح على ضوء ذلك الشعار التالي : نقد – نضال – ثورة . كما طور النظرية الماركسية حول المعرفة شارحا العلاقة بين الممارسة العملية والمعرفة :
( ليس نشاط الإنسان العملي الإجتماعي محصوراّبالفعالية المنتجة , بل هناك أشكال أخرى من الفعالية – النضال الطبقي والحياة السياسية والفعالية العلمية والفنية في النشاط العملي – العلاقة بين النشاط العملي والمعرفة وبين العلم والعمل – من أين تنبع الأفكار السديدة -= 1937 )
( يؤكد الماركسي أن النشاط العملي الإجتماعي للإنسان هو وحده مقياس معرفته بالعالم الخارجي , وفي الحقيقة إن معرفة الإنسان لاتتحقق إلا عندما يتوصل في عملية النشاط العملي الإجتماعي – في عملية الإنتاج المادي , والنضال الطبقي , والتجربة العلمية – إلى إنجاز النتائج المتوقعة -- المصدر السابق )
كما شرح الرفيق ماو بأسلوبه الواضح والعميق , أسلوب ماقلّ ودل جوهر الفلسفة الماركسية بقولة :
( إن للفلسفة الماركسية , أعني المادية التاريخية , ميزتين بارزتين جداّ : أولاهما – طبيعتها الطبقية , إعلانها الصريح أن المادية الديالكتيكية هي في خدمة الطبقة العاملة – البروليتاريا - والثانية هي صيغتها العملية , وتشديدها على تبعية النظرية للنشاط العملي , وإصرارها على النشاط العملي بوصفه أساس النظرية التي تخدم بدورها النشاط العملي – )
كما شرح مراحل تطور المعرفة والوعي الإجتماعي والوطني والطبقي بمايلي :
نشاط عملي – معرفة حسية – تطور في سياق النشاط العملي – تبدل مفاجئ ( طفرة ) في فكر الإنسان – ينتهي إلى معرفة جوهر الأشياء والحوادث وعلاقتها الجوهرية الداخلية والمفاهيم والروابط الداخلية , وهكذا تتطور معرفة الظواهر الخارجية ( الحسيّة ) إلى معرفة كنه الأشياء وجوهرها والإنتقال إلى المعرفة العقلية ..- الإنتقال من السطحي إلى العميق .. إن الإحساس وحده لايحل سوى معرفة الظواهر . ةالعقل وحده الذي يحل قضية الجوهر عبر النشاط العملي وليس منفصلاّ عنه .. ولمعرفة أي شيْ أو حقيقة طبقية أو سياسية أو إقتصادية ...الخ يجب أن نعيشها .. إن السبب الرئيس الذي مكّن ماركس وأنجلز ولينين وستالين من صياغة نظرياتهم هو بالدرجة الأولى مشاركتهم الشخصية في ممارسة النضال والصراع الطبقي والتجارب العلمية في زمنهم ومن دون ذلك ماكان يمكن لأية عبقرية أن تحقق النجاح -= المصدر السابق )
وهكذا فإن مصدر كل معرفة تنطلق من إدراك الإنسان للعالم والواقع الموضوعي الذي يحيط به ويعيشه . وإذ أنكر المرء مثل هذا الإدراك وأنكر التجربة المباشرة والمشاركة الشخصية في ممارسة تبديل الواقع فهو ليس مناضلاّ ولاماركسياّ ....
قال ماو : إن بعض ( المتفلسفين ) النظريين يبعثون على السخرية ... في الصين القديمة مثل يقول : كيف يستطيع المرء الحصول على أشبال النمر دون الجرأة على دخول عرين النمر ؟؟ إن هذا المثل ينطبق على نشاط الإنسان العملي , كما ينطبق على نظرية المعرفة , ولاتوجد معرفة حقيقية ممكنة منفصلة عن النشاط العملي .)
ويمكن تلخيص نظريته في المعرفة بمايلي :
نشاط عملي – معرفة حسية – تجربة عملية – معرفة عقلية – نظرية علمية -- .. وبين النظرية والنشاط العملي تفاعل متبادل ودائم . إن المعرفة تبدأ مع التجربة ... بهذه الكلمات الموجزة نستطيع فهم دور ماوتسي تونغ في تطوير المفهوم المادي الديالكتيكي الماركسي اللينيني للمعرفة بأسلوب علمي مبسّط أقرب لأذهان مناضلي شعوب العالم الثالث التي يشكل الفلاحون البؤساء أكثرية سكا نه ..
ولوطبقنا هذه المبادئ على بناء الحزب الثوري الحقيقي ونشاطه لكان مسار نضاله ونشاطه كالاّتي :
نشاط عملي بين الجماهير – معرفة حسية – هموم الناس ومطالبهم و طموحاتهم –تجربة عملية – نضالية ضد الإستبداد والإستغلال – معرفة عقلية تنتج – نظرية علمية أو برنامج عمل .. وبين النظرية والنشاط العملي تفاعل متبادل ودائم _ المعرفة تبدأ مع التجربة -- ... تطبيق برنامج العمل ينتج الخطأ والصواب – تنقل للقيادة يصحح البرنامج بعد حذف الأخطاء ومعرفة مصادرها ثم يطرح للجماهير لتعمل به .. فتظهر تناقضات وأخطاء ونواقص جديدة تعاد للقيادة من جديد لتصحيحها ... وكل قيادة تبتعد عن الجماهير وعن الأسلوب الديمقراطي الديالكتيكي في العمل لحل التناقضات داخل المجتمع والحزب هي قيادة غريبة عن المجتمع ومفروضة عليه بالقوة وطفيلية على جسده لابد أن يتحرر منها ... وهذه في الواقع من أسس الديمقراطية الإشتراكية التي تنكر لها وأخفى معالمها ليس الليبراليون القدامى والجدد وحسب , بل الكثير من المتمركسين الذين عاشوا أتباعاّ لأحزاب نخبة أو مثقفين ثقاة معزولة عن الجماهير التي تدّعي تمثيلها متجمعة حول توتم تقدسه وتبعية عمياء مناقضة للأممية , ولم تعرف الديمقراطية والقيادة الجماعية في كل حياتها ....تنكروا للديمقراطية الإشتراكية ..بالنظرية العلمية والنشاط الثوري .
.... والديمقراطية الإشتراكية فقط نستطيع استخدام معرفتنا للقوانين الموضوعية في بلادنا والعالم لتبديل هذا الواقع بصورة فعالة وجذرية ...
قال الرفيق ماو : إذا كنا نملك نظرية علمية صحيحة لكن لانفعل شيئاّ سوى التبجح بها وحفظها في الملفات دون تطبيقها عملياّ , فلن يكون لهذه النظرية أي معنى على الإطلاق مهما كانت جيدة - ...
كما أكد ماو نسبية الحقيقة , فالحقيقة المطلقة المقدسة هي ضرب من التعصب الأعمى والطوباوية الغريبة عن الواقع التي تؤدي في النهاية إلى استبداد الرأي وبالتالي استبداد الممارسة ضد العقل والرأي الاّخر ...
وأوضح : ( إن المعرفة الإنسانية لكل عملية حسية في كل مرحلة معينة من مراحل التطور ليست صحيحة إلا بصورة نسبية في التيار العظيم لبلوغ الحقيقة المطلقة التي هي حصيلة عدد لايحصى من الحقائق النسبية التي تشكل الحقيقة المطلقة التي تتطور بتطورها – وهذا تأكيد لنظرية لينين حول الحقيقة المطلقة في كتابه ( المادية والمذهب التجريبي )
هذا وتتصل المعرفة وتطورها عضوياّ بتطور النشاط العملي بشكل دائري وبحركة مستمرة حول محيط دائرة
نرسمها أمامنا ونكتب على قطبها الشمالى – نشاط عملي – وفي وسطالمحيط نكتب – معرفة – ثم نكتب على قطبها الجنوبي – مزيد من النشاط العملي – ثم نتجه إلى وسط النصف الثاني للمحيط ونكتب عليه – مزيد من المعرفة
هذه الحركة العلمية المستمرة إلى مالا نهاية شرحها ماو بما يلي :
( التكرار الدائري لهذا الدرب إلى مالانهاية , والإرتفاع مع كل دورة بمضمون النشاط العملي والمعرفة إلى مستوى أعلى . تلك هي كل النظرية المادية عن المعرفة , وتلك هي النظرية الجدلية الدياكتيكية عن وحدة العلم والعمل – في الممارسة -- المؤلفات المختارة ج1 ص 421 ) - كما أكد أن الأفكار الصحيحة لاتأتي إلا من التطبيق الإجتماعي ) وهذا تطويرعملي ونظري هام لفكر ماركس أنجلز : ( لكل نمط معيشة نمط تفكير إن شعورنا وفكرنا مهما ظهرا لنا متعالين ليسا سوى نتاج عضو مادي جسدي هو الدماغ .. ليست المادة من نتاج الفكر بل الفكر نفسه ليس سوى نتاج المادة الأعلى – أنجلز – ليودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية . )
شرح الرئيس ماو هذا المبدأ الأساسي موضحاّ لأول مرة الأنواع الثلاثة للممارسة الإجتماعية والنشاط العملي وعلاقتها العضوية بالمعرفة والأفكار السديدة بقوله :
( من أين تأتي الأفكار السديدة ..؟؟
من أين تأتي الأفكار السديدة ؟؟ أتنزل من السماء ..؟ لا هل هي فطرية في العقل ..؟ لا ...
إنها تنبع من الممارسة الإجتماعية وحدها ,, تنبع من الممارسة الإجتماعية بأنواعها الثلاثة التالية :
1- النضال من أجل الإنتاج
2- الصراع الطبقي
3- التجربة العلمية
إن الوجود الإجتماعي للإنسان هو الذي يحدد تفكيره , وعندما تستوعب الجماهير الأفكار السديدة التي تتميز بها الطبقة المتقدمة وتؤمن بها تتحول هذه الأفكار إلى قوة مادية تبدّل المجتمع وتبدّل العالم .... إن التوصل إلى معرفة سديدة لايتم في الغالب إلا بعد التكرار المتعدد لعملية الإنتقال من المادة إلى الوعي .. ثم من الوعي والمعرفة إلى المادة – الواقع المادي الجديد - ثانية , أي من الممارسة العملية إلى الوعي والمعرفة – ثم من الوعي والمعرفة إلى الممارسة العملية مرة ثانية ..وهكذا .. تلك هي النظرية الماركسية عن المعرفة – من أين تأتي الأفكار السديدة – أيار – 1937
يالها من لوحة مشرقة للديالكتيك الثوري وضعها الرفيق ماو بكل وضوح , شرح فيها عملية التطور اللانهائية التي سهّلت فهم معظم الثوريين في العالم .رغم محاولات المحرفين تشويهها ووضع حجاب وجظر على دراستها ومناقشتها ....
إذا أردنا الحصول على الأفكار الصحيحة والخطة السياسية والإقتصادية الصحيحة يجب أن ننطلق من الواقع الموضوعي في التطبيق الإجتماعي .. نتيجة تعمقنا بين الجماهير , ودراسة واقعها الطبقي والإقتصادي والإجتماعي والسياسي , دراسة عميقة وشاملة وحصيلة جهد جماعي أفضل , تنتج في النهاية برنامج عمل ثوري على ضوء اللوحة السريرية للمجتمع المستعبد المضطهد والمريض .... لوضع أسس ووسائل العلاج موضع التنفيذ وفق برنامج العمل الثوري ....
وإذا أرادت الأحزاب الثورية في العالم قيادة الثورة بنجاح لتحرير بلدانها وشعوبها يجب أن تؤمن قبل كل شيْ بمقولة لينين وماوتسيتونغ _ إن أي حزب لايناضل بين الجماهير ومن أجلها ليكسب ثقتها لاتكون استراتيجيته استلام السلطة يساوي صفر فقط -- .. وبدون تلخيص التجارب النضالية والخبرات الثورية بالدراسة المعمقة والممارسة لمعرفة القوانين الثورية في بلدانها والتمييز بين الأصدقاء والأعداء لن تستطيع هذه الأحزاب قيادة النضال الوطني والطبقي وقيادة الثورة حتى النصر .. وإذا وضعنا أي مشروع إقتصادي كالإصلاح الزراعي مثلاّ لأهداف دعائية من وراء المكاتب البيروقراطية – كماجرى في سورية والعراق ومصر والجزائر بقيادة الديكتاتوريات العسكرية – ولم نتنازل للذهاب إلى الريف لنعيش مع الفلاحين الفقراء معاناتهم وشقاءهم ونقوم بالتحليل الطبقي الصادق والتحقيق الطبقي للتمييز بين الأعداء والأصدقاء , وإذا لم نقم بدراسة علاقة الإنتاج بين الإقطاع والفلاحين المتوسطين والفقراء وطبيعة الأرض والعلاقات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية وطريقة توزيع الأرض برضاء الفلاحين الفقراء وموافقتهم ...الخ إذا لم نفعل كل ذلك لايمكننا ضمان نجاح الإصلاح الزراعي كما لايمكن نجاح التعاونيات الزراعية ..... وهذا ماينطبق على المشاريع الأخرى ..
وإذا طرحنا شعار الكفاح المسلح ولم نشترك فيه فلا يمكننا معرفته وقيادته .. قال ماو : إذا أردت أن تعرف النظرية الثورية يجب عليك أن تشترك في الثورة . يجب أن تتعلم الثورة من الثورة والسباحة من السباحة –
كما دحض الثقافة النظرية البعيدة عن الممارسة والتطبيق بقوله:
( قرأ بعض الناس بعض الكتب الماركسية وظنوا أنفسهم أنهم أصبحوا علماء ,إلا أن ما قرأوه لم يتغلغل في عقولهم ولم يتأصل فيها , ولهذا لايعرفون كيف يستخدمونه فبقيت مشاعرهم القديمة نفسها لم تتغير , ,هناك مغرورون إلى أبعد الحدود , حفظوا بعض تعبيرات الكتب فاستكبروا وشمخوا بأنوفهم حتى كادت تنطح السماء , إلا أنهم كلما هبّت عاصفة اتخذوا موقفاّ يختلف اختلافا كبيراّ عن موقف العمال وأغلبية الفلاحين الكادحين , فهم مترددون متذبذبون , بينما الاّخرون ثابتون , وهم أصحاب مواقف غامضة بينما موقف الاّخرين صريح وجلي – من خطابه في المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني – حول أعمال الدعاية – في 12 اّذار 1957...
وقبل الإنتقال إلى تطوير ماو للأسس العامة لنظرية المعرفة وعلاقة الفكر بالمادة في فكر ماركس – أنجلز ..... لابد لي من وقفة سريعة عند ومضات العقل العربي التقدمية التحررية التي انطلقت من بين أصفاد الشمولية الدينية وظلامية المقدس وسيف التكفير المسلط فوق رؤوس البشر حتى يومنا هذا في المجتمعات الإسلامية ....
منها المذهب العقلي الصوري عند إبن خلدون ( إعلم أن اختلاف الأجيال في أحوالهم , إنما هو باختلاف نحلتهم من المعاش , فإن اجتماعهم إنما هو للتعاون على تحصيله ... – المقدمة – الجزء الأول ص 120 ) أي اختلاف تفكير ووعي الأجيال يختلف باختلاف نحلتهم أي عملهم ومهنتهم في المعاش .. وأوضح ذلك أكثر في شرحه لحياة المجتمع البدوي والأمم الوحشية من جهة ولحياة المدن والعمران المديني من جهة أخرى كما وصف العلوم العقلية وأصنافها كما راّها في زمانه في القرن الرابع عشر الذي عاش فيه ( 1332 – 1406 ) بين تونس والمغرب ومصر التي توفي فيها حيث قال تحت عنوان - العلوم العقلية وأصنافها ( وأما العلوم العقلية التي هي طبيعية للإنسان من حيث أنه ذو فكر , فهي غير مختصة بملّة . بل بوجه النظر فيها إلى أهل الملل كلهم , ويستوون في مداركها ومباحثها وهي موجودة في النوع الإنساني منذ عمران الخليقة وتسمى هذه العلوم علوم الفلسفة والحكمة .. الخ --..- مقدمة إبن خلدون – الجزء الأول ص 478 – تدقيق المعلم عبدالله البستاني – بيروت – مكتبة لبنان ) كما سبق إبن خلدون الكثير من المجتهدين والمفكرين والشعراء العرب الذين توصلوا إلى تغليب العقل على الخرافة والتحرر على الإستبداد الهمجي المستشري باسم الدين الذي لايزال سائداّ حتى اليوم وهو السبب الرئيسي في تمزيقنا و تمكين المستعمر الأجنبي منا , وإبقاء الجهل والمرض والفقر والعبودية واضطهاد المرأة وأنظمة القتل على الهوية والطائفية واللصوص والشعوذة مسلطة فوق رؤوسنا .....
ودفع هؤلاء الرواد حياتهم دفاعا عن معتقداتهم العقلية أبرزهم المعتزلة الذين رفضوا الجبرية والأشعرية وغيرها من مذاهب بلاط الخلفاء وطبقة الإقطاع وسادة الرقيق والجواري والتمييز العنصري , المنتج الرئيسي لنظام الخلافة الصحابي أو الوراثي على حد سواء ..وأعلنوا بجرأة غير مسبوقة ( لاإمام إلا العقل ) وأقروا حق عزل الإمام الظالم وحق التمرد عليه __ ومثلهم القرامطة في جنوب العراق والخليج بقيادة الصابئي ( حمدان قرمط ) الذين حققوا انتصارات عسكرية رائعة حررت العراق وبلاد الشام وصولاّ إلى مكة . ووزعوا أراضي الإقطاع على الفلاحين الفقراء وحاولوا بناء نظام اشتراكية بدائية . مالبثت أن فشلت نتيجة أخطائها القاتلة من جهة ولفقدان الحاضنة الإجتماعية والإقتصادية والتنظيمية لها .. غلى جانب تكالب جميع القوى الظلامية الإستبدادية لضربها وإجهاضها كما حدث مع ثورة الزنج في البصرة وثورة العامل ( قسام الحارثي ) قائد فتيان دمشق في دمشق وتحريرها من الحكم الفاطمي ..
كما تصدى الفيلسوف العربي إبن رشد للفكر الظلامي الذي مثله الغزالي وأعلن أيضاّ : لاإمام إلا العقل في كتابه – تهافت التهافت - وقد أحرق الظلاميون ووعاظ السلاطين المنافقين معظم كتبه ... ومثله ذهب الجاحظ وغيرهم من أنصار العقل والفكر الذين لامجال لتفصيل أطروحاتهم هنا ومثلهم الحلاّج الذي دفع حياته دفاعاّ عن الفكر الحر والعقل .. كما عانى أبوحنيفة النعمان الإضطهاد والعزل لتحكيمه العقل والعدل على النص الخشبي الرجعي الظالم ...
وأختم هذه العجالة من تمرد العقل العربي على النقل والعدالة على استبداد النص والسلطة الباغية , ماقاله شاعر المعرة أبو العلاء المعري الذي نال الأذى والتكفير من الظلاميين القدامى والجدد :
يرتجي الناس أن يقوم إمام ........... ناطق في الكتيبة الخرساء
كذب الظن لا إمام إلا العقل ............مشيراّ في صبحه والمساء
وهذه دعوته للإشتراكية المبسطة ..:
لو كان لي أو لغيري قيد أنملة ...........من البسيطة خلت الأمر مشتركا
سأعود في الحلقة القادمة إلى الأسس العامة لنطرية المعرفة وعلاقة الفكر بالمادة – أو العلاقة المتبادلة بينهماعند ماركس أنجلز : ( ليس إدراك الناس هو الذي يحدد معيشتهم , بل العكس صحيح فإن معيشتهم الإجتماعية هي التي تحدد إدراكهم – مقدمة مساهمة في نقد الإقتصاد السياسي ) وبالتالي كيف طوّر الرفيق ماو هذه الأسس وفصّلها على ضوء التجربة العملية الطويلة للثورة الصينية ولبناء الإشتراكية في الصين وعلى ضوء اختلاف العصر ومنجزاته العلمية وتطور أساليب العمل والتفكير ....التي تحتاج إلى تطور جديد لخدمة الإنسان والعدالة الحقيقية والحضارة المتطورة دوماّ ....وإلى اللقاء في حلقة قادمة - لاهاي - 23 / 3
#جريس_الهامس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟