|
المهزلة تدخل عامها الخامس... والكأس فارغة!
حسين أبو السباع
الحوار المتمدن-العدد: 1864 - 2007 / 3 / 24 - 13:00
المحور:
ملف / الكتاب الشهري - في الذكرى الرابعة للغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري , العراق إلى أين؟
من أهم صفات الأمم التي توصف بالتحضر عند الوقوف في ذكرى مشهد يتكرر سنويا، وضع إصبعين أحدهما فوق الخسائر، والآخر فوق المنجزات. وبحلول التاسع من أبريل (نيسان) يكون قد مر أربع سنوات على إسقاط النظام العراقي الذي كان حاكمه الراحل صدام حسين، لم نجد أيا من الأكاذيب التي قامت من أجلها الحرب على العراق، والتي زادت الإرهاب ليس فقط في العراق، وإنما انتقلت العدوى بالشكل الطبيعي إلى دول الجوار، لأن الحضارة عدوى والإرهاب عدوى كإنفلونزا الطيور. وحسب الدراسة التي نشرتها المجلة الطبية البريطانية (the lancet) والتي تعني المشرط الجراحي فإن عدد القتلى العراقيين نحو 655 ألفاً، هذه النتيجة التي توصلت إليها هذه الدراسة والتي مؤلها معهد (ماساتشوستس) للدراسات الدولية وقام بها فريق من الباحثين العراقيين، وهذه الدراسة تقول إن الرقم (655) ألفاً قتلى فوق نسبة الوفاة الطبيعية. ودخلت قضايا عديدة في مسألة القتلى على الهوية والطائفي، والقتل الانتحاري ومن أسموا أنفسهم مقاومة تقتل عراقيين في أي مكان، وهذه الفوضى الدائرة في العراق الآن لصالح المحتل الذي يريد أن يستولي على منابع النفط العراقية، وفي طريق ذلك لا يتورع عن قتل العديد والعديد من العراقيين سواء بأيدي القوات، أو بأيدي عراقيين طائفيين لا يفهمون ما فخخه لهم العدو من فرقة طائفية لتحكم قبضتها أكثر على الشعب العراقي. ناهيك عن عمليات مشبوهة تدور حول سرقة أعضاء القتلى وبيعها في أسواق الأعضاء العالمية، فنشرت صور كثيرة لقتلى عراقيين منزوعي القلب والكلى والكبد والقرنية... ألخ. هذه السياسة التفكيكية التي ترتكبها قوات الاحتلال في العراق، والتي تدعى أمريكا نجاحها في العراق ما هي إلا أكاذيب سياسية تهدف إلي خلق دويلات صغيرة داخل الدولة الواحدة مما يسهم أكثر في تفكيك الدولة، ونقل العدوى في مراحل مقبلة إلى أماكن أخرى من العالم العربي. فاستشرى الإرهاب، مما جعل بعض العراقيين يتحسرون على أيام صدام حسين الموصوف بالطاغية، الديكتاتور، ورغم عدد القتلى الذي وصف أيضا بالرهيب إبان حكم صدام إلا أن حكم الديمقراطية الدموية الأمريكية زاد العدد إلى أضعاف مضاعفة، فلا يمكن المقارنة بين عدد القتلى في العهدين، المهم أن هناك ضحايا دفعوا ثمن شيء لم يشتروه، وذنب لم يقترفوه.. قتلوا من جرَّاء قضية كاذبة وهي البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، والتي لم يعثر عليها أحد حتى الآن.. الأسباب التي قامت من أجلها الحرب على العراق لم تثبت الحرب إلا كذبها الواضح، وتثبت أيضا أن الحكومة العراقية الجديدة ليست أفضل حالاً من حكم صدام حسين، بالرغم من وجودها في ظل الاحتلال الأمريكي الذي يحميها ويدعمها.. مؤخرا وصف علاوي رئيس الوزراء الأسبق للعراق أن بلاده يعيش حرباً أهلية.. ووصفت بعض الأسر السنية والشيعية الحال التي وصلوا إليها السكان السنيون، والشيعيون على حد سواء بالسيء، فقد كانوا إبان حكم صدام يعيشون جنباً إلى جنب في بيوت متلاصقة، ولم تكن فكرة الطائفية مطروحة على أي من الجانبين، ولم يحدث أبداً أن فجرت طائفة مزاراً شيعياً أو سنياً لأي من الطرفين، ولم يحدث تفجير وصف بأنه ضد السنة أو ضد الشيعة، ولكن لأن الإرهاب الحقيقي هو ما صنعته الإدارة الأمريكية في العراق، جعلت مشاعر الطائفية تتنامي وتحت تهديد السلاح، فقد وصفت بعض الأسر أن الشيعييين يتلقون رسائل تهديد بالموت في حال البقاء في أحياء يسكن فيها السنيون، بل ويطالبون في الرسائل بترك منازلهم وتأجيرها للسنيين بأسعار زهيدة، والشيء نفسه يحدث مع السنيين الذين يسكنون في أحياء يكثر فيها الشيعيون، وعن سبب سعي الاحتلال إلى تنامي روح الطائفية في العراق لاشغال الشباب بالدفاع عن عائلاتهم ومزاراتهم، من دون النظر إلى الاحتلال العدو الرئيس في المعركة. يقولون دائماً في حال التشاؤم انظر إلى نصف الكأس الممتلئ بدلاً من الفارغ.. لكن في حال العراق فالكأس كله فارغ... فما فعله الاحتلال الأمريكي في العراق ما هو إلا محاولة لتفتيت وحدة الشعب العراقي، مابين طائفية، وسياسية، للوصول إلى حرب طائفية يدفع ثمنها من في العراق، ومن خارجه... والشعب العراقي بين فكي رحى، الإرهاب الداخلي الذي يحصد الأرواح من دون حساب، ويقتل المدنيين والصحافيين، والأطفال والشيوخ والنساء من دون تفريق. وبين رحى الاحتلال الأمريكي الذي يطبق ديمقراطية القتل والخطف والترويع والانتهاك (الفوضى الخلاقة). وحسبما جاء على لسان رئيسة منظمة حرية المرأة العراقية نيار محمد فإن أكثر من ألفي امرأة تم خطفهن لبيعهن كسلعة داخل العراق وخارجه. فالاحتلال هو الاحتلال، تقوم بداياته على الكذب، (أسلحة دمار شامل، وإرهاب) لتنتهي إلى محاولة القضاء على هوية البلد المحتل، والتاريخ يتكرر، ففي القرن الفائت حاولت فرنسا (فرنسة) المغرب العربي، وحاولت بريطانيا تشويه التاريخ المصري، وإحلال لغتها محل اللغة العربية في المدارس. ولأن المحتل يحاول أن ينقل ثقافته إلى البلد المحتل فنقلت فرنسا الفرنسية، ونقلت بريطانيا الإنجليزية، أما اليوم فأميركا لأنها لا تعرف ثقافة (خارجية) غير الحرب فأشاعت روح الكراهية والطائفية، ليكون للوجود الأمريكي داخل الأراضي العراقية (مستنقع) ما يبرره من القضاء على حالة الفوضى التي يعاني منها العراق، والحقيقة أن وجودها في العراق منذ البداية ما هو إلا اقتراب أكثر من إيران، لمراقبة الملف النووي الإيراني عن قرب عن طريق الأجهزة الاستطلاعية الحديثة، وتوفير حماية أكبر لمصالح أمريكا، والطفل المدلل (اسرائيل) المستفيد رقم واحد من الوجود الأمريكي في العراق، والنتيجة المتحصلة من حصاد أربع سنوات احتلال هو مهزلة الفرقة والتفتيت والقتل والدمار والإرهاب... فهل يمكن الآن إلا أن نرى الكأس -تماما- فارغة..!
#حسين_أبو_السباع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحرش الجنسي واعتبار المرأة (إنسان) من الدرجة الثانية!
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
|