عندما فكرت في كتابة هذا المقال كنت قد اقتربت برأي من تكوين صورة شبه مكتملة عن الوضع المأساوي للأسف الذي وصلت له الحركة الطلابية في جامعة بيرزيت , فهذه الحركة التي جسدت سابقا الكثير من أمال و طموحات الطلاب من الجنسين في الحرية و بناء الثورة الحقيقة الشعبية و بناء الوطن أو المشاركة في تمهيد الطريق له و هذه الحركات هي نفسها ألان التي للأسف لا تجسد سوي الوهم قد يقول البعض أني قاسيا بهذه الكلمة و لكني للأسف لا أجد غيرها معبرة عما يختلج في قلمي و في عقلي أيضا هذه الأطر الطلابية في جامعة بيرزيت خسرت العديد من معاركها خلال الانتفاضة الدائرة معركتها الأساسية مع الاحتلال الاشكنازي الصهيوني و معركتها لأجل إحلال الديمقراطية الشعبية أو الدعوة لها أو علي الأقل جعل بيرزيت نموذجا لها.
و معركتها مع الإدارة التي نجحت و تنجح للأسف حتى ألان في إعادة صياغة البني العقلية للكثير من الطلاب كي يصبحوا مجرد بشر أنانيون غير فاعلين اجتماعيا يسيطر عليهم وهم التفرد و الأنانية و المصلحة البرجوازية الضيقة و طبعا هذا لا يقوم إلا من خلال محاربة الإدارة للحركة الطلابية بطريقة غير مباشرة و من خلال تدخلها لمنع الانتخابات الطلابية مستغلة ضعف هذه الحركة الراضية بتقسيمة الانتخابات و بتوزيع المناصب و الكوتات عليها كان المطلوب هو الجلوس علي كراسي و ليس العمل لأجل الذي انتخبه الطلاب له من واجبات و مهمات للمرحلة , انه ضعف متراكم الذي طبعا لا يمكن فهمة بمعزل عن الضعف العام الذي يعتري الحركة الوطنية و الإسلامية الفلسطينية منذ القدم بسبب تراكمات و أسباب لست ألان بمعرض الكلام عنها لأنها تحتاج إلي جهد كبير و لان الكثيرين فصلوا بطرق بعضها رائع و بعدها غريب من وجهة نظري أسباب هذا الضعف الفلسطيني السياسي و تجلياته و أسبابه الاجتماعية الثقافية .
كما و للأسف حتى داخل أسوار الجامعة فشلت هذه الأطر نقابيا حيث لم تقدم للطلاب أي مساعدات تذكر من التي تصلها كي توفر لهم مقومات الصمود الاقتصادية التي تساعدهم علي الاستمرار في معركة التعليم مع هذا العدو الفاشي الاشكنازي و لم تكمل معهم معركة الأقساط للنهاية بل تركتهم فريسة سهلة في أيدي الإدارة التي ما فتات تستغل الفرصة في جعل أسعار الأقساط الجامعية قياسية علي الطلاب كأنها متحالفة مع الكيان الصهيوني في تضخيم ووضع العقبات أمام شعبنا في ظل الصعوبات التي يعيشها بسبب مكانه كراس حربة حركة التحرر العالمية ضد الإمبريالية المعولمة .
خلاصة الأمر أن هذه الحركة خسرت في اغلب معاركها أن لم يكن جميعها و للأسف قد يظن البعض أن هذه الخسارة نطاقها محصور بساحات جامعة بيرزيت لكن للأسف الجامعة ليست إمبراطورية بحد ذاتها بل إنها جزء من النسيج الاجتماعي الفلسطيني و الشباب و الشابات الذي يعملون اليوم في نطاق حركتها الطلابية سيصعد الكثير منهم كي يصبحوا غدا ممثلين للحركة الوطنية و سينقلون معهم أمراضهم السياسية إلي المجتمع بأسرة و يأخذون وضعهم الطبيعي في مسرحية كأسك يا وطن الدائرة في ساحات النضال الوطني الفلسطيني سينقلون معهم حب ألذات و الارتجال السياسي و التزلف و المهادنة و الوسيطة بدل أن ينقلوا الجذرية و الصلابة و الوعي الثوري الواقعي الذي تأن ساحتنا السياسية الفلسطينية من فرط حاجتها إليه
نهاية الأمر يحمل في طياته دلالات ذات خطورة كبيرة خصوصا بسبب دور هذه الحركة المفترض و السباق علي الحركة الفلسطينية و بسبب أن الشباب في هذه الجامعة أصبحوا يصابوا بالشيخوخة المركبة سياسيا و اجتماعيا و طبعا ميكروب ألعدوي كامن في قلب الحركة الطلابية و آليات تفاعلها و يوجد لهذا الميكروب مصدرين رئيسيين :
المصدر الأول الإدارة و لوبياتها المتغربنه التي تدرسنا كتب ذات مراجع صهيونية مثل كتاب مادة القضية الفلسطينية و غيره من الكتب ناهيك عن أساتذتها الذين أصبحوا بشكل مكشوف مجرد مروجي لثقافة العولمة الإمبريالية و منظرين للتسوية السياسية و عندما تعارضهم في الرأي يبتسمون بسخرية ويقلون لك لا زلت صغيرا و التجربة لم تعجنك بعد و إذا ما قررت الكفاح لأجل رأيك كان عقابك جاهزا علامة في المادة تجعلك عبرة لمن لا يعتبر .
و المصدر الثاني هو بنية الحركات السياسية الفلسطينية بشقيها الوطني سواء اليساري أو اليميني و الإسلامي هذه البنية التي تتكون من هرميات ذات بعد أبوي سلطوي تمنعك من التفكير و إبداء الرأي و إن كان بشكل متفاوت و اغلبها قائم علي أساس من يطيع قائده أو مسؤلة أكثر و يفهم المعادلة فسيضمن له موقع محترما في هذه الأطر و من يدري ربما فهم اللعبة أكثر و استغل هذه الحركات كي يدلل لذاته إما سوق نخاسة المثقفين الفلسطينيين في ساحات ما يسمي بالمنظمات الغير حكومية التي تغزو ساحتنا الآن , نعم بنية هذه التنظيمات لها بالغ التأثير أيضا بسبب إن الكوادر الطلابية الصغيرة في الجامعة تسعي غالبا لتذويت ذاتها كمثل الأب القائد المسؤل عنها في مكتبه و تفرغ طاقة العنف الفكري التي يمارسها عليها في الطلاب الذين طبعا وسمهم بالجهلة جاهز دوما بسبب عدم تعاطيهم مع نشاطات هذه الكتلة أو تلك و ربما الجهلة اقل صفة يمكن إن يوصفوا بها لان الموضوع قد يصل إلي حد التخوين أو علي الأقل الوصف بعدم الوطنية .
ختاما لا أجد إن الوضع ابعد من حالة شيخوخة مبكرة استوجبت مني النقد و يجب علي كل عارف بطبيعة الوضع إن ينقده كي نحاول إبراز ما هو يميل إلي السكون أو يوجد البعض الذين يريدون إعطائه شكل ساكن و لكنهم للأسف لا يفهمون ما هو الجرم الذي يضيفونه إلي الجرائم المرتكبة بحق هذا الوطن المنكوب بذاته و بأعدائه.
بقلم الطالب خضر الريس
سنة رابعة دائرة علم الاجتماع
جامعة بيرزيت
فلسطين المحتلة
11/8/2003