|
الطبيب بين المعتقدات والمرجعية الدينية !!؟؟
ماغي خوري
الحوار المتمدن-العدد: 1860 - 2007 / 3 / 20 - 10:27
المحور:
المجتمع المدني
من المعروف في العالم العربي خاصة وبين الناس عامة أن الطبيب هو أعلى مثل يحتذى به ، لأنه حاصل على أعلى الشهادات الجامعية وأرفعها مكانة ، فهو أكبر قدراً من المهندس والمحامي والأستاذ وغيرهم من الأشخاص الحاصلين على الشهادات الجامعية ، وإجتماعيا له نظرة خاصة من الاحترام والتقدير بين جميع فئات المجتمع ، كيف لا وهو ذلك الانسان المبدع في عمله ذو المشاعر والأحاسيس النبيلة ، ذو الضمير والأخلاق الرفيعة ، وهو الذي يشفي أمراضنا وأوجاعنا ، ويزيل آلآمنا ، فشهادته ووظيفته ومركزه الاجتماعي ورسالته الانسانية كلها مجتمعة تضفي عليه وتفرض له نوع من الاحترام والتقدير مقارنة مع غيره ممن يحملون شهادات جامعية ... هذه هي الصورة التي نراها في الطبيب دائما ولا يوجد صورة أجمل من هذه ... فقد ربط إسم الطبيب بالمهارة والعبقرية ممزوجا بالانسانية والضمير.. حقيقة لا يوجد أجمل من تلك الصورة فهي لوحة رائعة تجسد حقيقة الطبيب ... لوحة فنية متكاملة ومتناغمة .... وهذه حقيقة لا يختلف فيها إثنان ، ولكن يا ترى هل هذه الصورة تشمل جميع الأطباء الحاصلين على مستويات رفيعة ، وهل جميع الأطباء يستحقون لقب ( دكتور أو طبيب ) ، لا أدري ، ولكن سوف أعطي مثالين على طبيبين وبناء على ذلك سنقرر ، أحدهم هو صديق للعائلة ( لبناني الجنسية – من وطني الأم ) ، حاصل على شهادة الطب من إحدى الجامعات الألمانية – اختصاص جراحة عظمية - في هذا العام صمم وقرر تأدية فريضة الحج ، بالفعل قام بتأدية فريضة الحج هو وزوجته وإبنته الصغيرة التي لا يتعدى عمرها الأربعة أعوام ، عادت العائلة وهي مسرورة جدا ... كيف لا وقد ذهب الطبيب وعائلته لزيارة الأماكن المقدسة .. وطاف حول الكعبة ورجم إبليس ، وتخلص من جميع الذنوب العالقة به ، عاد كما ولدته أمه ، وتبارك بعد ذلك بزيارة قبر الحبيب المصطفى !!!
لنرى ماذا حل بعقل ذلك الطبيب الجراح المبدع بعد عودته من رحلة الحج ، أولا أصبح مولعا بسماع القرآن ، حتى وهو في الشارع يضع السماعات ( الهيدفون) على أذنيه ، وبدأ يفكر بأن يدخل جهازه معه في غرفة العمليات !!! ما هذا التشويش الذي حصل لعقل الطبيب فجأة ، كان يحب الموسيقى الهادئة جدا ويفرض على المستشفى التي يعمل بها أن توضع له الموسيقى المهدئة للأعصاب أثناء العمليات التي يقوم بها فالمعروف أنه كان يتضايق من الضجيج والصوت العالي .. فكان يهيء له جوا مناسبا للقيام بعمله .. ما الذي حصل معه لكي يبدأ ميوله يتغير !! العلم عند الله .... ثانيا بدأ يمسك بيده المسبحة التي أحضرها معه من الحج ، وأصبحت شغله الشاغل ، حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ منه ، وكلما نسيها بمكان ما عاد مسرعا ليأخذها خوفا من ان تضيع ، فهو لا يهتم لضياع جهاز الموبايل ( الخليوي) بقدر ضياع تلك المسبحة !! ثالثا أصبح مدمنا على البخور الذي جلبه من الحج ، بدأ يبخر نفسه وبيته بشكل يومي مرتين صباحا ومساءً وذلك تعوذا وتحرزا من الشيطان والأرواح النجسة بعد أن كان يستخدم أفخر العطور وأشهرها رواجا ، رابعا ُ وهو الأهم .. لم يعد راغبا بلقب دكتور ، بل من أراد أن يتكلم معه عليه أن يناديه بالحاج فلان ... فكلمة دكتور لم تعد تعجبه ... انها موضة بالية ... احتراما له كنت أقول له دكتور ... ، فيرد مسرعا أرجوك لا تقولي دكتور بل الحاج ... ، حقا امر في غاية الغرابة ، لربما الحج غسل ذنوبك ولكن هل غسل عقلك أيضا !!؟؟ أمر في غاية الخطورة أن يتحول عقل ذلك الطبيب العبقري إلى قوقعة متحجرة ، عقله اللامع أصبح عقل حلزوني لا أكثر ولا أقل ، سألته وقلت له : من اليوم فصاعداً هل تفضل أن أقول لك دكتور أم الحاج ... ، قال لي لا مانع ان ألقب بالحاج الدكتور .....
يا للكارثة .. يعني كلما أردت التحدث إليه يجب أن استخدم لقب الحاج الدكتور فلان وبذلك أكون قد نسيت نصف ما أريده منه ، يعني يجب على كل شخص أن يبذل مجهودا بتلقيب هذا الطبيب قبل التحدث إليه ، سألته : برأيك أيهما أكبر قدرا ، الحاج أم الطبيب !!؟؟ قال لي الحاج طبعا أكبر قدرا من الطبيب ، ماذا !! يا للهول !! هل أنت جاد !؟ طبعا أنا جاد فالحاج قام بزيارة الاراض المقدسة ومحيت وغسلت ذنوبه وعاد مثلما ولدته امه ، وتقرب من الله ومن الحبيب المصطفى .... لم استطع تمالك نفسي من الغضب وسرعان ما وجهت له سؤال مربك ، قلت له : هل هذا يعني أن الحاج الزبال أكبر قدرا من الطبيب الذي لم يحج !!؟؟ إرتبك وإحمرت وجنتاه ولم يستطع الرد ... وجهت له نصيحة ... لماذا لا تقوم بتغير اليافطة لتكتب عليها ( الحاج فلان ... اختصاصي .... بدلا من الدكتور ) ... لم يتفوه بحرف واحد ... سنوات طويلة قضاها في المانيا حصل فيها على أرفع الشهادات ولكن عقله بقي أسير المعتقدات !!! هذه هي النبذة الأولى ... طبيب أسير الحج !!!
أما النبذة الثانية وهي تتعلق بشاب يدرس في كلية الطب وهو في السنة السادسة اي سنة التخرج ، يحب أن يكمل دراسته في إختصاص أمراض النساء !! لما لا وهو اختصاص نبيل جدا وإنساني ولا تقل أهميته عن باقي الاختصاصات ، اذا ما المشكلة واين تكمن !! يا للمصيبة هذا الشاب الدكتور الذي قضى سنوات عمره في الدراسة والتحصيل العلمي لم يستطع أن يأخذ قرارا سليما لنفسه فأقحم الشيخ لكي يأخذ منه ردا شرعيا ، عاد للشيخ ... بعث برسالة يسأله فيها عن رأي الدين والشرع بهذا الاختصاص !!؟؟ وهل يحق له أن يحضر الدروس العملية ؟ حقا إنها لبلوى كبرى ابتليت بها هذه الأمة ، فالطبيب والمريض بها وجهان لعملة واحدة !! طبيب يستشير الشيخ !؟ فماذا كان رد الشيخ يا ترى وبالحرف الواحد ... ( إذا كان هناك من يكفى من المتخصصات في طب النساء والولادة ؛ اقتصر عليهن ولم يجز لك أن تدرس فيه ، ولا أن تطلع على عورة المرأة بالتدريب : في كشف عليها ، أو إجراء عملية لها . وإن كان من تخصص في طب النساء والولادة من النساء غير كاف للقيام بالواجب في هذا الجانب ، ودعت حاجة المسلمين إلى تخصصك فيه ؛ جاز لك أن تدرس فيه ، ورخص لك في رؤية ما تدعو الضرورة إلى كشفه من جسد المرأة ؛ لإجراء كشف أو عملية " انتهى .)
تبين لنا أن هذا الطبيب الذي قضى سنوات عمره في الدراسة والتحصيل العلمي تفكيره لا يقل عن أي إنسان عادي بتأثره بالمرجعية الدينية ، فالمرأة عورة وهذا الطبيب سيعمل بمهنة غير أخلاقية ..... سيكشف عليها وسيرى أجزاء من جسدها وهذا ما لا يسمح به الشرع ، فالشيخ وفر عليه عناء التفكير ، وسمح له بممارسة المهنة شرط في حال عدم توفر طبيبات مسلمات تخصص أمراض نساء بنسبة كبيرة ، فبذلك يمكنه أن يحصل على هذا الاختصاص لما فيه من فائدة تعود على الأمة الاسلامية ، ولكن بشرط أن لا ينظر للمناطق المحرمة إلا إن دعت الحاجة والضرورة ... حاول أن تقلبها في عقلك إن إستطعت !!؟؟ إختصاص أمراض نساء ماذا سيكون !!؟؟ فلو أصر الشيخ وطلب من الدكتور أن لا يختص بأمراض النساء لسمع لنصيحته وإختص بعلم آخر ، ولكن يا ترى هل كان سينجح بالاختصاص الذي لم يأخذه عن قناعة ونابع عن رغبته الشخصية !!؟؟ هذا هو حال الطبيب في العالم العربي والاسلامي ، سيبقى أسير المعتقدات حتى وإن صعد للقمر .... هذه هي النبذة الثانية ... حاصل على شهادة الطب وعقله بين العمائم !! فهل يستحق كل طبيب أن يلقب بدكتور !!؟؟ أم يمكن للبعض منهم أن يلقب بثور !!؟؟
إليكم ما جاء في الفتوى :
سؤال: أنا طالب في كلية الطب في السنة النهائية وأفكر كثيرا في إمكانية تخصصي في علم النساء والولادة فما رأى الدين في هذه المسألة ؟
الجواب: الحمد لله عرض على اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله ، سؤال مشابه لسؤالك ، هذا نصه : أنا طالب في كلية الطب ، وفي السنة القادمة يكون مقررا علينا إن شاء الله مادة : أمراض النساء والتوليد ، وعلى هذا أسأل في الآتي : أ- هل يجوز أن أحضر الدراسة العملية التي ربما ينكشف فيها جسد المرأة ؟ ب- وهل يجوز للطبيب أن يتخصص في طب النساء والتوليد ، أم يقتصر هذا على الطبيبات ؟ فأجابت : " إذا كان هناك من يكفى من المتخصصات في طب النساء والولادة ؛ اقتصر عليهن ولم يجز لك أن تدرس فيه ، ولا أن تطلع على عورة المرأة بالتدريب : في كشف عليها ، أو إجراء عملية لها . وإن كان من تخصص في طب النساء والولادة من النساء غير كاف للقيام بالواجب في هذا الجانب ، ودعت حاجة المسلمين إلى تخصصك فيه ؛ جاز لك أن تدرس فيه ، ورخص لك في رؤية ما تدعو الضرورة إلى كشفه من جسد المرأة ؛ لإجراء كشف أو عملية " انتهى . "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/175). والله أعلم . http://www.islam-qa.com/index.php?ref=91867&ln=ara
#ماغي_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جاري قرد ... جارتي شيطانة ... وأنا خنزيرة !!؟
-
الأنف ممنوع .. أما الفرج مسموح !!؟؟
-
الطبيب الإرهابي !!؟
-
ختان الأنثى من بنات آدم سُنة !!؟؟
-
دعوى للحقد والكراهية !! تهنئة الكفار في أعيادهم أمر محرم !؟
-
الفرق بين الحرائر والإماء في الحجاب !!!
-
ماذا قيل .. ويقال .. عن المرأة !!؟؟
-
أين تقع جنة عدن التي خلق الله فيها آدم وحواء ؟
-
زواج الطفلة من الشيخ !!!؟؟؟
المزيد.....
-
كولومبيا عن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وج
...
-
تتحجج بها إسرائيل للتهرب من أمر اعتقال نتنياهو.. من هي بيتي
...
-
وزير الدفاع الإيطالي يكشف موقف بلاده من أمر اعتقال نتنياهو
-
مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت.. فما هي الخطوات المقبلة؟
...
-
ماذا بعد صدور مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت؟
-
العمال المغاربة الموسميون بأوروبا.. أحلام تقود لمتاهة الاتجا
...
-
الجزائر تستعجل المجموعة الدولية لتنفيذ قرار اعتقال نتنياهو و
...
-
فتح تثمن قرار المحكمة الجنائية الدولية: خطوة نحو تصويب مسار
...
-
نتنياهو: قرار المحكمة الجنائية الدولية إفلاس أخلاقي.. ويوم أ
...
-
السلطة الفلسطينية تُرحب بإصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغا
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|