أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع شامخ - دور المثقف العراقي في المرحلة الراهنة















المزيد.....

دور المثقف العراقي في المرحلة الراهنة


وديع شامخ

الحوار المتمدن-العدد: 1860 - 2007 / 3 / 20 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو ان الالتباس الحاصل بين الديمقراطية كنوع من الاداء التداولي للحكم في مجتمع مستقر سياسيا ودستوريا ، وبين الحرية التي تفترض اصلا تشكّلها في عالم الاحلام الفردية والجمعية ، يعاني من سوء فهم مقصود غالبا ، لان الحرية التي أعنيها هي ابنة الفطرة – وليست وعيا للضرورة بالمفهمو الماركسي-، والديمقراطية ابنة الفكر بكل ما ينطوي عليه من قدرة على الاكتساب والتمثل ، لان المعرفة اصلا هي فعل خارج عن المدركات الحسية ، وقائم على اكتساب المعلومات التي ينتجها المحفز الخارجي.والحرية القائمة على ترجمة المعرفة بنزوع داخلي قوامه التمثّل الحر للمعطى الخارجي ، دون الانحياز المسبق لتعميه كقانون، الديمقراطية قانون تفرزه صيرورة اجتماعية واقتصادية وسياسية لتجعله نمطا من انماط الحياة الدستورية ، في المجتمعات الجمهورية والملكية وغيرها. بينما الحرية هي الهامش الانساني لرؤية الذات خارج اشتراطات الحقل السياسي الذي انتج هذه الديمقراطيات. وبما ان المثقف هو الذي لا يخضع للواقع بكل معطياته، ليس ترفعا وانما مقوّما ازليا، ناقدا ، ومراقبا، وهو الطرف الحرج في أي معادلة يكون الانسان فيها ضحية ممارسة غيرخاضعة للنقد والتعديل والتبديل انطلاقا من صيرورة الكائن وحاجته الفعلية لممارسة حقة في كل حيز متاح يوجد فيه .وازاء هذا الدور الذي نفترضه للمثقف وهويتة الثقافية خارج التوصيف المعجمي الذي يقرر ان الثقافة : هي تنمية بعض الملكات العقلية او تسوية بعض الوظائف البدنية، ومنها تثقيف العقل. كما يشير- جميل صليبا- في معجمه الفلسفي. فالثقافة هي الطريقة لتوظيف المعرفة المكتسبة بالتمثّل. او انها الاستجابة الواعية للتحدي.فالثقافة لا تفترض مسبقات، لانها قائمة اصلا على التنوع والانفتاح وشرطها الاكيد هو الاضافة والحذف والابداع . وهذه الشروط لا تصح عمليا مع تجربة اثبتت نجاحها الواقعي سياسيا وما افرزته ، فكريا ،اقتصاديا واجتماعيا في لحظة تاريخية في حياة شعوب اخرى ، لا تفترض صيروتها، التطابق مع افرازات المثقف والثقافة في مجتمعنا ، وهذا ينطبق حصريا على المثقف العربي الذي لم يستطع من ردم الهوة الساحقة بين وجوده في المجتمع وحريته الشخصية، فاختار ان يكون من النخبة ، ليدرأ خطر العامة والسلطة معا. النخبة التي انتمت الى الاحلام بحجة الحرية ، والتي انتمت الى السلطة بحجة الديمقراطية .وكانت المعرفة وسيلتها للتضليل! معتمدة في كل الاحوال على ضعف الذاكرة الشعبية أو غيابها من الحضور الفاعل في الحياة. فاصبحت الثقافة ممارسة نخبوية وشرط للحرية او التفكر بها وفق المفهوم العربي او الشرقي عموما لدور المثقف في الحياة، بينما اصبحت الديمقراطية ظاهرة شعبية مجيّرة لصالح نوع النظام السائد. والمثقف والحرية مجرد اضغاث احلام ، او رؤيا غير مدركة ، في وجود المثقف الواقعي لدى العامة. فالمثقف العربي والعراقي لم يستطع ان يردم الفراغ في تفاعله مع النهضة الحداثوية وما بعدها ، ليؤسس لسؤاله الخاص في الحرية كمفهوم حر، غير قابل للاقتباس من تجارب الاخرين في حقل السياسة . أي ان المثقف العربي كان منبهرا بمعطيات النتاج الحضاري الغربي ، دون أي فرز او احتراز من الحاضنات المولدة ، ودون أي اعتبار لضرورة تشكّل مبدأ الحرية وقانون الديمقراطية في مجتمع لا يحتاج الى حرية والى مثقف اصلا.
كيف يدافع المثقف عن وجوده الفاعل ؟
المثقف الحقيقي لا يسعى الى تكريس السائد الذي يستوجب المباركة الشعبية المضلله بالأنماط الواقعية، وانما يسعى الى النادر الذي يستحق التأمل ، وشرط التأمل هنا المعرفة بكل مصادرها المادية والروحية ، مبتعدا عن الوهم الذي يفترض نبوة المثقف او رهبانيته ، او زعامته المطلقة للعامة. ثم ان على المثقف ان يحول الحرية الى ممارسة شعبية واعية لمراقبة سير الديمقراطية في كل مفاصل الحياة، الديمقراطية التي وجدت اصلا كنظام للمراقبة على مجمل اداء الحكومات في فتراتها الدستورية وفي كل الحقول.الحرية عند المثقف هي مناقشة الأسس والجذور للنظام الديمقراطي برمته، والذي لا يلتزم بدورة حكومة، الحرية هنا هي التي ستضع الدستور العراقي الحالي في موقع المسائلة تبعا لتخلف بعض فقراته مع شروط الحياة الإنسانية المتطورة والمتجددة، الحرية ليست عصا في دولاب الديمقراطية، لكنها َتمثّل لصراع لا ينتهي بين طموح السياسي والاقتصادي المحكوم بزمن معين، وانتمائها الى الكلية الإنسانية،وبالتالي سيكون التطبيق هو المحك الاول والاخير لاختبار ومحاكمة المباديء التي تقوم عليها الديمقراطية والحرية معا . أي بعبارة اخرى ان المثقف منوط به مهمة المراقبة الفاعلة لكل انماط الاداء المجتمعي في المؤسسات والشوارع. دون ان يكون له تحيّز أيديولوجي مسبق أو قبليات نظرية فئوية ، لا تسمح له بمعاينة المشهد الكلي ، منطقة اشتغاله المفترضة.
ماذا يجري في العراق؟
ان ما يجري الآن على الساحة العراقية هو نوع من الاستحواذ على المفاهيم العامة كالديمقراطية او الحرية من جانب المثقفين والساسة، فالسياسي يعتقد انه القائد الميداني لدفة الديمقراطية ومساراتها الحديثة على المجتمع العراقي بعد مرحلة انهيار الحكم الشمولي ، محاولا إقصاء المثقف المراقب الناقد ، متهما إياه بالنرجسية والخيال والابتعاد عن الخوض في مسائل اكثر عملية من التنظير المجرد. والمثقف يمارس عزلته ليؤكد ما يقوله السياسي.اذا كانت الحرية هي وعي الضرورة، فالضرورة هنا هي كيفية استخدامها واقعيا في الحياة ، وجعلها خاصية لا تجيّر لاحد في كل الحقول، هي شرط الانسان الاول لمعاينة وجوده الفكري والمادي، فاذا كانت الديمقراطية نتاج نضال الانسان في محور السياسة ، او هكذا يراد لها من قبل الساسة ، فالحرية هي التي تكون متاحة للجميع بوصفها فطرة فاعلة ومتاحة للجميع ، الفطرة في كون الانسان ولد حرا، والفاعلية هي قدرة الكائن على استثمار المعرفة. والمثقف هنا سيكون من الذين يمزجون الفطرة والمعرفة غير المشروطة بأفق حقل معين. وبما ان شروط الحقل غير متوفرة للسياسي والمثقف معا في هذه الفترة الانتقالية العسيرة ، والمجتمع يسير الى هاوية بين الديمقراطية والحرية ، الديمقراطية وشيوع نموذج ألا وطنية، مع تفكيك منظم للتراكم المؤسساتي للدولة العراقية منذ عقود طويلة ، قطوعات شاملة في كل شيء . أليس من واجب المثقف ان يشير الى الخراب عبر حقوله السردية والبرهانية، وهي التي ستشير مستقبلا الى مسؤولية الخراب ، على المثقف والمبدع ان لا ينخرط في لعبة سياسية مؤقته، لان التاريخ يكتبه الساسة دائما ، والمثقف غير منتمٍ الى التاريخ او الى الحاضر المشروط .او المستقبل المضبّب . الحرية الفاعلة هي التي تنتج مجتمعا فاعلا يتقبّل شكل نظام حكمه الدستوري غير المشروط، بخيارات محددة سلفا ، او مستوردة من حاضنات اخرى!. المجتمع العراقي الآن يعاني من غياب الهوية ، أو محاولة استرداها بأفق سياسي فقط وان تنوعت أساليب الدخول الى الواقع سواء اكان طائفيا أو عرقيا ...الخ . وهذا امر غير شاذ اذا كانت برامج التحديث سائرة الى افقها الوطني ، لكن الواقع الآن يشير الى ردة غير مسبوقة ، رغم ما يشيعه الساسة والمثقفون الذين تواطنوا مع الخراب السابق ، ويعتقدون ان اية خطوة غير مستقرة في المسار الجديد هي افضل ، وهذا هو التأسيس الصحيح . خطوة متعثرة في الطريق خير من آلاف الأميال في مسيرة غامضة .ولكن الحرية المقرونة بالمعرفة تبقى اعلى من كل شرط ، واعلى من كل خطوة ، وحضورها الديناميكي في الحياة العراقية هو الضمانة الأثيرة لولادة نموذج عراقي ديمقراطي تتكافل الفطرة الفاعلة مع كل ممكنات العقل البشري وجهوده الشاقة والطويلة في طريق قيام الحياة الدستورية لغرض ارساء وصياغة النموذج العراقي الدستوري الديمقراطي . ضمانة الشعب العراقي الأكيدةوالتي سيببقى المثقف والسياسي الوطني مسؤولين عنها بتأسيس دستور ضامن لحياة حرة وكريمة للمواطن العراقي ومقرونا بفصل حقيقي للسلطات وكما يشير –مونتيسكو- بأن العدالة هي فصل السلطات، مهمة الجميع الوصول الى صيغة العقد الاجتماعي الذي يفترض وعيا للنخبة وللشعب بضرورة التخلص من منطق ارادة القوة الذي يسلب قوة الحق والعدالة. وبما ان المثقف لا ينتمي الى الظرف الآني ووصاياه وقدرته الى فرض الامر الواقع ، فعليه ان يكون مراقبا وناقدا –وليس ناقما- ومقوّما ومستثمرا لايةّ خطوة في الاتجاه الصحيح، غير متورط في الانتماء الى خانة عقائدية ما. المثقف ينتمي الى الفكر الحر الذي يوفر له الحق في ممارسة مسؤوليته في المجتمع دون السقوط في مستنقع العاطفة والمظلومية التي غلبت على اداء المجتمع العراقي سياسيين وافراد في مرحلة البناء الديمقراطي الحالية.



#وديع_شامخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق الى الوليمة العارية
- أسرار الحكاية الجديدة
- الوجود في ظلمة النفق
- أيام على اسفلت البلاد


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع شامخ - دور المثقف العراقي في المرحلة الراهنة