أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - تزيين للمرآة أم تغيير للواقع؟















المزيد.....

تزيين للمرآة أم تغيير للواقع؟


خالد عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 560 - 2003 / 8 / 11 - 03:59
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

 

كاتب عربي يقيم في وارسو


إصلاح الجامعة العربية حديث قديم جديد، يغفو كثيرا ويصحو قليلا. وهو لا يعدو أن يكون اللافت للأنظار عن حقيقة الأحوال. وإذا كان موضوع إصلاح الجامعة العربية مفيدا للحكومات لأنه يحول سهام الرمي إلى الثقب الأسود حيث يبتلعها كلها ولا تصيب أحدا، إلا أنه مولد للإحباط. إذ يبدو للناظرين أن عتبة العبور إلى الخلاص تستعصي على الارتقاء. ولكن ذلك كله ليس إلا أوهام.

فإصلاح الجامعة العربية موضوع مضلل، لأنه يخلط أمرين، ولأنه يسدد إلى غير المرمى. فأما الخلط، فلأن كثيرا من الداعين إلى الإصلاح لا يفرقون، جهلا أو علما، بين جوهر الجامعة العربية وبين حيطانها. والحيطان هي الأمانة العامة، إداراتها المتنوعة وموظفيها المختلفين. وهي لا ريب تحتاج إلى إثراء بأهل الكفاءة، وتمكين بالتقانة الراقية، وتقوية بالإجراءات الحديثة. ثم لنفترض أنها أصبحت تضاهي في أدائها البحثي والإداري أرقى المنظمات الدولية، فهل سيصلح ذلك جوهر الجامعة العربية.

فالأمانة العامة ليس لها إلا أن تعد لصانع القرار العربي، مجلس الجامعة، جدول أعماله، وأن تتابع تنفيذ قراراته. فهل إذا كان إعدادها لجدول الأعمال، مذكراته وتقاريره لا ينافسه نظير عالميا، فهل سيجعل القرارات العربية أكثر تضامنا؟ وهل إذا كان تقرير متابعتها لتنفيذ القرارات محكما ليس له مثيل، فهل سيخجل ذلك الدول العربية ويضطرها إلى التنفيذ؟ لا أظن أن أحدا له خبرة بالجامعة العربية يرى ذلك، حتى وإن رأي ضرورة تطوير الأمانة العامة.

أما جوهر الجامعة العربية فهو مجالس صنع القرار فيها وأهمها مجلس الجامعة، بمستوياته المختلفة، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي. فهذه المجالس تأخذ قرارات، وتتعهد، على الأقل ضمنا، بتنفيذها. ولكن اتخاذ القرارات لا يحصل أثناء انعقاد الجلسات، فكل دولة تكون قد حزمت أمرها بشأن موقفها من أي موضوع قبل أن ترسل ممثلها، رئيسا، أو وزيرا، أو سفيرا، إلى الاجتماعات.

 والقرار الذي تصل إليه أية دولة يعكس ثلاثة أمور رئيسية. الأول، طبيعة بناها السياسية وهياكلها الاقتصادية. وهذا يشمل نمط الإنتاج الاقتصادي فيها، وعلاقاتها الدولية، والمساعدات التي تتلقاها. الثاني، قوة شعور الرأي العام العربي، والقطري تجاه المواضيع المعروضة على جدول الأعمال. الثالث، العلاقات الشخصية بين الحكام أنفسهم، أي تبادل السكوت على المنكر، أو المسايرة في تمرير بعض المواقف.

وتعمل العناصر الثلاثة كخليط نووي ضد التنفيذ. فالعنصر الأول، يفترض أن لا تأخذ الدول العربية قرارات اتخذتها فعلا. وذلك لأن معظم بناها السياسية وهياكلها الاقتصادية تندمج اندماجا يكاد يكون كاملا في البناء السياسي والاقتصادي الغربي، الأمريكي والأوروبي. ومن وجهة النظر المصلحية الصرفة فهي ينبغي أن لا تكون معنية بكثير من اتفاقيات التجارة ورؤوس الأ موال، ومقاطعة إسرائيل وغيرها. كما أن البعض بحكم الحماية السياسية والاقتصادية الأمريكية، تجعله ينفر من القرارات التي تعادي هذه الحماية.

ومع ذلك، توافق هذه البلدان على قرارات واتفاقيات لا تريدها أو تنفر منها مضطرة تحت تأثير العاملين الآخرين. فالدول العربية ليست مؤسسة على الشرعية الشعبية. إذ لو كانت كذلك، كما في البلدان الغربية، لسمحت لنفسها أن تمارس أحيانا سياسات تتعارض مع هوى أكثرية الناس. لكنها لأنها ليست كذلك، فهي تحتاط دائما لأن لا تظهر معارضة لمطالب الناس وميولهم. وكأنها بذلك تضفي على نفسها الشرعية. كذلك، تضطر بعض الحكومات مجاراة حكومات أخرى في مواقف أخرى مهمة لها تجاه شعوبها. فهي مواقف مسايرة. والمسايرة ليست إلا مجازا عن الرفض، الذي تعبر عنه بعدم التنفيذ أو التلكؤ في الإنجاز.

هذه هي صورة جوهر الجامعة العربية، مجالس اتخاذ القرارات. فهي ليست إلا مرآة لحال الدول العربية نفسها. فمن يريد أن يعمل يد الإصلاح في مجالس اتخاذ القرار العربي المشترك، فعمله لا يعدو أن يكون تذهيبا لهذه المرآة، لكنها لن تجعل الوجوه الناظرة فيها أكثر جمالا أو أقل قبحا.

فمن الممكن تعديل الميثاق. فهل من الممكن يا ترى أن نجعل العمل العربي الجماعي أكثر شفافية، وأكثر صلاحا؟ وهل سيرشح من أباريق الحكم الفاسد والمغلق في الدول العربية الصلاح والانفتاح؟ وهل من الممكن يا ترى أن نضمن الميثاق نصوصا لقيام قوات عربية مشتركة ضد الاحتلال الأجنبي، وكثير من البلدان العربية تتعاقد مع البلدان الكبرى من أجل احتلالها؟ وهل من الممكن يا ترى أن ننشئ محكمة عدل عربية عادلة، وكل منظمات حقوق الإنسان العربية تجأر بالشكوى من ندرة العدالة في بلدانها؟

فالإصلاح يحتاج إلى يد تؤمن به. فكيف نأمن للأيدي التي تنضح فسادا، وجورا، وتبعية، أن تنجب لنا إصلاحا يشرق بالصلاح السياسي، ويقوم على موازين العدل والنصفة، ويقود مسيرة التحرر الاقتصادي والسياسي.

لقد كان الأمين العام للجامعة العربية موفقا حينما قال " أقر أن عمل الجامعة العربية ليس على ما يرام، وأقر أن هناك الكثير مما يمكن فعله، ومما أمكن فعله. ومع ذلك، فحينما نتكلم عن أداء الجامعة العربية فإننا نقصد الإرادة العربية الجماعية لأقطارها". فهو قد حدد موقع الإشكالية، ولا أظنه يستطيع أن يقول أكثر من ذلك.

لكن لنا عتبا على الأستاذ عمرو موسى الذي ليس لدي له إلا التقدير لشخصه، ولعمله الشجاع في محيط السياسة العربية المظلم، حول منطلقه المفاهيمي الذي نسب إليه. فهو يرى أن التغيير الذي حصل فيما كان يدعى ماضيا " الأمن العربي الجماعي " أنه تطور إلى بناء " المصالح العربية الجماعية ". ولكن بعض البلدان العربية تروج لهذا المفهوم الناقص الذي لا يجوز قبوله.
 فالأمن الجماعي العربي هو قمة المصالح بين البلدان العربية، وهو منطلق بنائها. إذ كيف للبلدان العربية التي تفتش عن مظلة أمنية أخرى أن تستظل بها دون أن تعطي ثمنا سياسيا واقتصاديا. فاللبنات الاقتصادية والسياسية لا يمكن أن تتراكم إلا تحت مظلة الأمن الجماعي. لقد كانت المظلة الأمنية الجماعية الغربية أساس بناء لبنات التعاون الاقتصادي والسياسي. كما كان كذلك في ما سمي المعسكر الاشتراكي. فالأمن هو أولوية الأولويات للأفراد وللدول.

 ولقد رأينا كيف أن بناء المصالح الاقتصادية والسياسية مع الولايات المتحدة يزداد مع الاستظلال بمظلتها الأمنية.

 فالمنطلق ينبغي أن يبدأ من إعادة تأسيس الأمن العربي الجماعي، على الأقل مفاهيميا لحين يبعث الله فينا حياة جديدة.
 
كما أن المفهوم الآخر الذي عزي له لا يقل خطورة. فقد قال " دعونا أيضا نتفق أنه حينما يقول الفلسطينيون أنهم يريدون أن يتبنوا خريطة الطريق، فليس لنا أن نقول لهم ليس لكم ذلك ". وهذا القول مثال لما هو أسوأ ما في مفهوم السيادة القطرية. وهو نتيجة منطقية للقول بأفول مفهوم الأمن الجماعي العربي.

 لا يستطيع الفلسطينيون أن ينكصوا عن ضمانات قدموها لإسرائيل في إطار اتفاقيات أوسلو، فهذا خيانة للعهد. ولكن يستطيع الفلسطينيون أن يقولوا للدول العربية التي حاربت معهم وخسرت أراضي لها إننا في حل من تضامننا معكم، وسنقبل بخطط حتى ولو كانت مضرة بمصالحكم!!

 كما تستطيع الولايات المتحدة أن تقول للبلدان العربية عليكم أن تجروا هذا وهذا من التغييرات في بلدانكم، لأنه لا ينسجم مع المبادئ الدولية، لكن الدول العربية لا يمكنها أن تقول لبعضها البعض أن ما تقومون به يضر بالأمن الجماعي العربي. فإذا كانت الدول العربية لا تأمن أن تفي بواجباتها تجاه بعضها البعض في أخطر مسائل وجودها فكيف بها ستبني لبنات التعاون الاقتصادي؟ هذا مفهوم يعود بنا إلى ما قبل ميثاق الجامعة العربية، حينما كانت البلدان العربية تحت الانتداب الأجنبي. وهي بطريقة أخرى تعود إليه.

ولكن الإصلاح في بناء الجامعة العربية في ظل التدهور الحاصل لن يأتي إلا بأسوأ ما في الواقع العربي إلى ميثاقها. وحينما يتم الإصلاح القطري سنجده منسابا متدفقا إلى مناحي حياتنا الجماعية.

كنعان



#خالد_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجدار العازل في العراق
- الديمقراطي الفلسطيني في واشنطن
- مرحلة جديدة في النهب الغربي لإفريقيا
- عبء السلطة على القضية الفلسطينية
- المأزق الأمريكي البريطاني
- مشهد العلاقة بين ضفتي الأطلسي
- تنفيذ خريطة الطريق الحقيقية
- قمة إيفيان: خريطة طريق إلى أين؟
- خريطة الطريق : الانتقام من الانتفاضة
- تغيير الخريطة العربية: منطقة التجارة الحرة
- تأمين الغنيمة
- زيارة أم احتلال أمريكي للعراق!
- حينما نحول التاريخ إلى جينات
- حينما نحول التاريخ إلى جينات
- العجلة الأمريكية لرفع الحصار عن العراق
- مستقبل الجامعة العربية
- الإخفاق الأمريكي الذريع
- قمة بوش وبلير
- معذرة بغداد
- تطور مدرسة الحيل الشرعية العربية


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - تزيين للمرآة أم تغيير للواقع؟