|
اربع سنوات من احتلال العراق عرت القرن الامريكي وصمود شعبه يشحذ طاقات البشرية الجبارة لانهائه
سعاد خيري
الحوار المتمدن-العدد: 1859 - 2007 / 3 / 19 - 11:30
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
شهد العالم امس السابع عشر من آذار/2007 ما لم يشهده على مر التاريخ وما لايمكن مقارنته بأي فعليات شملت العالم لادانة جرائم الامبراطورية الامبريالية الامريكية ، حتى ولا فعاليات البشرية ضد الحرب الفيتنامية. ليس من ناحية عدد المساهمين فيها من بشر ولامن حيث عدد البلدان والمدن التي انخرطت فيها، ولكن من ناحية الوعي المتطورعلى الصعيد العالمي ، الذي يتناسب لاول مرة مع مقتضيات التطورالتاريخي للبشرية وبلوغها مرحلة العولمة بنقيضيها العولمة الرسمالية والعولمة الانسانية، متجاوزة مرحلة المعسكرين: الاشتراكي والراسمالي. ولم تكن مجرد تعاطف مع شعب تصب عليه الامبريالية الامريكية افضع جرائم الانظمة الفاشية والرجعية على مر التاريخ ، على اهمية ذلك، وليس على خرقها للقوانين الدولية والاعراف والمواثيق سواء في حربها او احتلالها، على اهمية ذلك ايضا، وانما على ما تشكله هذه العولمة الراسمالية من خطر على البشرية . فالقرن الامريكي الذي اتخذته عنوان لهيمنتها على العالم ، بدأته الامبريالية الامريكية بحربها على العراق ليكن مركزا لهيمنتها على الشرق الاوسط الجديد، الذي يشكل محورا للهيمنة على اهم مصادر الطاقة في العالم. ومركزا استراتيجيا لمخططاتها العسكرية للهيمنة على اكبر ثلاث قارات العالم : آسيا واوربا وافريقية. لقد استغلت الامبراطورية الامبريالية الامريكية مشاعر الاحباط الذي خلفه انهيار المعسكر الاشتراكي على البشرية ، وسخرت كل اجهزة اعلامها الجبارة ، وكل ادواتها السياسية والايديولوجية لاثبات عجز النهج الماركسي الثوري عن تحرير البشرية ، بل وخطأه ، ونشر مختلف النظريات المظللة، فضلا عما تنشره عبر وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموع والاستعراضات العسكرية البحرية والجوية والبرية والتجارب ، عن الجبروت الامركي ، الى جانب ميزات النظام الديموقراطي الامريكي . وساد فعلا شعور عالمي شمل الجماهير المحبطة بعدم امكانية أي شعب في العالم من الوقوف بوجه طموحات الادارة الامريكية ، بل وحتى ولماذا الوقوف ضدها طالما ستشمل ذلك الشعب المحبط من الانظمة التابعة واشكال من الانظمة الدكتاتورية ، بالعطف الامريكي الديموقراطي!! فجاءت الحرب على العراق وما اقترفته القوات الامريكية من جرائم بحق الشعب العراقي ، وبفضل التطور العلمي التكنولوجي في وسائل الاعلام ، خير مختبر يعرض يوميا على شاشات تلفزيون العالم فضلا عن الصحف والاذاعات: حقيقة الديموقراطية الامريكية ، والتحرير الامركي والرخاء الامريكي الذي يتجسد بتهديم كل المعالم الحضارية لشعب اصيل ساهم في بناء الحضارة الانسانية ، وتهديم كل بناه التحتية من مصانع ومؤسسات ومدارس ومعاهد ومختبرات، تضمن لشعب متحضر الحياة المعاصرة، وبعث وتأجيج كل مخلفات العصور السالفة من عادات وتقاليد واوهام واثارة ابشع الغرائز لدى البشر ، فضلا عن استخدام مختلف اشكال ووسائل الابادة بما في ذلك الاسلحة المحرمة دوليا واسلحة اليورانيوم المنضب. واثبتت الاربع سنوات حقيقة الجبروت الامريكي الذي لم يستطع بكل جبروته وامكانياته التكنولوجية والبشرية وبكل ادواته السياسية والايديولوجية ، وبكل اجهزته السرية وفرق موته، عجزها عن تركيع الشعب العراقي واخماد مقاومته. كما اثبتت هذه السنوات الاربع من صمود الشعب العراقي بان من طبيعة الشعوب ، التعلم من تجاربها النضالية ، وتطوير وسائل واساليب كفاحها، وتغذية طلائعها بالوعي ، وباعداد مستمر لاستبدال الطلائع التي تستشهد او التي يمكن تضليلها او التي يمكن كسبها عن طريق المفاوضات والاغراء بالسلطة والمال. فالمقاومة في هذه المرحلة تضم طلائع جميع فئات الشعب ولابد من صهرها في بوتقة النضال وتسليح قيادتها بالوعي الماركسي الثوري الذي يصونها ويضمن تطورها وانتصارها الحاسم. ان أي تهاون بهذه المهام سيطيل من عذابات شعبنا ، بل وعذابات البشرية ويصعب من استئناف ما وصلنا اليه الان من صمود يثير حماس البشرية ويشحذ طاقاتها، فليس للامبريالية من سلاح امضى من سلاح الاحباط لتركيع الشعوب. ان العولمة الراسمالية بقيادة الامبريالية الامريكية اليوم بكل ممثليها من الديموقراطيين والجمهوريين، وبكل من سيخلفهم في قيادة العولمة الراسمالية من الاقطاب الراسمالية الاخرى ممثلة بدولة واحدة مثل المانيا اوفرنسا او اليابان اومجموعة دول كالاتحاد الاوربي، وما ستستحدثه العولمة الراسمالية من اقطاب اخرى نتيجة التطور الراسمالي غير المتناظر للاقطاب الراسمالية ، لايحتمل فشل الهدف الاستراتيجي الرئيس للهيمنة على العالم : الهيمنة على العراق . ولذلك يدرك الشعب العراقي اليوم بان معاركه مع الامبريالية الامريكية ليست معارك بسيطة وحتى لايمكن مقارنتها بمعاركه مع الامبريالية البريطانية خلال النصف الاول من القرن الماضي، لانها ورغم كل التناقضات بين الاقطاب الراسمالية داخل الولايات المتحدة وعلى الصعيد العالمي فهي موحدة في مواجهته. ولكنه يدرك ايضا انه يملك ما يفوق اهوالها بما اكتسبه من خبر وتجارب ويحظى بما يفوق قدراتها من دعم عالمي آخذ بالتطور. فمع استمرار صمود شعبنا وتكبيده للامبريالية الامريكية كل هذه الخسائر والتضحيات يتعاظم وعي البشرية وتتطور وسائل واساليب دعمه لشعبنا. ولابد ان تقترن تظاهرات التنديد بجرائم الاحتلال والمطالبة بسحب القوات الامريكية من العراق، برفض الشبيبة الامريكية من الذهاب الى العراق والموت في سبيل مصالح كبار الراسماليين العالميين ، الذي بدأت بوادره اولا بهرب المئات منهم من العراق وتفضيل العشرات الحكم عليهم بالسجن لسنوات طويلة جراء رفضهم الذهاب للحرب في العراق. ولابد ان يرفض عمال موانيء العالم تحميل الاسلحة والجنود الامريكان الى العراق او الى أي بلد اخر، ولابد ان يرفض علماء ومهندسو امريكا والعالم من تطوير وتصنيع اسلحة الدمار الشامل ، وحتى الاسلحة التقليدية، فالبشرية بحاجة الى العلم والمعرفة وبحاجة الى تلبية كل متطلبات الحياة المعاصرة ، بدون تمييز . نعم ان شعبنا بصموده امام جبروت امبراطورية الامبريالية الامريكية ومن تستعين بهم او يخلفوها في قيادة العولمة الراسمالية، وبالذود عن حاضره ومستقبل اجياله ، انما يساهم بالذود عن حاضر ومستقبل البشرية ويشحذ طاقاتها التي ليس لها حدود ويعزز ثقتها بقدرتها على التحرر من علاقات الانتاج الراسمالية وكل اثامها من حروب واستغلال واستعباد. سعاد خيري في 18/ 3/ 2007
#سعاد_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جبهة عالمية لتحرير العالم من القواعد العسكرية الامريكية
-
تشريع قانون النفط تشريه لصك العبودية
-
لنتحدى الكوارث التي تنزلها قوات الاحتلال بشعبنا لتمرير قانون
...
-
ارادة الشعب العراقي وعبقريته عرت عجز القطب الاكبر للعولمة ال
...
-
حوّل الاحتلال كل ايامنا الى اياما عالمية للرعب والتركيع، فال
...
-
لا لتشريع قانون استثمار النفط: قانون نهب ثرواتنا النفطية
-
رفع الوعي الوطني والاممي ضمان لوحدة الجماهير الشعبية وليس ال
...
-
الادارة الامريكية تعد مسرحية بيعة لقوات احتلالها على غرار مه
...
-
3-عجلة التاريخ ومقاومة الشعب العراقي المدعومة عالميا تجبر ال
...
-
2- التضليل بشعار جدولة الانسحاب
-
خل ستسحب امريكا قواتها من العراق ومتى ؟ -1
-
الاحتفال بيوم المرأة العالمي في العراق
-
الى اين يسير العراق
-
هل القرن الواحد والعشرين ، قرن امريكي بدون منازع
-
الف تحية لاتحاد نقابات عمال النفط في تصديهم للهدف الرئيس من
...
-
نعم لكل ازمة اسباب عديدة والمهم تحديد السبب الرئيس اوالحلقة
...
-
احصائيات عالمية ودولية تفضح مسؤولية قوات الاحتلال عن جميع جر
...
-
3-الاهمية العالمية لمقاومة الشعب العراقي للاحتلال تتطلب منه
...
-
2 - مقاومة الشعب العراقي للاحتلال عامل هام في تطوير العولمة
...
-
- احتلال العراق والعولمة . 1 -احتلال العراق اسلوب امبريالي ت
...
المزيد.....
-
إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط
...
-
إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
-
حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا
...
-
جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
-
الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم
...
-
اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا
...
-
الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي
...
-
مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن
...
-
إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|