سلام فضيل
الحوار المتمدن-العدد: 1865 - 2007 / 3 / 25 - 11:52
المحور:
ملف / الكتاب الشهري - في الذكرى الرابعة للغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري , العراق إلى أين؟
في غمرة التشنجات الرهيبة التي تهز المجتمعات السياسية احيانا وتستتبع احيانا كثيرة هلاك دولة ما من الدول ‘ ما من فعل‘ ما من كلمة ‘ ما من فكرة ‘ مامن عاطفة لدى المشتركين في الثورة سواء كانوا فاعلين نشطاء ام ضحايا ‘ لافرق ..لا تستتبع حتما وعلى وجه الضبط تلك الافعال التي كان لابد ان تستتبعها تبعا للمكان الذي يشغله هؤلاء المشتركين في هذه الزوبعة الروحية (هول باخ –نظام الطبيعة –ك-ماركس انجلس مختارات ) .
لقد كان العراق يتقدم بمسافة بعيدة ‘ عن محيطة الاقليمي خاصة بعد انهيار نظام الشاه في ايران ‘ حليف الولايات المتحدة ‘ او ما كان يعرف بشرطي المنطقة ‘ حيث كان ياخذ حتى ( الاتاوة ) بصفة هبات او هدايا حسب مايقوله (هيكل ك مدافع آية الله ) . وبعد حرب النظام الدكتاتوري البائد على ايران التي دامت ثماني سنوات ‘ صار العراق صاحب اكبر واقوى قوة عسكرية في المنطقة ‘ ويقودها دكتاتور اهوج لايتردد في اجتياح كل بلاد النفط التي لم يقترب منها الاتحاد السوفياتي ‘ وهو في اوج قوته وقوة حلفائه في المنطقة ‘ وشدة التنافس والتدافع بينه وبين الولايات المتحدة .
وفي لحظة تمتع الامريكان بلذة النصر والثأر لهزيمة فيتنام وهم يرون الروس ينسحبون من افغانستان ‘ التي اعتبرها الامريكان نصرا على الروس ‘ والمتطرفين الاسلامين الذين مولوا بالمال والسلاح والرجال ‘ من حلفائها .... والتدريب تحت اشرافهم من فبل المخابرات الباكستانية ‘ اعتبروه نثرا لهم على الغرب كله ‘ وراحوا يتشوقون لمنازلة الغرب في مكان آخر ‘ فسارع صدام العلماني الى ارتداء ثوب الاسلام ‘ والتحدث باسم الاسلام كله ‘ ضد الولايات المتحدة على انها تمثل الغرب كله وجوهر دوداييف اضطر للتحالف مع اكثر الاسلامين التطرفين في الشيشان ‘ فخرجت التظاهرات تايدا له حتى في دول حلفاء الولايات المتحدة ذات الحكومات العلمانية مثل المغرب ومالزيا واندنوسيا وباكستان ‘ ولعدم نشوء صراعات في اوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ‘ ما عدى يوغسلافيا ‘ ومن خلالها عادت الولايات المتحدة المدافع عن الاسلام كله ضد الغرب كله ‘ وبنفس الادوات التي استخدمتها في افغانستان . وقبل لذة النصر في افغانستان ومابعدها من حرب الخليج الى البوسنة ‘ كان الحدث الذي ارق الولايات المتحدة وراحت تستعد له هو توجه الصين التجاري ‘ والثورة في ايران ‘ وتوجب ادارة الصراعات المحيطة بمصادر الطاقة كي نؤخر وصول القادمون الصين والهند والعائدون مثل اوروبا ‘ الذي سيشاركونا او يزيحونا من على طاولة العشاء ‘ التي نفترشها الان لوحدنا ‘ وكما يقول( جون لويس جاويس ) ‘ ((لكي يشق المراء طريقه عبر ارض غير مألوفة فان ذلك يتطلب وجود خريطة ما ورسم الخرائط مثل المعرفة نفسها ‘ انه توضيح ضروري يجعلنا نرى موقعنا ووجهتنا )) ‘ ( صامويل هنتنجوتون الفصل العاشر ص 399) .
وعلى هذه الخريطة راحت الولايات المتحدة تدير الصراعات ‘ بهدوء حتى جاء ارهاب الحادي عشر من سبتمبر ‘ لتنطلق بسرعة كبيرة فوق الخارطة التي رسمتها ‘ لتقض على على العراق البلد الاقوى والاغنى ‘ ماديا وبشريا ‘( حسب تاكيدهم اي الامريكان بعد وقبل الحرب) ‘ والذي يحكمه نظام متوحش اقرب مايكون للنازية ‘ وباحتلال العراق ‘ صار كل شيئ بيدهم ادارة الصراعات ‘ وادارة مصادر الطاقة ‘ التي يحتاجها العالم ‘واكثرهم احتياجا له ‘( القادمون والعائدون ‘ صين هند اروبا )‘ كما قال يوم 15-32007- السفير الامريكي في العراق زلمايخليل زاد امام مجلس الشيوخ ‘ خلال مناقشة ترشحه ليكون مندوب الولايات المتحدة في مجلس الامن ‘ كنا ندير الحوارات ‘ حول العراق ‘ وبعد مؤتمر لندن جاء مؤتمر صلاح الدين ‘ ومن ثم مؤتمر الناصرية ‘ ثم عين السفير ...حاكما للعراق ‘لقد تغير كل شيئ ‘ صرنا نحن من يحكم العراق .
وعلى هذا فان الامريكان طرف رئيسي في ادارة الصراعات في العراق والمنطقة ‘ والمصالحة لها علاقة مباشرة بمصالحهم ‘ فحوار المصالحة توقف في لبنان وتشكيل الحكومة في فلسطين خلال انعقاد مؤتمر بغداد ‘ انتظارا لما ينتج عنه المؤتمر ‘ خاصة وان الصين والهند واوروبا ‘ واطراف الصراع من فريق مؤتمر باكستان ‘ الذي اعد من اجل ادارة الحوارمع ‘ايران ومن معها ‘ ككتل متصارعة او مهيئة للصراع ‘ الكل جلس في غرفة تحيط بها انهار دماء العراقيين ‘ وبين الحين والاخر يخترق جدرانها صوت الدبابات الامريكية ‘ مرة تطلق النار على احد المارة ومرة تصول مدير شركة الى مسكنه ‘ او حرامي اكياس من الدولارات ‘ ( جنرال امريكي مسؤول المطار بعد الاحتلال ‘ قال كان البعض يحملون الدولارات بالاكياس ومرة نصنع منها كرة قدم ) ‘ ومرة تساعد العراقيين بجمع اجساد ضحاياهم كان قد قطعها ارهابي فجر نفسة وسطهم ‘ ليذهب الى الجنة يمارس الحب مع حور العين ويشرب من انهار خمرها . وسط كل هذا ما زالت يتدحرج شكل الدولة الذي لابد ان يتفق عليه الجميع والمصالحة .
والامريكان بعد ان اطاحوا بالدولة كدولة ‘ هم ليس اغبياء كما يصور لنا البعض ‘ بل هذه البداية (لقد صرنا نحن من يحكم العراق ويدير الصراعات زلماي ذكر اعلاه ) ورايس وبوش وعدد من المسؤولين قالوا لقد اخطئنا الاف الاخطاء ولكن في التكتيك اما الهدف فهو ثابت ‘ وهذا كانه منقول حرفيا من الماركسية ( فان الماركسية لم تضع يوما نصب عينيها مهمة كشف اشكال المستقبل السياسية ‘ وانه لمن الخطأ والخرافة التقيد بتحديد صارم لهذه الاشكال ففي وسع النظرية ان تتنبأ بجهود التطور ولكن يستحيل التنبوء باشكاله ‘ ولا يمكن اكتشافها ....فان النظرية تتنبأ بان هذه الاشكال ستكون متنوعة جدا ولكن هدفها واحد . (لينين –م1-ص36- ك المادية التاريخية ص 230 ) .
وتقرير بيكير هاملتون قد وضح الكثير من الطرق المؤدية الى الهدف وهو شكل المنطقة ككل والعراق نموذج لمدى الدمار الذي ما زال يفتك به والمصالحة والحل فيه ايضاكذلك ‘ ونتائج المؤتمر الذي سيعقد في اسطمبول الشهر القادم ‘ ستوضح حتى شكل العراق كدولة ‘ سلبا ام إيجابا كانت ‘ وفي كل الحالات المصالحة لابد منها ‘ وهي لاتعني ان يقبل الطائفين بعضهم البعض في حفلة عشاء وسط احد القصور ‘ او ياتي العرقي العدائي الى بغداد ‘ بل ان تذويب الصراعات الذي لايمكن للمصالحة ان تمر من دونه ‘ وهو التخفيف من السرقات والتقليل من النهب المنظم بوحشية لامثيل لها والتي حتى البنك الدولى الاكثر عداء للفقراء والذي تمارس باسمه يدينها ‘ من اجل تكديس اكبر كمية من الاموال ‘ باسرع الطرق مثلما يفعل اللصوص عندما يدخلون بيتا ويحملون كل ما يمكن حمله ولايترددون عن قتل صاحبه ‘ اذا تطلب الامر ‘ فندما يقترب سعر لتر البنزين او النفط ‘ ليساوي ما عليه في الولايات المتحدة ‘ وايجار البت اغلى مما هو عليه في سوسرى او هولندا ‘ ونسبة البطالة اكثر من 50% ومن هم تحت خط الفقر عدة ملايين وهم في تصاعد و ينامون في العراء جياع مشردين ‘ فهذه جريمة تزيد من حدة الصراعات ‘ وتبعد المصالحة .
في القصور يفكرون غير ما يفكرون في الاكواخ ‘ اذا لم تكن لديك ‘ بسبب من الجوع والبؤس ‘ اي مواد غذائية في الجسم ‘ فليس لديك ايضا اي غذاء للاخلاق لا في راسك ولا في مشاعرك ولا في قلبك .
ان اغداق النصائح الجميلة ( مثلما يجري الان ) دون تطبيق لا يعدل دخان طلقة من بندقية عند اولئك المحرومين (‘فورباخ –ك-ماركس انجلس-مختارات ص 37 ) .
#سلام_فضيل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟