|
المؤسسه العسكريه العراقيه بين ماض معتم وحاضر مشوه 2من 5
جمال حامد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1859 - 2007 / 3 / 19 - 11:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دأبت الانظمه المتعاقبه بعد ثورة الرابع عشر من تموز والتي افرزتها الانقلابات العسكريه على احتضان المؤسسه العسكريه وايلائها كل الرعايه والاهتمام بغية استمالتها وكسب ودها لصالحها.فلغة السلاح انسب وانجع منعة من لغة الحوار والتفاهم بين الفرقاء ولكي تعزز وجودها وهيمنتها داخل هذه المؤسسه تعمد الى فتح باب التطوع في الجيش وفقا لشروط مقولبه تتناسب مع اكبر عدد ممكن من انصارها وافرادها ومريد يها لتفسح لهم المجاال بدخول المعاهد والكليات العسكريه بغض النظر عن شروط ومتطلبات الخدمه الصحيحه التي توليها متطلبات الخدمه العسكيه من كفاءه ومهاره وقابليه بدنيه او غيرها من المستلزمات الواجب توفرها في المنتمي لهذه المؤسسه .وبذلك تضمن امنها وحمايتها وديمومتها على دفة الحكم . وتجلت هذه الظاهره في ادق صورها عند امتطاء البعثين سدت الحكم في العراق وانتهاجهم سياسة التبعيث في الجيش وذلك بجعل شروط الانتماء الحزبي من المسلمات الجوهريه للمنتسب .ففتحت المعاهد والكليات العسكريه على مصاريعها ليتغلغل هذا الكم الهائل من اعضاء الحزب ومؤيديه وزاد الوضع سوءا بعد ان اتخذت القياده القطريه للحزب قرارافي 1974 بان يتحول الجيش الى جيش عقائدي يربط ولائه ومصيره ونهجه بالحزب الحاكم .وبذلك اصبح الجيش مدرسة حزبيه لتدجين منتسبيه وافراده منطلقات ونظريات الحزب وصار لزاما على الضباط ممن يلتحق في الجيش ان يلتحق بالحزب فكرا وعقيده وانتما ء وتنظيم ومن يتخلف عن الركب يعرض نفسه للمراقبه والمتابعه التي تشل قدرته وكفاءته وعطائه ويفقد هيبته واحترامه وشخصيته امام معيته وجنوده او منتسبي وحدته وتضعف صلاحياته واوامره وتجرد من محتواهى الوظيفي .فالعسكري وبالاخص الضابط امام خيارين لا ثالث لهما اما الركوع صاغرا مطيعا ويستسلم للضعوط والاملاءات و ينتمي للحزب مكرها دون ان تتولد لديه أي قناعه ورضا بمبادء الحزب وسلوكياته او يفضل البقاء معزولا متقوقعا محاربا ينظر اليه نظرة دونيه متعجرفه ولمن حاول الاقتراب منه او مجاملته يقع تحت طائلة المسائله والشبهات .ولمن عاش العسكريه العراقيه في زمن البعث وكتوى بنارها وبؤسها لايغيب عن ذهنه التقارير الدوريه التي ترفع الى مديرية الاستخبارات العسكريه شهريا او منتصف الشهر من قبل امن الوحده عن المراقبين والمشكوك في ولائهم للحزب او من لديهم اقارب مناؤين للحزب من الدرجه الثالثه من المنتسبين للحزب الشيوعي او حزب الدعوه او من المعدومين او معارضين للنظام لائي سبب كان .وقد يصدف ان يكون المراقب الاقدم في وحدته بعد الامر المباشر وتوكل اليه الامره في حالة غياب الامر بحكم القدم العسكري فيوقع بالضروره على التقارير الامنيه الدوريه الى الجهات المختصه رغم ان اسمه مدرج في اول اللائحه .فاءي استهتار بالقيم والخلق والتربيه العسكريه عندما يهان الضابط وتنحدر منزلته وكرامته الى مستوى الحظيظ والذي يفترض بالقوانين والقيم العسكريه ان تمنحه المهابه والطاعه والاحترام عوضا عن ان يحشر في زاوية ضيقه لا يرتجى منها الاندفاع والتفاني والاخلاص في واجبه ومهامه الملقاة على عاتقه. والانكى من كل ذلك عندما بداءت تضيق الحلقه في القياده العسكريه على اسس العشيره والعائله والطائفه والمنطقه وبدات تتمظهر بصورة واضحه وجليمه في زمن صدام عندما حول الولا للحاكم الفرد وليس للحزب وحول الجيش بكل قطعاته ومنتسبيه لحماية امنه ونظامه وليس للوطن وحماية حدوده والحفاظ على سيادته واسقلاله .فضاقت حلقات القياده في الجيش على اقربائه وعشيرته واولاده ومنحت الرتب والقدم والصلاحيات دون أي اعتبار للكفاءه والخبره والمهاره العسكيه . فاصبح نائب العريف فريق ركن ووزيرا للدفاع وسائق الدراجه فريق اول ركن طيار وبذلك اندثرت الكفاءات والقابليات واظمحل الابداع والتفوق العسكري واضحى أي ضابط كفؤ في وحدته لايظر ولايبرع في عمله واختصاصه لتنامي الشعور بالصغر والدونيه وعدم التكافئ لصعود الشخصيات المنحطه والضحله على اكتافهم والتي افرزتها التفرقه والمحابات . لقد حرف صدام هوية الجيش وولائه لوطنه الى ولائه للحاكم بامره حيث وجهه لارضاء نوازعه ومغامراته العدوانيه الشريره والمتاءصله في نفسه فزجه في حروب عدوانيه اثمه لاطائل تحتها مما ادى الى عسكرة المجتمع العراقي وتجيش كل امكانيات العراق وطاقاته وثرواته الاقتصاديه وتوجيهها الى الانفاق العسكري حيث بلغت ميزانية وزارة الدفاع وحدها من عام 1980الى 1985 120 مليار دولار بينما الانتاج النفطي بلغ لتلك السنوات 47 مليار دولار أي بعجز 73 مليار دولار اظطر النظام لسحبها من الرصيد النقدي العراقي في صندوق النقد الدولي مما كان له اكبر الاثر على قيمة العمله العراقيه وتدهورها. كل ذلك كان على حساب رفاه المجتمع ورفع مستوى معيشته والذي وصل فيها دخل الفرد الى مستوى الفقر والعوز المادي نتيجة لارتفاع مديونية الدوله والخلل الحاصل في ميزانيتها المتدنيه .حيث زاد عدد الفرق العسكريه من 12 فرقه في عام 1980 الى 27 فرقه في عام 1990 اضافه الى الميليشيات المسلحه الهائله والمؤسسات الامنيه والمخابراتيه و.وبذلك جمد طاقات ومهارات الشعب المنتجه وارجع عجلة التقدم والتطور الى الوراء من خلال تقزيم نشاط الشعب الاقتصادي واستنزاف ثرواته وموارده بعد القفزه الهائله في مردودات النفط اثر عمليات التاءميم فاستحال البلد من اقتصاد متين الى اقتصاد عاجز مترهل يستحيل عليه سداد مديونيته وارتباطاته وشعب جائع يبحث عن لقمة عيش يسد بها رمقه وفسحة هادئه من الاستقرار والامان عوضا عن الخوف والرعب الذي هيمن بثقله على كاهل ابناء الشعب . شوه صدام معالم المهنه العسكريه حيث اصبحت سلعه للبيع والشراء وقبول الهداايا والرشوه والاستخدام غير المشروع للجندي في بناء الفلل والقصور والقيام بالخدمات البيتيه البعيده عن شرف الجنديه وواجبها مما حدى بالكثير من الجنود بالعمل خارج الوحده العسكريه هروبا من ساحة المعركه ومخاطرها وتسليط المرتزقه وضعاف النفوس على مقدرات الجيش اذ لم يعد أي معيار للقدم والمهاره والكفاءه والخبره أي اعتبار وبذلك افقد الجيش اغلب المهارات والكفاءات والقيادات المجربه والماهره والمخططه مما كان له الاثر السيئ على النتائج والخطط ا لعسكريه الفاصله .وباتباع صدام سياسة الترهيب والترغيب والهبات والعطايا ومنح القدم والانواط وغيرها من الامتيازات بما يرضي غروره ورغباته خلق حاله من التنافس غير الشريف بين منتسبي القوات المسلحه حيث غدى همهم الركض وااللهاث وراء القيم والهبات الماديه والمصلحيه للوصول الى الحظوه والرفعه والرضا التي يمن عليهم الرئيس بالتكريم والتي ترد عليهم دخلا ماديا مجزيا في المناسبات والاعياد ودون ان يكون للوطن وحماية امنه وحدوده أي منظور او اعتبار .وكان لطول فترة الخدمه العسكريه وعدم تحديدها بسقف زمني محدد اثره الكبير من الناحيه النفسيه والاجتماعيه على الفرد والعائله والمجتمع عموما بحيث اضحى رب الاسره في حالة غياب دائم بعيدا عن عائلته واطفاله وما لذلك من اثر سلبي للنشئ والتوجيه والتربيه البيتيه الصالحه .ولانعام القناعه والايمان المتولد اساسا في القياده وتوجهاتها ومغامراتها الطائشه وبمبادئ الحزب المفروضه قسرا على المنتسبين . تفشت ظاهرة الهروب والغياب من الخدمه العسكريه بشكل تجاوز في بعض الوحدات الى النصف ناهيك عن استشراء التقاعس والاهمال والتكاسل والتخاذل في اداء الواجب نتيجة للتسيب والترهل والنخر الذي دب في عروق المؤسسه العسكريه مما كان له اكبر الاثر على تدني الروح المعنويه الى الصفر وبالتالي على مجريات العمل القتالي الذي اتصف بالانهزام والجبن وعدم الصمود والثبات رغم وجود فرق الاعدام التي كانت خلف القطعات والتي كان ينحصر واجبها في قتل كل من يتراجع او يهرب من وسط المعركه الا ان مسلسل الهزائم ظل فاقعا نشطا واصبح سمة مخجله اتسم بها جيشنا في حروبه المدمره العديده . جمال حامد الناصري يتبع
يتبع
#جمال_حامد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المؤسسه العسكريه العراقيه بين ماض معتم وحاضر مشوه 1من 5
المزيد.....
-
الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر
...
-
لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح
...
-
مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع
...
-
-حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم
...
-
هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
-
فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون
...
-
ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن
...
-
محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|