|
وهم « الإنتقال الديمقراطي » وتسييد « مؤسسات الإحتواء »
محمد مجيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1856 - 2007 / 3 / 16 - 10:08
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
لماذا كتب على المغرب أن يكون بلد الفرص الضائعة بامتياز؟ أم أن أوهام الماضي ما زالت تسيطر على تعثرات الحاضر؟ ولماذا لم يتم القيام بإصلاحات جذرية مبنية على القطيعة مع الماضي وبناء مغرب ديمفراطي ثقافياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً بعد حدث الإستخلاف؟ وكيف تم الإكتفاء فقط بالحلول الترقيعية المبنية على مؤسسات الإحتواء انطلاقاً من الصلاحيات الممنوحة من الفصل 19؟ وما مدى نجاح وفشل القصر في إنشاء "المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" وهيأة "الإنصاف والمصالحة" كنموذجين لا الحصر نتناولهما في هذا المقال بالعرض والتحليل تزامنا مع الممارسة السياسية لمرحلة ما بعد الإستخلاف؟
وهم « الإنتقال الديمقراطي » وتسييد « مؤسسات الإحتواء » 1- مدخل حول وهم "الإنتقال الديمقراطي" بالمغرب :
لا يزال المغرب وهو على مشارف الألفية الثالثة، يعيش حالة من وهم الإنتقال الديمقراطي، وتسييد مؤسسات الإحتواء. بحيث يلعب القصر دوراًً مركزياً في النظام السياسي المغربي دون وجود لأي عامل أو فاعل مؤثر ذو أهمية كبرى خارج هذا النسق التقليدي، ومن الناحية التاريخية يمكن القول بأن مجموعة من الدول كانت إلى حد قريب مثل المغرب حيث استفادت من إصلاحات سياسية حقيقية (إسبانيا، الشيلي، جنوب إفريقيا...) فرضتها عوامل داخلية وخارجية وخطت خطوات هامة نحو الإنتقال الديمقراطي والقطيعة مع ماضيها الأليم على المستوى الهوياتي والإجتماعي والسياسي والإقتصادي، وذلك باستجابتها لمطالب الشعوب وللحركات الإجتماعية التي كانت تنادي بدساتير ديمقراطية تفرزها صناديق الإقتراع الحر، تضمن الحقوق لكافة المواطنين، دستور يتوافق عليه الكل عكس الدساتير الممنوحة التي تحيلنا إلى مرجعيات تقليدية وتجتمع فيها السلط في يد شخص واحد وهو الملك (حالة المغرب).
لقد أصبحت تلك التجارب الديمقراطية مفخرة لتلك الشعوب والأنظمة على السواء، عكس المغرب الذي بالرغم من الإنفتاح السياسي الذي عرفه خلال بداية التسعينات وما رافق ذلك من بروز حركات اجتماعية واحتجاجية مطلبية سعت إلى الدفاع عن مطالبها المشروعة مستندة إلى ذلك إلى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان؛ الحركة الأمازيغية على وجه الخصوص والحركة الحقوقية على وجه العموم، وما تلى ذلك من تعديل دستوري خلال سنة 1996، الذي كان ينظر إليه كمحطة مهمة لدسترة مجموعة من القضايا الحقيقية نظراً لحساسية هذه الفترة التي كانت تؤسس لمرحلة سياسية جديدة عن طريق استقطاب 3 أحزاب من الكتلة للتصويت على دستور 1996 وبالتالي الدخول في مرحلة التناوب السياسي سنة 1998 بدون وجود لأي إشارة إلى آلية التناوب ضمن الوثيقة الدستورية المغربية وهو ما يعني الإحتفاظ بإمكانية العمل بها من خلال ما تفرزه الممارسة السياسية من تراكمات وصعوبات وكإجابة لأسئلة المرحلة الراهنة لا أقل ولا أكثر. ودخول مشروع الإنتقال الديمقراطي مرحلة الجمود وبالتالي تسييد فكر الإحتواء بعد ذلك خاصة فيما يتعلق بالأمازيغية / مؤسسة IRCAM وقضية الإنتهاكات الجسيمة لحقوق / هيأة "الإنصاف والمصالحة". وبنهج سياسة احتواء مجموعة من القضايا والمطالب الحقوقية والقانونية استناداً إلى الفصل 19 من الدستور. فصفة أمير المؤمنين مكنت الملك من الظهور كمعبأ لمصالحة المغرب مع ثقافته ومع ماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بعيداً عن الحقيقة الكاملة لتلك الإنتهاكات. إن الإنتقال الديمقراطي يعنيه فيما يعنيه الإهتمام بقيمة الفرد ذاتاً وهوية وبالتالي لا يمكن أن نتحدث عن أي انتقال ديمقراطي خارج هذه المعادلة أي خارج الإهتمام بالمسألة اللغوية والثقافية وجعلها من أولوياتنا لأن جميع التجارب الديمقراطية التي أشرنا إليها من قبل، أدرجت المسألة اللغوية والحقوقية ضمن مشاريع الإصلاح التي عرفتها وكانت لبنة من لبنات بناء الإنتقال الديمقراطي الحقيقي "صحيح أن الديمقراطية والتنمية وتماسك الدولة أمور جوهرية، لكن الدولة لا تهتم بخلق سياسات متعددة الثقافات لا تكرس ثقافة الإختلاف والتي تعتبر جوهر الديمقراطية المعاصرة". (1)
يبدو أن حكومة التناوب أحست بأزمتها في الفترة الثانية من عمرها السياسي أمام الضغط الإجتماعي المتواصل ومسلسل الحركات الإحتجاجية المتعددة الأشكال (خاصة المعطلين...) ولمست الإزدواجية في سير السلطة التنفيذية نتيجة لتفعيل الملك العديد من المؤسسات الموازية لها. (2) وأن أي قراءة سياسية لتلك المرحلة كانت توحي بأننا أمام نظام ونسق سياسي غير متجانس لا بقديم ولا بجديد وأصبحنا أمام ضياع فرص الإصلاح الحقيقية ودخول مرحلة التيه ومأزق الإنتقال الديمقراطي. وكانت مجموعة من القضايا الجوهرية تم التعامل معها وفق ازدواجية هذا النسق وبالتالي التفكير بجدية أكثر في خلق مؤسسات ملكية وفق الفصل 19 من الدستور هيأة "الإنصاف والمصالحة" / IRCAM. وإذا كان الإصلاح نسبياً ومفتوحاً فإنه يدخلنا في منظومة خاصة ومتميزة من الأفعال الجماعية والفردية تتجذر في أعماق التاريخ وأشكاله وتتعامل معه في نفس الوقت كصفحة بيضاء. (3)
إن نجاح القصر في استقطاب 3 أحزاب من الكتلة للتصويت على دستور 1996، كان بالغ الأهمية، فبالرغم من أن تصويتها "بنعم" كانت "سياسية" أن موافقة ظرفية وليست مبدئية ومبنية على أساس المشاركة في الحكومة المقبلة، فإن المرحلة التي تلتها كانت المهمة الأساسية وهو تكوين أطر ونخبة سياسية قادرة على الإندماج في لعبة "العهد الجديد" والإنصهار في وهم "الإنتقال الديمقراطي" وكيف استطاع المخزن إنتاج نخب جديدة وإعادة إنتاج نخب انتهازية كانت رافضة أشد الرفض في الماضي القريب للمقاربة المخزنية الخارجة عن الوثيقة الدستورية لبعض القضايا (الأمازيغية – الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان...) وأصبحت اليوم تقود مؤسسات الإحتواء وتدافع عنها بشراسة، أحمد بوكوس / IRCAM، إدريس بنزكري / هيأة "الإنصاف والمصالحة".
إن الإنتقال الديمقراطي يدار بنخبة حاملة لفكرة الإنتقال الديمقراطي يتم تجسيده في ميثاق التغيير ومؤسس للخطة القطيعة مع النظام السابق ويؤسس لمشروع سياسي لمرحلة ما بعد الإنتقال الديمقراطي. (4) إن قبول هذه النخبة للمنح المخزنية / المناصب والعمل داخل هذه المؤسسات للدفاع عن قضايا معينة من داخل الوثيقة الدستورية المغربية ومحاطة بصيانة ملكية. أدى إلى فشل مهمة هذه النخبة داخل هذه المؤسسات نتيجة لوجود تيار رافض لهذه المقاربة خاصة بالنسبة للحركة الأمازيغية في شخص الجمعيات الأمازيغية الرافضة لمؤسسة المعهد (5) إضافة إلى فشل مؤسسة المعهد في إدماج الأمازيغية ضمن المنظومة التربوية والإعلامية الشيء الذي أدى إلى انسحاب سبعة أعضاء من مجلسه الإداري. ونفس الشيء حدث بالنسبة لأطراف أخرى من داخل اليسار المغربي الرافضة للمقاربة التي نهجها المخزن في التعامل مع طي صفحة الماضي، ومطالبتها بالحقيقة الكاملة وبالتالي فشل الهيأة في هذه المقاربة.(6)
2- "الإنصاف والمصالحة" دون كشف الحقيقة :
هل يمكن أن نعتبر هيأة "الإنصاف والمصالحة" التي تشكلت في نهاية 2003 مكسباً في مجال حقوق الإنسان بالمغرب؟ وهل التقرير النهائي سلط الضوء على مجمل الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان؟ وما نصيب الأمازيغية هوية وثقافة ولغة ومناضلين من هذا التقرير؟ وما مدى التزام المغرب ببنود هذا التقرير؟ وما هي الجوانب المغيبة فيه؟ هذه أسئلة وأخرى سنحاول طرحها والإجابة عنها ضمن هذا العرض.
قدم المناضل "التقدمي" إدريس بنزكري تقريره إلى الملك في سبع مائة صفحة عن عمل الهيأة طيلة 23 شهراً ومضامينه منشورة على موقع الهيأة بشبكة الأنترنت يتضمن الجلسات العمومية التي نظمتها بالمدن المغربية والوثائق والآراء المتعلقة بالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ما بين 1956-1999. الشيء البارز في هذا التقرير هو غياب الحقيقة الكاملة عن تلك الإنتهاكات لماذا؟ وكيف جرت؟ بالإضافة إلى إقصاء انتفاضات هزت المغرب ما بعد 1956 ضد الإقصاء والتهميش والإبعاد عن مراكز القرار، حركات اجتماعية ذات طابع سياسي قمعت بالرصاص خاصة التي عرفها الريف خلال انتفاضة 58/59. يقول محمد سلام أمزيان قائد ثورة الريف الأولى : "لقد وجدنا أن كل الملابسات تدعونا إلى القيام بهذه الحركة لإنقاذ الوطن من الإنهيار وإلا فسوف لن يرحمنا التاريخ والأجيال الصاعدة". (7) بهذه الكلمات اختار محمد سلام أمزيان أن يقود الريف إلى انتفاضة شعبية وثورة قادها مؤمنون بالعمل الوطني الميداني لا الحزبي العائلي ولا بالمراسلات والمنشورات، وهيأة "الإنصاف والمصالحة" مرت عليها مرور الكرام. بالإضافة إلى تغييب حقيقة الإنتهاكات الموقعة في حق الأمازيغية وعدم كشف ملفات لمناضلين ساهموا في بناء هذا الوطن ويتحمل النظام المخزني والزوايا السياسية المسؤولية التامة في اختطافهم أو اغتيالهم كما هو الشأن بالنسبة لقائد جيش التحرير في الريف عباس لمساعدي والذي تشير كل الدلائل إلى تورط المهدي بن بركة في اغتياله. "لقد أراد ابن بركة أن يجعل من حزب الإستقلال التنظيم السياسي الوحيد بالمغرب، ولتحقيق هذا الهدف لم يتردد في دفع الحزب إلى صراع دموي ضد هذه المقاومة وجيش التحرير، وفي هذا الصدد يندرج اغتيال عباس لمساعدي مسؤول جيش التحرير في الريف. (8) وكذا المناضل الأمازيغي المختطف بوجمعة هباز الذي اختطف في ظروف غامضة من طرف أجهزة المخزن سنة 1981، بالإضافة إلى سياسة الزوايا السياسية التي بقيت وفية لإرثها السلبي المتوارث عن الحركة اللاوطنية حيث حرم الطفل من تعلم لغته وحمل اسمه الأمازيغي وتغييب الأمازيغية من التعليم والإعلام والإدارة والقضاء "فالإعتذار بلغة لا تفهمها الضحية استمرار في اقتراف الجرائم في حقها". (9)
إن كان النقاش الذي كان سائداً حول ماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان احتل مساحة مهمة داخل القضاء السياسي المغربي خاصة خاصة بعد تولية محمد السادس للحكم بالمغرب سنة 1999، وبعد تجارب الحقيقة والمصالحة التي عرفتها (إسبانيا، الشيلي، جنوب إفريقيا) حيث كانت نماذج مثالية في التعامل مع طي صفحة الماضي، لكن تجربة المغرب لم تغير منظور الدولة إلى الماضي عن طريق المصالحة دون حقيقة ونسخ تجارب الآخرين على المستوى المقارن ولم تكن تروم إلا الضحك على الذقون وعدم القطيعة مع الماضي كشرط من شروط الإنتقال الديمقراطي والمرور نحو الديمقراطية الحقيقية.
لقد وظفت الدولة مجموعة من النخب اليسارية لهذه التجربة / المهزلة لقيادة هيأة "الإنصاف والمصالحة" وتوظيفها لوسائل الإعلام السمعية والمرئية ورفع شعارات فضفاضة وتنظيم جلسات الإستماع لبعض الضحايا كانت أقرب إلى فرجة مسرحية منها إلى جلسة للإستماع وتوظيف الضحايا للحديث عن معاناتهم بصورة (البكاء، الألم) أمام شاشة التلفاز بسجون (تازمامارت ودرب مولاي شريف...) لتمرير هذه الصورة إلى المتخيل الجماعي وبالتالي إعطاء صورة حية أن الدولة فتحت فضاء جديداً للحرية وبناء "مصالحة" مع الماضي من داخل هذه المهزلة.
إن الضحايا الذين حضروا إلى قاعات الجلسات كانوا مقيدين ومبرمجين من قبل قولاً بتصريحاتهم وفعلاً بالبكاء أمام الحاضرين ووسائل الإعلام لكن دون تجاوز الخطوط الحمراء المرسومة. فضحايا الأمس كانوا يشاهدون المتورطين في سنوات الرصاص يمارسون نشاطهم دون عقاب (10) وإذا كان الزمن المحدد لعمل هيأة "الإنصاف والمصالحة" هو 1956-1999 أي خلال فترة حكم الملك الراحل الحسن الثاني فأين يمكن إدراج الإنتهاكات الموقعة ما بين الإستخلاف أي ما بعد 1999؟ وكيف يتم المصالحة مع ضحايا العهد الجديد؟ وهذه المفارقة يجب الوقوف عندها فالإنتقال الديمقراطي الحقيقي لا بد أن يمر من ثلاث مراحل أساسية ما قبل / مرحلة الإنتقال الديمقراطي / ما بعد. وفي غياب هذه المعادلة لا يمكن أن نتحدث عن أي انتقال ديمقراطي. حيث أن الدولة شرعت في طي صفحة الماضي دون التخلص من انتهاكات الحاضر (العنف الممارس على الحركات الإحتجاجية – المعطلين – الإعتقال القسري...) فمتى يتم "إنصاف" هؤلاء؟ و "المصالحة" معهم؟ هذه التسوية / المهزلة تمت في إطار نفس النظام السياسي ةنفس الآليات وفي ظل وجود نفس الأشخاص والمؤسسات التي هي المسؤولة عن الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
إن المصالحة تبنى أساساً عن الكشف عن الحقيقة كاملة ودفن الماضي لا يتم إلا من خلال دفن أولائك الجلادون الذين ساهموا في تلك الإنتهاكات والذين ما زالوا يتحكمون في اللعبة السياسية للمغرب المعاصر.
3- الأمازيغية بين الطرح الثقافوي (IRCAM) والطرح السياسي للحركة الأمازيغية : تعتبر القضية الأمازيغية من بين القضايا المثيرة التي عرفت حركية والتزام لدي جل المناضلين الأمازيغيين أفرزت عدة مطالب ديمقراطية ومشروعة تؤمن بالتعددية والإختلاف. وشكلت صلب القضايا التي طرحت في الساحة السياسية على مستوى شمال إفريقيا على وجه العموم والمغرب على وجه الخصوص. فالأمازيغية كقضية وطنية كانت دائماً مغيبة في الوثيقة الدستورية، وتطور هذه االقضية على المستوى الوطني بدءا بتشكيل جمعية البحث والتبادل الثقافي سنة 1967. وظهور جمعيات أخرى على امتداد الرقعة الجغرافية بأكادير والناظور ومكناس وشكل ميثاق أكادير حول اللغة والثقافة الأمازيغيتين أداة للتنسيق بين الجمعيات الأمازيغية بالمغرب حيث تولد عنه مجلس التنسيق الوطني سنة 1994، مروراً برفع مذكرة إلى القصر الملكي حول دسترة الأمازيغية سنة 1996، هذه السنة أو بالأحرى هذا التعديل الدستوري كانت ترى فيه الحركة الأمازيغية فرصة ذهبية لتحقيق مطلبها الجوهري، ألا وهو دسترة الأمازيغية لكن جواب المخزن كان مغايراً بإقدامه على استدراج نخبة من الحركة الأمازيغية لقيادة مؤسسة المعهد بعد ذلك، والتي أسس لها قبل ذلك محمد شفيق صاحب "بيان بشأن الإعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب" نتيجة لمحدودية تأثير الإستراتيجية الثقافية في عمل الجمعيات الأمازيغية وقوة الرفض الضمني العام لأغلب ما رفعته الحركة الأمازيغية من مذكرات وتوصيات جعلها تفكر في الجانب التنظيمي. فهذا البيان أعطى الضوء الأخضر لانطلاق العمل السياسي الأمازيغي عبر عقد عدة ندوات ومحاضرات جهوية ووطنية "يطرح بيان بشأن ضرورة الإعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب، المسألة الأمازيغية في مستوى ميثاق تتقاطع فيه الحلقات الثقافية، الدستورية، الإقتصادية والإجتماعية، فهو تطور نوعي لطبيعة المرجعيات التعاقدية لعمل الحركة الأمازيغية. (11)
إن من بين المطالب التسعة التي حملها البيان الأمازيغي لم يشرع في الإستجابة وبشكل هزلي وفلكلوري فقط سوى لثلاث منها إنشاء معهد حول المطالب السياسية للبيان واختزالها في الجانب الثقافوي وتدريس الأمازيغية الذي ما زال يعرف تعثرات بسبب غياب الجدية في إدماجها وتقزيم الأمازيغية بدل إدماجها في المنظومة الإعلامية. إن الحركة الأمازيغية كانت واعية بأن طرح البيان للقضية الأمازيغية كقضية سياسية في جوهرها وطبيعتها إلا أن الجواب السياسي للمخزن كان ثقافوياً على قضية سياسية وذلك بإنشاء ما يسمى "المعهد الأمازيغي للثقافة الأمازيغية" واستدراج نخبة من الحركة الأمازيغية التي استفادت من التعليم العصري للقيام بهذه المهمة. وكانت الخطوة الأولى لإقبار هذا البيان هو تحويل وجهته من الحكومة إلى القصر الملكي لتسييج الأمازيغية بالمقدسات أما المطلب الجوهري المتمثب في دسترة الأمازيغية فنظراً لحمولتها الرمزية تتطلب تنازلاً أكبر واعترافاً أكثر بالهوية الأمازيغية بمضمونها السياسي وبالتالي إعادة النظر في الأسس الإيديولوجية والهوياتية للدولة المغربية.
إن قراءة أولية للظهير المنظم لهذه المؤسسة تحيلنا في بداية الأمر إلى كونها مؤسسة استشارية فقط وليس لها صفة التقريرية كما أن عملها إلى جانب الملك كطرح تقليدي لم يكلل هذا العمل بالنجاح ولم يتدخل الملك أثناء أزمة المعهد ووزارة التربية الوطنية والإتصال وأثناء انسحاب سبعة أعضاء من مجلسه الإداري ووصول العديد من المشاريع إلى الباب المسدود، بالإضافة إلى كون هذه المؤسسة فاقدة لمبدإ الإستقلالية حيث كان من بين مطالب الحركة الأمازيغية بميثاق أكادير معهد مستقل للدراسات الأمازيغية، وتزايد التيار الرافض لهذه المؤسسة بعدما تبين بالملموس فشل عملها ومهمتها.
إن المصالحة مع الأمازيغية تبنى أساساً على دسترة وترسيم الأمازيغية في دستور ديمقراطي شكلاً ومضموناً بعيداً عن أشكال الإحتواء المتمثل في مؤسسة المعهد، وهو المطلب الأساسي الذي ناضلت وما زالت تناضل من أجله الحركة الأمازيغية المستقلة.
٭ المراجع والهوامش :
1- أنظر دفاتر سياسية، العدد 77 - يناير 2006. ص. 15 2- أنظر مجلة وجهة نظر، العدد 23 - خريف 2004. ص. 14 3- عبد الله مساعف، رهانات التحول السياسي في المغرب الطبعة الأولى - سلسلة نقد السياسة 1، ص. 36 4- محمد أتركين، مجلة وجهة نظر، العدد 30 - خريف 2006. ص. 14 5- أنظر بيان الجمعيات الأمازيغية بالريف المجتمع بمقر جمعية ثمازغا بالعروي والمنشور بشهرية ثاويزا العدد 98 - غشت 2005. 6- أنظر جريدة العالم الأمازيغي العدد 71 - أبريل 2006. 7- أنظر الأسبوعية الجديدة، العدد 55، من 15 إلى 21 دجنبر 2005. 8- جون واثربوري، أمير المؤمنين : الملكية والنخبة السياسية المغربية. ترجمة عبد الغني أبو العزم، عبد الأحد السبتي، عبد اللطيف الفلق، مؤسسة الغني للنشر، الطبعة I، 2004. ص. 273. 9- أنظر جريدة ثاويزا، العدد 105 - يناير 2006. 10- محمد الطوزي : الإصلاحات السياسية والإنتقال الديمقراطي ضمن مؤلف التحولات الإجتماعية بالمغرب. العدد 164 – أبريل / يونيو 1999. لمجلة مغرب / مشرق، مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث - الطبعة I. 2000. ص. 147 11- محمد أتركين، مجلة وجهة نظر، العدد 27 - شتاء 2005. ص. 11
#محمد_مجيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف
...
-
مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي
...
-
الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز
...
-
استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
-
كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به
...
-
الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي
...
-
-التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
-
أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
-
سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ
...
-
منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|