|
مؤتمر بغداد وتدويل القضية العراقية
محمد الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 1856 - 2007 / 3 / 16 - 06:10
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
مـن المبـالغ فيه تسـمية الاجتمـاع الذي انعـقـد في بغـداد يـوم السـبت العاشـر من هـذا الشـهـر على مسـتوى سـفراء بمـؤتمـر ، إذ لا يتعـدى كـونه لقـاء تحضـيري للمـؤتمـر الذي سـوف يعقـد لوزراء الخـارجية في نيسـان القـادم (في مكـان لـم يحـدد بعـد). لقـد انعقـد اللقـاء وفـق أجندة أمريكية بإخراج عـراقـي حيث انعقـد لترضية الكونغرس الأمريكي الذي يسـيطر عليه الديمقراطيـون حيث تظـاهـرت إدارة بـوش بالتحـرك عـلى الصـعيد الدبلومـاسـي اسـتجابة لتوصيات لجنة بيكـر – هـاميلتـون .
لقـد انعقـد الاجتمـاع بحضـور أطراف متخـاصـمة ووفـق أجندات متناقضـة ليس لأغلبها أيــة عـلاقة بالوضـع العـراقي المتـدهـور بامـتـيـاز ، إذ لـم يبقـى أي عـاقـل في المنطقـة او فـي أوربا او فـي أمريكا يجـادل حـول النتائج الكـارثيـة التـي أدى إليها الغزو والاحتلال الأمريكي للعـراق والمأساة التي يعيشـها العراقيون طيلة الأربع سـنوات المـاضية حيث سـفكت دمـاء مئـات الآلاف من المـواطنين الأبرياء ولا زال نزيف الدم مسـتمرا . أيـن كـل ذلك مـن الوعـود والأكاذيب التي حـاول الأمريكان تسـويق حـربهـم بهـا ، وعـود الديمـقـراطية والحـرية والرفـاه الاقتصـادي والتي حصـد العـراقيون بدلا منهـا المـوت والدمـار والفسـاد والمحـاصـصـة الطـائفية والعـرقية وتمـزيق نسـيج المـجتمـع العـراقي المتعـدد الأديان والأعراق .
تتوالى تصـريحـات مـكـررة مـن الحـكومـة العـراقية قبل انعقـاد اجتمـاع بغـداد بأنها لن تقبل بان يصبح العـراق مسـرحـا للصـراعـات الدولية والإقليمية وهـذه التصـريحـات تتنـاسـى بأن هـذا هـو مـا يحصـل في العـراق بالضـبط منذ نيسـان 2003 ولحـد ألان وتقـع مسـؤوليته الأساسية عـلى قـوات الاحتلال العـاجـزة عـن حمـاية امـن المواطنين ، في وقت تكرر تهديدات إدارة بـوش للحكـومـة العـراقية بأن صـبرهـا سـينفـذ ! إنها فعـلا مسـألة محـيرة أن تتنـاسـى الإدارة الأمريكية مسـؤوليتهـا في الكـوارث المتتالية التي حـلت بالعـراق ليس فقـط منذ الاحتـلال بـل قبـل ذلك بسـنوات طـويلة أي منذ تمـوز 1968 واسـتلام صـدام المقبـور وجلاوزتـه الحـكم، ومـنذ سـنوات الحـرب العـراقية الإيرانية التي نال العـراق فيهـا الدعـم الأمريكي والخليـجـي ، ومـن ثـم الحصـار الجـائر المفروض أمريكيا.
إن هنـاك تصـريحـات غريبة إضافية نسـمـعهـا بين الفينة والأخرى ألا وهـي مطـالبة دول الجـوار بعـدم التدخـل في شـؤون العـراق الداخـلية، وهـذا أمر يدعـو إلى التعجب خـاصـة عندمـا يصـدر مـن الإدارة الأمريكية التي تـتواجـد مئـات الآلاف مـن قـواتهـا وهـي بازديـاد في العـراق ، أن تطـالب أمريكا القـادمـة عبر البحـار دول الجـوار العـراقي بعـدم التدخـل !! أليس من المنطقـي أن تـدافـع الدول عـن مصـالحهـا وتحـاول قـدر اسـتطـاعتهـا درء الأخطار المـحدقـة بهـا ، وفـي الوقـت الذي يزداد التحشـيد العسـكري الأمريكي فـي الخليـج والعـراق للتهيئة لضـربة عسـكرية مـحتمـلة لإيران ، ألا يحـق لإيران أن تعمـل لإشغال الأمريكان في العـراق ؟
إن التدخـل الإيراني فـي العـراق وازديـاد نفـوذهـم وهـو مثـار اسـتهجـان واسـتنكـار العـراقـيين ويأتي أولا بسـبب العلاقـات التاريخية إلي تربط الأحزاب الشـيعـية الحـاكمـة في بغـداد حـالبـا مـن ناحـية وبسـبب وجـود قـوات احـتلال أمريكية لا تخفي نوايـاهـا ومخططـاتهـا العدوانية تجـاه إيران وسـوريـا من ناحيـة أخرى ، ولكـن ينبغـي أن لا ننسـى بان كـافة دول الجـوار العـراقـي تتدخـل فـي شـؤون العـراق الداخـلية بفضـل الفوضـى الخـلاقـة التي" انعمـت" امريكـا بهـا علـى العـراق.
ينبغـي أن نتسـاءل عـن مـدى جـدية التحـرك الأمريكي علـى الصـعيـد الدبلـومـاسـي ، فهـل هـو فقـط لـذر الرمـاد فـي العـيون ام انـه يعـبر عـن تغـيـير جـوهـري فـي سـياسـة الإدارة الأمريكية ولا تـوجـد مؤشـرات ملمـوسـة تدل عـلى نية جـدية في إعادة النظـر في سـياسـة المحـافظين الجـدد المسـتندة إلى القـوة الغـاشـمـة بالرغـم من غياب بعض اشـد غلاتهـا وتغيير بغض الوجـوه واعتراف وزير الدفـاع ا-لأمريكي بكون امـريكـا قـد خسـرت الحـرب في العـراق ، واعتـراف كيسـنجـر بان هـذه المؤتمـرات تبحث عن كيفية تخليص أمريكا بأقل الخسـائر ووضـع قـواعـد إنهاء الحـرب التي أنهكت قـواتهـم (مـع ضـمان إقامة قـواعـد عسـكرية والهيمنة على النفط طـبعـا).
إن مشـكلة الاجتمـاع الأخير شـأنه شـأن المؤتمـرات السـابقة لدول الجـوار ومـا تصـدره مـن قـرارات تبقـى حـبرا عـلى ورق بسـبب الهيمنة الأمريكية الأحادية المطلقة على القضـية العـراقية والاحتلال الذي يـوفـر المبررات القـانونية لشـرعية المقـاومـة العـراقية بكـافة إشكالها وهـو مـا يشـجع أيضا ومن شـانه ان يزيـد تدخـل الدول المجـاورة انطـلاقـا مـن مصـالحـهـا ، وقـد كـان وزال الخـاسـر الرئيسـي هـو العـراق والعـراقيـون الذيـن يعيشـون كـابوس الرعب والمـوت كـل يـوم في حين تنخـر الصـراعات الطـائفية والعـرقية مفـاصـل الحـكومة الوشـيكة عـلى الانهـيـار والعـاجـزة عـن الدفـاع عـن مصـالح العـراق والعراقيين سـواء تجـاه دول الجـوار أو أمريكا ، لـذا لا يبدو إن هنـاك حـل في الأفق القـريب إلا بتكـاتف العراقـيين والوقـوف سـوية بوجـه المـخططـات التي تسـتهدف إبقاؤه فـي بحـور التخلف والتمـزق والدمـاء.
لـم تعـد القضـية العـراقية ومـنذ زمـن بعيد مـحصـورة بنطـاق الفر قاء العـراقيين المتنـازعـين ، بل هـي قضـية أصبحت قضـية دولية مـنذ احتلال صـدام وغزوه للكـويت فهـي لـم تفـارق أروقة المم المتحـدة وحتى وجـود مـا يسـمى بالقـوات الدولية حـاليا يخضـع مـن الناحية الشـكلية لقـرارات الأمم المتحـدة التي تصـدر كـل سـتة أشهر. لذلك لا يمكـن فهـم المعارضة الشـديدة التي تبديهـا بعض أطراف العملية السـياسـية في العـراق لعقـد مـؤتمـر دولـي بأشراف الأمم المـتحـدة كمـخـرج جـديـد لحـل الأزمة العـراقية ، إذ سـيؤدي مثل هـذا المـؤتمـر الى ثلـم الهيمنة الأمريكية الأحادية ليصـبح القـرار بأيدي مجلس الآمن وهـو مـا تقترحـه العديد مـن الأوساط الدولية كالأوربية والعـربية والإسلامية ، وقـد يكـون خطـوة عـلى طـريق إنقاذ العـراق مـن المـأسـاة الحـالية.
#محمد_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنقذوا الشعب العراقي من محنته بعد ثلاثة سنوات من الاحتلال
-
حيرة الناخب العراقي
-
مسودة الدستور ..... بعض الملاحظات
-
إخفاقات و-انجـازات- حكـومـة أيــاد علآوي الراحلة
-
حصـيلة عـامين مـن الاحتلال وسـقوط نظـام صـدام البعثي
-
العـدالة بالمحـاســبة ... فالمصـارحة ... فالحوار
-
الانتخــابات العـراقية ......مـالهــا ومـا عليهــا
-
يا أبناء النجف ... أنقذوا آثار مدينتكم القديمة
-
هل يتمكن النواب البريطانيون من انهاء حمـاقة العراق
-
لمـاذا يبقى الدم العراقي رخيصـا ؟
-
حصيلة مزرية لعام و ربع من الاحتلال
-
يوم سـعيد في بغداد
-
عن- السيـادة - والسـلطة في الثلاثين من حزيران
-
لا تهدمـوا سـجن أبو غريب
-
الجـلبي و عـلاوي وجـهـان -لعمـالة- واحـدة
-
حول -عودة-البعث الثالثة
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|