|
الحرية هي الحل
الشربيني عاشور
الحوار المتمدن-العدد: 1855 - 2007 / 3 / 15 - 10:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كان شعار الاسلاميين في السبعينات والثمانينات ( الاسلام هو الحل ) ، لافتات الانتخابات في المدن والقرى رفعت هذا الشعار ، كتابات وكتب كثيرة بشرت به ، حتى جدارن المنازل والمدارس ومجلات الحائط في الجامعات حملت الشعار أيضا .
طبعا من حق كل تيار سياسي أن يرفع شعاره الذي ينسجم مع توجهاته ويلخص أهدافه السياسية لكن المهم أن يوضح هذا التيار الطريقة او الكيفية التي سنصل بها الى هذا الحل، حتى لا يسقط المنتمي أو الناخب في بحر من عسل المقولة ثم يفاجأ باختناقه وغرقه فيه!
فالاسلام هو الحل شعار جميل وبراقع ومريح خاصة للشعوب العربية التي تعاملت مع الدين عبر عصور طويلة باعتباره وجدانا (دين) لا منهجا سياسيا وحياتيا (دولة) وبالتالي لا تمتلك تراكما في الخبرة يهيئها لفرز الخداع من المصداقية عندما ترفع التيارات السياسية شعارات دينية .
وهنا يجب أن نسأل : الاسلام هو الحل لماذا بالضبط ؟ لمشكلاتنا السياسية أم لمشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتعليمية أم لها كلها .. ثم الحل لمن ؟ للفرد كفرد أم للمجتمع كجماعة ؟ وكيف يكون هذا الحل ؟ وما هي آليات تفعيله ؟ وهل يتسق مع الحداثة باعمال الفكر في ما هو راهن ومستقبلي وتقديم طروحات ورؤى تنسجم مع هذه الحداثة وتسير بها وتسايرها ؟ أم هو الحل بالرجوع الى الماضي واستنساخ مقولاته وتكييف الراهن وفق منطوقاتها بوليسيا وقمعيا كما هو حادث في بعض الدول التي تجاهر بأنها اسلامية أو تحكم بما أنزل الله ؟ وكما حدث في الحقبة الطالبانية في أفغانستان ؟
ان مثالا بسيطا عن حجم الكتب المحظورة في المجتمعات العربية بفعل اعتراضات المؤسسات والتيارات الدينية الفاعلة في هذه الدول يصدم كل من يفكر في التعامل مع هذا الشعار المرفوع والغامض والذي لم تتضح آليات تفعيله في المجتمع . لأن أبسط الأسئلة التي ستواجه من يصدم بحجم الكتب المصادرة في العالم العربي هي : اذا كان المنع والحجب والمصادرة هي احدى آليات هذا الحل .. فكيف يمكن أن يطمئن الناس لبقية مظاهر حياتهم؟ واذا كانت العقلية التي تقف وراء هذه المصادرة هي التي ستحكم فكيف تأتي أحكامها في مختلف المظاهر والظواهر الاجتماعية والعلمية والثقافية الأخرى . هل ستتعامل مع الناس بمنهج الوصاية على العقول . كل كذا والبس كذا واشرب كذا واقرأ كذا.. بمعنى آخر هل ستنزع العقول أو توقفها الى أجل غير مسمي مقابل قيامها هي بالتفكير الانابي عن الشعوب ؟ وما الفرق الذي سيكون حال اذ بينها وبين انظمة الحكم الشمولي الي حولت الناس في مراحل تاريخية وتجارب دولية الى نسخ كرونية بدءا من تعميم الملبس وانتهاء بتنميط الفكر مرورا باجهاض أي حركة معارضة أو مختلفة في الرؤية والرأي تطل برأسها والمبررات كثيرة من الشريعة الثورية الى حماية التجربة من الأعداء .
لقد لاقى شعار الاسلام هو الحل هوى في نفوس الكثير من الناس لا فهما وادراكا عميقا لمفراداته وآلياته وأهدافه وانما من خلال النزوع الوجداني الفطري صاحب الأرضية الممهدة سلفا لدي الجماهير .. تلك الأرضية التي نجحت التيارات الاسلامية السياسية في تجييرها حينا لصالح بسط الشعار وتعميمه ، واسغلالها أحيانا في ضرب وتشويه ممايزها ومغايرها من الشعارات الأخرى اشتراكية كانت أو ليبرالية .
لكن المدهش أن من رفعوا هذا الشعار منذ ثلاثين عاما تقريبا يبدأون الآن عملية انسحاب تكتيكي للتراجع عن الشعار البراق . وتبني شعار آخر حدده المرشد العام لجماعة الأخوان المسلمين في مصر وهو التنظيم الأم لمختلف التيارات الاسلامية في العالم . بقوله : الحرية هي الحل !!!
الحرية .. نعم هي الحل ، لكنه شعار سابق يرفعه الليبراليون والعلمانيون قبل أن يعلن المرشد العام للأخوان تبنيه له . فهل هو تكتيك مرحلي ، أم هدنة سياسية فرضتها ظروف سياسية عربية ودولية بهدف التلاقي المرحلي أيضا مع التيارات الأخرى صاحبة المصلحة في اسقاط النظام الحالي . باعتبار أن القطار خرج عند القضبان وأن المرحلة تقتضي اعادته اليها أولا وبعد ذلك نتفق في أي اتجاه يسير !! ومن ثم يمكن استعادة الشعار السابق وفرضه بآليات قمعية .
ويخطيء من يتصور أن مقولة المرشد ( ليست مناورة سياسيّة، مهما كانت ارتباطاتها الظرفية ، وأنها تأتي إشهاراً لأصل من أصول المشروع الإسلامي الكبير "خلوا بيني وبين الناس".. و" من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" ) لأن من يتنازل عن شعاره العام ولو مرحليا لا يمكن الاطمئنان الى عدم الشك في تبدلاته المستقبلية خاصة وأن شعاره السابق حتمي ويقيني وقيمي يمكن اخفاؤه كنوع من التقية السياسية الى أن تحين ساعة الصفر، وعندها سنكتشف أن حل الحرية أو حرية الحل لم تكن أكثر من مطية للوصول الى السلطة وبعدها فلكل حادث حديث .. كما هو جرى ويجري في العراق الديمقراطي الآن !! والمتمذهب دينيا وفق آليات قمعية مصادرة ومغتصبة ومصفية للآخر!
#الشربيني_عاشور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ياسعادة وزير التربية والتعليم : لا تطفئ الشمس
-
المسلمون الشكليون بين لحية ماركس وشكلي الذي لا يسر1
-
الهذيان في ورك الممثلة الذي بان !!
-
وكان الشيطان معي .. بدايتي في البحث عن الذات
-
رئيس تحرير وهابي إرهابي متعجرف ( 2 ) .. السرقة باسم البركة
-
مؤخرة روبي وحنجورية الصوت الإسلامي
-
صيف بلادي يمطر حزنا
-
من دفتر العشق والذاكرة 2
-
تقبيل أيادي المسئولين .. بين تواطؤ المشايخ وخرس المثقفين
-
أنفي والشيخ زفت
-
الله الغاضب على المصريين
-
حوار مع الشاعر عبد الرحمن الأبنودي : هزيمة الحلم هي خبرة الأ
...
-
من دفتر العشق والذاكرة 1
-
لعنتة B.B أو ما يشبه السعادة
-
مشكلة المنابر والخطاب التنويري
-
وهل اعتنقنا الأسلام أولا .. حتى نرتد عنه ؟
-
رئيس تحرير وهابي ارهابي متعجرف
المزيد.....
-
“فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور
...
-
المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|