أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سلام إبراهيم - التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعاون معه2:














المزيد.....

التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعاون معه2:


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 1856 - 2007 / 3 / 16 - 06:12
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


بثيابي تلبد شمس.. والحجي اليمشي وياي
..
مهرة زغيرة اللعب، كذلتها تصهل شمس
..
حنيت حتى الشمس.. زغرت واجت.. زغرت واجت
نقطة على بيت الشعر تضوي
..
غايب ينجم البخت.. يمته الشمس تندار
عن قصيدة "أيام الشمس"

تكاد لا تخلو قصيدة من ذلك المزج الفني العجيب بين رموز الطبيعة وفعلها في روح الإنسان. فالبيت الشعري يلعب في مكونات الكون الهائلة لغة ليكسبها تلك المعاني العميقة ويجعلها في مخيلة السامع تبض حياة وتمنح معنى متحرك يختلف عما يبدو ظاهراً من سكون. الشباني عندما يفلسف المعنى مشركاً أجرام الكون في الشأن البشري فهو يعبر عن حقيقة أثر السماء على روح الإنسان المنشغل بتلك المصابيح الغامضة منذ فجر البشرية وإلى هذي اللحظة من ناحية، ومن ناحية أخرى يعبر عن ذلك الصخب المستمر في شمسنا المشتعلة كي تمنح ما حولها الحياة. فهاهو في قصيدة "التتر" يستنجد بنجم الشرف الضائع زمن القمع:
يا نجم الشرف، من تنطفي بكل ليل
يصحه سهيل
يغسل روحه.. بالسكته النديه.. ويلمع بكل حيل
وينك يانجم مبعد؟
يستنجد من هذا النزف الدامي للعراقي على جبهات الحرب، يتوسل من هول تلك الكارثة ناشداً عن النجم البعيد الذي يعتقد الشاعر بظهوره سيزول الهم.
عليك بكل مزار أنشد
عليك بشاحنات الموت.. بالحرب الطويلة
وقافلات الهم
عليك أنشد
تتموج القصيدة بين اليأس والأمل، المقاومة والضعف، الشتم والنواح، هذه الحركة المتموجة تبدو شديدة العفوية تكتسب من حركة موج البحر إيقاعها، لكن من يتأمل النص ويعيده يكتشف تقنية بالغة المهارة تقف خلف بنية القصيدة المتموجة بإيقاعاتها المختلفة وهي تصرخ وتتأمل وتتوسل وتنوح في معادلة موزونة تضبط ذلك الدفق الشعري المتلون بلون الحالة وبكل ما تحله من ثقلٍ فكري يحلل ويستبطن ما جري لبشر العراق تحت وطأة الحرب. لنتأمل شكل الموجة في القصيدة، فبعد ذلك التوسل بالنجم الغائب بكل ما يكتظ به البيت الشعري من شحنة حسية مكسورة النغمة تقود إلى موجة غضب تصعد من دفق القصيدة نحو الأعالي الغامضة المستحيلة على العراقي " الطير المذبوح والمقيد بالذل" الناظر بعجز نحو العراقيات اللواتي يندبن أولادهن، وأزواجهن، وأحبائهن. فيتحول الخاطب في ذروة موجه نحو العراقية المهددة الباكية فقدانها المستمر:
عليك أنشد.. وأرد ألتم
طير مجروح.. ومجتوف
بالذل.. كل مسامه إسيوف
نوحن يا سبايا الوطن.. بس لِلْوَنْ
هذا العمر يمشي بكل مسافات القهر.. ويغيب
للموت النبت بالعين.. بالدم..
بالرغيف وعثرة الطيب
عند هذا الحد من سيادة الموت ودخوله كل مفصل تفصيلي في يوم العراقي، يعلن صوت القصيدة الواعي فاضحاً ذلك اللعب الخفي الذي ضحيته العراقي المسكين في موجة ذات نغمة مختلفة لكنها شديد الانسجام مع إيقاع سابقتها تيمة:
موتك يالعراقي.. البيه طعم سوكـ النفط..
ومبادل الدولار
موتك حطب، حتى النار
تسري بكل زرع مبخوت
وأنت تموت
بس كون الخليفه يدوم
ليله وعسكره المسموم
بس ليل المذابح طال
ويتحول الخطاب في القصيدة إلى موضوع حيوي طالما أثار جدلاً في الوسط الثقافي في التسعينات عندما أبتدأ كتاب السلطة وشعرائها يغادرون العراق إلى الأردن، مدعين زيفاً كونهم مناضلين لاقوا العصف والإهانة من السلطات، بالوقت الذي كانوا فيه من أكثر فئات المجتمع دعماً للدكتاتور وسلطة القمع بمساهمتهم في تزييف وعي الإنسان البسيط بضخ العشرات من النصوص الممجدة لشخص صدام قبل الحرب مع إيران. وكان دور الشعراء العاميين دور المحرض والمهيأ لقبول العراقي بفكرة الحرب من خلال مهرجان الشعر العامي التي كانت تبث بحضور الدكتاتور على الهواء مباشرة. ثم كتابة ذلك العدد الهائل من كلمات الأغاني المتغنية بصفات القائد. ليساهم الشاعر العامي لاحقاً في أول أيام الحرب مع حشد من شعراء الفصحى وأنصاف القصاصين، في كتابة أغاني تبث طوال اليوم لتجعل العراقي لا يفكر إلا في صدام وجنوده الأبطال. وهنا في هذه الموجة من قصيدة "التتر" يسجل الشباني ذلك المشهد الزائف، شعراء مداحون، دجالون. طاغية يشعل حرباً ويوزع عليهم الدراهم، قصائد تافهة، شعراء لا يختلفون عن دور الشرطي. وقتها كان الشباني قد شيع وسط الأصدقاء ومنذ أوائل 1978 أنه قد هجر الشعر تقية من الزمن القادم الذي أحسن قراءته، وذلك ما جعله شاهداً لم يزل حياً على ذلك الزمن:
مبحوح الغنة، وفوكـ العيون أنذال
يصعد ع المنصة الوصخه نص شاعر بطول نعال
يطحن بحضن الخليفه..وتنزل أشعاره تبن
طاووس حد الريش عمره
وضحكته بكبر السجن
وتهبط الموجة من صخبها إلى قاع الشاعر المنعزل وسط ذلك الضجيج والخراب، والمتأمل حيرة العراق في ظل محنته. ينهل الشاعر كشأنه من مخزون ابن الجنوب العراقي الشيعي المكتظ بالأساطير وحكايات متوارثة لأكثر من ألف سنة عن مذابح الطالبيين التي ورثت من ماضي العراق العنيف أرث المقاومة والشهادة. يعود الشباني في هذه الموجة التي تغور عميقاً ببحر الإنسان مستلهماً من تلك الأساطير والحكايات الروحية، بيوت من قباب الأضرحة الشيعية المقدسة بيوت ذهبه.ومن سدرة المنتهى كما في الحكاية الدينية المعروفة سدرة الجنوب المقدسة المشدودة بعقد كل من له معضلة في حياته والمنتشرة على أطراف البساتين وقرب الفرات وفروعه، والماء في كربلاء بكل ما يحمله من معنى في مذبحة العاشر من عاشوراء. رموز جعلت من البيت الشعري والمقطع بالغ التأمل يوازن موجات الغضب الصارخة والشاتمة والمشيرة بشكلٍ صريح لرموز الظلم زمن صدام:
وأنتَ من تسكت حزن



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- السفارة العراقية ومجلس الجالية في الدنمارك: ظروف مريبة في أن ...
- فلم جلجامش 21 للمخرج العراقي طارق هاشم حكاية العراقي التائ ...
- رؤيا اليقين
- بائع خردوات في سوق هرج ومنفي عاجز في غرفة بأسكندنافيا
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعبا بالكلمات2
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعباً بالكلمات 3
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعباً بالكلمات 4
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهة ولا لعبا بالكلمات 5
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهة ولا لعبا بالكلمات-1
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعبا بالكلمات6
- في أروقة الذاكرة رواية هيفاء زنكنة القسم الثاني
- رواية في أروقة الذاكرة لهيفاء زنكنه رواية تؤرخ لتجربة الق ...
- المنفى يضرب أعمق العلاقات الإنسانية-خريف المدن- مجموعة حسين ...
- حافة القيامة- رواية -زهير الجزائري بحث فني في طبيعة الديكتات ...
- وطن آخر مجموعة -بثينة الناصري القصصية تزييف عذاب المنفى وتم ...
- في أروقة الذاكرة رواية هيفاء زنكنة القسم الأول
- عن مقتل صديقي الزنجي عادل تركي


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سلام إبراهيم - التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعاون معه2: