أحزنني و آلمني كثيرا سماع و قراءة خبر إنفجار السفارة الأردنية في بغداد ، إنفجار تم بعمل إرهابي لا يقوم به إلا من اتخذ من الإرهاب و التفجيرات عملا يرتزق به، و هدفا يريد به أن يستمر العراق في فوضى و عدم استقرار. لقد أغتيل و جرح العشرات من أبناء شعبنا ليضافوا الى قائمة الذين أغتالتهم أيادي البعث المجرمة.
أتساءل :
* من الذي يستفيد من تفجير السفارة الأردنية ؟
*من الذي يضره هذا التفجير؟
*من الذي يستفيد من استقرار العراق؟
*من الذي يضره استقرار العراق؟
*و من الذي لديه الأسلحة التي استخدمت في التفجير؟
*من الذي يتضرر بعدما تغيرت ، بأمر أمريكا لهجة الحكم الأردني تجاه العراق؟
تأتي عملية تفجير سفارة الأردن في الوقت الذي يريد فيه العراقيون الأمن و الإستقرار ، و يؤكدون على أن فلول عصابات البعث الدموي لا تزال تملك في أيديها أسلحة الدمار الشامل الفتاكة ، الأسلحة التي شملت بفتكها كل أبناء الشعب العراقي ، هذه الأسلحة التي استعملت في إشعال عدة حروب في الداخل و في الخارج، لتدمر بها العراق أرضا و شعبا. هي نفس الأسلحة و المتفجرات التي جعلت من العراق أن يكون أول دولة في العالم تنتشر فيها المقابر على طولها و عرضها ، مقابر جماعية لم يحصى عددها النهائي بعد.
لقد عوّدنا البعثيون الدمويون على إرتكاب الجرائم ثم تعليقها في رقبة آخرين ، و أذكر مثال اغتيال الصدر الثاني على أيدي المجرمين البعثيين الذين حاولوا إلصاق التهمة بأصدقائه. هم من القتلة الذين يقتلون القتيل و يمشون في جنازته. و لهذا فلا أستبعد أن يقوم أصدقاء المجرم صدام و أتباعه و غيرهم ،من الذين يحلمون بالعودة الى نظام العهر و الإجرام الصدامي، لا أستبعد موقفهم في إلصاق التهمة بإحدى الفصائل التي تساهم و تشارك في مجلس الحكم العراقي الإنتقالي ، المؤقت.
لا ينكر أحدا أن الكثيرين من العراقيين يؤلمهم موقف الأردن المتحيز ضد العراق و شعبه ، لِمَ لا و الأردن قد عاش و يعيش على آلمنا و مآسينا، إن الأردن قد استفاد و يستفيد من كوارث العراق ، و إنه كالمنشار يقطع في أجسادنا في ذهابه و يكرر قطعه في إيَّابه، دون رحمة و دون شفقة. و في الوقت الذي أعتقد فيه أنه ليس في مصلحة الاقتصاد الأردني هدوء و استقرار العراق أطرح السؤال التالي :
أليس للمخابرات الأردنية يدا في تفجير السفارة الأردنية ؟ علما بأن الأردن لديها علاقات جيدة و ممتازة بالمجرم صدام و بجلاوزته.
إن الأردن هو أحد المنافذ الرئيسية للعراق ، كان منفذا للخلاص من القهر و الطغيان و الآن إضافة الى كونه منفذا للخروج من العراق فهو مدخلا لعصابات الإرهابيين الأعراب من ذوي الدشاديش القصيرة ، و لم ننس بعد، و لا ننسى، أنه قد تشكلت في الأردن لجنة سجل فيها أكثر من مائة ألف أردني و فلسطيني تطوعوا كدروع بشرية أرسل قسم منهم لحماية حكم صدام الدموي المتعفن. لقد أصبح الأردن مصنعا للإرهابيين و متجرا يتاجر فيه باسم العراق مثلما تاجروا و يتاجرون بالقضية الفلسطينية.
كل العالم يتذكر ما قاله صدام ، رئيس المجرمين البعثيين ، بأنه لا يترك الحكم إلا بعد تدمير العراق و تحويله الى أنقاض، و فعلا فهو و مرتزقته من التكارتة و الأعراب يريدون ذلك التدمير و يستمرون في ذلك الإتجاه ، إتجاه التخريب و الإرهاب. لقد أطلقوا سراح المساجين المجرمين و القتلة ليعيثوا خرابا و فسادا و حرائقا بعد سقوط نظام العهر و القهر البعثي ، و اشتركوا في لصوصيتهم جبنا الى جنب مع جنود الإحتلال الأمريكي و المرتزقة الأعراب من مراسلي القنوات الإرهابية ، الجزيرة و العربية ، و غيرهم من الأعراب ، أردنيون كانوا من الذين يبيعون آثارنا في الساحة الهاشمية أو فلسطينيون يوصلونها الى أيادي أصدقائهم الصهاينة في إسرائيل.
إن البعثيين الإرهابيين يشعرون أن الأردن هو منفذ للعراقيين ، مهما كان سيئا فهو منفذ للخارج ، و لهذا يريدون إغلاقه ، فقاموا بعملية نسف السفارة الأردنية و بهذا يسهل إغلاق الطريق في وجه العراقيين ، ويبقى مفتوحا أمام ذوي الدشاديش القصيرة.
الآن أسأل الأردنيين الذين يقفون مع صدام : هل ستفرحون لتفجير سفارتكم ، مثلما تفرحون و تهللون لتفجير أنابيب النفط العراقي و آباره ؟ و مثلما تصفقون لتفجير أعمدة و منشآت الكهرباء و الماء العراقية؟ و هل ستفرحون لو فُجِّرت سفارة دولة أجنبية في دولتكم؟
إن الإقتصاد الأردني يعتمد اعتمادا كليا على المساعدات التي تقدمها الدول الغربية ، كتعويضات لخدمات الأردن في حماية مصالح تلك الدول في منطقتنا . إن الأردن يقوم بعمل مشابه لما تقوم إسرائيل ، و إن الجزء الأكبر و الأعظم يذهب الى جيوب الطبقة الحاكمة فيه، لكي يعاد الى بنوك نفس الدول الغربية . و يبقى جزءا قليلا من المساعدات لتمكين الحكومة الأردنية من شراء السكر و الشاي للعشائر البدوية التي تدعم الحكم ، و لكي لا تشكل هذه العشائر مصدرا للقلاقل أو الإحتجاجات.
و قف الأردن مع صدام في حربه ضد أرادنا . و وقف معه في حربه الشعواء ضد الجارة إيران ، واستطاع بهذا الموقف أن يجعل ميناء العقبة الأردني ، الحجازي سابقا ، منجم ذهب و ثروة لا تفنى ، يحصل منه الأردن موارده الكثيرة ..و أصبح المنشار الأردني في نشرٌ و قطعٌ متواصل في خيرات العراق.
و جاء احتلال صدام للكويت ، و وقف الأردن مرة أخرى الى جانب صدام الدموي و مزج زهر و سم أمريكا بالطعم الذي حضَّروه لمصيدة و إنهاك العراق .دولة الأردن صديقة لأمريكا تقف الى جانب صدام !! ما شاء الله !! و سلَّمت المعارضين العراقيين الى صدام ليذهبوا الى حبال المشانق و الإعدام الصدامية…و مرة أخرى يبدأ منشار الأردن في القطع ، و أصبح الأردن المنفذ الوحيد للعراق ، المنفذ الذي وافقت عليه أمريكا أثناء سنوات الحصار الجائر الذي تعرض له شعبنا.
و جاءت الحرب الثالثة ، فأصبحت الأردن منطلقا للطائرات الأمريكية، على الرغم من النفاق الأردني إذ قال مسئولوه أنه ضد الحرب على العراق ، و حصل الأردن على مساعدات إضافية … و مرة أخرى استمر المنشار الأردني في نشر آخر في دماء العراق.
لقد سطا الأردن ، بشكل أو بآخر ، على أموال العراق ، سابقا على أموال الهاربين من ظلم نظام البعث و القهر . و الآن يبتهج مسئولو الأردن و يفرحون باستقبال اللصوص البعثيين الذين أودعوا في بنوك دولتهم ملايين الدولارات، و الأموال التي سرقوها من دماء و عرق العراقيين … مرة أخرى يعمل المنشار الأردني عمله في قطع خيراتنا و سرقتها.
لم يكن الأردنيون يريدون رؤية ذلك العراقي و تلك العراقية اللذان كانا يفترشان الأرض و يفرشان قطعة قماش في شارع من عمان ليبيعا بضعة سجائر ،التي بها كانا يريدان سد شيئا من جوعهما و جوع أولادهما . لم يكن الأردنيون يريدون ذلك و لهذا فهم كانوا يرسلون شرطتهم للإستيلاء على السجائر و مصادرتها ، لتدخينها هم لا غيرهم…و يقطع المنشار الأردني مرة أخرى .
إن العراقيين لا يشعرون بود تجاه ما يقوم به الأردن ، شعبا و حكومة، و لكن هذا لا يعني أننا يريدون السوء لهم و الإساءة إليهم ، مثل ما يفعلونه، بل على العكس فنحن نأمل أن يغير الأردنيون موقفهم الى الإتجاه الصحيح ليسير الشعبان في طريق الأخوة ، طريق المساعدة و التآزر المتبادل، طريق إنشاء علاقة جيرة جيدة و حسنه.
محيي هادي - أسبانيا
08/08/2003